محمد الحاج حسن (أبــو كامـــل)

عز عليّ البكاء في وداعك، يا آخر الأحباء، وقد كنت تؤنسنا بعد غياب آبائنا من رفاقك الذين ـ مثلك ـ حفروا مستقبلنا في الصخر.

لم تكن ماضياً في حاضرنا. كنت التجربة الناطقة، وكنا نجلس إليك نتعلم منك الحكمة ونحن نضحك. من قال إن الحكمة تشترط التجهم والعبوس. من قال إن الظرف يذهب بالوقار؟!

كنت، يا أبا كامل، مع رفاقك، ممن حفرتم طريقكم الى الغد بأظافركم معززة بإرادتكم الصلبة، لتثبتوا انكم لستم أقل اهلية من اولاد البكوات والذوات وأغنياء المصادفات. وهكذا اقتحمت العالم الموقوف على «النخبة» فارتقيت «من الصف» لتصير ضابطاً، ولتثبت جدارة لم يوصف بها اولئك الذين تهبط «النجمات» على اكتافهم من عل.

وكنتم كوكبة، تؤنس البلدة. لا ادعاء زعامة، ولا تصدر مجالس، لكن الناس كانوا يذهبون إليكم، الى عقولكم، الى صدوركم الرحبة، الى تجربتكم الغنية التي اكدت لكم ان الإنسان بجوهره لا بمظهره،.. فانتم قد عرفتم البلاد وعرفتم أهلها. اتسعت رؤيتكم فاتسعت صدوركم واتخذكم الناس مراجع بغير منة.

لقد عرفك نصف لبنان، وقد كنت في خدمة أهله..

ومؤكد أن الحزن يعم كل من عرفك، بحزمك، حين يلزم، بسعة صدرك حين تدرك ببصيرتك سبب الشكوى وتعالجها بحكمة من تعلم من الألم، وأحب الناس لأنه منهم.

إن سيرتك المميزة قد حفزت جيلاً على السهر لكي ننجح فنكون جديرين بكم، انتم الذين شقيتم لكي ينعم من يجيء بعدكم.

رحمك الله أيها الذي عاش إنسانا وهو فلاح ثم وهو دركي ثم وهو ضابط، وظل يحب الناس ويحبونه حتى النفس الأخير.

رحمك الله أيها النقيب الذي تقاعد ولم يتقاعس يوماً عن العمل في ما فيه منفعة الناس.

ي >

تعليقات: