حلتا وضعها صعب بسبب الاهمال والأهالي يصرخون: هل نحن من هذا الوطن أم لا؟

يقتلون الوقت بلعب الورق
يقتلون الوقت بلعب الورق


مزرعة حلتا، التي ترتاح بين اشجار السنديان والصنوبر عند أقدام منطقة العرقوب والتابعة إدارياً لبلدة كفرشوبا التي تُطل عليها من الشرق، كانت في مطلع السبعينات تتألف من تسعة منازل، وكان سكانها كمعظم أهل العرقوب يتعاطفون مع المقاومة الفلسطينية في ذلك الحين. وذات يوم من العام 1976 انزل الاسرائيليون فريقاً من الكوماندوس عند الفجر وفجّر كل منازلها، وحتى اليوم لم يقبض الاهالي قرشاً واحداً تعويضاً عما حلّ بهم. الاّ ان ارادة الناس، خصوصاً ابناء هذه المنطقة، لم تستسلم لارادة القوة ولم تخشها، بل اعادت بناء المزرعة بيتاً بيتاً، حتى وصل عددها الى أكثر من مئة بيت.

الطرق فيها معدومة ولا أحد يلتفت. مجلس الجنوب وحده أمّن لها المياه على مدار الساعة من البئر الارتوازية التي حفرها قبل ثماني سنوات، أما الخدمات الاخرى فحدث ولا حرج. والسبب الأكثر وجعاً فيها هو كبر العائلات. فحسان عبد العال، الموجود في السجن منذ خمس سنوات بعدما قتل شقيقه غسان في "لحظة تخلٍ"، عنده من النساء أربعة ومن الاولاد 20 صبياً و13 بنتاً بعدما فقد 6 بنات و8 صبيان، اثنان منهم استشهدا من جراء انفجار قنبلة عنقودية. أما غسان، فله أربع نساء و29 ولداً، وكرامة عبد العال لديه 17 ولداً وهكذا دواليك... هذا الوضع منهك لاهالي هذه المزرعة، وهم يعتاشون من الزراعة ومن الماشية، لأنه لا يوجد سوى موظفين من هذه المزرعة في سلك الدولة، والاثنان في صفوف الجيش أحدهما مثبت أما الآخر فعلى قائمة الانتظار. وعنصر الشباب فيها عالي النسبة، ولا ينقصهم الا ان تستوعبهم الدولة في المؤسسة العسكرية، لأن ليس فيهم الاّ قلة قليلة يتعلمون خارج مدرسة الضيعة، والتي لا تصل صفوفها الى الشهادة المتوسطة، انما سقفها التربوي هو الصف الثامن. ولضيق اليد ينطلق هؤلاء التلامذة وهم في مقتبل العمر الى رعاية الماشية عند اطراف مزارع شبعا المحتلة.

يقول أحد أبناء المزرعة: "أنا وأهلي وأخوتي وعيالهم 123 صوتاً، نؤكد للجميع اننا لن نذهب الى صناديق الاقتراع في 7 حزيران المقبل، لأنو ما حدا عملنا شي، لا نواب ولا غير نواب. كلو ضحك عالدقون، يتذكروننا عندما تقترب الانتخابات". واضاف: "نحن نناشد الدولة بكل أجهزتها أن تلتفت نحونا لأنها مسؤولة عنا وعن أولادنا ومستقبلنا، ومن غير المعقول والمقبول أن نبقى مهملين الى هذا الحد، ونسأل ونتساءل هل نحن من هذا الوطن أم لا؟ القنابل العنقودية تملأ حقولنا، والكثير منها انفجر بأولادنا فقتل البعض وشوه البعض الآخر. انها مأساة أيها الناس، فارحموا من في الارض يرحمكم مَن في السماء...".

ويقول آخر: "أين التعويضات المستحقة لنا منذ العام 1976، وصولاً حتى عدوان تموز من العام 2006 وما بينهما من اعتداءات اسرائيلية علينا وعلى ممتلكاتنا ومواشينا... فهل من مجيب؟ سؤال تنبغي الاجابة عنه وبإلحاح... قبل أن تغيب شمس الحياة".

العرقوب - سعيد معلاوي

تعليقات: