سناء محيدلي: عروس الجنوب

الشهيدة  سناء محيدلي
الشهيدة سناء محيدلي


سناء يوسف محيدلي - الثلاثاء 9 نيسان "ابريل" 1985

الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الثلاثاء الموافق 9 نيسان ابريل 1985 تعبر سيارة بيجو 504 بيضاء اللون ، الحاجز المقام في منطقة باتر - جزين في طريقها نحو الجنوب اللبناني ، و قد سبق للسيارة أن توقفت وراء الحاجز المقام للعبور نحو الجنوب ثم انضمت فيما بعد الى طابور طويل من السيارت ، و بعد عبورها الحاجز الاول لم تكمل السيارة طريقها بل سارت ببطء و دون ان ينتبه احد من جنود الاحتلال الصهيوني او العملاء لما يتقدم عليه الشهيدة سناء محيدلي ، التي كانت تقود السيارة و التي كانت تتجه بكل عزم و اصرار نحو قافلة عسكرية اسرائلية تتجرك في المنطقة ضمن اجراءات القيادة العسكريةالاسرائيلية لأخلاء معدات من مةاقعها في القطاع الشرقي من لبنان استعدادا لتنفيذ المرحلة الثانية من الانسحاب .

و قد لاحظ احد جنود العدو الصهيوني أن السيارة لم تكمل طريقها وفق ما اشار لها احد حراس نقطة التفتيش ، فاقترب منها محاولا التدقيق بهوية الفتاة التى كانت تقود السيارة و لكن كانت سناء محيدلي اكثر اصرارا و تصميما و سرعة ، فانطلقت بسيارتها باتجاه القافلة و اجتازت حاجزا حديديا موضوعا بشكل افقى امام مركز التجمع و امامه عوائق صغيره متعدده ، فاطلق حامية الحاجز الصهيوني رشقات من الرصاص باتجاه السيارة ولكن اصرار و عزيمة المقاومة الشهيدة كانت اسرع بالوصول الى تجمع القافلة و فجرّّت السيارة .

- البيان العسكري الاسرائيلي

الناطق العسكري الاسرائيلي اعترف بالعملية اثناء النشرة الاخبارية التى يذيعها رايو اسرائيل عند الساعة العاشرة ة النصف ليلا و قال المذيع أن خبرا طارئا قد وصله نقلا عن الناطق العسكري الاسرائيلي يقول : " ان ضابطين من الجيش الاسرائيلي قتلا وان جنديين آخرين اصيبا بجروح من جراء انفجار سيارة مفخخة في نقطة عبور باتر- الشوف في لبنان وان السيارة المفخخة وصلت من الشمال (بيروت) و انفجرت عندما اقترب جنود من حاجز اسرائيلي لتفتيشها" .

وكالات الانباء و مصادر حزبية في بيروتاجمعت على أن خسائر العدو كانت اكبر و ان عشرين جنديا قد قتلوا خلال العملية و دمر عدد من الاليات التى كانت تمر على شكل قافلة من مركز التجمع.

بيان جبهة المقاومة الوطنية

الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الثلاثاء 9/4/1985 قامت احدى مناضلاتنا الرفيقة الشهيدة سناء محيدلي بعملية استشهادية استهدفت تجمعا لقوات العدو على طريق باتر - جزين حيث كانت تتجمع اعداد كبيرة من الشاحنات و الدبابات و الاليات المجنزرة و العديد من المشاة المنسحبين من تلال الباروك و نيحا وذلك باقتحامها القوة العسكرية للعدو الصهيوني بسيارة بيجو 504 مجهزة ب200 كلغ من مادة ت.ن.ت الشديدة الانفجار .

و قد اوقعت العملية خسائر كبيرة في جنود العدو يقدر عددهم بحوالى 50 بين قتيل و جريح ، بالاضافة الى اعطاب و احراق عدد من الآليات.

و تعاهد جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية عروسة الجنوب الشهيده سناء محيدلي بانها ستلاحق العدو بالمزيد من العمليات الفدائية و الاستشهادية حتى يتحرر جنوبنا المحتل و شعبه الصامد من رجس الاغتصاب اليهودي ، هذا العدو الذي لن ندعه يرتاح حتى تحرير كامل ترابنا القومي .

ردود الفعل الاسرائيلي

# شمون بيرز

ان اسرائيل لا تعجز عن معالجة الاعمال لانتحارية التى يقوم بها عدد من الشيعة في لبنان ، انا نتخذ خطوات عديده من جانبنا في هذا الخصوص .

# اسحق رابين

لو تم التقيد بالقواعد المرعية لما حصلت الامور كما جرى بالامس.

عروس الجنوب

سناء يوسف محيدلي:

ولدت سناء محيدلي في بلدة عنقون قضاء صيدا ، (7 كلم من مدينة صيدا)جنوب لبنان ، في 14/آب/1968 والدها يوسف توفيق محيدلي . توفيت والدتهافاطمة و هي في الثالثة من عمرها ، و عاشت بعد ذلك في كنف والدها الذي كان ملتصقا بها بعد وفاة والدتها وتزوج بعد ذلك ليكون لسناء اخت واحده - عبير و ثلاثة اخوه هيثم و محمد و رامي, نمت سناء ميحيدلي في بيت و طني حيث كان والدها ممن يرفضون الظلم و القهر و الاحتلال كباقي اترابه ورغم تواضع العيش و الحياة خلال الحرب اللبنانية بقيت عائلة سناء تسكن بيروت و مرار الاحتلال تراود صبية تنظر الى مستقبل امة و ليس مستقبل فتاة .

عملت سناء في اوقات فراغها و بعد الدراسة في محل معد لبيع اشرطة الفيديو في منطقة المصيطبه - غرب بيروت و خلال عملها هناك قامت بتسجيل 36 شريط فيديو للشهيد و جدي الصايغ الذي نفذ عملييته ضد قوات العدو في منطقة قريبة من الموقع الذي نفذت فيه سناء عمليتها الاستشهادية، و بنفس المتجر ايضا قامت بتسجيل و صيتها عبر كاميرا للفيديو من نوع "في اتش اس" ، و وجهت من خلال التسجيل رسائل الى رفاقها و اهلها و اوصت بتسميتها عروس الجنوب.

وصية سناء محيدلي متلفزة

و في مساء اليوم الذي نفذت فيه سناء محيدلي عمليتها الاستشهادية اطلت على اللبنانيين عبر شاشة تلفزيون لبنان القناة7 لتعلن وصيتها بنفسها و التي قالت فيها : " انا الشهيدة سناء يوسف محيدلي ، عمري 17 سنة من الجنوب ، جنوب لبنان الجنوب المحتل المقهور ، من الجنوب المقاوم الثائر " . " انا من جنوب الشهداء ، من جنوب الشيخ الجليل راغب حرب ، جنوب عبدالله الجيزي ، حسن درويش ، نزيه القبرصلي ، من جنوب بلال فحص ، و اخيرا و ليس الاخير جنوب الشهيد البطل وجدي الصايغ ".

سناء محيدلي ، ابنة ال 17 ربيعا : تحرير الارض كان هدفها و الشهادة كانت قرارا و الانتقام للاطفال الذين قتلوا في الزرارية و حومين التحتا و جباع و كوثرية السياد و غيرها و غيرها كان اصرارا.

في العاشرة صباح يوم الأحد في 24 آذار 1985 خرجت من منزل ذوبها في المصيطبة بحجة شراء طلاء للأظافر, في طريقها أباغت عناصر حاجز أمني قرب المنزل, انه في حالة افتقادها عليهم إبلاغ ذوبها أنها لن تعود.

في السادسة مساء بدا البحث عنها عند الأهل والأقارب و الأصدقاء, من دون جدوى, ثم بدأت الاتصالات مع الأحزاب والأجهزة الأمنية ولا نتيجة.

وفيما كان الجيران يتوقعون ظهورها متزوجة سرا, كان الأب يوسف ( 39 سنة – مخلص جمركي ) والأم فاطمة حمية (30 سنة) والصديقات, يترقبون السماع بعملية بطولية ضد قوات الاحتلال فلقد أسرت سناء لصديقة قبل اختفاءها بثلاثة أيام بأنها ستقوم بعمل يتحدث عنها أهلها والناس بفخر واعتزاز, وان الكل سيقول بأنه كان يعرف سناء, فالعمل في محل تأجير أفلام الفيديو لم يكن طموحها وهدفها بيوم استشهادها وجدي الصياغ, تحدث طويلا وبحماس عن العملية الانتحارية وعن بطلها لا شقاءها الصغار: عبير (10 سنوات ), هيثم (8 سنوات) محمد (6 سنوات) وحتى رامي (سنتان) اجبر على سماع الرواية.

أتمنى أن تتعانق روحي مع أرواح الشهداء الذين سبقوني وتتوحد معهم لتشكل متفجرة تنفجر زلزالا على رؤوس جيش العدو.

أما في وصيتها التي كتبتها بخط يدها فجاء حرفيا

أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط أنا لم أمت بل حية بينكم أتنقل..اغني..

ارقص..احقق كل آمالي.. كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطلة التي قدمتها..

أرجوكم أقبل اياديكم فرداً فرداً لا تبكوني..لا تحزنوا علي. بل افرحوا اضحكوا

للدنيا طالما فيها أبطال.. طالما فيها آمال بالتحرير..أنني بتلك الصواعق التي طيرت

لحومهم وقذارتهم بطله...

أنا ألآن مزروعة في تراب الجنوب اسقيها من دمي وحبي لها...آه لو تعرفون إلى أي حد

وصلت سعادتي ليتكم تعرفون لكنتم شجعتم كل الذين سائرون على خط التحرير

من الصهاينة الإرهابيين.

مهما كانوا أقوياء إرهابيين قذرين, هم ليسوا مثلنا.. إنهم جبناء يطعنون من الخلف

ويغدرون، يتلفون شمالاً ويمينا هربا من الموت..

التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا تكون

ألأبطال...

إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف، لا تبكوا عليّ من هذه الشهادة

الجريئة، لا، لحمي الذي تناثر على الأرض سيلتحم في السماء..

آه أمي كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي عن اللحم، ودمي يهدر في تراب الجنوب.

من اجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة و الكتائب نسوا بأنهم صلبوا مسحهم.. أنا لم أمت هذه

واحدة و الثانية ستأتي اكبر و ستليها ثالثة و رابعة و مئات العمليات الجريئة..

فضلت الموت من أن يغرني انفجار أو قذيفة أو يد عميل قذر، هكذا أفضل و اشرف

أليس كذلك..

ردوا على أسئلتي سأسمع بالرغم من أنني لست معكم، سأسمع لان صوتكم وضحككم الجريء

سيصل إلى كل حبة تراب سقيتها بدمي. وسأكون صاغية هادئة لكل حركة، لكل كلمة تلفظونها..

اجل هذا ما أريد ولا تغضبوا علي لأني خرجت من البيت دون إعلامكم...

أنا لم أذهب لكي أتزوج و لا لكي أعيش مع أي شخص بل ذهبت للشهادة الشريفة الباسلة السعيدة..

وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب.

وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب
وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب


تعليقات: