تلفون سلمى

سلمى هي فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، لكنها تجاوزت سن الطفولة
سلمى هي فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، لكنها تجاوزت سن الطفولة


طفولة الأطفال عندنا في لبنان إلى أين؟

طفولة الأطفال ذهبت إلى غير رجعة!

سلمى ذات الوجه البشوش والعينين الحالمتين والشعر المنسدل على الصدر هي بطلة هذه الرواية القصيرة، الشديدة الحساسية..

سلمى معروفة جيداً في حيّنا بأناقتها وزينتها وتبرّجها..

هي ليست موظفة في مؤسسة ولا هي مندوبة أو بائعة تنفيذية لإحدى الشركات!

إنها فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، لكنها تجاوزت سن الطفولة عندما غزا حقيبتها الصغيرة ذاك الهاتف المحمول بشاشته الإباحية الملعونة...

لقد قلب هذا الجهاز الحديث طفولتها رأساً على عقب مما جعلها في عالم آخر، إذ تخلّت عن دبدوبها الصغير وابتعدت عن رفيقة طفولتها، صديقتها المفضلة، لعبتها الحلوة "باربي" التي كانت تعطيها كل أسرار طفولتها البريئة، كما أطفال الماضي، وهي الآن تستقبل عشرات المكالمات المسموعة منها والمقروءة من صبيان وصبايا عبر هذا الهاتف "اللعبة" من أناس يفترض بهم أن يكونوا أطفالاً في روزنامة الأيام أو في ذاكرة السنين وهم في الحقيقة ليسوا كذلك لأنهم تخلوا عن طفولتهم في سن مبكرة وتجاوزوا خط العودة واختاروا طريقاً، سهل عليهم سلوكها لكنها مجهولة المصير، تسللوا من خلالها إلى عالم آخر لا يعرفون من متاعبه ومخاطره شيئاً لأنهم غير مؤهلين بعد ليلعبوا لعبة الكبار، بينما الكبار يتمنون أن يعيدهم الزمن إلى طفولتهم من جديد ليعيشوا براءة الأطفال وأحلام الصغار...

سلمى الصغيرة هي، وكثيرات من مثيلاتها، هن اليوم يسرعن الخطى في أجواء الإنترنت نحو عالم واسع قد يضيع فيه الأطفال لأنه عرضة للفساد والإفساد مع هذا الجهاز الذي يسمونه الهاتف المحمول الذي له وظيفة أخرى مهمة يؤديها الكبار في تنقلاتهم وأعمالهم...

من ينقذ سلمى وأمثالها من هذا العالم العرضة إلى السقوط الأخلاقي؟

من ينقذ سلمى من عصر الهاتف المحمول الذي غزا مجتمعنا وشوّه براءة الأطفال؟

سلمى وأترابها هم الآن بين مطرقة طفولتهم الضائعة وسندان حياة الكبار..

فمن ينقذهم؟

أبو حسين علي عبد الحسن مهدي

هاتف: 840087 /07

تعليقات: