ذكرى استشهاد محمود ونضال المجذوب

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد محمود ونضال المجذوب في صيدا

الوالدة خالدية الأتب لـ "اللــواء": ثمة مفاجآت ستظهر قريباً ولا استطيع الإفصاح عن كل شيء

نجهز لرفع دعوى قضائية شخصية ضد كل من يظهره التحقيق شريكاً والمطالبة بإعدامه في مكان الإستشهاد

اللـواء - ثريا حسن زعيتر: 18/4/2007

لم تخلع الحاجة خالدية الأتب المجذوب ثوب الحداد الأسود، منذ يوم الجمعة في 26 أيار 2006، بين الحين والآخر تكفكف دموعها بصمت وحزن، وهي تتذكر تفاصيل ذلك اليوم الأسود، حيث دوى انفجار قوي في البستان الكبير في صيدا وأدى إلى استشهاد نجليها (عضو قيادة حركة الجهاد الإسلامي في لبنان) الحاج محمود المجذوب وشقيقه نضال بواسطة عبوة ناسفة كانت موضوعة في سيارة أمام منزل الشهيد محمود•• لم تنطفئ نار الغضب والحزن على الشهادة، ولكن ما يعزي الحاجة خالدية، انه تم القاء القبض على منفذي جريمة الإغتيال، وهم شبكة عملاء لـ "الموساد" الإسرائيلي يترأسها العميل محمود رافع••

وسط صورتين لولديها الشهيدين تجلس الحاجة خالدية، وهي اليوم مع اقتراب الذكرى السنوية لهذه الجريمة أكثر صلابة وقوة، تنتظر أن يقول القضاء كلمته العادلة، وينزل حكم الإعدام بالعملاء الخونة، الذين باعوا ضمائرهم، وقتلوا المقاومين مقابل حفنة من الأموال الرخيصة••

ومع هذا الإنتظار، تستعد بعزم وبعيداً عن الأضواء لكشف كامل الحقيقة في هذه الجريمة، واقامة مهرجان تأبيني سنوي في بلدية صيدا، وتجهز أوراقها لرفع دعوى قضائية شخصية ضد العميل رافع ومن يظهره التحقيق مشاركاً وفاعلاً ومخططاً ومنفذاً•• وصولاً إلى أمنية "أن يتم إعدامهم في مكان جريمة الإغتيال ليكونوا عبرة لغيرهم"، ويخمدون لهيب الأرض في المدينة، التي قدمت الشهداء والدماء والتضحيات بدءاً من الشهيد الرئيس رياض الصلح، مروراً بالشهيد معروف سعد وصولاً إلى الشهيد الرئيس رفيق الحريري وولديها "محمود ونضال"•

"لــواء صيدا والجنوب" حط رحاله في منزل آل المجذوب في حي الصباغ في المدينة، وحاور الحاجة خالدية مع اقتراب الذكرى السنوي الأولى لجريمة الإغتيال، وسط عزمها على رفع دعوى قضائية وكشف المعلومات حول ذلك••

شوق للحقيقة لا تُخفي الحاجة خالدية قلقها وهواجسها عن التباطؤ في اجراء التحقيق السريع مع العميل محمود رافع، الذي تم القاء القبض عليه بجريمة اغتيال ولديها محمود ونضال، وتحديد جلسات محاكمة علنية له مع أفراد شبكة العملاء•

وتقول: اننا نتابع القضية بإهتمام بالغ، ونشعر أن الدولة جمدت كل شيء في هذا الموضوع، في الوقت الذي نتشوق فيه لمعرفة كامل الحقيقة، وانزال العقوبة العادلة بمن اغتال مقاومين، وباع ضميره ووطنه بثمن بخس من الدولارات الأميركية والشيكل الإسرائيلي•

وتضيف: اننا مصممون على إدراج هذه الجريمة في المحكمة ذات الطابع الدولي، أسوة بالجرائم الأخيرة التي حصلت في لبنان•• ونستغرب الموقف من عدم الموافقة على إدراجها على الرغم من أن منفذيها معروفون، وهم عملاء للعدو الصهيوني، فهل يخشى بعض المسؤولين على نفسه أن يقتل من قبل "إسرائيل" إذا تم الإدعاء عليها، كما اغتيل الرئيس رفيق الحريري؟

وقالت: إن هذا "الرفض" لن يمنعنا عن تحقيق هذا الهدف، لقد طالب النائب الدكتور أسامة سعد أكثر من مرة أدراج هذه الجريمة في المحكمة ذات الطابع الدولي، ولم يلقَ آذاناً صاغية، وانني أتابع الأمر معه ومع رئيس بلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري•

دعوى قضائية وكشفت الحاجة خالدية "اننا بصدد رفع دعوى قضائية شخصية ضد العميل رافع وكل من يظهره التحقيق مشاركاً، ونتشاور الآن في توكيل محامين•• وقد تطوع حتى الآن عدد منهم، وهم: غسان المجذوب، أحمد الصباغ ومنى السمرا، وكذلك المحامي ناجي البستاني للقيام بهذه المهمة حتى نحفظ حقنا في محاكمة عادلة، إذ لم يعد مُستبعداً أن تعمد الدولة إلى اصدار عفو أو احكام مخفضة عن العملاء، كما فعلت مع عملاء "إسرائيل" في الجنوب اللبناني، فبعضهم حكم عليه لمدة أشهر فقط ثم أطلق سراحه، وعدد منهم عاد ليؤلف شبكات تجسس جديدة لمعاقبة المقاومين واغتيالهم وتصفية حساباتهم والإنتقام منهم لهزيمة إسرائيل"•

وأوضحت "أن ممثل "حركة الجهاد الإسلامي" في لبنان أبو عماد الرفاعي زارها منذ عدة أيام، وأبلغها أن الحركة تتابع الموضوع بإهتمام كبير، وسوف تكشف كامل التفاصيل حوله في الوقت المناسب، ولن نسمح لأحد بالمماطلة والتسويف في التحقيقات، فهذا الموضوع امانة في أعناقنا، وهؤلاء شهداؤنا، ولا يمكن التخلي أو التنازل عن دمائهم الزكية"•

وأكدت الحاجة خالدية أن المعلومات التي وصلتها، تؤكد "أن رافع قد اعترف بهذه الجريمة، وتم احضاره إلى صيدا لتمثيل جريمته، وهناك اعترافات أخرى حول أعمال أمنية أخرى، وهناك أيضاً دعاوى ضده من ذوي شهداء على سبيل المثال عائلة الشهيد أبو حسن سلامة الذي تم اغتياله في طلعة المحافظ في الهلالية - صيدا"• واستعادت الحاجة خالدية الذاكرة حين قدم الرئيس فؤاد السنيورة لتقديم التعازي لها في بلدية صيدا فبادرته بالقول: "ارفع رأسك أنت في صيدا، مدينة الشهداء والدماء والتضحيات، إن الذين اغتالوا محمود ونضال عملاء إسرائيل"•• ولم يكن بعد قد تم القاء القبض على العميل رافع•• واليوم تأكد أن قلب الأم دليل• وتقول: ليس لأولادي عداوة مع أحد، كانوا مقاومين ويعملون ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل قضية سامية ونبيلة•• عملاء "إسرائيل" اغتالوهما، ورافع يتحمل كامل المسؤولية، واليوم نريد أن ينال عقابه•

إعدام وأمنية وأشارت إلى "أن أمنيتي أن يتم اعدام رافع في الذكرى السنوية لجريمة الإغتيال، وفي ذات المكان، الذي سالت فيه دماء محمود ونضال، أريد أن ينطفئ لهيب الحزن والغضب في قلبي، لا مساومة على دماء الشهداء، وهي أمانة في أعناق الجميع"•

وإذ تكتمت الحاجة خالدية على تفاصيل بعض التحركات الصيداوية والسياسية لإعادة هذه الجريمة إلى واجهة الإهتمام الرسمي اللبناني القضائي والأمني، قالت: الكلام في وقته حلو، لا أستطيع الآن الإفصاح عن كل شيء، لكنني أؤكد أن ثمة مفاجآت، لا يمكن لجريمة مثل هذه أن تموت، أو المماطلة في كشف تفاصيلها•

وأشارت إلى اننا "نحضر لاقامة مهرجان تأبيني في قاعة بلدية صيدا، يليق بالمدينة والشهيدين محمود ونضال وشهداء المدينة، سيكون تأكيداً جديداً على التمسك بخيار المقاومة، والعمل على كشف شبكات العملاء، لبنان اليوم مفتوح على كل أجهزة العالم، وهو بما يشبه غابة للعملاء، والله يستر من القادم"•

وأكدت "أن هذا المهرجان سيكون أيضاً صرخة مدوية في وجه الدولة للإسراع باستكمال التحقيق علناً، وتحديد جلسات محاكمة حتى يأخذ العدل مجراه، فنحن نثق بالقضاء اللبناني والأجهزة الأمنية، ولكن نخشى ممارسة ضغوطات من قوى سياسية للمماطلة والتسويف، واتهام أناس اخرين غير حقيقيين كما تحاول السلطة اليوم فعله في الجرائم التي وقعت مؤخراً"•

ذكريات وحنين واستعادت الحاجة خالدية ذكرى ولديها - مسحت الدموع من عينيها - وقالت: حتى اليوم فإن أصواتهما لا تفارق أذني، صورتهما دوماً أمام ناظريّ، أبدو قوية وصلبة للدفاع عن دمائهما، ولكنني أعيش حرقة الرحيل كأي أم، وأشتاق اليهما، هما كل شيء في حياتي•

وقالت: لم أعرف الفرح والعيد منذ استشهادهما معاً، الأمر صعب ويستحيل عليَّ نسيانهما، لقد تحول العيد إلى عزاء، وبدلاً من التزوار والتلاقي في بيت العائلة، أصبحنا نزور الجبانة (المقبرة)، لقد اجتمعنا على الحزن وفقدان الأحبة، لا أحد يتصور ما هو شعور أم في هكذا يوم، كانا يملآن المنزل علينا، ولكن رحلا دون وداع، رب العالمين يحاسب، وهو الحكم العدل، نحن مسلمون ونؤمن بالله وبحكمه العادل•

وأضافت: لا اعتراض على قضاء الله، نحن نؤمن به وصابرون على مصابنا، لكنني كنت أتمنى لو كانا حيين وشاهدا "إسرائيل" وهي تهزم في حرب تموز الماضية، كانت هذه الحرب ثأراً لنا منها، لقد اعترفت "إسرائيل" بهذه الهزيمة، وتذكرت ما كان يقوله لي الحاج محمود "يا أمي انهم جبناء ولا يستطيعون الصبر طويلاً"•• ولكن للأسف بعض القوى السياسية اللبنانية لم تعترف بهذا النصر، ولم تحاول استثماره، كي يتحول إلى ورقة قوة وضغط لاجبار "إسرائيل" على اعطاء الحقوق العربية، وفي المقدمة منها الحقوق الفلسطينية التي استشهد محمود ونضال من أجلها•

وأشارت الحاجة خالدية إلى أن النائب بهية الحريري زارتها في المنزل بعد جريمة الإغتيال، وقدمت لها التعازي، وأعربت عن حزنها وتأثرها الشديدين، تحدثنا عن المدينة والشهداء والتضحيات وعن الشهيد الرئيس رفيق الحريري، قائلة: "لقد كان إنساناً طيباً يحب الناس ويعطيهم، وعندما كان يجلس مع السيد حسن نصر الله كان يرتاح معه كثيراً، وهذا دليل على انه من "طينة" ممتازة وحنون، وصيدا كانت دوماً وما زالت تنجب أبناء لهم أصل ومحبة للوطن، لقد خسرناه جميعاً"••

وتمنت على "النائب الحريري أن تساهم في تحريك قضية اغتيال محمود ونضال، ونحن نطالب مثلهم بكشف الحقيقة دون أي مواربة، وخصوصاً أن الذين نفذوا الجريمة معروفون، فنطالب الرئيس السنيورة بإدراجها ضمن المحكمة الدولية"•

مقاوم فريد وإعترفت الحاجة خالدية أن الشهيد محمود "كان مقاوماً من الطراز الأول، كان يطور الصواريخ وهو العقل المدبر للعمليات ضد الكيان الصهيوني، كان حلقة وصل بين الداخل والخارج، ولذلك استهدفوه، كان شديد التأثير عليهم، لم يتوانَ يوماً عن نصرة اخوانه وحتى تهريب السلاح•• أما اليوم فإن المقاومين باتوا متهمين بتهريب السلاح، من سيدافع عن لبنان، ممنوع تسليح الجيش اللبناني، ممنوع عمل المقاومة علناً، ممنوع وممنوع لولا المقاومة لكانت "إسرائيل" مرغت أنوف اللبنانيين بالتراب، واعتقلت من تشاء، اننا نشد أيدينا على أيدي المقاومة، والله ينصر الحق•• يريدون اليوم عودة الحرب الأهلية بالقوة، انه مخطط أميركي - إسرائيلي، لينظروا ماذا يجري في العراق وفلسطين هل يتحمل لبنان؟ في أي مكان يوجد مقاومون يريدون القضاء عليهم لتحقيق المشروع الأميركي - الإسرائيلي وتوطين الفلسطينيين"•

وقالت: كنت أشجع أولادي على المقاومة لمواجهة المشاريع المشبوهة، ولاستمرار العمل الجهادي في لبنان، لأنه الخيار لاستعادة حقوقنا• وختمت الحاجة خالدية مناشدة "الحكومة أن لا تهمل موضوع محمود ونضال لأنه حساس وهام، وان اللذين استشهدا هما لبنانيان، والذي اغتالهما معروف، ويجب انزال أقصى العقوبات به"•• داعيةً "أهالي صيدا وقواها السياسية إلى الإصرار على اعدام العملاء في مكان الإستشهاد، وفي الذكرى السنوية، وهذا وحده يطفئ نار الغضب"•

العميل محمود رافع

كانت العبوة قد وضعت في الباب الخلفي للجهة اليمنى لسيارة المرسيدس، بعدما جرى تبديله أثر وصوله من فلسطين المحتلة عبر الشريط الحدودي، وهي بزنة 500 غرام مع كرات ومسامير حديدية، ومزوّدة بجهاز تفجير متطور، حيث تمّ تفجير العبوة لاسلكياً عبر المراقبة بكاميرا من سيارة "فان" استأجرها العميل محمود رافع من (س•ق•) وأوقفها على مقربة من مكان الجريمة، حيث كانت تبث مشاهد حية إلى جهاز "الموساد" الإسرائيلي، الذي فجر العبوة لحظة خروج نضال من المدخل واتجاهه نحو سيارته الـ "ب• أم"، التي كانت مركونة على بعد حوالى عشرة أمتار من مكان وقوف السيارة المفخخة، وكان يسير خلفه شقيقه "أبو حمزة" فجاءت الإصابات محكمة ودقيقة•

والعميل محمود قاسم رافع (59 عاماً)، هو دركي متقاعد، أوقف فجر 6 حزيران قبل وصوله إلى فيلته في الطرف الغربي لمدينة حاصبيا، في عملية أمنية ناجحة نفذتها مخابرات الجيش اللبناني، واعترف بتنفيذ جريمة اغتيال الأخوين المجذوب، واغتيالات أخرى، ونقل عبوات من "الموساد" الإسرائيلي وتسليمها إلى أشخاص في لبنان•

هل تطلق بلدية صيدا إسمي الشهيدين المجذوب على الشارع الذي استشهدا فيه؟

منذ اغتيال الشهيدين محمود ونضال المجذوب في 26 أيار الماضي وحتى الآن، لم يطلق المجلس البلدي في صيدا إسميهما لا على شارع أو أحد المعالم في المدينة، ليكون ذلك تكريماً لهما•

وكان "لـواء صيدا والجنوب" طالب في عدده يوم الأربعاء 21 حزيران 2006، أن يصار إلى تخليد إسميهما بإطلاقهما على الشارع الذي وقعت فيه جريمة الإغتيال والممتد بين "بوليفار الدكتور نزيه البزري" الشرقي والشارع المتفرع من "شارع المفتي الشيخ محمد سليم جلال الدين"، وهو شارع "غير معنون" حتى الآن•

تعليقات: