فنادق الدرجة الأولى اكتظّـت بالسيّاح ولا غرف شاغـرة

صيف بحمدون صاخب
صيف بحمدون صاخب


محطة بحمدون واجهة الاصطياف تعيش حركة سياحية استثنائية هذا الصيف..

تحضيرات لإقامة خيم رمضانية..

ومشاكل وصعوبات في الكهرباء والمياه وأسعار المحروقات..

تشكّل محطة بحمدون واجهة الاصطياف اللبناني كونها تستقطب أعدادا من السيّاح العرب من البلدان كلها الى جانب المصطافين اللبنانيين. فسوقها التجاري بدأ يضيق بالروّاد من الفجر حتى الفجر ويختنق بالازدحام الشديد البشري والآلي، ومع أنّ العجقة تنحسر في شارعين رئيسين الا أنّها تختصر التنامي الاقتصادي في السياحة والتجارة والحركة المصرفية، في سياق مجموعة من العوامل، لجهة موقع البلدة العريقة بماضيها السياحي، الى جانب عوامل أخرى لا سيما ورشة القيامة الحقيقية من كابوس الحرب التي مرّت على تلك المنطقة، الى الهجمة السياحية الواضحة على لبنان اثر الركود السياحي الذي خلفته فترة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إذ عاد السياح اليوم الى ربوع محطة بحمدون التي لهم فيها ذكريات لا تمحى.

تعيش محطة بحمدون اليوم صيفا صخب المدينة بألقها وعجقتها، فشارعها يقفله الازدحام اليومي الليلي بالسيّارات والمارة، مما ألزم البلدية لإتخاذ تدابير سير استثنائية لجهة تحويل وجهة السير عند بعض التقاطعات والاتصال المباشر والدائم مع عناصر الشرطة ورئيس البلدية، الذي أمّن بدوره عناصر من الجنس اللطيف كشرطة سياحية مهمّتها الاتصال المباشر بزائري محطّة بحمدون والسهر على راحتهم، وقد فاق عددهم الـ130 شاباً وفتاة توزعوا في شوارع البلدة التي تعج بالسيارات والمارة.

رئيس بلدية محطة بحمدون اسطه أبو رجيلي يُشرف مباشرة على سير الأمور خدماتياً، ويتابع كل شاردة وواردة فيجول منذ ساعات المساء في شارع البلدة الرئيسي متفقداً حركة السير، كما الحركة التجارية، وهو على اتصال مباشر بالمصطافين.

عشرة فنادق من الدرجة الأولى اكتظت بالسياح، ولا حتى غرفة واحدة في احداها شاغرة، في أكبر تجربة في لبنان عراقة ونهضة سياحية في قرية اصطياف من الدرجة الأولى.

رغم المشكلات كلها التي تُواجه المصطاف أو المجالس البلدية في قرى الاصطياف والتي هي من مسؤولية الدولة مُقارنة مع القدرات المحدودة للسلطات المحلية، فإن البلديات لا تملك قٌدرات الدولة، وربّما لهذا دقّ رئيس بلدية محطّة بحمدون أسطه أبو رجيلي ناقوس الخطر أكثر من مرة في السنوات الماضية من اجل إعداد موازنة مدروسة للنظر في تأمين المستلزمات للقرى والبلدات الجبلية من كهرباء ومياه وتعبيد وإنارة الطرقات لإنقاذ موسم الاصطياف قبل فوات الآوان. الا أن ناقوس الخطر لم يثنِ أبو رجيلي عن تأمين الكهرباء والمياه للمصطافين في فترات القطع، فكانت فكرة المولدات الكهربائية التي تغذّي الشارع الرئيسي والسوق التجاري.

ولأنّ الاصطياف هو الغاية والوسيلة التي تمكننا من تطوير ظروف العيش، وكل الدلائل تشير بحسب توقعات أبو رجيلي "اننا في صيف واعد اهم بكثير مما شهدناه السنوات الماضية، واعمال التحضير التي تزال قائمة على مستوى القطاعات التجارية والسياحية الى جانب الورشة التي اطلقتها البلدية مع وجود مؤسسات جديدة تعمل ليل - نهار لازدهار الموسم، تعكس كلها جواً إيجابياً. لذا فإن موسم الاصطياف هذا العام بدأ بمؤشرات ممتازة، تستعيد بالذاكرة ما كنا عليه مع بداية صيف 2004، فحركة الحجوزات في الفنادق نشطت في الأسبوعين الماضيين ووصلت إلى حدود 80 و 90 في المئة، والشقق المفروشة تم تأجيرها بالكامل، والمحال التجارية شهدت تطوراً على مستوى الحركة، فضلاً عن المقاهي والمطاعم التي بدأت تُحضر للموسم هذا الصيف، في أجواء تُعيد إلى الجميع الثقة بهذا البلد ومستقبله، كل هذا والحركة الاستثمارية ناشطة في المجالات السياحية والإنمائية كلّها، وكأنّ هناك من يقول أنه رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها، فإن لبنان سيستعيد موقعه وحضوره، وهو قادر على جبه الصعوبات لأن من حق أبنائه أن ينعموا بالسعادة".

ولعل ما اورده ابن الكويت سعيد أحمد ناصر في رسالة وفاء وتقدير له عن محطة بحمدون هو خير شاهد على عراقة تلك البلدة اذ اراد من خلال كلمته "المقتضبة رسالة نابضة بالحب والخير، من دولــة الكويت الى محطة بحمدون، لأكون وفيّاً لهذه البلدة التي اصطفاها الله عزّ وجل، لتكون جنّة الانسان على الأرض.

فهواؤها دواء، ومناخها شفاء، وليلها ضياء. أمّا جمالها فيظل عابقاً بعطر الصنوبر، كيف لا ومحطة بحمدون رابضة بكبرياء على كتف وادٍ جميل حيث مدى الأشجار يمتد الى بحر بيروت في تناسق لا أجمل ولا أروع".

ويضيف المواطن الكويتي قائلاً: "لا يكفي التحدث عن جمال هذه البلدة وحسب، لأنّ الأمانة تقتضي منا أن نكون على قدر محبة اهلها، لأننا لم نشعر ولو للحظة واحدة بأننا بعيدون عن بلدنا، لا بل شعرنا ونشعر دائماً أنّ الكويت العامرة مُقيمة في قلوب أشقائنا اللبنانيين أيضاً وأننا شعب واحد تجمعنا محطة بحمدون في صيفها الرائع وصخب الحياة فيها على التواصل مع أشقاء وأخوة لنا".

محطة بحمدون تستقبل هذا الصيف عدداً من النشاطات من معارض الى ليالي فرح ورقص الى لوحات تراثية وفولكلورية. صيف مميز في بلدة طالما تميّزت بالاصطياف المميّز.

موسم استثنائي

رئيس بلدية محطة بحمدون أسطه أبو رجيلي تناول المؤشرات الواعدة على مستوى موسم استثنائي بدأت تلوح بوادره بشكل فاق التوقعات حتى الآن، واعلن بدء "التحضيرات لاقامة خيمة رمضانية لتكون حاضنة للاخوة الخليجيين"، وتوقف عند "الحاجات الملحة المفترض تأمينها على مستوى بعض المرافق الاساسية".

يضيف: "اجواء الفرح قائمة وسط حركة اقتصادية ممتازة جداً، بحيث ان المحال والمؤسسات تظل مشرعة ابوابها حتى ساعات الصباح، وكما تعلمون فان شهر رمضان الفضيل يبدأ في النصف الثاني من هذا الشهر، ولذلك، فاننا كمجلس بلدي بصدد وضع برنامج متكامل يلحظ حاجات الاخوة الخليجيين، من خيمة رمضانية ونشاطات ليلية، وهذه تجربة جديدة بالنسبة الينا، ونحن بالتعاون مع المجلس البلدي الرديف المؤلف من مصطافين خليجيين حريصون على تقديم كل ما يلزم والاخذ بأي اقتراح ضمن امكاناتنا المتواضعة كمجلس بلدي، لكي يشعروا خلال هذا الشهر المبارك انهم في بلدانهم".

يوضح "هكذا ستكون لنا لقاءات مع المجلس البلدي الخليجي الرديف لمجلسنا، وهناك تنسيق حيال كل القضايا، لاننا نعتبر المصطافين الخليجيين، من ابناء هذه البلدة وليسوا ضيوفاً عليها، ونرفض كلمتي ضيف وزائر، وكما هم يعاملون ابناءنا في الخليج علينا ان نرد الجميل بمثله، فهم يؤمّنون لهم فرص العمل وهذا اقل ما نقوم به تجاههم".

وينوه ابو رجيلي "بشركة طيران الشرق الاوسط بشخص مديرها محمد الحوت وبجميع العاملين فيها. الخدمة الممتازة تبدأ في الجو على جناح الارز، ويقول لي الخليجيون أن المعاملة الممتازة تعتبر فريدة من نوعها في العالم".

وعن قطاع الكهرباء، يقول ابو رجيلي: "ساعات التقنين تراوح بين 12 و14 ساعة يومياً، والبلدية أمنت مولدات خاصة، بحيث لا يشعر من يقصد بحمدون بانقطاع التيار، لكن المشكلة تعتبر عامة، ذلك انه لا بد من تأمين الكهرباء الى المناطق اللبنانية كلها، ولا تنتهي المشكلة بتأمين بدائل على مستوى بحمدون وحسب، وهي تتطلب حلا شاملاً، وهنا نشير الى ان ثمة امتيازا خاصا لكهرباء بحمدون، واصحاب الامتياز على استعداد لتأمين مولدات خاصة لتوزيع الكهرباء عبر الشبكة شرط السماح لهم من الدولة".

وأكد "اننا قادرون من خلال السياحة على وقف الهجرة"، وتساءل "ما معنى ان يحضر مليونا سائح ويهاجر مليون لبناني؟".

وعن مشروع ربط بحمدون بآبار بمريم في المتن الاعلى، يقول: "لم ينجز حتى الآن، والمياه تصلنا كل اسبوع نحو 14 ساعة، وكل المؤسسات السياحية بدأت تعاني، فكل فندق يحتاج يومياً الى 1500 دولار ثمن مياه ومحروقات لتشغيل المولدات".

وعن حفر آبار ارتوازية لسد حاجة البلدة، يقول ابو رجيلي: "نحن في منطقة جردية، واكد لنا الخبراء ان مثل هذا المشروع ليس مجدياً، والمياه الجوفية قليلة، ولا بد من حلول اخرى".

وعن خدمة الانترنت السريع، يقول: "للاسف غير متوفرة حتى الآن، يتحدثون عن قطاع الخلوي وارقام مميزة ومزادات علنية فيما مركز البريد الذي انشئ في البلدة منذ مئة سنة ما زال مقفلا، وبالنسبة للانترنت السريع طالبنا ونطالب لكن ليس ثمة آذان صاغية، ربما هناك نوع من الكيدية في الوزارة، لذلك نطلب من معالي الوزير أن ينظر مرة واحدة الى معاناتنا، حتى اننا كنا نتمنى لو ان بحمدون موجودة في قضاء البترون. وبالنسبة الى مركز البريد من حقنا ان نطالب باعادة تشغيله عبر : ليبان بوست".

وأكد أنه "رغم الثغر فان ذلك لا يلغي اهمية الموسم الحالي"، ونوه "بالجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية الذي رأينا الخير على وجهه"، ولفت الى ان كلّ "الشقق السكنية تم ايجارها، حتى ان بعض ابناء البلدة يستضيفون الاخوة الخليجيين في منازلهم في بيروت".

الحاجة أم الإختراع

صحيح أنّ "الحاجة هي أم الابتكار" ، لكن كيف إذا ما اقترنت تلك المقولة مع الذوق والنظرة المتطورة لبلدة نموذجية؟ هذا في الواقع ما عاينّاه في محطة بحمدون عندما رأينا كيف حوّل رئيس البلدية اسطة ابو رجيلي مستوعبات النفايات حديقة مصغّرة تُروى بالمياه يومياً وتحجب عن روّاد المدينة رؤية القمامة وسط شارع البلدة.

الفكرة ولدت لدى ابو رجيلي إثر وقوفه لمرات عدة خلال السنوات الماضية ليشاهد من على شرفة منزله منظراً كان يثير لديه الاشمئزاز وهو مستوعبات النفايات وسط شارع البلدة الرئيسي. ما العمل؟. " هذه من الأولويات، الأمر يحتاج الى ذوق ". هكذا كان يقول أبو رجيلي وهو يفكر.

ولأن العين ساهرة نجحت الفكرة فتحولت القمامة حدائق توزعت في أنحاء البلدة أدهشت الجميع بمن فيهم عمّال التنظيفات الذين لاقوا سُهولة في عملهم. وتمنوا لو أن هذه الفكرة تعم المناطق كلّها وتحذو البلديات حذو بلدية محطة بحمدون.

تعليقات: