سرقات على الحدود الجنوبية: أيّام السبت

مشهد من بنت جبيل
مشهد من بنت جبيل


عمّت موجة من القلق قضاء بنت جبيل أخيراً، بعد حدوث سلسلة من السرقات، استهدف القائمون بها منازل ومحالّ تجارية. وبدا لافتاً للمحقّقين أن معظم هذه الحوادث وقعت أيام السبت، وهو اليوم الذي تقام فيه أسواق شعبية في بعض القرى الجنوبية

بنت جبيل ــ

وصلت الجرائم الجنائية إلى الجنوب أخيراً. يبدو الخبر غريباً. اعتاد أهل المنطقة هناك، ولفترة طويلة، أن يكون الخطر عليهم من العدو الإسرائيلي فقط. تعرّضت قرى وبلدات بنت جبيل وعيترون ومارون الرّاس وعيناتا لسرقات بالجملة، في الأسبوع الأخير، كان آخرها وأغربها قبل يومين. تعرّض الصرّاف أبو يوسف العمّاري من بلدة عين إبل للسرقة في محلّ الصيرفة التابع له في بنت جبيل، قرب السرايا البلدية، حيث يقع مقرّ القوى الأمنية المختلفة. ويقول العمّاري إن شاباً وصبيّتين “حلوين”، دخلوا إلى محلّه التجاري، عصر الاثنين، بحجّة تحويل ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية إلى الدولار الأميركي، وقد بدا عليهم الثراء من خلال الألبسة التي يرتدونها. لكنهم لم يتكلّموا العربية بطلاقة، فشعر بأنهم أجانب. حاول التحدّث إليهم بالإنكليزية، فأجابه الشاب إنه تركيّ، ففهم أنّ في الأمر كذبة. لكن الصرّاف كان قد أخذ من الشاب مبلغ الثلاثمئة ألف ليرة حينها، وأعطاه المئتي دولار. فاجأه الشاب بلهجته المصطنعة بأنّه يريد مئتي دولار جديدتين غير باليتين. أمّا الصبيتان فحاولتا الدخول إلى ما وراء المكتب والقيام بحركات “استفزازية” للسماح للشاب بالسرقة. أصرّ الشاب على طلب مئتي دولار جديدتين فوضع يوسف كميّة من الدولارات على المكتب ليختار الجديدة منها، وهذا ما حصل. غادر الأشخاص سريعاً، وعدّ يوسف الدولارات التي بين يديّه، ليتبيّن له أنّ الشاب استطاع سرقة ثلاثة آلاف دولار أميركي. كانت هذه غلّة الصيف كاملةً، بعدئذٍ اختفى الشابّ بسرعة وخفّة تعبّر عن احتراف السارق. ويروي العمّاري أنه لجأ إلى مخفر درك بنت جبيل وأبلغ عن حادثة السرقة هذه، وعلم فيما بعد أنّ السارقين الثلاثة كانوا قد قصدوا في اليوم نفسه صرّافاً آخر في بنت جبيل محاولين سرقته، لكنّ الأخير انتبه لذلك، فطردهم بالقوّة. كذلك فإن السارقين الثلاثة سبق لهم أن دخلوا أيضاً أحد مصارف بنت جبيل في اليوم ذاته، وطُردوا منه لحركاتهم المريبة، ولأن الكاميرات الموجودة في المصرف التقطت صوراً لهم.

ويوم السبت الفائت، سجّلت سرقة في بنت جبيل من منزل علي الصّغير، بعدما استغل السارق عدم وجود أحد في المنزل، ليسرق مبلغ 3000 دولار. وفي اليوم ذاته سُرق منزل الطبيب حسّان عباس ومنزل والده أيضاً. يؤكد عباس: “كنت وعائلتي غائبين عن المنزل وعند عودتنا إليه وجدنا بعض أدوات المنزل مبعثرة أرضاً، واكتشفنا أنّ أحدهم سرق مبلغاً مالياً ومجوهرات من الذهب، وهذا ما حصل في منزل والدي أيضاً”. يتحفّظ عباس عن ذكر كمية المال المسروق. حصل الأمر نفسه في منزلين آخرين في البلدة منذ أسبوعين، وكان يوم سبت أيضاً، أي في يوم السوق الشعبي في عيترون. يشير مواطنون في المنطقة إلى أن هذا اليوم يساعد السارقين على القيام بفعلتهم، إذ تكون بعض المنازل فارغة بسبب ذهاب الرجال إلى عملهم والنساء إلى السوق للتبضّع. ولفت مسؤول أمني متابع لقصة السرقة الأخيرة في عيترون، إلى أن السارق كان يقود سيارة من نوع رابّيد بيضاء اللون (رقم لوحتها معروف)، وقد

تعرّض صرّاف من عين إبل لسرقة نفّذها شابّ وفتاتان «جميلتان»

استطاع يوم السبت الأخير أيضاً أن يسرق مبلغ 8600 دولار ومليون و400 ألف ليرة وبعض المجوهرات من الذهب من منزل المواطن ر.ع.، في حادثة تلت ثلاث حوادث سرقة حصلت في البلدة، فأحدهم تعرّض لسرقة ثلاثة ملايين ونصف مليون ليرة، وآخر سُرق من منزله مبلغ ثمانية ملايين، وآخر 800 ألف و400 دولار. ووفقاً للمصدر نفسه فإن “بعض النسوة استطعن مشاهدة السارق وهو يخرج من منزل ر.ع.”، فحصلن على رقم سيارة الرابيد التي كان يستقلّها، وأبلغن المجلس البلدي، الذي أبلغ الأجهزة الأمنية بذلك. كان حظّ السارق عاثراً، فبعد ما علم ر.ع. بالسرقة، شاهد سيارة السارق مصادفةً، على مقربة منه، وذلك أثناء وجوده في بلدة أخرى قريبة من عيترون، فما كان منه إلّا أن لحق به بسيارته، بعدما اتصل بالأجهزة الأمنية التي أقامت حاجزاً أمنياً سريعاً قرب مخفر درك بلدة جويا. وبعد مطاردة استمرّت أكثر من نصف ساعة، وقع السارق في قبضة القوى الأمنية. وبحسب مصدر أمني فإنه “تبيّن أن لوحة السيارة مزوّرة، وأن المشتبه فيه هو ي.ع. من بلدة عرسال البقاعية، ويقيم في بلدة جويا”، وحُوّل من مخفر جويا إلى مخفر بنت جبيل، الذي سلّمه بدوره إلى الشرطة القضائية في صيدا، ولم يعترف حتى الآن إلّا بأنه دخل أحد منازل عيترون وعثر على مبلغ 800 ألف ليرة في محفظة نقود وجدها داخل المنزل. لكن المصدر الأمني رجّح أن يكون للمشتبه به علاقة بسرقة المنازل الأربعة في عيترون، كما رجّح أن يكون له شركاء آخرون ساعدوه على ارتكاب عمليات السرقة هذه. وقد يكون له علاقة أيضاً بسرقات حصلت يوم السبت أيضاً في بنت جبيل وعيناتا ومارون الرّاس.

لقطة

تعرّض منزلان في بلدتي مارون الرّاس وعيناتا للسرقة أيضاً، وقد تبيّن للقوى الأمنية، أن المنزل المسروق في مارون الرّاس لم يُفقد منه إلّا جهاز تلفاز وبعض الأدوات المنزلية الأخرى، لأن السارق لم يجد مالاً ليسرقه، وإضافةً إلى هذه المصادفة، اكتشف المحقّقون أمراً طريفاً، في بعض السرقات التي وقعت في بلدة عيترون. تبيّن لهم أن المشتبه فيه كان يلجأ إلى إقفال غرف المنازل التي يدخلها بالمفتاح بعد الخروج منها، ويأخذ المفتاح معه. بدا فعله غير مفهوم بالنسبة إليهم، كأنه يهددهم بنيّته العودة إلى منازلهم. وبحسب مسؤول أمني مشرف على التحقيقات، فإن سيارة الرابيد التي أوقف المشتبه فيه عينه فيها، فعثر بداخلها على بعض المجوهرات من الذهب، الذي فُقد من منازل في عيترون.

لص «الويك أند»

يسهل انتقال الأخبار في البلدات الجنوبية، حيث تساعد طبيعة المجتمعات هناك على تناقل الروايات بين المواطنين. البيوت قريبة بعضها من بعض، والناس يعرفون بعضهم بعضاً، لقلّة عددهم، مقارنةً بالمدن الكبيرة. لكن في سياق موازٍ، لا تنجو هذه الروايات من التضخيم أحياناً، وهذا ما حدث في الآونة الأخيرة في قرى بنت جبيل، ما سبب قلقاً لدى الأهالي، وفي عيترون تحديداً، قبل أن تتبدّد المخاوف بعد القبض على المشتبه فيه الرئيسي بالقيام بهذه السرقات. وأشار مسؤول أمني، إلى أن الأهالي والتنظيمات المحلية ساعدوا القوى الأمنية، واستخبارات الجيش اللبناني، على الوصول إلى المشتبه فيه، كما ساعدوا على ملاحقته والقبض عليه، علماً بأن التحقيقات أظهرت أن الفاعل درس طبيعة المنطقة، فقد كان يسرق يوم السبت فقط.

تعليقات: