هل تعوّض ثلوج شباط وآذار نقص الكانونين؟

عادت الامطار غزيرة واعادت  الامل الى قلوب المهتمين من اللبنانيين
عادت الامطار غزيرة واعادت الامل الى قلوب المهتمين من اللبنانيين


اعادت الامطار التي هطلت غزيرة الامل الى قلوب المهتمين من اللبنانيين بأن التصحر وانعدام المطر والتغير المناخي الذي كثر الحديث عنه، لا يزال بعيداً نسبياً عن موطنهم الذي يفخرون بمناخه المعتدل ووفرة مياهه وما تبقى من غطاء نباتي وحرجي فيه على نقيض محيطه. ومبعث خوف اللبنانيين ان كانون "فحل الشتاء" خذلهم ولم يكن غزيراً في مطره ولا ثلوجه التي تشكل المصدر لكل خزانات المياه الجوفية. وفي مرويات المتقدمين في السن ان احتباس المطر يعني غضباً الهياً على هذه البلاد، ويعني ذلك يباس الزرع واختناق البذار في الارض وكارثة اقتصادية وغذائية واجتماعية.

استناداً الى السيدة منى شاهين خولي القيمة على مرصد نقولا شاهين، فقد سجلت أدنى نسبة للمطر في شهر كانون الثاني عام 1895 إذ بلغ المجموع 26 ميلليمتراً، وأعلى نسبة كانت عام 1947 إذ بلغ المجموع 405 ميلليمترات، أما المعدّل العام لهذا الشهر فهو 190 ميلليمتراً. وفي هذا السنة بلغ مجموع كانون الثاني 85 ميلليمتراً، والمجموع التصاعدي 390، مقابل 544 في التاريخ نفسه من العام الماضي، بينما المعدل العام خلال 22 سنة هو 474 ميلليمتراً. ويقال في البقاع ان اهالي السهل لم يزرعوه بسبب شح الامطار وعدم تفجر الينابيع. اما نهر الليطاني فقد جف مجراه منذ زمن بعيد ومن زرعوا القمح قد يضطرون الى ريه بالمياه، في حين أن موسم البطاطا والخضر يحتاج الى الامطار والمياه لكي تتم زراعته في شباط. ويقال ايضاً إن الفلاحين في بعلبك لم يزرعوا القمح هناك بل في منطقة البقاع الاوسط، بسبب الجفاف، وانهم يفكرون في زراعته السنة المقبلة في البقاع الغربي بسبب رطوبة المنطقة التي تجاور بحيرة القرعون الاصطناعية. اما في الجنوب فلقد تحولت الانهر مجارير في الهواء الطلق، وكذلك حال الانهر الساحلية التي اما جفت واما تصبّ القليل من المياه الجارية فيها الى البحر دون ان يكترث المسؤولون للكارثة البيئية التي تضرب لبنان، وهي التصحر.

التصحر أمر واقع

رئيس مجلس ادارة مصلحة الابحاث العلمية والزراعية ميشال افرام يعتبر ان التصحر اصبح امراً واقعاً في لبنان والشرق الاوسط وشمال افريقيا، استناداً الى التغيرات المناخية التي تضرب العالم، والتي ادت الى تساقط الثلوج في الامارات العربية المتحدة والسعودية والى عواصف هوجاء تضرب أوروبا. وشرح أن مسألة التصحر في منطقتنا مطروحة على بساط البحث منذ سنين، وهناك دراسات وتقارير ومؤشرات عالمية تجزم بأن الشرق الاوسط يتجه الى المزيد من التصحر. واضاف ان المعدل العام للامطار التي تساقطت حتى تاريخه لا يبشر بالخير، اذ لم يتجاوز 40 في المئة من المعدل العام.

أما خولي فترى ان تغيّرات المناخ عالمياً سببها العبث بالبيئة "نتيجة جشع البلدان الصناعية التي لا تبالي إلاّ بثروتها الأقتصادية". وتلاحظ "ان العالم أجمع يختبر مفاجآت في المناخ من جفاف الى فيضانات في أماكن لم تختبر هذه الظواهر من قبل. اما في لبنان فلقد انخفض المعدل العام التصاعدي للمطر في رأس بيروت من 900 ميلليمتر بحسب سجلات مرصد الجامعة الأميركية لتسعين عاما بين 1876 و1967، والذي استمرّ العمل بموجبه في مرصد نقولا شاهين الى ما بعد عام 1980. وتشير الى أن مجموع المطر يُحتسب من أول أيلول الى نهاية آب. وقد أعاد مرصد نقولا شاهين احتساب نسبة الأمطار عن 22 عاما من 1980 الى 2002 لتتماشى مع واقع إنخفاض معدلات المطر بسبب الجفاف، فتصبح سنويا 750 ميلليمترا بدلا من 900.

وتوضح خولي أن مخزون المياه الذي يستفيد منه لبنان ينجم عن الثلوج المتراكمة على قمم الجبال التي تغذّي الينابيع في شكل نظامي، وليس من المطر الذي يذهب معظمه هدرا الى البحر. وتعوّل على ثلوج شباط وآذار تعويض النقص في ثلوج كانون الثاني. وتحضّ المواطنين على "المساهمة في حفظ الثروة، ثروتنا المائية من طريق الإقتصاد وخفض الهدر، والحد من قطع الأشجار الضاربة جذورها في التربة، فتمنع السيول وتحفظ لبنان من التصحّر، وجمع مياه الشتاء في آبار كما كان يفعل الاباء والاجداد". وتشدّد على "ضرورة إستحداث السدود لتخزين الأمطار في مواسمها، كما اقترح الشيخ موريس الجميّل".

وهنا بعض الارقام عن كمية المطر هذا الشهر بالمقارنة مع المعدّل السنوي العام:

عـام مجموع ك2 المعدل السنوي

1915 ---- 73 مم --- 877 مم

1936 ---- 88 ---- 875

1955 ---- 80 ---- 739

1990 ---- 66 ---- 464

1997 ---- 60 ---- 613

2001 ---- 46 ---- 437

تعليقات: