«النبـي يوسف» علـى «المنـار»: تصويـر وجـه النبـي فـي خدمـة إنجـاح العمـل

 من «النبـي يوسف»
من «النبـي يوسف»


قد نغفل أحياناً أننا في زمن العام 2009، ونحن أمام الشاشة نتابع أحداث قصة يعود تاريخها إلى ما قبل 1800 عام.

من هنا يبدأ الحديث عن المسلسل الإيراني المدبلج إلى العربية «النبي يوسف»، الذي تعرضه قناة «المنار». لا تركز استعادة التاريخ في هذا العمل على المضمون أكثر من سواه، بل تتم إعادة تظهير تلك الحقبة الغابرة، من براعة استكمال الأجواء المتعلقة بالديكور والدروع والاكسسوارات والملابس وحتى الأحذية بصورتها الرائجة قديماً. ولكن كل ذلك، هو نتاج عملية بحث وتقص من قبل فريق العمل مع محققين تاريخيين في مصر، حول عادات الناس آنذاك والبيئة الاجتماعية التي كانت سائدة يومها، بحسب ما قاله المخرج فرج الله صلاح شور في مقابلة تلفزيونية.

والمسلسل الذي استغرق تنفيذه سبع سنوات، بنيت من أجله مدينة في إيران بتكلفة إجمالية بلغت ستة ملايين دولار. وتبرز أهميته بالدرجة الأولى كونه أخرج القصة من القرآن الكريم إلى الشاشة، إذ لم تعد حبيسة نص ربما يحتمل في اجزاء منه أكثر من تأويل. أصبحت سيرة النبي يوسف في متناول الجميع، بقالب واقعي نابض بعيد عن الادعاء. وما هو خارج النص القرآني، تم تقصيه من خلال أحاديث شريفة، ومحاضر ونصوص تاريخية إسلامية وغير إسلامية، بحسب المخرج، فيما أتاح لنفسه هامش تصور بعض الأحداث، لا سيما في ما يتعلق بحياة يوسف في قصر العزيز، والصراع مع كهنة المعبد، بما ينسجم مع سياق الأحداث.

يسجّل لصلاح شور وهو كاتب السيناريو والمخرج في آن، قدرته على ترجمة رؤية موحدة لكل مفاصل العمل، على مستويي النص والمشهد. علماً انه تمكن من أن يعكس غنى سيرة يوسف وتنوع مراحلها، بأسلوب مشوق، بعيداً من فخ المراوحة والإطالة الذي تقع فيه غالباً المسلسلات الرمضانية.

واللافت أيضاً هو أداء الممثلين، وبعضهم يخوض التجربة للمرة الأولى. إذ يتبين الجهد المبذول لجهة تدريبهم على تجسيد الأدوار على مدى عامين، والعمل على تغيير هيئتهم بواسطة لعبة الماكياج.

كل ذلك يطرح تساؤلاً حول الانتاج الفني الإيراني، وذلك التفاوت بين ما هو تاريخي وما هو درامي اجتماعي الذي يبدو أقل جاذبية. ومن النقاط التي تسجل لمصلحة العمل ايضاً هو ذلك الهامش الديني الذي يتمتع به المخرجون الايرانيون، لجهة تجسيد وجه النبي يوسف عبر ممثل، وهو ما حدث سابقاً مع بطلة مسلسل «مريم العذراء». هو هامش غير موجود لدى مخرجين، أو حتى لدى قنوات تلفزيونية محافظة دينياً. وهنا يطرح تساؤل حول توجه «المنار» التي تعرض حالياً «النبي يوسف»، فيما كانت تموّه وجه ممثل دور النبي زكريا في مسلسل «مريم العذراء»! مع الإشارة إلى ان تمويه وجه يوسف كان ليبدو عبثياً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الروايات الكثيرة عن بهاء يوسف وجماله الخارق.

غير ان التحفظ الديني ربما انعكس في جانب آخر، وتحديداً من خلال تجنب جو الإغواء، في المشهد الذي يجمع بين يوسف وزليخة خلال محاولتها استمالته، عملاً بالآية الكريمة: «همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه».

علماً ان المسلسل الذي دبلج الى لغات عدة، منها الانكليزية والفرنسية والتركية والالمانية تميّز بنسخته العربية سواء لجهة انتقاء الأصوات أو دقة الدبلجة.

تعليقات: