كيف تمت عمليات كشف الشبكات وملاحقة العملاء؟

عباس ناصر
عباس ناصر


فــرع المعلـومـات: «عملنـا ليـس لتقـديـم أوراق اعـتماد»..

لماذا الان؟

سؤال شائع في لبنان، عمره من عمر السياسة في هذا البلد المأزوم دوما. سؤال يستبطن تشكيكا دائما في أبعاد أي حدث، ويفترض تلازما متعمدا بين الحدث، وبين نوايا سياسية او طائفية مضمرة، تحسن اختيار اللحظة التي تجير الحدث وتداعياته لفائدة مشروعها السياسي او الطائفي، وهما (الطائفية والسياسة) أمران غالبا ما يكونان متطابقين في لبنان الطوائف.

هكذا نُظر الى الكشف عن شبكات التجسس من قبل «فرع المعلومات»، بسوء ظن. فقد جُوبه «الفرع» بالسؤال ـ التهمة، لماذا الآن؟ ورُبط هذا السؤال بمجموعة فرضيات تحاول الاجابة بالسياسة، عن حدث يفترض انه امني ووطني.

انزل معارضون على «الحدث ـ الانجاز»، محاكمة سياسية، انطلاقا من تشكيك راسخ لديهم بكل ما يقوم به هذا الفرع، الذي يعتبر «بالحسبة» اللبنانية، ذراعا امنية لجهة محددة في السلطة، هي قوى الرابع عشر من اذار، وتحديدا تيار المستقبل، تعمل وفقا للتقويم السياسي الذي تحدده هذه القوى.

كيف تأسس فرع المعلومات؟

أسس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي عام 1993. لكنه لم يحشر تحت مجهر السياسة، ذلك ان الأمن برمته في ذلك الزمان كان ملزّما برضى لبناني واقليمي وحتى دولي، «للشقيقة» سوريا. كانت التقسيمات الامنية تراعي توزيعا، شكليا في الغالب، التوازن الطائفي. لكن الهدف بقي تأمين السيطرة على المؤسسات الامنية كافة، من خلال رؤية شاملة لكل ما هو امني.

لا أحد يذكر إنجازا أو حتى مجرد حدث لفرع المعلومات في ذلك التاريخ، يدخله في ذاكرة اللبنانيين الانتقائية أصلا. الحادثة الأبرز التي صوبت بعض الضوء على «فرع المعلومات» كانت في 6 نيسان عام 2003، عندما كان الفرع برئاسة المقدم منذر الأيوبي في عهد الياس المر وزيرا للداخلية. ففي اليوم الذي صادف سقوط عاصمة الرشيد «بغداد» في قبضة المحتل الاميركي، علا اسم الفرع عندما وفق في الكشف عما يعرف بشبكة «الماكدونلدز». حيث تم توقيف خلية من طرابلس مرتبطة «بالإرهاب»، زعيمها يمنيّ قريب من القاعدة، كان يقيم في مخيم عين الحلوة.

بعد اقل من عام، عاد فرع المعلومات إلى الاضواء مجددا، من خلال قضية «اسماعيل الخطيب» الشهيرة، في 27/9/2004. والتي اليها يرجع الخلاف، على الاقل العلني، بين الوزير الياس المر وبين اللواء رستم غزالي الذي كان يدير الأمن والسياسة وقتها. في ذلك التاريخ توفي الخطيب اثناء التحقيق معه بتهمة التحضير لتفجير السفارتين الايطالية والاوكرانية، بعد ان كان سجلّه حافلا بحسب «امن ذلك العهد» بإرسال مقاتلين الى العراق.

حتى تلك اللحظة كان «فرع المعلومات» جزءا من المنظومة الأمنية الرائجة حينها. ولم يكن للفرع تاليا، اي تميز عن إخوته من الأجهزة الامنية، اللهم إلا لجهة تواضع حوله وقوته أمام اجهزة ذاع صيتها، كالأمن العام ومخابرات الجيش.

في 1/10/2004 جرت محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة. فهم وقتها ان البلاد قد دخلت مرحلة سقطت فيها بعض «محرمات» العهد القديم. كان الفرز السياسي في ذلك الزمن قد استقام في فريقين، احدهما مستمر في ولائه لسوريا، واخر كان قد بدأ يرفع الصوت في وجهها، تحت عنوان عريض سمي «لقاء البريستول» الذي ضم القوى المعارضة لسوريا الى جانب وليد جنبلاط، ورفيق الحريري الذي ساءت علاقته بالسوريين الى أبعد حد (وان لم يكن قد اظهر بعد مواقف مناوئة لها علنا، كما فعل غيره).

كان على الفريق المتضرر من سياسة دمشق وأمنها في لبنان، أن يبحث عما يحصنه. وقعت الواقعة في 14 شباط 2005 عندما اغتيل الحريري، واختلطت الاوراق، وصار العالم كله معنيا بالدفاع عن فريق كانت «أولياته الدفاعية» لم تكتمل بعد.

مع استنفار العالم قضائيا وأمنيا، أُدخل الضباط الأربعة الى السجن، وعُين اللواء اشرف ريفي مديرا جديدا لقوى الامن الداخلي، وعُين معه المقدم سمير شحادة في شهر نيسان 2005 رئيسا «لفرع المعلومات». وحُسب الفرع منذ تلك اللحظة على من باتت تعرف بقوى الرابع عشر من آذار، وتحديدا على التيار الابرز فيها، تيار المستقبل.

يومها ذاع صيت فرع المعلومات، وصار الشغل الشاغل للمحب والمبغض. لكنه بقي حتى ذلك التاريخ اشبه بجهاز يوفر حماية أمنية موثوقة للفريق الجديد على الحكم، لحماية نفسه من جهة، «ولتطهير» البلاد «من موروثات» العهد القديم من جهة أخرى، بالإضافة إلى تقديم خدمات «غير ملوثة» للتحقيق الدولي باغتيال الحريري، كما كان يعتقد القادمون الجدد على عالم الامن.

لكن الفرع لم يتحول إلى منظومة أمنية خالصة. وعندما همّ بها، أصيب بانتكاسة كبرى. فقد وجهت له ضربة قرب الرأس، أصابت المقدم «سمير شحادة» بعبوة ناسفة، لم تقتله، لكنها كانت كافية لدفعه الى هجرة السياسة والامن بل وحتى الوطن. فترك البلاد متوجها الى كندا للعلاج، ولم يعد.

في مطلع العام 2006 استلم العقيد وسام الحسن (كان مقدما وقتها) فرع المعلومات، وعمل على تحويله إلى شعبة. أثار ذلك جدلا كبيرا في حينه حول قانونية مثل هذا الأمر. لكن الواضح ان قوى السلطة التي لم تستطع أن تبسط يدها على الاجهزة الامنية المختلفة، كانت قد عقدت العزم على اعتبار فرع المعلومات المنظومة الأمنية الجديدة لها. ليدخل البلد لأول مرة في تاريخه في معادلة منظومتين أمنيتين، يثق كل فريق سياسي بواحدة ويشكك بالاخرى. وإن ظلت قوى الرابع عشر من آذار حريصة على عدم استهداف المنظومة الأمنية الثانية، من منطلق انها السلطة، وبالتالي فهي (أي قوى 14 آذار) مسؤولة عنها ومشاركة فيها، إلا انها كانت تضمر الكثير من الملاحظات، على ما تصفه بالأمر الواقع.

المهم أن «فرع المعلومات» كان عليه أن يحمل إرثا ثقيلا من الامن والسياسة، لا خبرة مباشرة له فيه. ولد مثقلا، بالاغتيالات والتفجيرات والأحداث الامنية المختلفة من إرهاب وغيره، فكان عليه ان يواجه كل ذلك، وان يواجه أيضا أنه أمن سياسي، على الأقل بنظر فريق خصم لم يترك له صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

كان «فرع المعلومات» يشبه الجهة التي احتضنته والتي «صنعته». كان عليه ان يشبهها وان يدافع عنها، وان يدافع من خلالها عن لبنان، الذي صار وقتها لبنانَيْن، يدافع كل طرف فيه عن لبنانه. لذلك جعل الفرع في رأس أولوياته همّين، لم يكن مكافحة التجسس الاسرائيلي وقتها، احدهما، وهما:

مساعدة التحقيق الدولي في كشف قتلة الحريري، والاغتيالات الاخرى.

مواجهة «الإرهاب»

علما بأن قوى الرابع عشر من آذار كانت تضع الامرين في إطار سياسي واحد، يتهم سوريا بانها المدبر للامرين، لابقاء يدها على لبنان، ولايصال رسالة للعالم تخبر عن طبيعة لبنان الجديد، عندما يصير من دون سوريا.

كان فرع المعلومات مطالبا بالمعنى السياسي، بتتبع اثار العهد القديم و«تطهير» لبنان من كل ما يمكن أن يحد من انطلاقته الجديدة بعد ثورة الارز. بهذا المعنى بدا فرع المعلومات منظومة أمنية جهوية نظر اليها الفريق الاخر ببالغ الريبة، حتى كال عليها التهم من الارتباط بالإف بي آي، إلى العلاقة مع الاستخبارات الاردنية، الى تدريب مقاتلين للمستقبل في الاردن، الى دعم مدروس لاصولية سنية توضع في وجه حزب الله، وصولا إلى التجسس على المقاومة.

واليوم يُنظر إلى الكشف عن شبكات التجسس، من قبل المشككين، على أنه محاولة مكشوفة لتقديم اوراق اعتماد لمرحلة يمكن أن تعيد المعارضة الى السلطة.

كيف يرُدّ المعنيّون في فرع المعلومات؟

يهزأ طبعا الحاضنون لهذه المنظومة الأمنية من هذا القول، اما ردهم فيبدأ من تحديد نظري لمفهوم الشرعية. بالنسبة اليهم فرع المعلومات يمثل مع الجيش والاجهزة الاخرى، الشرعية، بينما سلاح حزب الله منقوص الشرعية، على اعتبار ان لبنانيين يرفضون وجوده. وأن أي سلاح يُثار جدل حول شرعيته، لا ينظر بوِدٍ الى الشرعية المطلقة، لأنها قد تتصادم معه يوما. العلاقة المأزومة إذن، بين المقاومة والحاضنين لها وبين فرع المعلومات، أمر متوقع في ظل الازدواجية القائمة بشرعية سلاحين. هذا من حيث المبدأ، أما من حيث الممارسة، فيتوقف الحاضنون لفرع المعلومات عند قضية يعتبرونها أساسية. يقول هؤلاء ان الأزمة باتجاه واحد، وأن المعارضة والفريق الحاضن للمقاومة هما اللذين أوصلا الامور الى مرحلة التشكيك بقدرة، وحتى بنية فرع المعلومات، على مواجهة شبكات التجسس.

فبعد سنوات من الحملات المركزة على فرع المعلومات، ماذا يمكن ان يقال للرأي العام، هل يمكن القول اننا كنا مخطئين؟ يقول المدافع عن فرع المعلومات (وهو مرجعية امنية كبيرة)، بالتأكيد لا، يجيب هو نفسه. هكذا اذاً، يضيف الرجل، يصبح من الأسهل التشكيك بما حصل، مرة لجهة القول أن أجهزة أمن خارجية ارشدتنا اليهم من اجل «تعويم» الفرع، ومرة القول اننا نعلم بأمرهم لكن ابقيناه سرا حتى اقتراب موعد الانتخابات. ومرة ثالثة أن الفرع يمتلك تقنيات متطورة، قدمَته خطواتٍ على مخابرات الجيش.... ويزيد الرجل ويزيد في المرات والمرات.... لينتهي الى تفنيد كل ذلك: الموازنة الموضوعة بتصرف قائد الجيش (من خلال هذه الموازنة يكون عمل الاستخبارات) هي 9 مليارات ليرة. اما الموازنة الموضوعة بتصرف مدير قوى الأمن (من خلالها يعمل فرع المعلومات) هي 4 مليارات ليرة، اي أقل من النصف. عديد مديرية المخابرات 4000 عسكري، بينما عديد الفرع هو 1500 فقط. التقنيات الموجودة لدى الفرع هي ذاتها الموجودة لدى المخابرات، يؤكد الرجل. اما التعاون مع اجهزة امن خارجية، فيشرح المرجع الامني الكبير بما يشبه الشكوى، بان اجهزة المخابرات الخارجية تتعامل مع مثيلاتها في لبنان اي مع مخابرات الجيش، وان الفرع يتعامل من موقعه كشرطة. ويجزم ايضا بأن لا علاقة للفرع مطلقا باجهزة امن سيئة الذكر (فضل عدم تسميتها) يتهم بها، وان لم ينكر تعاونه مع «الإف بي آي» من موقع المثل (امن داخي).

القضية بنظره، محاولة لتقزيم الانجاز، ولم تفلح، للأسباب الانفة الذكر. كان لا بد اذاً، من استخدام السلاح الأنجع يتابع الرجل، وهو الاتهام السياسي.

لقد سلموا بأن فرع المعلومات قام بانجاز كبير من خلال كشف الشبكات، فعرجوا على التوقيت، للقول باننا اخترنا لحظة سياسية، يقول المرجع الأمني. والحقيقة اننا يمكن ان نقدم او نؤخر أسبوعا أو أسبوعين ليس اكثر. هنا ينتقل محدثنا مباشرة الى التذكير بان فرع المعلومات كان مثقلا بملفات الداخل، التفجيرات والاغتيالات وانه لم يترك له مجال للتفكير في اي مستوى اخر. ويستحضر الانجازات التي حققها الفرع في هذا المجال، وهي:

كشف مفجري ثكنة فخر الدين التابعة للجيش اللبناني في شباط 2006.

توقيف مجموعة الـ13 التابعة للقاعدة، وعلى رأسها حسن نبعة أمير تنظيم القاعدة في بلاد الشام عام 2006.

كشف منفذي عمليتي عين علق.

كشف منفذي تفجير بالقوات الدولية في القاسمية عام 2007.

حادثة شارع المئتين في طرابلس.

كشف بالتنسيق مع مديرية المخابرات في الجيش، شبكة عبد الغني جوهر التي قامت بتفجيرات البحصاص والتل والعبدة التي استهدفت الجيش.

توقيف القائد العسكري لفتح الاسلام شهاب قدور (قتل اثناء محاولة توقيفه) في 1/8/2008.

توقيف ست شبكات بين جبل لبنان والجنوب تعمل لصالح القاعدة، وتخطط لاعمال ارهابية.

توقيف نبيل رحيم في 6/1/2008 احد البارزين المرتبطين بالقاعدة وبفتح الاسلام .

بعد الهدوء النسبي، على جبهة الارهاب، تم العمل على توسيع عمل فرع المعلومات. وهنا قد لا يكون خافيا الهاجس السياسي. اذ ان الاتهام المتكرر للفرع، من قبل المعارضة، بجهويته، وبسوء استخدامه للسلطة، وباستناده الى الاتهام السياسي بممارسة العمل الامني، حثه ربما على الانفتاح على اتجاه وطني اخر لا لبس فيه، ـ بل هو في صلب ما تطالب به المقاومة ـ مكافحة التجسس. وليس خافيا ايضا ان في تلك الفترة تم اجراء تعديل بارز في الخطاب السياسي لقوى الرابع عشر من اذار، وتحديدا تيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، لجهة زيادة المفردات السياسية المرتبطة بفلسطين، والعروبة، بعد ان كان خطاب تلك القوى شبه محصور بشعار «لبنان اولا»، و«الحقيقة» كأولويتين فرضهما الامر الواقع.

-----------------------------------------------

اعترافات مذهلة لثمانية عشر عميلاً في خلايا التجسس الإسرائيلية

أوائل عام 2007، اي بعد حرب تموز، وبعد قراءة متمعنة لتقرير فينوغراد، ترسخت قناعة بأن الموساد سيعمل على تكثيف نشاطه الأمني في لبنان. وأن مكافحة الإرهاب الداخلي لا يمكن ان تصرف النظر والجهد عن مكافحة تجسس الموساد ايضاً.

اتخذ القرار وقتها، بإنشاء وحدة متخصصة في هذا المجال. لكن فرع المعلومات لم يكن يملك ما يؤسس عليه من خبرات. عملت الوحدة، كما يشير القائمون عليها، على تجميع أرشيف العملاء السابقين، من أجل وضع تصور اولي للطريقة التي يعمل بها العدو، كتعويض عن الشح الشديد في المعلومات المتوفرة.

في ايار 2007 وضع الفرع يده على تطور بالغ، تمثل بحدث امني مرتبط بخلل فني قام به المتعاونون مع إسرائيل، ما وفر اول مادة عملية تم استثمارها في ما بعد، ليكون اديب العلم اول صيد ثمين يساعد لاحقاً في تداعي شبكات العمالة.

أما نتائج التحقيقات بشأن كل عميل على حدة فهي بالتفصيل:

1ـ أديب العلم.

تم توقيفه في 11/4/2009، وهو عميد متقاعد من الأمن العام.

في أيار 2007 كلف اديب العمل بمهمة محددة، وأثناء تنفيذه المهمة قام بإجراء معين لم يلفت النظر اليه، لكنه كان خيطاً لمرحلة لاحقة لكشف امره. ففي 9/1/2009 وردت معلومات الى الفرع عن تحرك ما للموساد، ما استنفر العمل لدى الخلية المكلفة بتعقب العملاء. وفي شهر اذار 2009 ارتكب اديب العلم خطأ تقنياً، تمت مقاطعته مع ما حصل في ايار 2007 ففهم انه الشخص نفسه. وضع تحت مراقبة مكثفة من ذلك التاريخ حتى تم كشف كافة المعطيات في 11/4/2009.

اعترف العلم انه بتارخ 2001 طلب منه الموساد الاسرائيلي، إنشاء صندوق بريد وهمي، باسم مزور، من اجل تلقي طلبات مَن بحاجة الى وظائف، وطلب منه ان يسوق لهذا البريد في صحيفة مقروءة في سوريا. وبعد تمام العملية أشار الموساد بإتلاف كافة الاستمارات التي اتته من لبنان، والاكتفاء بالاستمارات التي جاءته من سوريا فقط. وقد فعل ذلك، حيث زود الموساد بعشرات الاستمارات.

وفي عام 2004 طلب الموساد منه رسمياً فتح شركة توظيف في سن الفيل، وقد وظف عشرات الموظفين بالفعل، لكنه كان يرسل الاستمارات كافة التي وردته الى الموساد لدراسة من يسهل تجنيده. وتقوم الأجهزة الرسمية بدراسة متأنية ودقيقة لكل الاستمارات التي ارسلت. وهذا يحتاج بطبيعة الحال لوقت طويل.

بدأ عمله مع الموساد عام 1994 وكان وقتها لا يزال ضابطاً في الأمن العام، وقد عمل وقتها في دوائر متنوعة وحساسة (دائرة الأجانب، الجوازات، مرفأ بيروت ...).

ويجري التحقيق معه لمعرفة ما طبيعة المعلومات التي ارسلها في هذا الشأن، ويبدو ان زوجته هي التي تفضي بمعلومات عنه، لا سيما ان علاقتهما شابها سوء ظن بعد ان تبين لها انه كان «يخونها».

دخل إسرائيل 9 مرات كان آخرها عام 2007. المرة الاولى كانت من خلال ايطاليا بجواز سفر مزور باسم شخص مما يُعرف بعرب 48.

زود بجهاز «الجريكان» (ترمس مياه صغير يرسل صوراً مباشرة عبر الأقمار الصناعية) مع الاشارة بأن ما ضبط معه كان الجهاز الثالث الذي تسلمه من الموساد، ما يشير الى الكم الهائل من المعلومات والصور التي ارسلها.

اما ابرز المهام التي كلف بها:

ـ اعترف بأنه اجرى مسحاً دقيقاً لكل المنشآت والعبّارات والجسور... على طريق دمشق حمص الدولي.

ـ مسح لكل ما يقدر عليه من منشآت وجسور وعبّارات وغيرها في كافة الأراضي اللبنانية، عدا الضاحية الجنوبية التي كان واضحاً انه تحاشى الدخول اليها.

ـ في ايار 2006 كلف بالتوجه مع عائلته الى مطعم الشاطئ الأزرق في جبيل، وكلف باصطحاب هاتف اوروبي معه، وانتظار التعليمات. وتبين فيما بعد ان الموساد في ذلك اليوم، كان يقوم بعملية إخلاء لضابطين إسرائيلين قاما بتفجير الأخوين مجذوب في صيدا، وتبين ان ضابطي الموساد كانا بصحبة محمود رافع الذي نقلهما بصفة صاحب سيارة تاكسي، من صيدا الى الشويفات ثم الى جبيل، حيث فرا من هناك عبر البحر. ويبدو ان العلم كان مستنفراً من قبل الموساد خشية اي طارئ، كأن يقوم بعرقلة السير، او افتعال اي حادثة في حال كشف امر الضابطين، او بالحد الأدنى استطلاع المنطقة في حال وجود اي استنفار امني غير متوقع. وتجري التحقيقات راهناً لمعرفة ما اذا كان قد كلف بمهمة اخرى من هذا النوع ام لا، علماً بأن العلم ينفي حتى الساعة ان يكون قد قام بأي مهمة اخرى.

كانت ترسل اليه الأموال عبر شركات تحويل الاموال، او عبر ما يعرف بالبريد الميت، وهو عبارة عن تحديد مكان غالباً ما يكون في الطبيعة، يطلب من المتعامل التوجه اليه، فيجد فيه الرسائل، او الاموال. وقد كانت بلدة مزرعة الضهر في رأس المتن هي المنطقة المخصصة لاستلام بريده. كما انه التقى ذات مرة بضابط من الموساد على شاطئ جبيل ليلاً، أتى من البحر عبر وحدة كومانودس وسلمه وقتها «الجريكان».

يتكتم العلم على قيمة الأموال التي تقاضاها، ويكتفي بالقول بأنه كان يتقاضى مبلغ 4 الى 5 آلاف دولار في كل عملية سفر، ويدّعي الآن ان ليس لديه اموالا، لكن المحققين يعتقدون انه يكذب وأن امواله قد حولت الى الخارج نظراً لطول مدة عمالته، وطبيعة المهمات التي كلف بها.

وبهذا المعنى يكون اديب العلم اهم شخصية متعاملة مع الموساد ضمن الشبكات الاخيرة للأسباب التالية:

ـ فترة عمله الطويلة. منذ عام 1994.

ـ مركزه في العمل، فقد جند وهو ضابط كبير في الأمن العام.

ـ نوعية التجهيزات (ثلاثة «جريكان»، و«يو اس بي» فيها خارطة للبنان 11 جيغا، اي انها ثلاث اضعاف غوغل ارث، علماً بأن الجميع ضبط بحوزته مثل هذه «اليو اس بي»).

ـ طبيعة المهمات ومن ضمنها مسح لأماكن محددة في سوريا، وإرسال استمارات عن شخصيات بحاجة لعمل في سوريا.

2ـ علي منتش

يعتبر الثاني في الأهمية بعد اديب العلم لجهة كونه الشخص الثاني الوحيد الذي يملك جهاز بث وإرسال عبر الأقمار الصناعية (الجريكان).

جند عام 2005 . من بلدة زبدين قضاء النبطية. يملك «دكاناً» و«ملحمة» في زبدين، ويعمل خلال موسم الحج «معرّفاً» للحجيج، ويبدو انه احسن التستر خلف «الالتزام الديني» ما جعله بعيداً عن الشبهات. شقيقه احد مرافقي احد المسؤولين في حركة امل ممن ترشحوا للانتخابات.

زار إسرائيل مرة واحدة عبر هنغاريا، وهناك تم تدريبه على طريقة استخدام «الجريكان».

المهام والتكليفات التي قام بها:

ـ حدد مواقع عديدة للمقاومة قبل حرب تموز وبعدها.

ـ أجرى استعلاماً ورصداً لعدد كبير من المباني إما من تلقاء نفسه، او نتيجة تكليف محدد.

ـ أعطى إحداثيات دقيقة عن منازل عدد من قياديي حزب الله، وعن مقار مدنية للحزب، بما فيها اماكن الإمداد الصحي واللوجستي.

ـ طلب منه تحديد مواقع ونقاط تفتيش الجيش اللبناني وسائر الاجهزة الامنية في المنطقة.

ـ سئل عن إمكانية تحديد مخازن الصواريخ، فرد بأن الأمر بالغ الصعوبة والتعقيد وأن البحث عن الامر قد يثير الشبهات.

ـ سئل عن القيادي الأمني في حزب الله وفيق صفا، وطُلب منه معلومات دقيقة كونه من زبدين فرد بأن الرجل من النادر ما يتردد الى بلدته. لكن عندما زار «صفا» البلدة من اجل المشاركة في مراسم عزاء احد اشقائه، طلب منه في رسالة عاجلة تحديد اماكن صفا، وتعقبه في الاماكن التي يتردد عليها في البلدة، وإعطاء إحداثيات دقيقة وعاجلة عن الأمر.

3ـ ناصر محمود ماجد

آخر من تم توقيفه. اوقف يوم السبت في 16/5/2008 مع زوجته الثانية نوال معلوف (تزوجها سراً) وهي من بلدة مرجعيون. وقد كانت السبب في تجنيده من خلال شقيقتها المقيمة في اسرائيل.

عمل مع الموساد منذ عام 2003، دخل إسرائيل خمس مرات، اربع منها براً من خلال بلدة علما الشعب، والخامسة كانت برفقة زوجته نوال عبر هنغاريا في حزيران عام 2006.

طلب منه فتح محل بيع مستلزمات الهواتف الخلوية في جونية، كساتر على عمله مع الموساد، وكمبرر لحصوله على الاموال.

يعتبر الرجل على اهمية عالية، ذلك لطبيعة المهات التي كلف به، اذ كان مجال عمله في الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن التجهيزات التي بحوزته. فقد كان الوحيد الذي بحوزته «يو اس بي» لا تعمل الا من خلال «يو اس بي» اخرى. فضلاً عن ان كومبيوتره الشخصي لا تُكشف فيه الملفات الخاصة الا من خلال القطعتين الإلكترونيتين «اليو اس بي». فضلاً عن حيازته هاتفاً يعمل عبر الأقمار الصناعية (ثريا) لا يمر عبر الشبكة المحلية.

اهم المهمات التي تم تحديدها حتى الساعة:

ـ مسح شبه كامل لكل ما يمكن ان يصل اليه في الضاحية الجنوبية من مجمعات ومساجد ومحلات ومقار وحتى منازل.

ـ تعقب عدد محدد من المسؤولين في المقاومة، احدهم في بلدة الغندورية.

4ـ روبير كفوري

لم يتم تحديد تاريخ تعامله مع الموساد لأن الرجل (وهو من بلدة حوش الأمراء في البقاع) يقيم في جديدة مرجعيون في الجنوب منذ الاحتلال الاسرائيلي، وهو كان يتعاون بنسب متفاوتة مع الاحتلال منذ ذلك التاريخ.

يكاد يكون الأقل اهمية من بين مجموع من ألقي القبض عليهم، ومهمته الأساسية كانت اقتراح اشخاص لديهم الاستعداد للتعاون مع اسرائيل، وأبرز خدمة قدمها للموساد اظهرتها التحقيقات، انه هو من اقترح تجنيد «محمد عوض» عندما طلب منه توفير مخبرين في مخيم عين الحلوة. اقترح عوض كون الرجلين يعملان في مجال واحد، الكسارات وقيادة الشاحنات.

5ـ محمد عوض (فلسطيني)

جنده روبير الكفوري عام 1990. انقطع عن العمل لفترة ثم عاد للتعامل اواخر عام 2004.

عوض رجل بسيط جداً، يكاد يكون «أمّياً». اهميته نابعة من كونه يقيم في مخيم عين الحلوة، وهو خال «صالح الفيلاوي» (المساعد الأول لأبي مصعب الزرقاوي، قتل معه في العراق، وهو من رموز عصبة الانصار في المخيم). زار إسرائيل اكثر من اربع مرات، وتمت في احدى المرات استضافته في طبريا، كونه من تلك المنطقة.

ابرز التكليفات والمهمات:

ـ نقل بريد ميت الى داخل مخيم عين الحلوة. ما يعني ان وظيفته الاساس كانت نقل الاموال وأمور اخرى لا يعلمها الا عملاء اكثر اهمية داخل المخيم، من دون ان يعلم ماذا ينقل، ولمن ينقل.

ـ حدد بالتفصيل الدقيق كل ما يعرفه في مخيم عين الحلوة، بما في ذلك مساكن الناس العاديين.

ـ كلف بإعطاء معلومات عن قيادات اسلامية في المخيم، وسئل عن عبد الرحمن عوض (القيادي في فتح الاسلام)، علماً بأنه لا يمت له بصلة قرابة وثيقة كما اشيع.

6ـ حسن ياسين

من بلدة السلطانية، يعمل في مجال مسح الاراضي. جند عام 2005، من خلال اتصال دولي جاءه فجأة يعرض عليه العمل مقابل المال، كما قال في التحقيق، لكن المحققين يشككون في هذه الرواية. ويعتقدون ان اخاه ـ (وهو متعاون سابق مع «جيش لبنان الجنوبي» الذي كان يتزعمه «انطوان لحد»، وحكم ثلاث سنوات) ـ هو الذي جنده، وأن إخفاء هذه الحقيقة محاولة لتجنيب اخيه أي عقوبة اخرى.

بكل الاحوال اوقف اخوه «جعفر» لكن لحيازته اسلحة، وشبهة الاتجار بالمخدرات. لم يثبت على اخيه اي تعامل مع الموساد حتى هذه الساعة.

دخل العميل المذكور الى اسرائيل عبر هنغاريا. لم يطلب منه تكليفات استثنائية غير تحديد اماكن عامة، كون الرجل اصلاً على علاقة غير ودية بأهل بلدته، نتيجة السمعة غير الطيبة عموماً له، ولأخيه.

7ـ حسن شهاب

حسن شهاب من بلدة الغازية، آخر من اوقف لدى فرع المعلومات. بدأ التعامل مع الإسرائيليين عام 1999 من خلال قيادي في جيش لبنان الجنوبي من آل ضو من بنت جبيل. تم تجنيده في منزل الموقوف فادي عباس. انقطع عن العمل عقب تحرير الجنوب، ثم عاد الى التعامل عام 2005، بعد قرار الموساد بتفعيل العمل الاستخباري في لبنان.

اوقف نتيجة معطى يدينه منذ عام 2005. وتم كشف امره نتيجة التحقيق مع المجموعات الأخرى.

قبل توقيفه بأسبوع تلقى رسالة عاجلة من الموساد الإسرائيلي، تهدئ من روعه، وتطمئنه، لكن تطلب منه تلف كل ما لديه. اي «اليو اس بي» وكتاب الشفرة الذي يستخدم في كتابة وتلقي الرسائل عبر الانترنت، وفي فتح «اليو اس بي». اتلف كتاب الشيفرة، ومسح المعلومات الموجودة على «اليو اس بي» لكنه لم يتلفها (جراء طمعه بها، تقديرات المحققين). ويجري العمل حالياً على فتحها، علماً بأن فتحها امر معقد للغاية من دون الشفرة المخصصة والتي تقع في صفحتين فولوسكاب.

المهات التي كلف بها:

ـ ثبت انه حدد العديد من المواقع والمقار التابعة لحزب الله في بلدة الغازية وفي محيطها، والتي قصفها الجيش الاسرائيلي، ومن بينها مسؤول للحزب في تلك المنطقة.

ـ بعد حرب تموز قام ايضاً بإعطاء إحداثيات عن المقرات الحزبية الجديدة.

8ـ محمود شهاب

شقيق حسن شهاب. أوقف بشبهة التعامل. لم يعترف بما نسب اليه حتى الساعة، لكن زوجته السابقة قالت خلال التحقيق إن زوجها كان يلتقي ضباط الموساد في المانيا.

9ـ فادي عباس

اوقف نتيجة اعتراف حسن شهاب، انه تم تجنيده من قبل قيادي سابق في جيش لبنان الجنوبي من آل ضو، في منزله في بنت جبيل عام 1999.

اقر فادي بأن حادثة التجنيد تمت في منزله، لكنه نفى ان يكون قد قام بأي اعمال تجسسية.

10 ـ حسين عباس

شقيق فادي عباس. هناك شبهات كبيرة حول تورطه، لكن لا يوجد اي دليل بعد. تمت مصادرة سعة شاحنة من منزله للتدقيق في ما اذا كان يخفي اي اجهزة اتصال بإسرائيل، او اي وثائق تدينه.

11 ـ هيثم السحمراني

اهمية الرجل انه الوحيد من بين المتعاملين كان يقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحديداً في برج البراجنة.

جند السحمراني في شهر تشرين الثاني عام 2004، من خلال شقيقته المقيمة في تركيا، وهي متزوجة من احد المسؤولين السابقين في جيش لبنان الجنوبي.

كان السحمراني يعمل في قوى الامن الداخلي، وعمل ايضا في فرع المعلومات عام 2002، لكن سيرته غير السوية كسرت رتبته من «معاون» الى «رقيب اول»، ونقلته الى فروع اخرى كإجراء تأديبي، بعدما عمد عام 2003 الى استغلال وظيفته، من خلال وضع كمية من المخدرات في سيارة احد المواطنين وتوقيفه متلبساً بالتهمة نتيجة مبلغ زهيد من الاموال (200 $) قدمها له ابن الرجل المتهم.

بعد هذه الحادثة طلبت منه شقيقته زيارتها في تركيا، وهناك أُخذ مباشرة الى اسرائيل، من دون اي إجراءات مسبقة.

موقوف حاليا لدى مديرية المخابرات بالجيش، مع زوجته التي يتم التحقيق معها ايضا، نتيجة الاعتقاد انها كانت تعلم بأمر تعامله مع الموساد. اذ اظهرت التحقيقات ان زوجته شاهدته ذات مرة يرسل رسالة بطريقة غريبة، بينت لها انه يتعاون مع الإسرائيليين.

اهم المهمات التي أوكلت اليه:

ـ مسح شامل للضاحية. وقد قام بإعطاء إحداثيات دقيقة لمنزل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، ومجمع سيد الشهداء، وملعب الراية، ومجمع العباس، ومجمع الإمام الحسن، وعشرات الأهداف الاخرى.

ـ سئل قبيل مهرجان النصر التحقق مما اذا كان الأمين العام لحزب الله، سيحضر شخصياً المهرجان ام لا.

ـ سئل عن شعبة المعلومات.

12ـ جوزيف العلم

جند العلم وهو مؤهل حالي في الامن العام عام 1994، من خلال ابن خالته «نقولا حبيب» مسؤول الادارة المدنية في بنت جبيل إبان الاحتلال الاسرائيلي.

اعترف انه كان ينقل بريداً لا يعرف محتواه ما بين اعام 1994 وعام 1998 من الشريط المحتل آنذاك، الى خاله اديب العلم في سن الفيل. وانه لم يقم بأي نشاط آخر. لكن المحققين يعتقدون انه قام بمهام اضافية لا سيما انه كان من خلال الامن العام يعمل في منطقة الناقورة الحدودية.

خلاصة عامة للتحقيقات:

من نتائج التحقيق الواردة حتى الساعة، يمكن استنتاج الآتي:

ـ ثمة مخبرون في كل لبنان، يعملون على ارسال كل تفصيل، عن التضاريس الجغرافية والامنية والسياسية.

ـ ان تنفيذ الاعمال الامنية يتم من قبل ضباط الموساد مباشرة، وان مهام المتعاونين تتراوح بين المعلومات والرصد وتقديم الخدمات اللوجستية.

ـ ان لبنان صار منطلقاً لأعمال تجسس في المحيط، وتحديدا سوريا.

ـ ان شغل لبنان بأعمال امنية جانبية، يخدم بشكل مباشر اسرائيل الناشطة استخبارياً على لبنان، بشكل لا يمكن ان يتخيله احد.

ـ ان عمل شبكات الموساد عمل منفصل بعضه عن بعض، وهو ما يعرف بالشبكات العنقودية، بشكل يمنع سقوط كامل الشبكات في حال كشف بعضها.

ـ لا يوجد تقدير حقيقي حول مدى استثمار المعلومات التي حصل عليها الموساد من خلال عملائه القريبين من حركات إسلامية سنية راديكالية خارج لبنان، إذ كان على اطلاع دقيق حول بعض المقاتلين الذين أرسلوا إلى العراق.

ـ ان المتعاونين عملوا طوعا مع الإسرائيليين اما نتيجة موقف ايديولوجي معاد للمقاومة، او نتيجة طمع مادي ...

ـ ان حجم المبالغ المدفوعة متفاوتة بحسب المهات لكنها عموما زهيدة، اذ لا يتجاوز مجموع المدفوع لكل واحد منهم الثلاثين الف دولار (حسب الاعترافات الاولية) .

ـ ان اسرائيل تسعى الى تطمين المتعاونين بالحماية الكاملة في حال الكشف، وانه سبق وأخذت احد المتعاونين من شاطئ بيروت عندما كشف امره، وهو كان من شبكة محمود رافع.

وفي هذا الاطار يمكن تقسيم من تم توقيفهم حتى هذه الساعة الى ثلاث فئات وفقاً لمعطييات ثلاثة مترابطة مع بعضها البعض، التجهيزات التي بحوزتهم، والتكليفات التي تطلب منهم، والطريقة التي يتم ادخالهم بها الى اسرائيل.

من ناحية التجهيزات:

ثبت ان اثنين فقط من الموقوفين (اديب العلم، وعلي منتش) لديهم جهاز ارسال مباشر مرتبط بالموساد الاسرائيلي مباشرة، يعرف «بالجريكان» وهي كلمة عبرية تعني «ترمس مياه»، بينما الجميع يملك «يو اس بي» مزودة بخارطة لبنان 11 جيغا.

من ناحية طريقة السفر الى اسرائيل:

يمكن تقسيم المتعاونين الى ثلاث فئات:

ـ الفئة الاولى: الذين يدخلون اسرائيل من خلال اوروبا (ايطاليا، بلجيكا، هولندا...).

ـ الفئة الثانية: الذين يدخلون اسرائيل من خلال شرق آسيا (ماليزيا، تايلند...) او قبرص وتركيا.

ـ الفئة الثالثة: الذين يدخلون اسرائيل عبر الحدود مع لبنان.

مساحة التقاطع بين فرع المعلومات والمقاومة:

لا بد ان السؤال الذي يبرز في ذهن أي متفحص لهذه النتائج هو عن أهمية المعلومات التي وصل إليها الفرع بالنسبة للمقاومة، و بالتالي عن احتمال وجود تعاون ما من عدمه، في ظل الشروخ السياسية التي تحكم علاقة الطرفين.

يفضل «المرجع الأمني» أن يقارب السؤال من استذكار حادثة خلال حرب تموز. ليقول انه ذات يوم خلال الحرب رن هاتف العقيد وسام الحسن في الساعة الثالثة فجراً، ليقول له مساعده إن شاحنة سلاح للمقاومة ضبطت عند حاجز باتر جزين، فيأمر العقيد الحسن بإخلاء سبيلها فوراً، بينما يلفت النظر الى ان الجيش اوقف شاحنة محملة بالذخائر للمقاومة، ليجزم بأنه لا يوجد معيار واحد في محاكمة الوقائع، وان الموقف من فرع المعلومـات مـبني على نظـرة سـياسية تضمر العداء لهذا الفرع.

وسريعاً يستحضر «المرجع الامني» من الذاكرة ايضاً «كابل قصقص» المرتبط بشبكة الاتصالات التابعة للمقاومة. فيقول ان دورية للجيش اللبناني سألت عند الساعة الثانية فجراً عناصر حزب الله عما يقومون به هناك، ثم تبعتها دورية للمعلومات، ومرة أخرى لم يشر إلا «لاستجواب» المعلومات. فلماذا الكيل بمكيالين يسأل بعتب؟...

يخلص الرجل الى نتيجة تشبه المشي بين الالغام: «اننا ندرك خصوصية عمل المقاومة، والتعليمات واضحة للجميع بأن لا تقتربوا من مساحة الحساسية للمقاومة، حتى اننا عندما شعرنا انه قد يوجد احتمال خرق ما، مجرد احتمال، اثناء الكشف عن الشبكات، ارسلنا لهم اشارات بإمكانية وجود ثغرة ما. من دون اي تدخل».

ثمة ترسيم ممكن اذاً، لمساحة التقاطع بين اجهزة الامن، وإن كانت صعبة، لعميق التداخل والتشعب. الامر في السياسة اولاً وأخيراً. فالذي جعل العلاقة بين مخابرات الجيش وبين المقاومة على هذه الدرجة من الود، هو السياسة. والذي جعل العلاقة بين فرع المعلومات وبين المقاومة على هذا القدر من «الحذر» هو السياسة.

السياسة هي التي تجعل من حدث كشف شبكات التجسس، مفردة للسجال. ومن سلاح المقاومة مساحة للخلاف.

---------------------------------------------------------

فرار مواطنين إلى اسرائيل يشتبه بتعاملهما مع «الموساد»

الجنوب ـ «السفير»

فرّ، أمس، المدعو إيلي توفيق حايك (51 عاماً) إلى داخل فلسطين المحتلة عبر بوّابة يارون الحدودية ترافقه عائلته المكونة من زوجته وثلاثة صبيان كبيرهم في الرابعة عشرة، وصغيرهم في الرابعة، تاركين وراءهم سيّارتهم وهي من طراز «مرسيدس 300» في المنطقة.

والحايك هو من بلدة المية ومية قرب صيدا، وسكان بلدة القليعة في قضاء مرجعيون، ومدرّس مادة الرياضيات في إحدى مدارس حاصبيا. واجتاز الحدود الفاصلة عند حدود قرية المالكية قبالة بلدة يارون في قضاء بنت جبيل حيث كانت قوة إسرائيلية بانتظاره من داخل موقع الحدب الإسرائيلي على الحدود.

وتردّد أنه ربما أُبلغ بصورة ما، بضرورة مغادرة المنطقة الحدودية، بعد ظاهرة تفكّك الشبكات الإسرائيلية الواحدة تلو الأخرى، ما أثار الريبة من أن يكون مرتبطاً بالتعامل مع إحدى الشبكات التي اكتشفت مؤخراً، وهذا ما دفعه للفرار بصورة عاجلة ومفاجئة، لجيرانه ومحيطه الذين أكدوا أنه هادئ الطباع ولا يظهر أي شيء يدلّ على تعامله، علماً أنّه يعاني من إعاقة جسدية منذ طفولته، ويستعين بعكّازين وجهاز للسير على قدميه.

وقرابة التاسعة من صباح اليوم، داهمت القوى الأمنية اللبنانية بمختلف أجهزتها، منزل الحايك عند الأطراف الشرقية لبلدة القليعة، حيث فتّشت المنزل جيّداً بهدف العثور على ما يدلّ على ارتباطه بإحدى الشبكات العميلة، وصادرت جهاز كومبيوتر وجهاز التقاط المحطات الفضائية، وعثرت على مخبأ مموّه في طاولة التلفزيون وهو فارغ، يُعتقد أنه مكان آمن لجهاز الاتصال بالعدو، من دون العثور على الجهاز.

كما صادرت القوى الأمنية سيّارة زوجته وهي من طراز «تويوتا كورولا»، ووضعت الأقفال على باب المنزل منعاً من دخوله أو العبث بمحتوياته، وبدت دراجة صغيرة ركنها إبن الأربع سنوات عند باب المنزل.

وأكدت المعلومات وشهود عيان، أن الحايك حتى مساء أمس الأول كان في منزله هو وعائلته، وأولاده يلهون أمام المنزل، وقد شوهد يتنقّل بسيّارته في المنطقة أكثر من مرة، وفي عدد من المحال التجارية.

لكن اللافت للنظر أنّ اكتشاف سيارته مركونة قرب الحدود في يارون هو ما دلّ عليه، فيما أكدت مصادر مطلعة لـ«السفير»، أن لا شكوك كانت تحوم حوله، وليس هناك ما يدل على تعامله، وهذا ما يفسر وصول الأجهزة الأمنية المختلفة تباعاً إلى منزله حتى ما قبل الظهيرة، دون أن يكون لديها سابق علم بفراره.

وفي السياق عينه، عثرت عناصر قوى الأمن الداخلي في مخفر علما الشعب، على سيارة شيفروليه رقمها 410480 /م، مركونة عند طريق عام الضهيرة ـ علما، وهي مستأجرة من قبل حنا طانيوس القزي (44 عاماً) من بلدة الجية ومقيم في بلدة رميش الحدودية، ويملك شاحنة ومنشارا صخريا حجريا في رميش، وهو كان قد فر صباح أمس، إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأشارت مصادر أمنية إلى أنّ «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، قام بتوقيف حسن ط. ع. من بلدة عيترون للتحقيق معه.

وأكّد النائب قاسم هاشم «أنّ ما تمّ اكتشافه من شبكات التجسس والعملاء، يؤكد أن لبنان ما زال في دائرة الاستهداف الصهيوني. وهذا ما يجب الانتباه والحذر منه، ويستدعي مزيداً من الوحدة الداخلية، لأنّ العدو الإسرائيلي يحاول دائماً الاستفادة من أي خلل داخلي، خصوصاً في ظل حالة الانقسام التي تشهدها الساحة السياسية، وارتفاع وتيرة الخطاب السياسي التعبوي، الذي يزيد من مساحة التوتر».

------------------------------------------------

زياد الحمصي.. وصدمة الانقلاب في صورة المقاوم

زياد الحمصي

سامر الحسيني

سعدنايل :

لم يكن لأحد في سعدنايل او جوارها الظن في أن زياد الحمصي عميل، هو الذي لم يحمل إلا صورة المقاوم والمناضل.صورة طبعت وترسخت في عقول بقاعيين لبنانيين وحتى عرب وجدوا في الحمصي واحداً من جيل آمن بالعروبة وتفتح على ثورة الضباط الاحرار في مصر وعلى فكر جمال عبد الناصر الذي يزين تمثال نصفي له صالون منزل الحمصي في سعدنايل والى جانبه ما يشبه المعرض لحياة الحمصي، فيها صور بطولات ومعارك كان زياد فيها محارباً شرساً ضد اسرائيل. صادمٌ انقلاب الصورة، فهي وليدة سنوات من المقاومة مع الصاعقة الى مجموعات التطوع من ابناء سعدنايل التي تصدرت طليعة المدن والقرى اللبنانية في تشكيل المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية ولكل القضايا العربية، وآخرها العراق.

يحفظ أبناء سعدنايل تلال العرقوب وكفرشوبا، وفق ما يقول سليم طرابلسي، الذي يعود بالذاكرة الى معارك المقاومة الشعبية. «في تلك التلال علّمنا زياد ان عدونا الاوحد هم الصهاينة وليس هناك اسرائيل انما يوجد دولة اسمها فلسطين، التي عشق زياد قضيتها وأمضى لياليَ كثيرة يتحين الفرص لاصطياد مغتصبي الأرض. لا يمكن لأحد ان يتصور ويفكر بأن هذاالمناضل سيتعامل يوماً مع من قاتلهم طيلة ربع قرن»، يقول طرابلسي.

في شبابه، تطوع الحمصي في «الصاعقة» وقاتل في صفوفها عسكرياً وابتعد عن المناصب السياسية. بعد الصاعقة انضم الى «جيش لبنان العربي» وكان قائده في البقاع وتعرض للاضطهاد من المخابرات السورية نتيجة خياراته العسكرية والسياسية. واصل دعمه للمقاومة الوطنية والاسلامية وقام بإصدار العديد من الكتابات التي تمجد انتصاراتها، وكان لافتاً ان يقيم الاحتفال الاكبر في البقاع عقب انتصار المقاومة في ايار 2000.

يقول المختار عبد الهادي الحشيمي: « الحمصي حوّل سعدنايل الى مركز يستقبل الكثير من رواد العروبة الذين لبوا دعوة زياد للاحتفاء وتكريمهم، من السيد موسى الصدر الى تشي غيفارا الابن الى الرئيس الجزائري احمد بن بلا الى خالد عبد الناصر والمعلم كمال جنبلاط، الى اسماء ارتفعت بهم سعدنايل». الحشيمي يؤكد الوقوف الى جانب الجيش اللبناني والثقة بمخابراته وبالقضاء.

في منزل الحمصي يسود الصمت والوجوم. السؤال عنه يجلب الدموع الى عيون عائلته من الزوجة فاديا إلى أولاده طارق وحمزة وسلوى وخالد وزينة وميرنا.

-----------------------------------------------------

الاعتداﺀ على سيارة مراسلة البلد

صدى البلد

بينما كانت الزميلة في "صدى الــبــلــد" لــوســي بــارســخــيــان تــقــوم بواجباتها كمراسلة ميدانية في منطقة الــبــقــاع، مــن خـــلال متابعة قضية توقيف نائب رئيس بلدية سعدنايل زياد الحمصي لدى مخابرات الجيش للتحقيق معه في "مسائل امنية" على ما ورد في بيان قيادة الجيش وانعكاسها على عارفيه في بلدة سعدنايل، تعرضت للاعتداﺀ من قبل مجموعة من الشبان كانوا يتجمعون على مقربة من "القطار" الذي حوله زياد الى مكتبة عامة، بعد ان قام الجيش اللبناني بتفتيشه...

حيث انهال الشبان على سيارتها بالضرب والــركــل، بينما كــانــت في داخلها ووجهوا الشتائم اليها والى كل الصحافيين، على مرأى من شرطي البلدية الــذي حــاول مع عدد آخر من الشباب ردهم عن السيارة من دون ان ينجحوا في ذلك ما الحق اضرارا مادية بها...

يذكر انها ليست الــمــرة الاولــى التي يستسهل فيها كل من يعتبر نفسه مــتــضــررا مــن خــبــر صحافي الاعتداﺀ على الصحافيين، متعاملا مع هوية الصحافي ايا كانت المؤسسة التي ينتمي اليها الى عــدوه الأول، فيما يتناسى هــؤلاﺀ انفسهم كون الاعلام هو الحامل الاول لقضية هذه المجتمعات وعاكس انفعالاتها...

وناقل الكفر ليس بكافر....

تعليقات: