مجلس حقوق الإنسان ينتصر لغزة والعبرة في التطبيق

الطفل لؤي صبح الذي فقد عينيه بغارة إسرائيلية
الطفل لؤي صبح الذي فقد عينيه بغارة إسرائيلية


استحقاقات كثيرة تنتظر قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الصادر أمس بشأن غزة. فإسرائيل التي اعتبرته يجسّد «عالماً خرافياً»، يتوقع أن تعترض أعمال لجنة تقصّي الحقائق التي نصّ القرار على تأليفها. أما أوروبا، فامتنعت عن التصويت بحجة أنه «أحادي الجانب». وفيما تفرّدت كندا بالتصويت ضده، دفنت سوسيرا اتفاقيات ولدت قبل قرن في جنيف وانضمت إلى قافلة الممتنعين عن إدانة إسرائيل

«خسرت سويسرا الكثير من رصيدها، لأنها امتنعت عن التصويت لمصلحة قرار مجلس حقوق الإنسان. لقد اكتسبت شهرتها العالمية بسبب اتفاقيات جنيف الأربع التي تمثّل أساس القانون الدولي الإنساني، لا لأنها تنتج شوكولاته شهية». الكلام للسفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف إبراهيم خريشي، في حديث خاص إلى «الأخبار» تعليقاً على امتناع سويسرا و12 دولة أوروبية أخرى عن التصويت على القرار، في الجلسة الاستثنائية التاسعة لمجلس حقوق الإنسان، الذي جرى أمس في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وتضمّن القرار إدانة شديدة للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، واتهم إسرائيل بارتكاب انتهاكات «خطيرة» لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.

وصُدّق القرار الذي ينص على تأليف لجنة تقصّي حقائق في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بعد انقسام. وصوّتت 33 دولة أفريقية وآسيوية وعربية ومن أميركا اللاتينية لمصلحة القرار، وامتنعت 13 دولة أوروبية، فيما كانت كندا الدولة الوحيدة التي اعترضت على القرار. وعادة ما يتخذ المجلس المؤلّف من 47 دولة قراراته بالتوافق، لكنّ القرارات المتعلقة بإسرائيل تسبّب دائماً انقساماً بين الأعضاء، وخصوصاً الغربية. وكانت إسرائيل قد اتهمت سويسرا بـ«اتخاذ موقف متحيّز» ضدها بسبب دعم «برن» لعقد دورة طارئة لمجلس حقوق الإنسان. وأوضح السفير الإسرائيلي في سويسرا ايلان ايلغار في حديث إلى صحيفة «سوناتغزيتونغ» أن هذا الدعم «يثير شكوكاً كثيرة». وقال «أرى أن ذلك يثير الكثير من الشكوك، لأن سويسرا تتخذ بذلك موقفاً ضد إسرائيل». وأضاف قائلاً «لقد تدخلنا لدى الإدارة الفدرالية (وزارة) للشؤون الخارجية»، دون أن يذكر تفصيلات أخرى.. لكن امتناع سويسرا عن التصويت يعكس النتائج المباشرة لهذا التدخل. وبحسب خريشي، خضع القرار الأخير للكثير من النقاشات والمفاوضات لخّصها بالقول: «عملت جاهداً مع البعثات الأوروبية لأجل أن نصل إلى إجماع على هذا القرار، ومن المخجل أن يطلب منا أن نقدم الدم الفلسطيني قرباناً لمصلحة الإجماع في أروقة الأمم المتحدة». وأضاف: «كنت أتوقع أن تمتنع الدول الأوروبية عن التصويت، لكنني فوجئت بالموقف السويسري، فلقد طلبوا مني إدخال بعض التعديلات على نص القرار. وبالفعل قمت بمشاورات طويلة، واستجبنا لمطالبهم، لكنّهم أبلغونا في آخر لحظة أنهم سيمتنعون عن التصويت». وسأل خريشي «إذا لم نطبّق اتفاقيات جنيف الأربع الآن، فمتى نطبّقها؟ وأردف: «أنا لا أفهم لماذا ينفق الاتحاد الأوروبي عشرات الملايين في مشاريع تعليم مفاهيم حقوق الإنسان حول العالم، وعندما تحين الساعة لاستخدام هذه المفاهيم، أثناء النزاعات والحروب، نجدهم يتراجعون وينكفئون». بدورها، أكدت سفيرة لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف نجلا رياشي عساكر في اتصال هاتفي مع «الأخبار»: أن «القرار إنجاز كبير، وخصوصاً أنه حصل على 33 صوتاً». وأضافت: «لقد حاولنا صقل النص بطريقة تدفع الأوروبيين إلى تبنّيه، لكنّ ذلك لم يحدث. المهم بالنسبة إلينا الآن هو وقف إطلاق النار والإسراع في إتمام كل القضايا اللوجستية المتعلقة بعمل لجنة تقصّي الحقائق، وسوف نناقش هذا الأمر في اجتماع قريب لمجموعة الدول العربية».

وبحسب خريشي، فإن قرار تأليف لجنة تقصّي حقائق إنجاز مهم تضمّنه القرار. لكنّ الأهم تضمين القرار فقرة تطلب من المفوّضة السامية لحقوق الإنسان أن تؤلّف فريق عمل يرصد الانتهاكات ويسجل كل الخسائر البشرية والمادية، لا في غزة فقط، ولكن في كل الأراضي الفلسطينية.

وأهمية هذا البند، بحسب خريشي، أنه يتخذ طابعاً تنفيذياً ومستديماً، وهو أقوى من بند تأليف لجنة تقصّي الحقائق التي ستأتي مرة واحدة وتقدم تقريراً واحداً. وأضاف: «لقد طلبنا أن تُقدَّم مساعدات تقنية وبشرية لمكاتب المفوّض السامي في رام الله وغزة، وألزمناهم تقديم تقرير فصلي عن التقدم المحرز». وأكد خريشي أن «تضمين القرار الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة التحقيق في استهداف مقارّ وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في غزة، وخصوصاً المدارس، إنجاز إضافي تضمّنه التقرير».

بدوره، أجرى مدير منظمة شمال جنوب 21 لحقوق الإنسان مقارنة مع القرار الذي اتخذه المجلس في 15 آذار 2006 إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان.

ويشير أحمد السويسي إلى تقدّم نص القرار الحالي، وخصوصاً لجهة الطلب من 16 مقرراً خاصاً المجيء إلى غزة والتحقيق. وأضاف: «يمكن القول إن جلسة مجلس حقوق الإنسان العادية التي ستعقد مطلع آذار المقبل ستشهد تخمة تقارير من قبل كلّ من لجنة تقصّي الحقائق، وفريق عمل مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، وتقارير المقررين الخاصين، وتقرير الأمين العام، عن استهداف الأونروا. لكنّ العبرة في حسن استخدام هذه التقارير لتكوين ملف يساعد على رفع دعوى قانونية ضد القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية.

تعليقات: