انفجرت داخل قوى الأمن الداخلي.. قائد الدرك بين الرضوخ والسجن

ريفي ماضٍ في كتابه إلى النهاية وعارفو قائد الدرك يؤكدون أنه لن يتراجع
ريفي ماضٍ في كتابه إلى النهاية وعارفو قائد الدرك يؤكدون أنه لن يتراجع


حصار قائد الدرك: إنهاء «تمرّد» أم فرض الأمر الواقع؟..

بعث المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي مساء أول من أمس، بكتابٍ إلى قائد الدرك العميد أنطوان شكور طلب فيه من الأخير تنفيذ القرارات التي لم يكن قد نفذها خلال السنوات الماضية، معطياً له مهلة تنتهي عند الخامسة من بعد ظهر يوم غد (الخميس). وأنذر ريفي شكور قائلاً إن عدم التقيد بالمطلوب منه يعرضه لاتخاذ التدابير القانونية والمسلكية بحقه

إبراهيم الأمين ــ حسن عليق

«وفيق جزيني لم يفعل شيئاً، وكذلك وفيق شقير، قرر فريق إطاحتهما لأسباب وخلفيات عدة، لكن كان هناك من تولى أمر الدفاع عنهما، ومنع تنفيذ أي قرار بحقهما. المرجعية الشيعية قوية، اليوم يقف أنطوان شكور وحيداً مستفرداً، لا أعرف إذا كانت القيادات المسيحية تعرف ما الذي يحصل. لا يريد أن يلجأ إلى أي منها، وليس بيده إلا القانون ليدافع عن نفسه وعن مستقبل المؤسسة، وكما نعرفه يصعب توقّع أن يتراجع تحت الضغوط مهما كان الذي ينوون القيام به ضده».

هكذا يلخّص ضابط متوسط الرتبة في قوى الأمن الداخلي حال المؤسسة اليوم، في ضوء الغطاء السياسي الذي يبدو أنه توافر نتيجة توافق الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري على إطاحة قائد الدرك العميد أنطوان شكور، لرفضه تنفيذ أوامر قال هو في كتب أرسلها إلى رؤسائه وإلى الجهات المعنية في وزارة الداخلية، إنها أوامر مخالفة للقانون العام ومخالفة لنظام عمل قوى الأمن الداخلي.

تراكم ثم حان الانفجار

المشكلة بين ريفي وشكور تعود إلى 3 سنوات مضت، لكنها وصلت يوم أول من أمس إلى حافة الانفجار. فيوم الجمعة الماضي، أصدر ريفي قراراً طلب فيه نقل الرائد ريمون خليفة من فصيلة درك البترون إلى سرية الحرس الحكومي، واستبداله بالرائد ميشال أبو أنطون الذي يخدم في مفرزة بعبدا القضائية. هذا القرار هو جزء من الحركة «الطبيعية» التي ترافق بداية عهد كل رئيس حكومة، إذ يطلب الأخير إجراء مناقلات في ضباط سرية الحرس الحكومي. لهذا السبب، استُبدل الرئيس السابق للسرية العقيد أحمد الحجار بالعقيد عماد عثمان، الرئيس السابق لمكتب فرع المعلومات في بيروت. استبدال رئيس سرية الحرس تمّ بهدوء، إذ إنه جرى بين جهاز أمن السفارات وفرع المعلومات. لكن قرار تبديل الرائدين أبو أنطون وخليفة لم يمرّ بالسهولة ذاتها. فقائد الدرك العميد شكور رد برقية ريفي مذيّلة بتوقيعه، بعدما أضاف إليها عبارة: «في ظل استمرار المديرية بإهمال رأي قيادة وحدة الدرك، يتعذّر علينا تنفيذ مضمون أمركم البرقي».

بناءً على ذلك، بعث ريفي إلى شكور بكتاب شديد اللهجة، اتهم فيه قائد الدرك بأنه دأب «منذ فترة طويلة على اللجوء إلى الاستنسابية في تنفيذ أوامر هذه المديرية»، لافتاً إلى أن المدير العام لم يستخدم صلاحياته التي تتيح له معاقبة شكور، بسبب «سعة الصدر»، و«إفساحاً في المجال للعودة عن غيّكم ولعدم إقرار سابقة معاقبة رئيس وحدة» في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. أضاف ريفي في كتابه أنه، بعد «دخول البلاد مرحلةً جديدة، فإن استمراركم في هذه السياسة لا يسمح لنا بالتغاضي» عنها. ومن أجل ذلك، طلب ريفي من شكّور تنفيذ القرارات السابقة التي كان قد أصدرها المدير العام، والتي لم يكن شكور قد نفذها. ويتعلّق معظم هذه القرارات بنقل ضباط في المديرية، وبطلب إنشاء قوة أمنية للتمركز في بلدة بريتال البقاعية.

كذلك، طلب ريفي من شكور التراجع عن القرارات التي كان قد اتخذها الأخير، والتي يراها الأول غير قانونية، وخاصة نقل ضباط داخل وحدة الدرك، «علماً بأن القانون والتعليمات المرعية الإجراء تسمح لقائد الدرك بنقل ضباط داخل وحدته مدة شهر واحد فقط، لأسباب تتعلق بالمهمات الموسمية، كحفظ الأمن والنظام في مواسم الثلوج أو السياحة، أو مدة 15 يوماً عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مهمات أمنية محددة، كتعزيز إحدى القطعات مثلاً»، بحسب ما يشير ضابط رفيع. ومن القرارات التي يرى ريفي أنها مخالفة للقانون، التعميم الذي كان قد أصدره قائد الدرك على قطعات الوحدة التي يرأسها، والذي يقضي بعدم السماح بإنشاء أبنية كان أصحابها قد استحصلوا على تراخيص من السلطة الإدارية (المحافظة أو البلدية) قبل عرض هذه التراخيص على قائد الدرك شخصياً، وهو التعميم الذي أثار حفيظة بلديات منطقة صور تحديداً.

وطلب ريفي من شكور إبلاغه بالنتيجة في مهلة أقصاها الساعة 17:00 من يوم الخميس 19 تشرين الثاني الجاري. وفي حال عدم التنفيذ، «ستُتَّخذ التدابير القانونية والمسلكية وفقاً للقوانين المرعية الإجراء».

ولفت ضباط مطّلعون إلى أن القانون يتيح لريفي توقيف شكور فوراً (الإقامة الجبرية في منزله) لمدة 30 يوماً، إضافة إلى «توقيف القلعة»، أي سجن الضابط في مكتب تابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ولفت مسؤول رفيع إلى أن في إمكان ريفي إحالة شكور على النيابة العامة العسكرية «بجرم مخالفة الأوامر العسكرية».

ويذكّر ضبّاط من المديرية بتجربة الوزير جبران باسيل مع المدير العام عبد المنعم يوسف في وزارة الاتصالات، «حيث أحال باسيل الأخير على النيابة العامة لأنه لم ينفذ أوامره. فكيف الحال إذاً في مؤسسة أمنية؟». ويقول أحد الضباط الرفيعين إن «تمرداً مماثلاً ما كان ليُسمَح به في الجيش ليوم واحد، إذ إن مخالفة أي أمر عسكري تعرّض مرتكبها لأشد العقوبات». ويرى الضابط ذاته أن كتاب ريفي هو «مقدمة لاستعادة النظام في المؤسسة، إذ لن يُسمَح بعد اليوم بأن يتطاول أحد على رؤسائه عبر رفض الأوامر العسكرية».

وقبل أن يبعث ريفي بكتابه، كانت مشاورات أمنية ـــــ سياسية قد جرت على مستويات عالية، وشملت كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الداخلية زياد بارود. وكان هؤلاء في جو مفاده أن استمرار الحالة السابقة في المديرية بات أمراً غير مقبول. فأجواء «الانفتاح والتوافق» التي تعيشها البلاد يجب أن تنعكس على المؤسسة. وفُهم أن زياد بارود لن يقبل بأن يكرّر تجربته الماضية في وزارة الداخلية، لناحية «أن نصف وقته كان يضيع على متابعة خلافات ضباط الأمن الداخلي». ويُنقَل عن بارود قوله إن هذه المرحلة هي وقت ضائع، والأيام القليلة التي تلي نيل الحكومة الثقة ستكون حاسمة لناحية إحداث تغيير جذري على مستوى مجلس قيادة المديرية.

وبعد صدور كتاب ريفي، تكثفت الاتصالات وشملت أطرافاً سياسية متعددة، بينها أطراف في الأقلية. وقد أخذ وزير الداخلية «الأمر على عاتقه، وهو لن يقبل بتفجر الأمور في هذه المرحلة من الوقت الضائع. كذلك فإنه لن يناصر فريقاً في وجه آخر، مع تأكيده وجوب الالتزام بالأوامر العسكرية. ومن لم تعجبه تلك الأوامر، فلينفذها قبل أن يشكو رؤساءه عبر القنوات المعروفة»، بحسب ما ذكرت مصادر سياسية رفيعة. وليل أمس، أبلغ شكور بارود، شفهياً، بأن قرار نقل الضابطين الذي صدر يوم الجمعة الفائت قد نفّذ. وبذلك يكون شكور قد تراجع خطوة إلى الوراء، وإن على صعيد الشكل فقط، إذ إن البرقية التي كان قد أصدرها ريفي يوم الجمعة الفائت كانت قد نفِّذَت عملياً، من دون موافقة قائد الدرك، إذ إن ضباطاً مقربين من ريفي اتصلوا بالضابطين المعنيين (أبو أنطون وخليفة) وأبلغوهما شفهياً بضرورة تنفيذ القرار، فما كان من الضابطين إلا أن التزما. وذكر ضابط رفيع لـ«الأخبار» أن ريفي يتوقع أن يتسلم من شكور اليوم رداً جديداً على قراره، يقول فيه إن البرقية قد نفذت.

هذا بالنسبة إلى برقية يوم الجمعة الماضي. يبقى كتاب ريفي الذي أرسله إلى شكور يوم أول من أمس. وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر رفيعة لـ«الأخبار» أمس أن هناك حلاً وسطاً لهذه المسألة أيضاً، وذلك عبر صيغة تقضي بأن ينفذ قائد الدرك القرارات الصادرة عن ريفي، والتي لم يكن قد نفذها سابقاً، شرط أن تكون هذه القرارات لا تزال سارية المفعول. إذ إن بعض القرارات يقضي بفصل ضباط إلى قطعات معينة. وهذه القرارات تبقى سارية لثلاثة أشهر فقط، وهي تحتاج بعد ذلك إلى قرار من مجلس القيادة من أجل تمديدها. وبالتالي، فإن بعضها ربما أصبح بحكم الملغى «بمرور الزمن».

ومن ناحية أخرى، تقرر أن يدخل العميدان عدنان اللقيس ومحمد قاسم على خط «الوساطة» من أجل محاولة التقريب بين وجهتي نظر كل من ريفي وشكور، وهما سيقومان بمسعى في هذا الإطار اليوم. وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن قد ظهرت بوادر لحل الخلاف. وذكرت مصادر أمنية رفيعة أن ريفي متمسك بالكتاب الذي أرسله، ولن يقبل بالتراجع عنه.

شكور: الظلم وسلاح القانون

العميد شكور نفسه رفض الإجابة عن أسئلة «الأخبار»، وقال إنه يجب الحصول على إذن من وزير الداخلية، ولما أفدناه بعدم توافر الأمر، قال: «ليس لديّ سوى القانون ولن أخالفه ولو أنني في موقع المصاب بالغبن». لكن قصته مع اللواء ريفي ومع زملاء له في مجلس قيادة قوى الأمن وما يحصل داخل قيادة الدرك نفسها، باتت على كل لسان في المؤسسة التي باتت تعرف اليوم بـ«الرجل المريض». وهي التي تواجه أكثر المراحل صعوبة في تاريخها الحديث، بعد التحول الاستثنائي الذي طرأ على موقعها داخل النظام الأمني ـــــ السياسي اللبناني إثر تولي تيار «المستقبل» الإشراف الفعلي على الجزء الأبرز من قرارها التنفيذي. وبات كثيرون في الدولة ولدى الجمهور لا يتعاملون معها على أساس أنها مؤسسة تحظى بإجماع عام. وهو ما يجعل عاملين في المؤسسة يفكرون في مغادرتها، إذا ظلت الأمور على هذا النحو.

الواضح بحسب الضابط المتابع لقصة شكور، أن مشكلته بدأت مثل غيره من ضباط القيادة بسبب شعورهم بأنّ هناك فئة تريد السيطرة على المؤسسة، وأن كل المشكلات التي كانت قائمة في المؤسسة أيام الوجود السوري استمرت مع فارق «أن فريقاً لبنانياً قرر التحكم بالمؤسسة وخلق أمر واقع خلافاً للقانون». يضيف: «بعد تسلم اللواء ريفي إدارة قوى الأمن الداخلي، والشروع في تعزيز فرع المعلومات ونقل الضباط والعناصر إليه ورصد الموازنات الكبيرة له، شعر كثيرون في قيادة قوى الأمن الداخلي بأنهم أمام خيارين: إما التزام قرار القيادة وإما الرحيل».

يضيف المصدر: عندما عيّن شكور قائداً للدرك، كان يشعر بأن هناك أزمة مرجعية تمنع مخالفة القانون، وأنه لمس الأمر للمرة الأولى عندما أجرى تشكيلات لرؤساء المخافر وحصلت ضجة في مجلس الوزراء، حينما اعترض الوزيران بيار الجميّل ونايلة معوض واتهما شكور بأنه موالٍ لطرف مسيحي معارض. يومها أرسل وزير الداخلية في حينه حسن السبع في طلب شكور وقال له إن قراراتك كادت تسبب استقالة وزيرين بارزين، وعليك إعادة النظر في القرار. وأشار السبع أيضاً إلى أنه معنيّ بالأمر ويجب سؤاله إذا كانت هناك وجهة لتشكيلات، لأنه يمثل جهة سياسية لديها مصالحها. يروي الضابط: «وقف شكور وأجاب وزير الداخلية بأنه يقوم بما تمليه عليه صلاحياته. ولو كان يريد استرضاء مرجعيات سياسية وطائفية لما ترك الجميّل ومعوض يعترضان، لذلك فهو يعتذر عن عدم تلبية طلب الوزير والقرار نفذ وانتهى الأمر».

الرواية يرفضها آخرون في قوى الأمن ممّن يتهمون شكور بأنه سعى إلى «نيل رضى مرجعيات مسيحية من الرئيس السابق إميل لحود إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير، وصولاً إلى العماد ميشال عون، وأنه قام بزيارة عدد كبير من المرجعيات، بما في ذلك مرجعيات إسلامية». لكن الضابط ـــــ المصدر ـــــ يقول إن شكور قام بهذه الزيارات، لكنه لم يكن يقصد سوى شرح الظروف التي يعمل في ظلها. يضيف: «لو كان شكور يتمتع بتغطية من هذه المرجعيات لما تعرّض لهذه الحملة المستمرة عليه التي يراد الآن تتويجها بإخراجه من موقعه وإرساله إلى البيت».

ابحث عن المعلومات؟

بحسب المصدر نفسه، فإن المشكلة الرئيسية لشكور هي في أنه واجه «استراتيجية واضحة يقودها اللواء ريفي بمعاونة ضباط كبار في العمليات والمعلومات والشرطة القضائية، وأن هؤلاء يريدون تعزيز قطعاتهم على حساب الدرك، ويرمون بالمسؤولية عن

طُرِحَت عدّة مبادرات للحل من دون وجود ما يشير إلى حلّ قريب

خصوم شكور يتهمونه بمخالفة أوامر رؤسائه وبالاستنسابية في تنفيذها

تؤكد أوساط قائد الدرك أنه يرفض تنفيذ القرارات المخالفة للقانون

الأخطاء على الدرك». يضيف متهكماً: «المواطن عندما يصادف شرطياً يقول إنه قابل دركياً، أو جاء الدرك إلى منزلنا اليوم، أو أوقف الدرك فلاناً، أو خالف الدرك هذا القرار. لكن حقيقة الأمر، أن من ينتشرون على الأرض ومن يقومون بغالبية هذه الأعمال هم عناصر في الوحدات الأخرى. وقد خُفض عديد الدرك وانعكس الأمر مشاكل في المخافر وعلى مستوى خدمة المواطنين، ونُقل 2000 ضابط وعنصر إلى فرع المعلومات غير الشرعي. وفي الاجتماعات المتتالية لمجلس القيادة لبحث الأمر، لم تكن الأمور مناسبة لفريق ريفي ـــــ الحسن، وقد كان شكور أبرز المعترضين، والضباط الشيعة بدأوا يظهرون اعتراضاتهم ربطاً بالانقسام السياسي في البلاد».

وبحسب مصدر مدني في وزارة الداخلية، فإن «مشكلة العميد شكور ترتبط في أنه لا يلتزم الأوامر التي تأتيه من السلطات الأعلى منه، وأنه يضع في دُرجه عشرات الأوامر والقرارات التي صدرت عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، وأن اللواء ريفي صار في الفترة الماضية يشعر بأنه ليس مسؤولاً عن العميد شكور، وأن هذا يتمرد على القرارات. وهو أمر ينعكس على صورة المؤسسة وسمعتها».

لكن الضابط ـــــ المصدر يردّ على هذه الحكاية بالقول: «يتلقى العميد شكور أوامر وقرارات مخالفة للقانون، وهو مسؤول عن السجون، لكنه لا يعرف ماذا يجري في بعض السجون، وقد تلقى أخيراً قراراً بإخلاء سبيل موقوفين، لكنه لم يعثر عليهما في كل سجون الدولة، إلى أن اكتشف أنهما لدى فرع المعلومات في سجن غير شرعي». يضيف: «لقد حصل نقاش نقدي عن واقع السجون، لكن ليس هناك من يريد المساعدة. وعندما نطلب فتح التحقيق مع ضباط أو عناصر سببوا مشكلات لكل قوى الأمن الداخلي، كان اللواء ريفي يرفض إخضاع ضباط وعناصر المعلومات لهذا التحقيق، وفي إحدى المرات أبلغ شكور رسمياً أنه لن يُخضَع أي ضابط أو عنصر من المعلومات لأي تحقيق، لأن في ذلك ما يضرب معنويات هذه الوحدة ويؤثر في عملها».

ويلفت الضابط إلى أن عدم توافر قواعد عمل واضحة وشكوى شكور الدائمة من مخالفة القوانين، «أثرا في جهود الدرك في مواجهة الفساد المستشري في إدارات رسمية كثيرة تعني القطاع العقاري، حيث يتولى الدرك متابعة ملف مخالفات البناء. كذلك الاعتداء على الأملاك العامة وخصوصاً البحرية منها، وأنه يوجد على طاولته عشرات الملفات التي تطاول جهات رسمية، ويجب أن يكون هناك جهة تتولى التحقيق والتوصل إلى نتائج عملية». لكن شكور، بحسب الضابط ـــــ المصدر، يشعر بأنه «وحده في هذه المعركة، وهو غير متأكد من أنّ المسؤولين السياسيين عن قوى الأمن الداخلي يهتمون فعلاً بالإصلاح الشامل، وخصوصاً أن نظرية الاستعراض الإعلامي باتت سمة لدى بعض قطعات قوى الأمن الداخلي وبإشراف الجهات المختصة. وهو أمر يعرفه الجميع في قوى الأمن، ما يزيد في إحباطهم، ومن هؤلاء شكور نفسه الذي لن ينفذ أوامر غير قانونية، وهو لا يستبعد إبعاده عن منصبه في أي لحظة».

------------------------------------------------

المعارضة تحمي شكّور وبارود يرفض «العلاج المجتزأ»

الأخبار 19-10-2009

قفز الملف المتشعّب لقوى الأمن الداخلي إلى الواجهة السياسية، مع تسارع الأحداث داخل مكاتب المديرية، وفي الاتصالات السياسية التي توسعت أمس. وتفيد المعلومات بأنّ كرة الثلج ما زالت تتدحرج وتتجه نحو مكتب قائد الدرك، وقد تعرّج على فرع المعلومات تحت عنوان شرعيته

«مشكلة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ككل، أُجِّلت للمناقشة بعد أسابيع قليلة، فإما تسوية تُقَرّ في مجلس الوزراء وإما تعطيل للمديرية بوحداتها كلها». هذه الخلاصة قالها مسؤول كبير لـ«الأخبار» أمس، بعد نهار طويل من الاتصالات التي لم تستثنِ أحداً من الأقطاب، في ضوء الأوامر التي أصدرها اللواء أشرف ريفي إلى قائد الدرك، العميد أنطوان شكور، والتي تضمّنت «تلويحاً» بإجراءات مسلكية تصل إلى حدّ التوقيف في حال عدم تنفيذ الأوامر.

ومن صباح أمس، انطلقت الاتصالات على خطين: الأول، لإتمام مصالحة تمنع تفجّر الأمور أكثر، وهو شمل القيادات المعنية داخل المديرية وسلطة الوساطة والرئاسات الثلاث. والثاني، شمل قوى المعارضة التي أعلنت وقوفها خلف العميد شكور، رافضةً التعرض له، وترجمت موقفها برسائل وصلت إلى المعنيين.

ومع أن الرئيس سعد الحريري لم يكن يرغب في حدوث هذه المشكلة قبل أن يبدأ ممارسة مهماته رسمياً، فإن مسؤولاً رفيعاً أبلغ «الأخبار» أن الحريري لم يكن يمانع الإجراءات التي اتخذها ريفي، وأنه بحث وضع مجلس قيادة الأمن الداخلي مع عدد من الوزراء، مقترحاً تعديلات وتغييرات، بينها ما يشمل النظام الداخلي، بحيث يُعدَّل التصويت باتجاه اعتماد النصف زائداً واحداً بديلاً من الآلية القائمة، التي تتطلب أصوات ثمانية من 11 عضواً يؤلفون مجموع أعضاء المجلس. لكن الأجوبة التي تلقاها الحريري دلّت على عمق الأزمة القائمة.

من جانبه، أبلغ وزير الداخلية زياد بارود الجهات المعنية رفضه الحلول المجتزأة المعروضة، وأنه لن يقبل بأي إجراء يُتَّخَذ بحق أي ضابط، وخصوصاً شكور، وأنه مستاء من لجوء ريفي إلى قراره من دون إعلامه به، وهو ليس أمراً عادياً. وقال بارود لسائليه من الجهات كلها إنه يستغرب بشدة التوقيت الذي أُثيرت فيه القضية، وخصوصاً أنّ الحكومة لم تنل الثقة بعد، وهي غير قادرة على اتخاذ أي قرار، وأنه يملك تصوّراً متكاملاً لمعالجة كل المشكلات التي تعانيها قوى الأمن الداخلي.

وكان الرئيس ميشال سليمان قد تابع الملف واستمع من بارود إلى تفاصيل الاتصالات الجارية وتصوره للحل، واستمع كذلك من شكور لخلفية ما يحصل، وأبلغه تضامنه معه ورفضه أي إجراء استنسابي، بحسب زوار سليمان.

على الصعيد السياسي، كانت المشاورات بين قوى المعارضة التي شملت الرئيس نبيه بري وحزب الله والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية قد أفضت إلى رفض محاولة إطاحة العميد شكور في ظل الخلاف القائم على مسائل كثيرة داخل قيادة قوى الأمن الداخلي، وقد أُجريت سلسلة اتصالات مع قيادات في فريق 14 آذار إلى جانب ريفي وضباط قريبين منه، لتوضيح موقف المعارضة المتضامن مع شكور والدعوة إلى علاج شامل للأزمة، وخصوصاً الوضع غير القانوني القائم الآن. وقد طلب الرئيس بري من ضباط كبار في قوى الأمن المبادرة إلى الاتصال مع اللواء ريفي والعميد شكور لمنع تفاقم الأمر. وقد جرى اتصالان هاتفيان بين شكور وكل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، علماً بأن الأخير تلقى اتصالاً من مسؤول رفيع مقرب من ريفي.

مخرج مؤقت

وذكرت مصادر من فريق اللواء ريفي أنه تشاور في الأمر مع رئيس الجمهورية، وعُرضَت مخارج للأزمة القائمة في ظل تمسك ريفي بموقفه ورفض شكور تنفيذ أي أوامر مخالفة للقانون. ولفتت المصادر إلى التوصل إلى اتفاق يقضي بالآتي:

ـــــ أن يرفع شكور كتاباً إلى ريفي يضم اقتراحاً بنقل الضباط الذين كان شكور قد أصدر قرارات بنقلهم إلى مراكز جديدة داخل وحدة الدرك، على أن يوافق ريفي على هذا الاقتراح ويصدره بقرار منه.

ـــــ أن يرفع شكور إلى ريفي كتاباً ثانياً يضم اقتراحاً بالقرارات التي كان ريفي قد أصدرها ولم يكن شكور قد نفذها. وفي هذه الحالة، يوافق ريفي على هذه المقترحات، مذكّراً بقراراته القديمة، فيعمد شكور إلى تنفيذها.

أضافت المصادر أن شكور طرح على رئيس الجمهورية قضية عدم قانونية «شعبة» المعلومات، وأن رئيس الجمهورية طالبه بعدم إثارة هذه القضية لأنها ستبحث على المستوى السياسي.

كذلك، كان العميدان عدنان اللقيس ومحمد قاسم قد عملا على خط التهدئة طوال يوم أمس، وقاما بعدة زيارات لمكتبَي ريفي وشكور. وقد تبيّن أن الأول مصرّ على مضمون كتابه، علماً بأنه كان قد طلب قبل يومين تجهيز سرية من وحدة القوى السيارة، بهدف «تعزيز قوة حماية ثكنة المقر العام للمديرية»، حيث مكتبه ومكتب شكور، إلا أن هذه السرية لم تصل أمس إلى مقر المديرية بحسب ما كان مقرراً.

عون لتحقيق شامل

وكان للعماد ميشال عون موقف من الأمر فتحدث عن «وجود تجاوزات في مديرية قوى الأمن الداخلي منذ زمن، وطالبنا بوزارة الداخلية لأن عندنا برنامجاً إصلاحياً لها، وأثناء التفاوض تركنا كل شيء وطالبنا بالإصلاحات الأساسية، لأن مجلس القيادة معطّل، وبحكم الحاجة، تمارَس القيادة من فرد. وثمة تجاوزات كثيرة من مدير قوى الأمن الداخلي لصلاحيات الوحدات الكبرى التي تُعَدّ معاونة ولها موقعها في القيادة والمسؤولية. أوامر بنقل صلاحيات من وحدة إلى أخرى وتلاعب بتكوين الوحدات عبر إضعافها أو تضخيمها وأشياء كثيرة. والحالة وصلت إلى مرحلة خلاف وتهديد لقائد الدرك، وهو ليس موظفاً عادياً، بل له موقع وصلاحيات، وعندما يختلف مع رئيسه هناك سلطة أعلى يحتكم لها». وطالب عون «وزير الداخلية بألّا يقوم بأي إجراء بحق أحد الضباط، وأن يخضع الجميع لتحقيق رفيع المستوى لتحديد المسؤوليات».

وبعد كلام عون، ورده اتصال هاتفي من ريفي. وبحسب مصدر مقرب من الأخير، فإنه أبدى ارتياحاً لتصريح عون، عارضاً شرح عدد من التفاصيل المتعلقة بسير العمل في المديرية له. وأضاف المصدر أن ريفي سأل عون في نهاية المكالمة عمّا إذا كان يرضى بأن يخالف ضابط ما أوامر رئيسه، فرد عون بتأكيد رفضه لذلك.

فرع المعلومات يوقف مشتبهاً فيه بالتعامل مع إسرائيل

أوقف فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مواطناً من بلدة تبنين الجنوبية، بعد الاشتباه بتعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية، بحسب ما ذكرت مصادر رفيعة في المديرية. وأكدت المصادر أن الموقوف (أ. ب. مواليد 1955) أقرّ بتعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية، لافتاً إلى أنّ مَن جنّده يدعى (ط. ع.) وهو أحد العملاء الفارين إلى فلسطين المحتلة. وأكدت المصادر أن فرع المعلومات كان قد بدأ بمتابعة أحد الخيوط التحقيقية قبل 7 أشهر، وأنه توصل قبل أيام إلى تحديد المشتبه فيه.

وبعد التأكد من هويته، اتُّخذ قرار بتوقيفه. ولفت مسؤول أمني رفيع إلى أن الموقوف ذكر أن مشغليه الإسرائيليين كانوا قد طلبوا منه التوقف عن نشاطه الاستخباري في نيسان الماضي، بالتزامن مع كشف الأجهزة الأمنية اللبنانية عدداً من شبكات التجسس. وأشارت المصادر إلى أن التحقيق مع الموقوف، الذي يعمل في مجال التدريس، ما زال في بدايته، وخاصة أنه أوقِف بعد ظهر أمس، ولم يبدأ التحقيق الفعلي معه قبل ساعات المساء الأولى، وأن المحققين كانوا يركّزون أمس على انتزاع اعتراف أوّلي من الموقوف، تمهيداً للتوسع بالتحقيق ابتداءً من اليوم.

تعليقات: