فلسطين وحدها القمة


تاريخ فلسطين سلسلة من القمم: كلما أُدخلت فلسطين إلى قمة ضيَّع الملوك بعض أهلها وبعض أرضها أو كلها... حتى قدسها!

ها هي ثلاث قمم دفعة واحدة! أوكازيون! صولد! بدلاً من قمة خذوا ثلاثاً: اقسم القرار على ثلاثة تسقط منه غزة في أيدي السفاح الإسرائيلي. اضرب القمة بالقمة فإذا فلسطين أو ما تبقى منها تغرق في دمائها.

صارت القمة موعداً مع الخوف: ما بعدها حروب أهلية والمزيد من الانتصارات المجانية للعدو الإسرائيلي، والذي بين كل قمة والأخرى يبتعد عن صورة »العدو« مقترباً من صورة »الجار« ثم »الصديق« وصولاً إلى »الحليف«.

قال الملوك: تريدون قمة لغزة؟ لكن غزة هي ثلث فلسطين أو أقل! هل نسيتم الضفة الغربية؟ هل نسيتم أراضي ١٩٤٨؟ لتكن إذن ثلاث قمم. هكذا نعيد تجميع فلسطين ونعطيها ثلاثاً: واحدة للمال، واحدة للرجال، وواحدة تنفع في كل الأحوال!

قال الملوك: تريدوننا في قمة واحدة؟! إنكم بهذا تحققون هدف العدو الإسرائيلي، فمتى اجتمعنا اختلفنا، ومتى اختلفنا ذهب بعضنا إليه، ووقف بعضنا الآخر على الحياد، واستشعر البعض الثالث ضعفاً عن المواجهة وحده فعوّض بالخطاب. لتكن لكم الخطب الطنانة جميعاً. والخطب ـ القمم، فإن ذهبت كلماتهم ذهبوا؟!

قال الملوك: تريدون قمة عربية لفك الحصار عن غزة؟! ولكن غزة محاصرة من زمن طويل، فلماذا القمة الآن، والموضوع عتيق ومعروف، ثم إنه موضع خلاف؟! أنتم، إذن، تريدون تفجير الخلافات!

قال الملوك: بدلاً من القمة خذوا ثلاثاً... فلا يبقى إلا القرار الإسرائيلي! قمة تذهب بقمة، وقمة تلغي وطناً، ولكن قرارات الأمم المتحدة معنا!

قال الملوك: تريدوننا في قمة واحدة؟.. ولكن الطيران الإسرائيلي يملأ السماء، ويضطرنا إلى خفض رؤوسنا.. وأنتم تريدون رؤوسنا مرفوعة (ولو على أسنة الرماح)، فهل ترضون لنا الذل والهوان وخفض الرؤوس؟!

قال الملوك: مستحيل أن تحفظ العرش والذهب والأرض والشعب. عليك أن تختار. هل يحتار غبي أمام مثل هذا الخيار؟! فليذهب الشعب إلى الجحيم! ما أكثر البشر في بلادنا! ثم إن أرضنا فسيحة جداً بحيث لا نعرف أين تبدأ وأين تنتهي؟ فماذا لو رشونا العدو ببعضها وربحنا السلام مع العرش والذهب مع أرض أقل وبشر أقل؟! لو أنه عدو لما قدم لنا مثل هذه الخدمة! أرأيتم أنه صديق صدوق، فكيف بربكم تطالبوننا بأن نحاربه؟!

قال الملوك: لماذا تتعجلون النهاية؟ ها هو باراك أوباما في الطريق إلى البيت الأبيض؟ لماذا تفرضون عليه أن يصدر قراراً مسلوقاً؟ انتظروا أياماً فيكون لنا ما أريد؟ أم أنكم تريدوننا أن نتركه لأولمرت وليفني وباراك ونتنياهو؟ أين الحصافة؟ أين الذكاء السياسي؟! في القمم تضيع المواهب. أما في الحفلات الفردية فيشع الذكاء والدهاء المذهّب!

لكن غزة تقول كلاماً مختلفاً. غزة هي فلسطين، كل فلسطين الآن. هي فلسطين .١٩٤٨ هي الرجال والنساء والأطفال والأجنة الذين يساقون إلى المجزرة.

هي فلسطين. هي الحرية والكرامة والخبز. هي العروبة والوطنية جميعاً. هي الدين والدنيا.

ولن تهزم فلسطين. وحدها فلسطين هي القمة. ووحده من قاتل لأجلها ومعها وبها سيكون له غد.

وحدها فلسطين القمة.. ووحده من أعطاها سيفه أو قلبه أو ماله أعطته مجد الدنيا والآخرة... وهذا جمال عبد الناصر، في ذكراه، شاهد وشهيد.

تعليقات: