الحسين ‎(ع)‎ ثائراً ومعلماً

نهضة الإمام الحسين (ع) كانت نهضة إصلاحية بكل ما تحويه الكلمة من معنى
نهضة الإمام الحسين (ع) كانت نهضة إصلاحية بكل ما تحويه الكلمة من معنى


نلتقي هذه الأيام مع ذكرى عاشوراء التي تجسد الملحمة البطولية والنهضة الإصلاحية التي قام بها حفيد رسول الله (ص) الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) مع ثلة من أهل بيته وأصحابه .وقد تعددت القراءات والتحليلات لهذه الملحمة الخالدة ، كما تعددت الصور التي رسمها الكتاب وأصحاب الرأي لقائد هذه النهضة ، وأحاول هنا ان أقف أمام صور ثلاث هي أكثر الصور تداولا وشيوعا بين الناس ، وأكتفي بالعرض دون التحليل المسهب للصورتين الأولتين :

الصورة الأسطورية : التي حاول من خلالها بعض المحبين وغير المحبين عن قصد أو غير قصد إظهار الإمام الحسين (ع) بمظهر غرائبي أسطوري بحيث نسبوا اليه من الأمور ما يتناقض مع بشريته وطاقته وما يتعارض مع السنن الطبيعية والكونية التي سنها الله تبارك وتعالى .

الصورة العاطفية : أو الانهزامية والتي صور أصحابها الحسين (ع) رجلا ضعيفا ،مثكلا، حزينا ،خاضعا لمأساة القدر الذي حل به وبأهل بيته وأصحابه .

الصورة الواقعية : والتي قدمت الامام الحسين (ع) إماما وقائدا ملهما ، وبطلا متفانيا ، ومعلما مصلحا، وثائرا ينشد إحقاق الحق وتطبيق العدالة ومقارعة الظلم . وباعتقادي أن هذه الصورة هي التي تليق برجل كالحسين بن علي (ع) ، وبتضحياته التي أضحت قبلة للأحرار والثوار في العالم .

وبناء على الصورة الثالثة فالحسين (ع) هو الحجة وهو الإمام المفترض به أن يقود مسيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يقوم الإعوجاج في دولة الإسلام ، وأن يحفظ البنى الفوقية للمجتمع الإسلامي كالعدالة والحرية والأخلاق العامة والأنظمة القويمة ، كذلك فإن من صلب مسؤولياته أن يحفظ ويصون البنى التحتية للنظام الإسلامي وأن يقف في وجه التفريط بها , أو استغلالها أو احتكارها لصالح أفراد أو جماعات , شأنه في ذلك شأن جده محمد وأبيه علي (ع) .

وهكذا فإن نهضة الإمام الحسين (ع) كانت نهضة إصلاحية بكل ما تحويه الكلمة من معنى ، كانت حركة الحق في مواجهة الباطل ،كانت ثورة المظلوم على الظالم ، كانت انتفاضة طبيعية في وجه مشروع تمتد جذوره الى بدايات الدعوة حيث كان أبو سفيان يقود حزب الشرك سعيا لإطفاء نور الدعوة المحمدية ، وهو الذي كتب في وصيته :”يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان ، ما من عذاب ولا حساب ، ولا جنة ولا نار ، ولا بعث ولا قيامة !

لقد كان الإمام الحسين (ع) ترجمانا حقيقيا لآيات الوحي التي تنهى عن الركون إلى الظلم والظالمين وتدعو إلى الثورة والتمرد على أئمة الجور وبنيانه.

إن الوفاء الحقيقي للإمام الحسين (ع) هو في فهمه أولا , وفي ادراك الأبعاد الروحية والإنسانية لثورته العظمى ثانيا ، وفي ترجمة شعاراته مواقفا وسلوكا في حركة الحياة ، مواجهة وممانعة لقوى الشر والظلام .

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }الأنبياء73

* كاتب وباحث لبناني

ch.m.kanso@hotmail.com

تعليقات: