عملاء يقيسون مزاج الشارع خلال حرب تموز


في اليوم الحادي والخمسين للحملة الأمنية على الشبكات المشتبه في تعامل أفرادها مع الاستخبارات الإسرائيلية، أوقف فرع المعلومات أمس مشتبهاً فيه جديداً في البقاع الغربي، فيما تكشّفت تفاصيل إضافية عن الدور الذي أدّاه أحد الموقوفين في جريمة اغتيال الشهيد غالب عوالي.

ودهمت دورية من فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي صباح أمس منزل هـ. ض. (مواليد عام 1972) في بلدة خربة قنافار في البقاع الغربي، واقتادته للتحقيق معه في بيروت. واعترف الموقوف، «بسرعة كبيرة» على حد قول مسؤول رفيع المستوى في المديرية، بأن الاستخبارات الإسرائيلية جندته للعمل لحسابها عام 1997. وذكر الموقوف أن شقيقه الذي توفي في العام المذكور بعد إصابته بمرض السرطان كشف له قبل وفاته بأيام أنه كان يعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، ناقلاً إليه طلب مشغليه بتجنيده. وبعد وفاة شقيقه، اتصل به الإسرائيليون وصاروا يرسلون له المال إلى أن أقنعوه بالعمل لحسابهم. ونفى الموقوف أن يكون قد دخل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى عام 2005. وحسبما نقل مسؤول رفيع عن اعترافات الموقوف، طلب منه مشغلوه الإسرائيليون حينذاك الانتقال إلى شاطئ جبيل، ففعل. وفي الوقت المحدد، وصلت قوة كوماندوس إسرائيلية أقلّته إلى زورق موجود خارج المياه الإقليمية. ومن هناك، نقل إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث خضع لدورة تدريبية على جهاز اتصال زوّده به الإسرائيليون، ليحل مكان الجهاز القديم الذي كان قد «ورثه» عن شقيقه المتوفى. وذكر الموقوف أنه تخلص من الأجهزة التي أعطاه إياها الإسرائيليون قبل نحو 10 أيام، مشيراً إلى أنه رماها في بحيرة القرعون.

وبحسب مسؤول رفيع المستوى في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، فإن الموقوف من أصل سوري ومولود في لبنان، ويحمل الجنسية اللبنانية، لكنه يتردد إلى سوريا بتكرار لزيارة أقاربه. ورجّح المسؤول نفسه أن يكون الإسرائيليون قد كلفوا الموقوف تنفيذ مهمات استخبارية في سوريا، وخاصة أن سجلات الحدود أظهرت أنه كان في عدد من زياراته يقضي أكثر من أسبوعين داخل الأراضي السورية. ولم يكن التحقيق قد حدد حتى مساء أمس بعد البرنامج الذي عمل الموقوف على تنفيذه لحساب الإسرائيليين.

■ قضية اغتيال عوالي

من ناحية أخرى، تفقد قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج شارع معوض في الضاحية الجنوبية، وبالتحديد المكان الذي اغتيل فيه القيادي في المقاومة الشهيد غالب عوالي عام 2004، وذلك لمحاولة التثبت من بعض ما ورد في إفادة المدعى عليه ناصر ن. (من بلدة الغندورية الجنوبية) عن دوره في التحضير لاغتيال عوالي. وذكرت مصادر مطلعة على التحقيق، لـ«الأخبار»، أن الموقوف عاد واعترف بأنه راقب عوالي حتى دقائق قليلة قبل استشهاده، علماً بأنه كان قد ذكر سابقاً أن دوره اقتصر على مراقبة تحركاته حتى الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل. لكن الموقوف عاد وقال إنه يوم اغتيال عوالي حضر إلى منطقة معوض صباحاً، وعندما خرج عوالي من منزله وتوجه إلى سيارته، اتصل الموقوف بمشغليه الإسرائيليين ليبلغهم بما جرى، فطلبوا منه مغادرة المنطقة. وقال الموقوف إنه بعد أقل من دقيقتين على ابتعاده من المكان، دوّى الانفجار الذي أدى إلى استشهاد عوالي. ويستمر الموقوف بنفي أن يكون هو من زرع العبوة الناسفة أسفل سيارة عوالي، أو أن يكون على علم بمن قام بذلك أو بمن فجّرها.

تجدر الإشارة إلى أن الموقوف كان قد اتخذ ساتراً لتحركاته في منطقة الضاحية من خلال التردد على أحد محالّ تجارة أجهزة الخلوي بالجملة لشراء بضاعة للمحل الذي يملكه في جونية. ويوم تنفيذ الجريمة، كان قد أدخل زوجته الثانية (الموقوفة معه) إلى أحد المستشفيات القريبة من الضاحية الجنوبية، وتوجه إلى شارع معوض لمراقبة الشهيد عوالي، وكانت حجته انتظار انتهاء الفحوص التي ستخضع لها زوجته.

■ التنسيق مع سوريا

وفي السياق، قال مصدر وزاري معني، لـ«الأخبار»، إن رئيس الجمهورية ميشال سليمان طلب من قادة الأجهزة الأمنية العمل على إعداد ملفات تخص التحقيقات التي شملت عمل المشتبه فيهم في سوريا والقيام بالاتصال بالجانب السوري وعقد اجتماع تنسيقي في هذا الشأن. وقال المصدر إنه طلب إلى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري، نصري خوري، تولي عملية التنسيق، علماً أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي كانت قد سلمت رئيس الجمهورية ملفاً أعدّه فرع المعلومات عن التحقيقات والمعلومات التي تخص سوريا والتي وردت في إفادات الموقوفين. ويفترض أن يسلَّم هذا الملف إلى الجانب السوري، لكن الأمر لم يحصل حتى الآن. وكان وزير الداخلية زياد بارود قد أشار إلى أن التنسيق مع سوريا بخصوص هذا الملف محصور بيد الجيش اللبناني.

■ قياس مزاج الشارع

إلى ذلك، اعترف بعض المشتبه في تعاملهم مع العدو، في التحقيقات الجارية معهم، بأن إسرائيل لم تكن تطلب فقط معلومات ذات طابع أمني أو عسكري. وأوضحوا أن البعض منهم كان مكلفاً إعداد تقارير عن الواقع السياسي والمزاج الشعبي في لبنان والموقف لدى الفئات الطائفية والمذهبية من المقاومة. وقال أحد هؤلاء إنه كان مكلفاً خلال عدوان تموز عام 2006 بأن يعمل على قياس ردة فعل الجمهور على العدوان والعمليات الحربية القائمة ضد حزب الله ومناطق انتشاره. وأوضح أنه قال لهم في برقية بعد أسبوع على انطلاق العدوان، إنّ في أوساط جمهور قوى 14 آذار مزاجاً مرحباً بالعدوان، وإنّ بعض الأشخاص من هذا الفريق يشيدون بلواء غولاني ويتمنون له الفوز بالحرب، وإنه في مرحلة لاحقة، بات هؤلاء يشعرون بالصدمة إزاء الأنباء الواردة عن فشل الجيش الإسرائيلي في المعارك.

تعليقات: