مسالخ تتحول الى مجازر.. وملاحم \"تشحذ\" حد النظافة


منذ أواخر العام الفائت كرّت سبحة التلوث الغذائي التي طالت عدداً لا بأس به المواد الاستهلاكية وآخرها مشكلة اللحوم. ذلك الشبح الذي لم يكن بالحسبان، حطّ على اللبنانيين مهدداً أمنهم الصحي وأعاد قانون سلامة الغذاء الى سلّة المطالب، لقطع الطريق على مبتغي الربح على حساب صحة الناس وسلامتهم.

في كل مرة يفتح الملف على صفحة جديدة تدبّ الذعر في نفوس المستهلكين الذين باتوا تائهين ما بين نارين، فإما ان ينقطعوا عن اللحوم الى النبات او يتركونها على ما يقدر الله وما يقدره وعيهم، علماً بأن الاوضاع تحت السيطرة وهي على ذمّة المسؤولين ومنهم رئيس مجلس إدراة مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية التابع لوزارة الصحة الدكتور ميشال افرام ،"ليست بالخطورة "التي يتم تصويرها عليها. مؤكدا ان الوزارة بدأت العمل بالاجراءات اللازمة لضبط الموضوع من خلال فحوصات لعينات تأخذها من من السوق. وفي موازاتها استنفرت المديرية العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ورفعت مستوى المراقبة في السوق تاركة الملاحم الخاصة في عهدة البلديات التابعة لها و"المسؤولة عن تغريمها في حال عدم استيفائها الشروط الصحية اللازمة." وعن ذلك يقول المدير العام فؤاد فليفل "بدأنا بأخذ عينات من المطاعم والفنادق وإرسالها الى المختبرات على أن يحال ملف المخالفين الى النيابة العامة بأقل من 24 ساعة. فحصنا 55 عينة تبين فساد 7 منها فقط ، وبناء عليه تم تحويل المخالفين الى النيابة العامة وآخرها الـ250 كيلو في زحلة كما في طرابلس حيث ضبطت كمية أخرى فاسدة".

الكلّ يجمع على سوء الوضع في المسالخ مستثنين مسلخ صيدا الحديث. سوء أكثر ما يتجلى في مسلخ بيروت الذي يستكثر عليه رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو صفة "الهنغار". واقع يحتاج لتغييره الى "قرار سياسي كفيل بوقف الفوضى" باعتراف عضو لجنة الصحة والبيئة والحدائق في بلدية بيروت الدكتور رياض العلايلي. ويوضح "ان الخرائط لبناء مسلخ جديد وعصري موجودة وكذلك المبالغ الضرورية بانتظار التنفيذ".

وفي تقويم وضع الملاحم تختلف وجهات النظر لتصل الى حد التطابق. وفيما يلحظ المسؤولون عن ضبط الامور انخفاضاً في نسب التلوث في الملاحم حصل بهمة الاعلام الذي تسبب في خوف التجار من ضبطهم متلبسين من جهة ووعي المواطن من جهة ثانية، يصرً المتابعون على افتقار معظمها للمواصفات الصحيحة لاسيما أسس النظافة العامة والتبريد والتهوئة وخروج بعضها عن الاطار القانوني لعدم حيازتها الرخص وعدم حيازة العاملين فيها للشهادات الصحية. في نفس الوقت يطمئن افرام الى ان جميع اللحوم بأنواعها المستوردة المبرّدة والمجلّدة تخلو من البكتيريا مؤكداً ان جهود وزارة الزراعة جدية والفحوص مستمرة.

وبين تطمينات المسؤولين من جهة وإصرار المؤسسات الأهلية على سوء الاوضاع، يقف المستهلك في حيرة من أمره، وهو الذي ومن دون ان يعلم يتحمل جزءا من المسؤولية لعدم المامه بالثقافة الصحية وعدم التفاته لشيطان التلوث الكامن في تفاصيل نظافة المكان الذي يشتري لحومه كونه والذي يمكن له وضعه عند حده بشكوى واحدة يتقدّم بها الى وزارة الاقتصاد عبر خطها الساخن 1739. او ما عليه إلا اعتماد النظام الغذائي النباتي الحافل ملفه بالتلوث او حتى استبدال اللحوم الطازجة بالمجلدة المستوردة لكن من يضمن له ان لا تهرب "مافيات" الاتجار بصحة الناس كميات ملوثة منها ؟

في كل شارع من الشوارع يطالع المتجوّل في الأحياء الشعبية مشاهد مرعبة وحية تبدأ فجراً بذبائح مطروحة أرضاً أمام المحال ليصفي دمها وتمتد من بعده الى منظر اللحوم معلّقة تستبيح الأرصفة ملامسة "الرايح والجايي". وفيما يترك بعضها مفتوحاً للذباب يلفّ البعض الآخر بالقماش الشفاف، تلك التقنية المستحدثة التي إن استطاعت أن تقي اللحوم هجمات الحشرات فهي لن تفلح في منع الهواء المحمّل بانبعاثات عوادم السيارات من الاستيطان فيها .

المشهد الفاضح هذا وإن كان غاب منذ فترة عن العيون في بعض المناطق حيث يمنع الذبح، فهو لم يغب عن معظم الملاحم بحيث انتقل الى داخلها ليسكن في تفاصيل قد لا يقف عندها الكثيرون من المستهلكين علماً انها اكثر خطورة من المشهد الأول. تفاصيل تجتمع تحت عنوان النظافة العامة وتبدأ في أرضية الملحمة وجدرانها والمياه فيها ولا تنتهي عند برنس اللحام وزيّه ونوعية الأدوات المستعملة وطريقة تعقيمها. مواصفات وإن بدت ثانوية بالنسبة الى المواطن لجهله بها أو تجاهله لها، إلاّ انها تصنّف قياسية او حتى أساسية في عيون القانون وقواعد النظافة العامة لما لها من تأثير مباشر في الحفاظ على سلامة المادة الغذائية وتأمين حماية صحة المستهلك. "من وين أجت اللحمة بيمشي الحال، الملحمة بتضلها أشفى حال من المسلخ "تقول هدى، فترد عليها اخرى "على الأقل نحن نرى بأم العين هنا لكن هناك الله واعلم شو عم بيصير".

ملاحم كثيرة لا تراعي الشروط الصحية اللازمة خصوصاً منها تلك المختبئة في الزواريب والتي تعمل بدون رخص تحت عيون السلطات البلدية المسؤول المباشر عن ضبط الموضوع، وحتى تحت عيون المستهلك الذي ما عليه سوى الإلمام بالثقافة الصحية والبيئية اللازمة لضمان أمنه الصحي باختياره المستهلَك المستوفي للشروط. وكما الملاحم فإن اللحوم المثلجة او المبردة المنتشرة في السوبرماركات وإن كانت أقل سوءاً فإنها تبقى عرضة للفساد والتلوث اذا لم تراع في عملية نقلها وحفظها مسألة التبريد الصحيح.

[ مشهد من الواقع...

في مسلخ بيروت قرب المرفأ أقل ما يوصف المشهد بالمزري. مشهد يسهل استشرافه من

الرائحة الكريهة التي تعبق على طول الطريق المؤدي اليه .على المدخل عدد من التجار يحملون الذبائح ويرمونها كما هي في صندوق الشاحنة استعداداً لنقلها الى محالهم الخاصة. في الداخل يبدو الحال أثقل وطاة في ذلك المكان الواسع الاشبه بالمستودع. الارض الإسمنت تختلط فيها دماء الذبيحة بالمياه. الحركة مستمرة. هنا عامل يحمل الذبيحة على ظهره او يتأبّط جزءاً منها فيلامس اللحم جلده الذي حتماً يكون متعرقاً، وهناك آخر يحمل السكين وينهال فيها على رجلي الخاروف (المقادم) ليقطعها إرباً ويرميها. لا اعتبار للكفوف وغطاء الرأس ولا حتى للبرنس على أرض المسلخ. البعض ينتعل الجزمة فيما يختار آخرون الصندل المفتوح والأحذية الرياضية المتسخة.

أما الطاولات وألواح التقطيع فلتنظيفها قطعة قماش "كيف ما كان" تبدو لكثرة اتساخها وكأنها ضلّت طريقها الى سطل النفايات. التعاليق والحاويات والسكاكين وكلّ المعدات لم تعرف التعقيم منذ زمن .الذبائح بكل أجزائها ملقاة على الطاولات او معلقة بدون تبريد والنفايات لا احد يعلم اين تنتهي. المكان يعجّ بالناس من المواطنين الذي يفضلون أخذ لحمتهم مباشرة من المسلخ او من التجار. ويأتي دخان السجائر العابق في المكان ليضفي عليه تلوثاً لم يكن في الحسبان.

ويرفض رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو اعتباره مسلخاً، واصفا إياه "بالهنغار ظروفه مزرية ولا يستوفي اي من الشروط الصحية ولا المواصفات الصحيحة ان كان في المكان او العمال او الأدوات. وقد عرضنا التعاون مع بلدية بيروت لتحسين ظروفه ورفعه الى المستوى المطلوب لكننا قوبلنا بالرفض على الرغم من المراجعات الكثيفة والمتكررة".

واقع المسلخ السيء ليس مخفيا على احد من المسؤولين والمعنيين بالصحة والبيئة. وفي هذا السياق يعترف عضو لجنة الصحة والبيئة والحدائق في بلدية بيروت الدكتور رياض العلايلي بأن" هذا المسلخ لا يليق بمدينة بيروت ولا اي مدينة عصرية، لكن لا يمكننا إقفاله او الإستغناء عنه لعدم توافر بديل منه وذلك الذي في صيدا لا يمكنه استيعاب احتياجات البلد."

ويوضح ان الخرائط لبناء مسلخ جديد وعصري في نفس المكان القائم عليه الحالي موجودة وكذلك المبالغ الضرورية في مجلس الإنماء والإعمار بانتظار التنفيذ". ويلفت الى ان "المجلس البلدي سبق وأصدر قرارات عدة بهذا الخصوص ولكن لا تغيير"، واضعاً الامر في خانة "القرار السياسي الكفيل وحده بوقف الفوضى والبدء بالتنفيذ".

[صيدا.. نموذج

مقابل صورة مسلخ بيروت المفتقر للحدود الدنيا للنظافة والتي تبدو المعايير الصحية في غربة عنه، يبرز مسلخ مدينة صيدا كنموذج أوحد للمسالخ الحديثة في لبنان لاستيفائه الشروط الصحية اللازمة واحتوائه على مختبر جرثومي متطوّر وتمايزه من حيث الإدارة والإشراف. هذا ويخضع المسلخ للمراقبة الدائمة من قبل المراقبين والطبيب والشرطة التابعين للبلدية عبر دوريات مستمرة يقومون بها على الملاحم للتأكد من سلامة اللحوم وحملها ختم المسلخ. ويشرح رئيس بلدية المدينة الدكتور عبد الرحمن البزري"تمر الذبيحة فيه بمراحل عدة قبل تسليمها الى اللحام ويتم حجزها في حال الشك في إصابتها، ويعمد المتخصصون الى اخذ عينات من العقد اللمفاوية لفحصها بالمختبر من دون التعويض على صاحبها على الرغم من كلفتها العالية". ويتابع "وبسبب ارتفاع اسعار اللحوم الطازجة وضيق حال الناس سمحنا للملاحم بيع اللحوم المبردة شرط وضع لافتة على واجهة المحل بهذا الامر ووضعها في البراد منفردة والتأكد من تاريخ صلاحيتها وإبعادها عن اللحوم الطازجة."

[ مواصفات .. قياسية

المواصفات الصحيحة التي من المفترض توافرها في اللحوم لضمانة استفادة المستهلك منها تبدو الى حد ما بعيدة عن كثير من الملاحم وجميع المسالخ في لبنان باستثناء مسلخ صيدا. وتشمل هذه المواصفات نقاط عدة أهمها ان يكون موقع المسلخ بعيداً من النطاق العمراني والتجمعات السكانية، وأن يزود سقف الصالة بقضبان حديد تدهن بالابيض وتكون غير قابلة للصدأ لتعليق الحيوانات يدخل في تجهيزها خطوط مياه وهواء للتنظيف والسلخ. كما ويجب غسل الذبيحة باستعمال مياه صالحة للشرب ومطابقة للمواصفة القياسية اللبنانية (رقم 1999:161) .

وتتضمن المواصفات ايضاً ان تكون جميع الجدران الداخلية بما فيها الأعمدة مكسوة بالقيشاني الأبيض الناعم و الأرض من مواد مانعة للانزلاق وذات ميول مناسبة نحو مجاري الصرف الصحي. أما النفايات فتجمع مثل الفرث والروث ويتم نقلها يومياً خارج المدينة بعيداً من المسلخ الى مكان تحدّده البلدية ثم تطمر في خنادق وتغطى بالأتربة بطبقة لا تقل عن نصف متر. وللعاملين في الملاحم لباس خاصة وهو عبارة عن برنس ابيض وغطاء للرأس وكفوف لليدين وجزم في الرجلين، وبالنسبة الى المعدات فيجب ان تكون مصنوعة من الستانليس ستيل وقبضات السكاكين من البلاستيك لا الخشب مع تعقيمها بماكينة خاصة ولوحة التقطيع يجب أن تكون من الريزين او البوليتروايتيلين لا الخشب. مشاهد قلّما نراها خصوصاً في الضواحي والقرى حيث يعمد اللحامون الى نحر الذبيحة أمام المحل وبالثياب عينها الموشحة بدمائها يقطعون اللحمة للزبون، وفي آخر النهار ومع انتهاء موعد العمل يعمدون الى رمي البقايا في مستودعات الزبالة القريبة وبعضهم يتكلّف عناء نقلها الى احدى الاودية او الاراضي البور بعيدا من الاماكن السكنية.

وترى المهندسة الزراعية ندى نعمه ان معظم الملاحم والمسالخ في لبنان مخالفة بحسب المواصفات الموجبة. ومنطقياً يستوعب لبنان مسلخين حديثين يمكنهما أن يلبيا حاجات السوق اللبناني من الذبائح واحد منها قائم في صيدا. "وتتابع " أما النفايات فمعظمها يرمى في البحر والباقي يُطمر هنا وهناك من دون تنفيذ الإجراءات اللازمة."

[ .. تفعيل الرقابة

هذا في الملاحم أما في أسواق البيع أي السوبرماركات والمطاعم وغيرها حيث تبدأ مهمّة مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، فقد تفاعل العمل مع شيوع "فوعة" التلوث للحدّ منه عبر مراقبة السوق وفحص عينات من البضائع المطروحة فيه سواء الطازج منها او المبرّد. وفي هذا الإطار تمّ ظبط 250 كيلو من اللحوم الفاسدة وأحيل المخالفون الى النيابة العامة للمحاكمة.

ويصف المدير العام لمصلحة حماية المستهلك فؤاد فليفل واقع الملاحم والمسالخ بالسيء محملاً البلديات المسؤولية، كونها المنوط بها مراقبة عمل تلك الواقعة ضمن نطاقها منها ومتابعتها لجهة استيفائها للمواصفات تحت طائلة سحب الرخصة اذا وُجدت". ويشرح "أن عملنا كمديرية يبدأ في المطاعم والفنادق والأسواق وقد عمدنا أخيراً الى رفع مستوى المراقبة في السوق اللبناني وبدأنا بأخذ عينات من المطاعم والفنادق وإرسالها الى المختبرات على أن يحال ملف المخالفين الى النيابة العامة بأقل من 24 ساعة. وفي عملية مراقبة اللحوم في الأسواق فنحن على تواصل مستمر مع وزارة الزراعة لحلّ هذه المسألة وضبط الوضع على الارض. ومنذ شهرين ونصف الشهر تمّ فحص 55 عينة تبين فساد 7 منها فقط ، وبناء عليه تم تحويل المخالفين الى النيابة العامة وآخرها ال250 كيلو في زحلة كما في طرابلس حيث ضبطت كمية أخرى فاسدة ".

ولفت الى أنه "ولتسريع عملية التوقيف ومنع التدخلات الخارجية صدر قرار يمنع فيه بقاء الملف بالإدارة لأكثر من 24 ساعة وبموجب القانون تحدّد الغرامات بين عشرة ملايين الى 75 مليون او الحبس من 3 الى 6 أشهر،" داعياً "المواطن الذي يتحمل جزءاً من المسؤولية لإهماله احياناً شروط نقل المواد عند شرائها او لعدم انتباهه الى تاريخ الصلاحية ونظافة المكان الذي يشتري منه، الى تبليغ المصلحة بالمخالفات التي يلحظها على الرقم 1739".

[ تطابق.. تضارب

"اذا أردت ان تُطاع أطلب المستطاع" يطلب اللبنانيون المستطاع وليس المستحيل ولعلّ من أدنى حقوقهم تناول لحوم سليمة ونظيفة تؤمن صحتهم واولادهم. وازاء همروجة التلوث التي ضربت البلد اخيرا ووصلت الى اللحوم، يطمئن رئيس مجلس ادارة مصلحة الابحاث العلمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة الدكتور ميشال افرام الى "ان الحالة ليست شاملة وخطيرة." ويضيف" الوضع ليس مأسوياً والدولة واعية كلياً للأمر، خصوصاً وزارتا الزراعة والصحة اللتان تعملان على الارض في مختبرات قادرة على ان تحلل كل ما هو مطلوب.

ويؤكد "ان ظهور تلوث في مادة ما لا يعني ان كل المادة على كل السنة ملوثة، فالعينة الواحدة لا تمثل الحالة العامة للانتاج الاّ اذا أخذت عينات من كل المناطق على فترة ثلاثة اشهر متتالية ". ويضيف "باشرت وزارة الزراعة منذ نحو شهرين جمع عينات من كل المناطق وهي تفحص الآن للتأكد من سلامتها وقد ساهم طرح الموضوع في الاعلام بالتخفيف من حجم المشكلة بزيادة وعي المواطن من جهة وخوف البائع من المخالفة من جهة ثانية."

وعن الفحوصات التي تخضع لها اللحوم يشرح افرام أنه يتم الفحص للتأكد من عدم وجود جراثيم سبع في اللحوم البيضاء والحمراء والأسماك تختلف بينها الحدود الجرثومية (standards microbiologique). وهي الجراثيم الهوائية التي تدل على نسب النظافة بالعمل، وجراثيم القولونيات الإجمالية والمتحمّلة للحرارة والتي تدل على نظافة طريقة استخراج الأمعاء، والسالمونيلا ويكون مصاب بها الحيوان او تنتقل من قلّة نظافة استخراج الامعاء والجراثيم اللاهوائية المختزلة للكبريت التي تدل على نظافة سلخ الجلد واستخراج المعدة، بالاضافة الى السالمونيلا والمكورات العنقودية والفطريات والخمائر. وفي لبنان غالباً ما يظهر وجود السالمونيلا اللاتيفوئيدية في بعض اللحوم. أما الخطورة فتكمن في التسمّم المعوي الذي تتسبّب به ويؤدي في بعض الأحيان عند ذوي المناعة الضعيفة والاطفال والمسنين الى مضاعفات مميتة لاسيما جرثومتي الأشيريشيا كولي والكلوستريديوم برفرينجنس والكوليفورم توتو.

في المقابل، "ان سلسلة اللحوم من أولها الى آخرها لا تتم ضمن المواصفات المطلوبة" ومعظم المسالخ والملاحم لا تستوفي الشروط والمواصفات المطلوبة. و87% منها تعمل خارج القانون لعدم حيازتها على رخص ولا شهادات صحية للعاملين فيها". كما يشرح رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو. لافتاً الى "ان الجمعية وفريقها المؤلف من اختصاصيين وخبراء عملت بالاتفاق مع عدة بلديات منها صيدا وسن الفيل والغبيري والشياح وبنجاح على تحسين الملاحم التابعة لها كما تم توجيه الإنذرات للمخالفين وتغريم بعضهم. ويتابع ان الأوضاع البيئية لا تتلاءم وبيع اللحوم بشكل صحي ولا المياه صالحة ولا النظافة العامة والتبريد والتكييف". ويركّز على ضرورة تحمّل البلديات مسؤولياتها بهذا الموضوع ووضع العقوبات إذ انها بمثابة ضابطة عدلية لاسيما تدريب المراقبين الصحيين واللحامين على الأسس الصحيحة ومراقبتهم ومعاقبتهم عند المخالفة. ويردف برو"ان الفوضى تأخذ اشكالاً مرعبة وتُرمى كل "زبالة" الانتاج على الفقراء فيتم طحن بقايا اللحمة وتوزيعها على السوق واستخدامها في النقانق والسجق والشاورما كما حصل سابقاً في بعض ملاحم منطقة صبرا.

[ تجربة .. ناجحة

الجمعية و بالتعاون مع بلدية سن الفيل استطاعت تحقيق الوضع السليم في معظم الملاحم التابعة لها. بدأ العمل بدورات توعية لأصحاب الملاحم بحضور طبيب البلدية والقضاء والمراقبين الصحيين التابعين لتعريفهم بأصول العمل وما لهم من حقوق وعليهم من واجبات لتثبيت قانونية وضعهم. ولتشجيعهم اقامت البلدية احتفالا تكريميا للملتزمين وعمدت الى اذاعة اسمائهم في المنطقة وفي الجرائد ومن لم يحقق شيئاً فقد شُهر به لحين اتمامه واجباته كما تم تصنيف الملاحم وإعطائها درجات. ويشرح رئيس البلدية نبيل كحاله "ان الجميع تجاوبوا مع هذه المبادرة وقد تمّ توزيع ورقة عليهم تحتوي المواصفات التي يجب ان تمتاز بها الملحمة". ويردف" منحناهم مدة شهرين لتطبيقها في ملاحمهم، وتولت البلدية متابعة الامر عبر دوريات لتتأكد من تطبيق المواصفات ومن لم يطبقها وجه اليه انذار ومنح ثلاثة اشهر لتحسين الوضع تحت طائلة تغريمه.

ضوابط فنية للمسالخ الأهلية

[ من الشروط العامة: ضرورة موافقة وزارة الشئون البلدية والقروية ممثلة في البلدية على موقع مشروع المسلخ حسب أنظمة التخطيط وقبل البدء في الإنشاء - يقتصر الذبح في المسالخ الأهلية على مواشي المواطنين فقط ويجري عليها الكشف البيطري قبل وبعد الذبح من قبل الطبيب البيطري المسئول عن المسلخ ويصرح باللحوم الصالحة للاستهلاك الآدمي مع مراعاة عدم ختمها بالأختام المميزة لمسالخ البلديات ومنع بيعها في الأسواق - يتولى الأطباء البيطريون والمراقبون بالبلدية التفتيش اليومي على المسلخ - مراعاة تطبيق الأنظمة والتعليمات التي تصدرها الوزارة.

[ التخلص من النفايات :تجمع النفايات مثل الفرث والروث ويتم نقلها يومياً خارج المدينة بعيداً عن المسلخ في أماكن تحددها البلدية ثم تطمر في خنادق وتغطى بالأتربة بطبقة لا تقل عن نصف متر ويمكن الاستفادة منها كمخصبات زراعية تحت إشراف البلدية المعنية بالمنطقة.

[ التخلص من الإعدامات والمخلفات: يتم تجميع الإعدامات غير الصالحة للاستهلاك الآدمي والمخلفات ووضع مادة الفينيك أو المطهرات عليها قبل وضعها في صناديق النفايات ثم التخلص منها يومياً بالحرق أو الدفن تحت إشراف البلدية المعنية بالمنطقة - تخفيض مستوى المكان المخصص للحاويات الناقلة للنفايات خلف المسلخ عن مستوى سطح الأرض الطبيعية بنحو ، متر ليمكن تفريغ محتويات العربات الصغيرة فيها بسهولة.

[ المياه ومصادرها: يجب أن يكون مصدر المياه الرئيسي صحياً ووفيراً ومتماشياً ومقاييس الشرب الصالحة للاستهلاك البشري كيميائياً وبكتريولوجياً - ضرورة وجود غلاية أو جهاز تسخين مركزي يمكن استعمال سخان شمسي بحرارة لا تقل عن 82ْم لتزويد المسلخ بالمياه الساخنة وبتمديدات موازية للمياه العادية المستمرة.

تعليقات: