إلى حضرة صاحب الغبطة البطريرك صفير المحترم


حضرة صاحب الغبطة المحترم،

بعد التحية عليكم وعلى من تمثلون في هذا الوطن

بداية لا بد لي أن أوضح أمراً في غاية الأهمية لكم ولمن تمثلون بغض النظر عن المؤيدين والرافضين لمواقفكم السياسية بين أبناء رعيتكم بشكل خاص وأبناء الوطن بشكل عام فيما يتعلق برؤيتكم للوطن والمواطنية على امتداد مساحة هذا الوطن حتى لا يفسر الكلام الآتي ذكره على أنه إستفزار لغبطتكم او للطائفة التي تمثلون معاذ الله ولكن بما أنكم أرتضيتم لنفسكم أن تستبدلوا تاريخ هذا الصرح والذي إحترمناه على مدى التاريخ وما زلنا نحترمه من إيماننا وحرصنا المطلق على العيش المشترك فيما بيننا ولكن إسمح لي غبطتكم أن أقول لكم أن هذا الصرح ومكانته شيء ومكانة من يمثله عندما يطلق المواقف السياسية شيءُ آخر..

نعم لقد إرتضيتم طوعاً لمقامكم أن تجعلوا من هذا الصرح منصة لأطلاق البعض لمواقفهم السياسية لأستنهاض الغرائز الطائفية والمذهبية المتطرفة بوجه من هم شركائهم بالوطن وللأسف الشديد ما كان لذلك أن يحصل لولا مباركة غبطتكم لهكذا خطاب والذي لم نعتاد عليه في ما مضى من أسلافكم .. نعم لقد إستبدلتم مقامكم الروحي ورسالتكم الرعوية والتي من أجلها أعتليتم هذا المقام وذهبتم بعيداً عنها وعن جوهر وجودها ومعانيها لتقحموا غبطتكم في دهاليز السياسة والسياسيين وللأسف اصبحتم طرفاً سياسياً كباقي الأطراف وفي هذه الحالة تسقط عنكم جميع الخطوط الحمراء المعنوية لمقامكم لتصبحون عُرضةً للأنتقاد السياسي والشأن العام .. لذا ومن هنا أعطي الحق المشروع لنفسي كي أخاطبكم ..

غبطة البطريرك،

منذ زمن وانا اتابع تصريحاتكم ومواقفكم وعظظكم وخاصة في الجانب السياسي منها والتي ازدهرت كثيراً في الماضي القريب لتواكب التحولات الدراماتيكية التي عصفت بالوطن وليومنا هذا وتتوجت بتصريحكم الأخير لدى إستقبالكم وفداً من أهالي عيون ارغش لأخذ بركتكم بعد قيام رئيس الوفد بإطلاق حفلة الزجل أمامكم ومن ثم تأكيدكم على حق هؤلاء المواطنين ومشروعية الوقوف بوجه المعتدين للدفاع عن أنفسهم وبيوتهم وارزاقهم .. حسناً فعلتم غبطتكم وهذا موقف يسجل لكم ليضاف الى سجل مواقفكم السابقه التي تدمي القلب وتستفز المشاعر والتي سأتطرق الى بعض منها في هذا السياق ولكن كنت أتمنى من غبطتكم إعطاء هذه الشرعيه وهذا الحق بالدفاع ِلمن قاوموا العدو الأسرائيلي وإحتلاله البغيض للأرض آنذاك وارتوَّت الأرض من دمائهم الطاهرة وضحوا بالغالي والنفيس من أجل هذه الأرض وابوا هؤلاء المقاومين لأنفسهم ولأخوانهم في الوطن إلا أن يعيشوا حياة العز والشرف والكرامة ومازالوا واضعين دمائهم على أكفهم لأستعادة ما تبقى من الأرض بالله عليكم يا غبطة البطريرك هذه الأرض الذين يدافعون عنها وعن أهلها ألا يستحقون مشروعية الدفاع اليست جزءُ من هذا الوطن وأهل هذه الأرض ليسوا بمواطنين او أنكم تعتبرون هذا الجزء من الوطن ومن يعيش عليه أتوا من الشتات وأقاموا دولتهم على سفك الدم وهتك العرض واغتصاب الأرض وتهجير أصحابها ليصبحوا لاجئين في وطنهم والأوطان المجاورة الهذا لا مشروعية لدفاعهم ولا غطاء قانوني لحقوقهم ولهذا يجب أن يعودوا أدراجهم من حيث أتوا ؟ عفواً عفواً غبطتكم حسبت أن عيون أرغش وأهلها في جنوب لبنان وأعدائهم على الحدود الشماليه لفلسطين المحتله حيث كيان العدو الصهيوني الغاصب المتربص بنا وبوطننا وأظن أن غبطتكم سمعتم بهذا العدو أو قرأتم عنه في وسائل الأعلام والتي دائما مصادركم معتمده عليه كما عودتمونا دائماً ؟ إسمحوا لي غبطتكم بالقول أن الكيل الذي تكيل فيه لا يصلح للكيل أكان على مستوى البيت الواحد أو على مستوى الوطن ما هكذا ترمم البيوت ولا هكذا تبنى الأوطان لأن الكيل إذا ما كان صاحبه منصفاً وعادل لا يستحق الكيل ؟ نعم يا غبطة البطريرك منذ زمن وأنتم تكيلون بمكيالين غير عابئين بنا وبهمومنا وغير آبهين بمشاعرنا واحاسيسنا وغير محترمين لدماء شهدائنا أحبابنا وغير مكترثين لأطفالنا الذين تيتموا ونسائنا اللاتي ترملن وامهاتنا اللاتي تثكلن وارضنا التي احترقت وبيوتنا التي دمرت وعذابات أسرانا في المعتقللات آنذاك بالماضي القريب هل تتذكرونه غبطتكم نعم بالماضي عندما جاهرتم علناً واستفزيتم الأرض التي ارتوت بدماء شهدائنا قبل أن تستفزوا روح الشهيد وجأش الأب وصبر الأم ووفاء الزوجة وقدوة اليتيم واسفزيتم كل القيم الأنسانيه عندما أوفدتم ممثلكم للقيام بواجب العزاء بالعميل الصهيوني الذي نال جزاء عمالته آنذاك .. نعم غبطتكم آثرت عن الرد طويلاً وصبرت كثيراً والأعصاب لم تعد تحتمل كفى كفى لقد طفح الكيل من كيلكم الذي لم يعد يصلح إلا لأستفزاز الغرائز واستنهاض الحقد والكراهية ضد شريحة واسعة من أبناء وطنكم إذا كان لديكم قناعة بهذا الوطن دائماً أتساءل لماذا تنظرون غبطتكم الينا بهذه العين الحاسدة ولماذا الكيمياء مفقوده لديكم إتجاهنا ولماذا ولماذا ولماذا ولكن الذي أنا متأكد منه مع إحترامي الكامل للصرح الذي تمثلون ومحبتي للرعية التي تمثلون أنه آن الأوان لغبطتكم أن يستريح ودعونا والوطن منكم يستريح عذراً منكم يا صاحب الغبطة لقد أثقلت عليكم ولكن نحن والوطن منذ زمن من مواقفكم مثقلين وبمرارتنا ممسكين.

محمد جواد العبدالله

الشارقة في 15/04/2010

تعليقات: