المبعَـــدون من الإمـــارات: مكانـــك راوح

اللجنة ملتزمة بوعدها بري بعدم إثارة القضية إعلامياً
اللجنة ملتزمة بوعدها بري بعدم إثارة القضية إعلامياً


يوم 13 تشرين الأول الفائت، زار رئيس مجلس النواب نبيه بري دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى رئيسها خليفة بن زايد، ساعياً إلى حلّ قضية قرارات الإبعاد التي تصدرها السلطات الإماراتية بحق لبنانيين مهاجرين إليها. بعد اللقاء، خرج بري ليطمئن اللبنانيين الذين يعيشون في الإمارات قائلا:ً «إنهم في أيدٍ أمينة». وبعد عودته إلى لبنان، ردّد بري العبارة ذاتها أمام اللجنة التي ألّفها المبعدون الذين ناهز عددهم المئة لمتابعة قضيتهم. ومذّاك، حصل تطور شديدة الإيجابية في القضية. فالسلطات الإماراتية توقفت عن إبعاد لبنانيين. وكان بعضهم قد أبلِغ بأنه لم يعد من المرغوب بوجودهم في الإمارات، إلا أن السلطات هناك أعادت تأشيرات الإقامة لهم. وإضافة إلى ذلك، كانت الأجهزة الأمنية في الإمارات قد صادرت جوازات سفر عدد من اللبنانيين، تمهيداً لإبعادهم، إلا أنهم استعادوها بعد زيارة بري إلى أبو ظبي، وعادوا إلى أعمالهم كالمعتاد.

في المحصلة، توقفت قرارات الإبعاد، وألغيت القرارات الصادرة التي لم تكن قد نفذت قبل زيارة بري. ومذّاك، لم يسمع أي لبناني يعيش في الإمارات ما سمعه مواطنوه الذين أُبعدوا على دفعات منذ حزيران 2009. هؤلاء، كانوا يُستدعَون إلى مراكز أمنية، حيث يُبلّغون بضرورة مغادرة البلاد وعدم العودة إليها. بعضهم أُمهِلوا 48 ساعة، وآخرون أسبوعين، لتصفية أعمالهم في البلاد التي قضى بعضهم فيها أكثر من 30 عاماً. أحدهم، وهو ممن بدأوا العمل في الإمارات قبل أن ينشأ الاتحاد، مُنع من دخول الإمارات فور وصوله إلى المطار من لبنان. بعضُ المبعَدين لم يُبلَغ بسبب إبعاده، فيما يقول البعض الآخر إنه تلقى عرضاً للعمل مخبراً لحساب جهاز أمني إماراتي. ولما رفض ذلك، صدر قرار إبعاده. وكان اللافت حينذاك أن معظم المبعدين ينتمون إلى طائفة بعينها.

وبعد عودة بري، تحدّثت مصادر معنية بالقضية عن اتفاق الأخير مع السلطات الإماراتية على تأليف لجنة لدراسة ملفات المبعدين، على أن يُدرَس كل ملف على حدة، ويُتَّخَذ القرار المناسب بحق كل مبعد. إذ إنّ من يثبت أن إبعاده تم لأسباب أمنية جدية، لن يعود إلى الإمارات. أما من يتبين أن قرار الإبعاد كان جائراً بحقه، فسيعود. وجرى الحديث حينها عن حفظ حق الجميع، لناحية أعمالهم وممتلكاتهم وأموالهم في الإمارات.

لكن عدداً من المبعدين بدأوا برفع الصوت. إذ إن أشهراً ثلاثة مرت على زيارة بري، من دون أن يلمسوا أي تحرك باتجاههم. «لم يتصل بنا أحد ليقول لنا ما يجب علينا فعله». بعضهم لا يزال أفراد من أسرهم في الإمارات لمتابعة أعمالهم، فيما باشر البعض الآخر بتأسيس أعمال جديدة في لبنان. لكنّ قسماً لا يستهان به منهم يتألف من أشخاص كانوا موظفين في شركات خاصة أو حكومية في الإمارات. وبعض الفئة الأخيرة كان قد ترك وظيفته في لبنان قبل الهجرة. واليوم، لا يجد هؤلاء ما يفعلونه في بلادهم. يوجهون اللوم، في الدرجة الأولى، إلى لجنة متابعة قضيتهم. يقول أحدهم إنها مقصّرة. فمنذ لقائها الرئيس بري قبل 3 أشهر، «لم تُصدر أي بيان لتعلمنا بما يجري. وكلما سألنا أحد أعضائها عن تطورات قضيتنا، أجابنا بطلب إمهاله أياماً معدودة. وها هي الأيام صارت أشهراً». مبعَد آخر، ممن لم يجد وظيفة له في وطنه، يرى أن إلغاء قرارات الإبعاد بعد زيارة بري هو «دليل على ظلمنا، وعلى أن طَردنا من الإمارات بُني على أسباب سياسية فقط. فلو كان المعنيون بالقرارات التي أُلغيَت (بعد زيارة الرئيس بري) يمثّلون خطراً على أمن الدولة المضيفة، لما أُبقوا هناك. فإلغاء القرارات دليل على انها كانت مجحفة. وقياساً على ذلك، نحن أيضاً ظُلِمنا، ولا نريد اليوم سوى رد الظلم عنا».

رئيس اللجنة، حسان عليان، يرفض التعليق على ما يذكره رفاقه المبعدون، ويكتفي بالقول إن «اللجنة ملتزمة العهد الذي قطعته للرئيس بري، القاضي بعدم إثارة القضية إعلامياً. ونحن لا نزال في انتظار نتائج اتصالاته مع السلطات الإماراتية، على أمل أن تؤدي هذه التهدئة إلى نتائج طيبة لمصلحة المبعدين، من أجل إقفال هذا الملف».

أما على المستوى السياسي، فلا يزال الرئيس بري ملتزماً الصمت. مصادره ترفض التعليق على القضية، فيما يشير سياسيون إلى أن الرئيس يتابع الملف بجدية، وهو حريص على عدم إثارته في الإعلام، «حرصاً على مصلحة المبعدين والجالية اللبنانية في الإمارات». وخارج دائرة بري، لم يقم أي مسؤول بما يوحي أنه معني بالقضية.

المبعدون الذين تحدّثوا لـ«الأخبار» ما زالوا يأملون العودة إلى البلاد التي قضوا فيها القسم الأكبر من حياتهم. ومن أجل ذلك، يطلبون عدم كشف هوياتهم. لكن قسماً منهم، لا يشعر إلا بالمرارة. «كل ما كنت أملكه هو تلك الوظيفة هناك»، يقول أحدهم بأسى، مضيفاً: «كنتُ قد رسمتُ مخططاً لحياتي على أساس عملي في الإمارات. أما اليوم، فلا أعرف ماذا أفعل. طُرِدت ظلماً لأسباب أجهلها، قيل إنها أمنية. سمّ لي الدولة التي ستمنحني بعد اليوم تأشيرة لدخولها. كل ما أريده هو أن ترفع السلطات الإماراتية عني هذا الحظر».

تعليقات: