الشيوعي بعد تجربة الانتخابات: سنعيد تقييم علاقاتنا

قاعدة شيوعية تنتظر خطابا جديدا من قيادتها
قاعدة شيوعية تنتظر خطابا جديدا من قيادتها


بين الاصوات الداعية الى المقاطعة التي نادى بها البعض من قيادات الحزب الشيوعي قبل الانتخابات وبين تلك التي رجحت قرار المشاركة، دخل الحزب انتخابات السابع من حزيران بخمسة مرشحين توزعوا على دوائر، مرجعيون- حاصبيا، الكورة، بعبدا، زحلة والبقاع الغربي. وصف كثيرون آنــذاك قرار الشيوعيين بخوض الانتخابات منفردين بأنه "كالذي يسبح عكس التيار"، اذ انه وفي جو مفعم بالخطابات الطائفية والمذهبية والنبرة السياسية العالية، اصر الشيوعي على ترديد اغنيته التي يصر فيها على ضــرورة اصــلاح النظام السياسي القائم ونبذ تلك الخطب الطائفية.

فعل قانون 1960 الذي اعتمد القضاﺀ كدائرة انتخابية فعلته في مرشحي الشيوعي ومناصريهم.

واظــهــرت الاصـــوات التي حصلوا عليها في الدوائر حيث ترشحوا تراجعاً حاداً في مستوى التأييد الشعبي لطروحاتهم السياسية التي حفظها اللبناني عن ظهر قــلــب خــاصــة انــهــا تــتــردد على مسامعه قــبــل وخـــلال وبــعــد اي استحقاق انتخابي منذ ستينات القرن الماضي. وعلى هذا الاساس لم يستطع مرشح الحزب في دائرة البقاع الغربي، وهو الامين العام السابق فــاروق دحــروج، كما يبدو اقناع ناخبي الدائرة بطرح حزبه السياسي، فحصل على ما مجموعه 1797 من الاصوات فقط، ويرفض دحــروج عند الاتصال به التعليق على خــســارة الشيوعي، معتبراً انــه ينتظر تقييم الــحــزب لهذه الانتخابات.

لم تكن الخسارة المدوية لدحروج مغايرة عن بقية مرشحي الشيوعي.

فمثله كان مصير المرشح في دائرة زحلة جهاد المعلم، حاصداً 1001 صوت، اما المرشح طارق حرب في دائرة بعبدا فلم يقنع سوى 865 رفــيــقــاً، والامـــر ذاتــه يسري على مرشح الكورة سمعان اللقيس الذي توقف تعداد اصوات الفرز لصالحه عند رقم 553. ذاك الرصيد الشحيح من الاصوات لم ينسحب على نائب امين عام الحزب سعدالله مزرعاني، فبينت الارقام اقتراع 3353 ناخبا لصالحه، لا يمكن وضعهم جميعاً في خانة "الــرفــاق" بحيث حصل مزرعاني على المئات من اصوات السنة والــدروز والارثوذكس فيما تكفلت بلدته، حــولا وهــي معقل الشيوعيين في الجنوب بأعطائه اكثر من الف صوت دون منة من احد.

وحول سبب الخسارة الكبيرة وهي متوقعة بلا شك، يعتبر مزرعاني "ان هامش الاختيار عند الناخب اللبناني بات اقل نتيجة ظروف عدة، منها النفوذ المالي واستخدام موارد الدولة والامكانات الاعلامية لصالح القوى المهمينة، هذا من دون ان ننسى التدخلات الخارجية وما اكثر مصادرها، وهذه العوامل مجتمعة جعلت من المواطن ضحية التخويف والتهويل المتبادلين عليه". ويشير مزرعاني" الى ان الجانب الايجابي الوحيد في هذه الانتخابات بأنها مرت بشكل سلمي وديمقراطي، اما الجوانب السلبية فبدل ان تشكل خطوة الــى الامـــام قامت بتمديد الازمة وهي ستفضي الى مزيد من الانقسامات في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وآلية المشاركة وعليه سنتحاج الــى المزيد من التدخل الخارجي للخروج من الازمة وهو ما سيؤدي الى وصاية جديدة سواﺀ كانت مباشرة او غير مباشرة".

يــكــرر الــشــيــوعــيــون خطابهم القديم الجديد "بــأن هناك خللا في النظام السياسي اللبناني الذي يقوم بالاصل على فكرة التقاسم المذهبي والطائفي وهم يرون فيه استحالة بناﺀ الدولة". ويعتبرون "ان الديمقراطية في لبنان مشوهة وليست توافقية، اما المطلوب في المرحلة المقبلة فمتابعة الجهود الاصلاحية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل المعركة الانتخابية وبعدها وعلى رأســهــا قــانــون انــتــخــابــي يعتمد على النظام النسبي، وهــو يضمن وصول العديد من التيارات والقوى السياسية المذابة بموجب النظام الاكثري". اما المطلب الثاني الذي يــأمــل فيه الــرفــاق، فهو تشكيل الهيئة العليا لالــغــاﺀ الطائفية السياسية وهــي الــتــي اقترحها رئيس الجمهورية من الممكن ان تناقش مختلف القضايا العالقة وعلى رأسها الاستراتيجية الدفاعية وسلاح المقاومة الذي يجب ان يخضع للتفاهم الوطني.

يعترف مزرعاني ببروز ثغرات وصــعــوبــات حــالــت دون تــواصــل حقيقي للحزب مع جمهوره ويقول "نــحــن بــصــدد الــتــوقــف عندها، وسنعيد تقييم علاقاتنا السياسية، سنبقى فــي المعارضة ولكن ما اتضح لنا ان هناك عدة انواع منها، هناك معارضة للنظام السياسي الطائفي القائم وتوجهات البلد الاقتصادية ونحن نمثلها، وهي الاكثر جدية وهناك المعارضة التي فرضها الامر الواقع، فلا فرق بين فريقي 8 و14 آذار في اسلوب حكم البلاد". ويطرح مزرعاني خطة عمل الشيوعي في المرحلة القادمة" سنعزز استقلاليتنا وموقعنا الــخــاص خــاصــة انــنــا مــن الــقــوى التي لا تعتمد على الاستقطاب الطائفي والــمــذهــبــي، ويتكامل بطرحنا مــوضــوع الاســتــقــرار في البلد وهو يبدو بعيد المنال اذا لم تتحقق وحدة اللبنانيين وتحترم مؤسساتهم".

ورداً على ســؤال مــا اذا كان الــحــزب الــشــيــوعــي يــوافــق على المشاركة في اي جكومة وحدة وطنية او هيئة الــحــوار، يتمنى نائب الامين العام للحزب "ان يكون هناك اطــار نستطيع مــن خلاله تقديم افكارنا وطروحاتنا سواﺀ في الجانب الاقتصادي او الاجتماعي او سياسة البلاد عامة، كما ولدينا طلب بأن نكون في هيئة الحوار، وليكون التعامل معنا على اعتبار اننا خبراﺀ في مجال الاصلاح".

بالعودة الى مرحلة ما قبل الانتخابات اللبنانية، جرت مفاوضات بين الحزب الشيوعي والمعارضة على اساس اعطاﺀ مقعد مضمون له، وهي الحصة التي رفضها الحزب آنذاك. ويرد مزرعاني ذلك الرفض "الى الصراع الذي كان دائراً بين اقطاب المعارضة على المقاعد، كما انه ليس لديهم برنامج واضح، ونحن لسنا جزﺀاً من تركيبتهم، وان نخسر مقعدا او مقعدين افضل من ان نخسر انفسنا".

تعليقات: