البرامج الحوارية في «استراحة محارب» بعد الانتخابات

 ديما صادق
ديما صادق


«الأجوبة اللينة» تربك الإعلاميين.. وضيوف يعتكفون لغياب «الحوافز»!

مرّ شهر على الانتخابات النيابية التي انتهت على خير وسلامة. ساد الهدوء سياسياً برغم الاستحقاقات الصعبة المتمثلة أخيراً بتأليف الحكومة. لكن اللافت خلال الفترة المنصرمة بقي التغير في لهجة الإعلام اللبناني بعد حرب انتخابية شرسة. هذه الأيام يسجل المشاهد نقاشات هادئة إعلامياً تغيب معها الرسائل السياسية التي اعتاد السياسيون توجيهها من خلال البرامج الحوارية حيناً ومقدمات نشرات الأخبار أحيانا. وخلال أكثر من برنامج، بدا واضحاً ان هناك صعوبة يواجهها المحاورون للخروج بأجوبة تشذ عن المتوقع. تحدثت «السفير» مع زملاء شرحوا باقتضاب أجواء البرامج الحوارية التي يتولون تقديمها، وانعكاس الخطاب السياسي على مادتها الاعلامية.

تصف الزميلة سحر الخطيب من «أخبار المستقبل» المشهد السياسي بـ«الهادئ حتى اللحظة». وتلفت الخطيب إلى أنها، ومنذ انتهاء الانتخابات النيابية، تركز مع ضيوفها على المواضيع الإقليمية بعيدا ًمن الأجواء اللبنانية، وذلك لإيمانها «ان صورة الملف اللبناني اليوم غير واضحة»، مؤكدة أنها لم تواجه أي رفض أو اعتذار من أي ضيف بعد الانتخابات النيابية. تربط الخطيب بين الوضع الإقليمي واللبناني والنبرة في برنامجها الحواري: «أتناول الملفات الإقليمية المحيطة ضمن سقف التهدئة التي تؤثر بدورها على لبنان وأوضاعه الراهنة. فأنا كمواطنة وقبل ان أكون إعلامية أعلم ان الهدوء مطلوب عند الجميع، والبرامج الحوارية تكمل في فترات الهدوء السياسي ولا يمكن ان تتوقف، ولو انه يتم عادة توجيه الأسئلة والاستضافات نحو الملفات الاجتماعية، لأن أحداً لا ينظر إلى المواطن ويهتم به وبمشاكله أثناء احتدام الصراعات السياسية».

تقول الخطيب إنها تقف ضد مبدأ «الحلقة الساخنة بأي ثمن» فهي تعتبر انه من الضروري ان « تتكيّف الصحافة مع الواقع من دون إعداد حلقة ساخنة على حساب المواطن».

بدوره، يلمس الزميل عماد مرمل من قناة «المنار» ما أسماه «تغيراً واضحاً على مستوى اللغة الحوارية»، ما انعكس في برنامجه «حديث الساعة» بلغة «أقل حدّة» في النقاشات. يوافق مرمل على ان الهدوء المرحب به عند المواطن اللبناني التواق لفصل صيف مزدهر، انعكس على الإطلالات الإعلامية للسياسيين. إذ يكشف مرمل إن هناك ضيوفاً لم يحبذوا من قبل فكرة المشاركة في برنامجه، وهم شخصيات قريبة من «تيار المستقبل»، بينما يرحبون بالفكرة بعد انتهاء الانتخابات. في المقابل، يقول مرمل ان هناك من «يعتكف عن المشاركة في البرامج الحوارية لأننا في فترة تهدئة ولا يملكون حافزاً للظهور في هذا الجو». ويتابع مرمل «قبل الانتخابات كانت المواضيع تطرح ضمن جدول انتخابي، واليوم نناقش الاستحقاقات الدستورية.

الإدارة تتمنى علينا دائما مراعاة جو التهدئة وعدم الدخول في مسائل حساسة تستدرج الضيف الى مكان آخر».

من جهة أخرى، لا يعتبر مرمل موضوع التشكيلة الحكومية مادة تصعيدية «فنحن نناقشها بموضوعية لأنها لم تصل الى طريق مسدودة بعد». ويلفت إلى أن الجميع يحرص على التعامل مع الأمور بهدوء «بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة».

أما الزميل عباس ضاهر من قناة «ان.بي.ان» ، فيعترف أن العنوان السياسي الحالي وضع المحاورين في وضع مختلف تماماً عما كان سائداً قبل الانتخابات. يقول بصراحة: «واجهنا هذه الفترة مشكلة صعبة في ظل الترقب السياسي وتريّث القوى السياسية قبل اتخاذها مواقف معينة من خلال مشاركتها في البرامج الحوارية». وكما التجأت الخطيب إلى الملفات الإقليمية الساخنة بديلاً، اختار ضاهر حلاً آخر: «استضافة محللين سياسيين وصحافيين كبديل عن السياسيين». النقطة الأخيرة ليست سلبية بالضرورة على المشاهد بالنسبة إلى ضاهر الذي يعتبر ان تحليلات ضيوفه من غير السياسيين تأتي جميعها ايجابية في الوقت الراهن. ويختم: «نحن مرآة السياسيين الذين يفتقدون اليوم للمادة الدسمة».

من خلال استضافتها لعدد من وجوه المعارضة والموالاة، تلاحظ الزميلة ديما صادق من «أو.تي.في»، «انخفاض اللهجة التصعيدية خصوصا عند ضيوف من «تيار المستقبل»». هنا، تؤكد من عدم «معاناتها» من مشكلة في الحوار لكنها تعترف «الاجوبة اللينة تربكني كمحاورة». أما عند سؤالها عن ضيوف المعارضة فيتغير الوضع عند صادق، فتشير الى وجود أشخاص «يحاورون بلهجة مستفزة وهجومية، ما يضفي على الحلقة نوعاً من الحماسة».

وترى صادق أن موضوع تشكيل الحكومة يأخذ الشق الأكبر من الحوار اليوم بطبيعة الحال، لأن الحوارات تبحث دائما عما يجذب المشاهد من خلال شرح وتوسيع المعلومات التي توفرها الحلقة. وبرأي صادق هناك أسئلة معينة تبقى ضرورية قبل وبعد الانتخابات لكن الموضوع الإقليمي يأخذ حيزاً مهما في الوقت الراهن استناداً إلى المقولة الدارجة «كل ما تفقع بمحل بتوصل طرطوشة ع لبنان»!!.

سحر الخطيب
سحر الخطيب


تعليقات: