خيارنا الى جانب المقاومة حسم مسبقاً


أعطت الأديان السماوية والشرائع والإتفاقيات الدولية والقوانين الوضعية الحق للإنسان بحرية الإختيار، ووضعت لهذا الحق ضوابط لممارسته بما يكفل عدم الإضرار بالنفس أو بالغير.

إن مناسبة هذا الكلام هو إقتراب موعد الإنتخابات النيابية في السابع من حزيران 2009، وبالرغم من أهمية هذه المناسبة الوطنية ودلالاتها العامة، إلا أن ما يهمنا منها بالدرجة الأولى، هو الشأن الجنوبي بشكل عام، والشأن الخيامي بشكل خاص، نظراً لطبيعة هذا المنبر الذي نطل منه على الناس وعلاقته بأبناء الخيام، ونظراً لارتباط الخيام بهذه المناسبة الوطنية العامة وأبعادها السياسية، ولما لها من إرتدادات على إمتداد الوطن، وعملية رسم خياراته السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية.

لا شك في أن لكل مواطن يستوفي الشروط القانونية أن يشارك في العملية الإنتخابية ترشحاً واقتراعاً، وهذا الحق مصون في الدستور وفي القانون، ويعود للمواطن ممارسة قناعاته في هذا الشأن.

إنما، وكرأي شخصي لا يلزم إلا من يتبناه، فإن الإقتراع لن يكون إلا على أساس سياسي يتجاوز الأفراد ويلغي كافة الحساسيات والمصالح الشخصية الضيقة، وبناء عليه نحن أمام التصويت لأحد مشروعين، أما المشروع السياسي والإقتصادي والإجتماعي لفريق 14 آذار، وأما التصويت للمشروع السياسي والإقتصادي والإجتماعي لفريق المعارضة. ومع الإعتذار من الذين يدعون الحياد والإستقلالية عن الطرفين ويطرحون أنفسهم كمستقلين، مرة باسم الديمقراطية، ومرة باسم الدين، ومرة باسم القومية أو المونة التاريخية، فعلى هؤلاء أن لا يخجلوا بإعلان انتمائهم الى أحد المشروعين، خاصة في وقت لم يعد ينفع معه دفن الرؤوس في الرمال، بعد ما عانيناه طيلة خمس سنوات من القهر والخوف والحروب المدمرةالمتتالية، والتي تجلت في ابشع صورها مع حرب تموز الإسرائيلية - الكونية ضد مدننا وبلداتنا وقرانا وأطفالنا وعائلاتنا، والتي ذقنا فيها مختلف أصناف الموت والتشرد، ولكن ذقنا مع نهايتها طعم العزة والنصر بفضل أبناءنا في المقاومة، وبفضل تضحياتهم الغالية من أجل رفعة هذا الوطن واستقلاله الحقيقي، في وقت كان أدعياء الحرية والسيادة والإستقلال يتآمرون على شعبنا ويساومون على رأسه في أسواق نخاستهم ويهددون بمحاسبته عند نهاية الحرب.

لا مجال للحياد في هذه المعركة المستمرة، وأهل الخيام أمام خيار من إثنين أما التصويت وبكثافة لمشروع المقاومة، وأما التصويت لمشروع الضم والفرز والشركات العقارية ومحبو الحياة في قصور الخصيان وأشباه الرجال وأسواق النخاسة. لا شك في أن خيار أبناء الخيام قد حسم مسبقاً الى جانب الخيار الذي شرفهم في مواجهة إسرائيل ومن خلفها، وهم لن يترددوا في إعلان ذلك.

أما لبقية المرشحين الأصدقاء فنقول لهم أن الإيديولوجيا قد تعيش بين الناس لوقت طويل ولكنها حتماً لن تعيش لحظة واحدة في ضمائرهم، أما المعارك الوهمية التي نختلقها بين الحين والآخر فما هي إلا ترف لا يسمن ولا يغني من جوع، في وقت يتهدد مستقبل وجودنا على هذه الأرض الطيبة بالإندثار والفناء.

لم ولن يكون هذا الخطاب لغرض إنتخابي رخيص، ولن يكون على خلفية مصلحة شخصية أو عائلية ضيقة، فتاريخنا المتواضع يشهد لنا على ترفعنا وعلى عصاميتنا، ويشهد لنا على ذلك أننا لم نتوسل يوماً خدمةً أو عطيةً أو تقرباً من أحد، ولم نقلل من إحترام أو مقام أحد ولكننا تعاملنا ونتعامل مع القضايا الخاصة والقضايا الوطنية والإنسانية بعين الصدق والحق، ولهذا نعلن إنتماءنا الى خيار المقاومة والتغيير والإنماء.

أما لمن يغرد خارج سربه الفكري والإجتماعي والوطني ويجهد في البحث عن أصوات تثبت له تميزه، فهي في الحقيقة لن تثبت له إلا غربته عن هموم أهله وتطلعاتهم نحو مستقبل آمن محرر من الخوف والحاجة والإذعان، فنحن لن نستبدل حريتنا وراحة ضميرنا بديمقرطية زائفة تفتقد لأبسط المفاهيم والمفاعيل الإنسانية وتغوص في وحل المال الملوث بلطخة العار ولطخة النفط الأسود. إن الإلتفاف حول أهلنا والتخفيف عن معاناتهم والعيش مع هواجسهم وتطلعاتهم هو أقصر الطرق نحو إقناعهم بالتغيير نحو الأفضل، أما غير ذلك فهو ضرب من غباء... لكي لا نقول أكثر من ذلك، ولهذا الكلام مجالس أخرى أكثر خصوصية.

أحمد محمد حسان

تعليقات: