العـــالـــم القلــــق يتســـاءل: هل تنتهي الحيـــاة حقاً عام 2012 ؟


العـــالـــم القلــــق المعلّـــــق بحبــــال الاشــــاعـــــات يتســـاءل:

هل تنتهي الحيـــاة حقاً في 21 كـــانــــون الأول 2012؟

لغة مقلقة؟!..

عبثاً يحاول لسانك ترطيب شفتيك، وعبثاً تلوك روايات "تفقش" رعباً تحت أضراسك. فحين تعرف أن الكون يمكن أن يصغر ويضيق ليتكوّر في كوة الآخرة، وأن مسألة تعداد الأيام والليالي تصبح ترقباً لكارثة، والوقت الزمني يختصر داخل"روزنامة" شارفت النهاية، عندها فقط تستطيع أن تفهم كم أن العالم معلق بحبال النهاية والاشاعات و... العجز.

مذ وجد الانسان العاقل قبل زهاء عشرة ملايين سنة، وهو يخاف حركة الكواكب والنجوم، وغياب الشمس وشروقها، واكتمال البدر وعدم اكتماله، وكل ما يحصل في فترات زمنية متباعدة من خسوف للقمر وكسوف للشمس.

وقد تحركت المخيّلة الكوارثية عن اقتراب ساعة الصفر بعدما شاع نهاية القرن الماضي شبح الزوال وكلمة "نهاية العالم" التي احتلت الكتب والصحف والأحاديث العامة. ولم تبق مخيلة الا وشحذتها، لعينة أو خصبة. من نوستراداموس الى جول فرن الى متنبئين وعلماء، الذين وضعوا كوكبنا على كف عفريت مرات عدّة ولم يصيبوا.

ومع ذلك ما زلنا نخاف لأن لغة الأرقام لغة مقلقة. فالرقم أكبر من الانسان. وخصوصاً بعدما تردّد من أنباء عن مواعيد جديدة لنهاية العالم نشرت في الصحف وعلى الانترنت واجتاحت العالم.

خطر محدق بالكرة الأرضية تزداد وتيرته يوماً بعد يوم... فالتقارير العلمية والتنبؤات الفلكية والروايات الدينية قد تختلف في تحديد الفواصل الزمنية والاشارات الانتقالية لكنها تتفق على تأكيد أن نهاية العالم آتية... لا محالة.

أن أرجح النظريات عن بدء خلق الكون، هي نظرية الانفجار العظيم الذي أوجد المكان والزمان بعدما كان عبارة عن نقطة عديمة الأبعاد لانهائية الكتلة. وتوضح نظرية الانفجار العظيم أن الكون قد يصل الى حد أقصى من الاتساع كما أنه سيعود الى الانكماش مرّة أخرى.

ومن التقارير العلمية والتنبؤات الخيالية التي تنتشر أخيراً، تتعدّد الروايات والتواريخ عن ظواهر كونية مدمّرة، فنقرأ عن أن الأرض لن تستمر لآلاف السنين كما كان معروفاً، وأنها مهدّدة بشكل فعلي جرّاء الأحجار السماوية السائرة على غير هدى في آفاق الكون الشاسعة.

تؤلف ولا تؤلفان

يوم كنا نطوي ما تبقى من الألف الثاني للميلاد، استعداداً لاستقبال الألف الثالث، عاش عددٌ منا ما عاشه بعض سكان الأرض في الأيام الأخيرة من الألف الأول للميلاد. ففي ذاك الزمن تحركت أيضاً المخيلة الكوارثية عن اقتراب نهاية العالم لأن ألف سنة ستنقضي وسيطلق الشيطان من سجنه، وفق ما جاء في رؤيا يوحنا:"فاذا انقضت ألف سنة، يطلق الشيطان من سجنه فيسعى في اخلال الأمم التي في زوايا الأرض الأربع، فيجمعهم للحرب وعددهم عدد رمال البحر". ثم شاعت بين العامة عبارة "تؤلف ولا تؤلفان" التي انتشرت كالشهب حتى لفّت العالم، مؤكدة أن هذا التعبير ورد في الكتب الدينية. ولكن الحقيقة أن هذه العبارة لم ترد في أي كتاب ديني، بل بالعكس، فما قيل في الكتب السماوية أن ألف سنة في عيني الله هي غيره في عيني البشر. ففي الانجيل ذكر الرسول بطرس في رسالته الثانية:"ان ألف سنة في عينيك يا ربّ كيوم أمس العابر وكهجعة من الليل". وفي القرآن: "وان يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدّون"، (سورة الحج 47)، و"أن خمسين ألف سنة كيوم المعراج" (سورة المعراج 4).

وهكذا عاش العالم بأسره رعب النهاية وساعة الصفر، علماً أن روزنامات الأديان تختلف عن بعضها بعضاً. فالمسيحية تعتمد روزنامة ولادة المسيح، واليهودية تعتمد العدّ من عام 3760 قبل الميلاد، يوم خلق الله آدم وحواء في اعتقاد اليهود. والهندوس يبدأون العدّ من عام 3102 قبل الميلاد مع بدء دورة الزمن "كالييوغا"، وتبدأ السنة الاسلامية من هجرة النبي محمد الى المدينة عام 622 بعد ميلاد المسيح. فأي تقويم نعتمد وأي ألف تحتسب؟

عالم الاشاعات

تنبأ أحد العلماء بعد مجموعة بيانات جمعها على مدى عقود، احتمال ارتطام كويكب صغير بالأرض يشبه ذلك الذي دمّر الديناصورات قبل 65 مليون سنة. ولا يتوقع أن ترتطم هذه القطعة الفضائية بالأرض الا بعد 878 عاماً.

وتظهر الأبحاث الكونية دائماً أننا مقبلون على كارثة، وقد حدّد بعضهم لذلك يوم السادس والعشرين من تشرين الأول من العام 2028 موعداً لفناء الكرة الأرضية، بسبب اصطدام الأرض بنيزك XF، أكبر النيازك السماوية، الذي كان يدور بعيداً عن كوكبنا و غيّر مساره منذ التسعينات وهو الآن يتجه بسرعة كبيرة صوب الأرض التي تبدو كأنها في انتظاره. ويطلق الصينيون على هذا الحجر الفضائي اسم "صاعقة الموت" فيما يطلق عليه اليابانيون اسم "الأهوال الأخيرة لكوكب الأرض" لأن احتمالات اصطدامه تبلغ 97 في المئة، بقوة تعادل 5 ملايين قنبلة نووية. وان المنطقة التي يتجه للاصطدام بها ستظل مجهولة حتى العام 2020 . لأنه بدأ يزيد من معدلات سرعته وانحرافه حتى وصلت الى عشرين ألف كيلومتر في الساعة، فتكون قوة الارتطام هائلة تتلاشى معه الحياة في بعض المناطق، أما بالنسبة الى المناطق البعيدة فان معدلات الانفجار العالية لا بد أن تنتقل بآثارها الى اطراف الأرض الأخرى (خصوصاً مع وجود أسلحة نووية على الأرض). أما مياه البحار والمحيطات فستتحرك بسرعة كبيرة وفي اتجاهات مختلفة ما سيؤدي الى غرق ثلثي سكان الأرض الناجين.

وترى التقارير العلمية أن هذا النيزك يشبه الى حدّ كبير، ذلك النيزك الذي أوجد الأرض وأوجد الحياة على صورتها الراهنة قبل ملايين السنين، فكأنما هناك نيزك أراد أن تبدأ معه الأرض، وآخر تنتهي معه الحياة.

فمنذ أن أصبحت نظرية انقراض الديناصورات بفعل ارتطام كويكب بالأرض واسعة الانتشار منذ الثمانينات من القرن الماضي، صار الباحثون والسياسيون يمضون وقتاً أكبر في تقييم مخاطر ذلك. حتى أن الولع بهذه النظرية رسّخ ثقافة شعبية في أذهان الناس من خلال بعض الأفلام حول نهاية العالم مثل: "ارماغيدون" و"التصادم العميق" و"نهاية الأيام" و"اليوم الذي يلي الغد"...

وحدّد بعضهم يوم 27 تشرين الثاني 2076 لاختفاء كوكب الأرض عن مجرّة درب التبانة جراء مرور أضخم الاجرام والمذنبات السماوية الفضائية على الاطلاق، والذي سيسبّب وقوع زلزال نهائي موحد وشامل على الكرة الرضية بقوة 9 درجات على مقياس "ريختر".

ولكن ورغم اهتمام الباحثين الدائم للعثور على 90 في المئة من الكويكبات التي تهدّد الأرض لرصد تحركاتها، فان بعض الكويكبات الصغيرة جداً تكتشف بمحض الصدفة، فيما لا تكتشف اطلاقاً في غالب الأحيان.

ففي بداية العام الماضي، اقترب كويكب قطره ألف قدم (300 متر) من الأرض الى بعد يوازي ضعف المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر، وقد اكتشفه العلماء قبل تسعة أيام من مروره بالقرب من مدار الأرض.

وفي الثامن من آذار الفائت مرّت صخرة قطرها 165 قدماً (50 متراً) بالقرب من الأرض بسرعة توازي سرعة القمر تقريباً، وكان حجمها يبلغ حجم تلك الصخرة التي دمّرت عشرين ميلاً من غابة سيبيريا عام 1908 ، ولم يتمّ رصدها الا بعد أربعة أيام من عبورها الأرض. وبحسب العلماء أنها كانت آتية من اتجاه الشمس لذا كان من الصعب رؤيتها.

لذا، يعتبر الاخفاق الجزئي في هذا المجال أمراً عادياً، لأن رصد عشرات الآلاف من الصخور الصغيرة التي تسبح عشوائياً داخل المجموعة الشمسية مهمة شاقة.

هل تكون النهاية عام 2012؟

أما بالنسبة الى آخرين فالموعد النهائي لنهاية العالم سيكون في 21 كانون الأول 2012، اذ اكتشف أحد التلسكوبات التابع لـ"الناسا"، كوكباً يعادل حجم الشمس اسمه NIBIRU سيمرّ بقرب الكرة الأرضية وسيعترض مسار الأرض عام 2011، وسيتمكن الجميع من رؤيته كأنه شمس أخرى، وهو كفيل قبل اصطدامه باحداث خلل في التوازن الأرضي كزلازل هائلة وفيضانات شاسعة وتغيّرات مناخية مفاجئة يموت جرّاءها 70 في المئة من سكان العالم. وهذا ما يفسّر التغيّرات المناخية التي نشهدها منذ سنوات والذوبان في القطبين الشمالي والجنوبي.

وقد قامت الوكالة بدراسة ذلك الكوكب الغامض فوجدت أنه ذو قوة مغناطيسية هائلة تعادل ما تحمله الشمس، ووجدوا أنه سيعمل بعكس القطبية، أي أن القطب المغناطيسي الشمالي سيصبح هو القطب المغناطيسي الجنوبي. وقد توصل العلماء الى أن هذا الكوكب يستغرق في دورانه 4100 سنة لاكمال دورة واحدة حول الشمس، أي أنه قد حدث وأكمل دورته السابقة، ما يفسّر سبب انقراض الديناصورات قبل 4100 سنة تقريباً وانفصال القارات عن بعضها بعضاً.

وسيؤدي مرور هذا الكوكب من الأرض الى خلل في التوازن الأرضي ينتج منه زلازل هائلة وفيضانات شاسعة تقضي على ثلثي سكان مجرة درب التبانة، كما أنه سيؤثر على الشمس حين يعود ليقترب منها ما سيسبب انفجارات هائلة في الحمم الهيدروجينية لتصل الحمم الى سطح الأرض مسببة كوارث بيئية عظيمة، وهذا ما يفسر التغيرات المناخية الحاصلة في السنوات العشر الأخيرة.

وتشارك في هذا الاعتقاد شعوب المايا (المعروفون بدقتهم في حسابات علم الفلك لدرجة أنهم يحتسبون موعد الخسوف والكسوف بالساعة والدقيقة قبل آلاف السنوات من حدوثها)، وتنبؤات صينية اضافة الى علماء يابانيين ووكالة "الناسا" الفضائية وتوقعات نوستراداموس ونبوءة دانيال. كما أعلن عالم الرياضيات الياباني هايدو ايتاكاوا أن كواكب المجموعة الشمسية ستنتظم في خط واحد خلف الشمس في العام 2012 ، فيما يزعم بعضهم أن كنيسة روما لديها تنبؤ من قسيس اسمه مالكي يؤكد فيه انتهاء العالم بعد 112 رسولاً باباوياً والبابا الحالي بينيديكتوس هو البابا 111.

وقد انتشر هذا الخبر في أكثر من صحيفة علمية أجنبية، وكتب في أكثر من موقع الكتروني جدّي وللهواة، حتى أن بعض المجلات العلمية الفرنسية كتبت: "يتبقى لنا 1496 يوماً وتسع ساعات وست دقائق و32 ثانية قبل أن ينتهي عالمنا كما نعرفه اليوم".

وقد ذكرت قناة history وعدّد من المجلات العلمية أن النظرة الكارثية الى سنة 2012 يمكن ملاحظتها حتى بين أتباع الديانات السماوية الثلاث. ففي حين تؤمن شعوب المايا ان البشر يخلقون ويفنون في دورات تساوي خمسة آلاف عام، لذا تتوقف روزنامتهم نهائياً في 2012 ، نجد توافقاً بين هذا الاعتقاد وما جاء في التوراة حول خلق الانسان وفنائه على الأرض لخمسة آلاف عام ينتهي آخرها – بحسبهم - عام 2012. ويقولون أن معظم المسيحيين يؤمنون بظهور المسيح المخلص في آخر الزمان، أي عام 2012 اعتماداً على دانيال في الكتاب المقدس. كما يقال أن هناك قساً يدعى ادغار كايسي (سبق وتنبأ بانهيار البورصة الأميركية عام 1929، ادعى أن نزول المسيح سيكون بعد 58 سنة على وفاته، وأن العالم سينتهي بزلازل وحرائق تشتعل في الوقت عينه، سيكون عام 2012 موعدها.

أما الشيخ أمين جمال الدين فيقول في كتاب "عمر أمة الاسلام وقرب ظهور المهدي" أن سنة 2012 هي النهاية وليست بداية النهاية لدولة اسرائيل، وستكون على يدي المهدي المنتظر ومن معه.

كما جاء في كتاب "سفر الحوالي" (يوم الغضب): "متى يحل يوم الغضب ومتى يدمر الله رجسة الخراب ومتى تفك قيود القدس؟ فان كان تحديد الفترة بين الكرب والفرج صحيحة بـ 45 عاماً، فان قيام دولة اسرائيل كان 1967 وبالتالي ستكون النهاية سنة 1967+45 = 2012”.

ثم يؤكد بعضهم أن نوستراداموس ادعى أن كواكب المجموعة الشمسية ستضطرب بنهاية الألفية الثانية وتسبب دمار الحياة بعد حلولها بـ 12 عاماً. وثمة دراسة جدية في هذا الاطار لألبرت أنشتاين في العام 1955، اضافة الى عدد كبير من المنجمين مثل الساحر ميلين وسيبيل أيام الرومانيين التي دونت نبوءاتها على ورق البلوط، والعالم غريغ برادن وهنود الأريزونا.

وتجرى حالياً أبحاث في جامعة Princeton في نيوجرسي لتحديد حجم وطبيعة الأضرار التي ستلحق بالأرض، بحيث يصبح القطب الجنوبي مكان القطب الشمالي والعكس بالعكس. كما يشاع أن وكالة "الناسا" الأميركية ندمت على تسريبها الخبر، فعادت لتنفيه، فيما تبحث منذ أعوام بجهد كبير عن كوكب آخر قابل الحياة غير كوكب الأرض، وهذا ما يفسر القيام برحلات استكشافية متواصلة، ما يجعل الناس تعتقد بصدق التوقعات وحتمية حدوثها.

... والدين يحاصرنا أيضاً

إن كل الديانات "اسكاتولوجية" بشكل أو بآخر، أي أن تعاليمها تتضمن سيناريو ما لنهاية العالم. وفي الغالب أن هذه السيناريوات لا تخلو من أفكار أساسية مشتركة مثل: فساد الأرض، تهتك الأخلاق، الكوارث الطبيعية، ظهور المخلص واندلاع حرب كبرى بين الأخيار والأشرار. فالانسان بطبيعته ميال الى الايمان بفكرة "الفساد التدريجي" ثم "الخلاص النهائي". وهذا ما يعتبر نبوءة مع اختلاف طفيف في التفاصيل والصياغات والتواريخ، لكنها حتمية أي لا يمكن فعل أي شيء لازالتها.

والمشكلة أن بعضهم مهووسون بالاسكاتولوجيا، الى حدّ يستخدمون فيه نفوذهم السياسي والفكري والاجتماعي لخلق ظروف تعجّل في نهاية العالم حتى يشهدوا ذلك بأنفسهم ويسهموا في صناعة الحدث. وأهم أدوات تعجيل هذه النهاية هي تأجيج الصراع بين الأديان، واقناع الأتباع بحتميته. فالرئيس الاميركي جورج بوش خصوصاً والمحافظون الجدد، من أكثر المتهمين عالمياً بمحاولة خلق ظروف نهاية العالم بغزوهم العراق. كما أن السياسات الايرانية المستفزة للعالم، متهمة أيضاً جرّاء عنادها غير المبرّر لامتلاك الطاقة النووية لاعتقاد قادتها الدينيين أن ثمة سياسات تسرّع مجيء المهدي المنتظر. كما أن الصهيونية حركة قائمة على منطلقات ايسكاتولوجية بحتة، فالعودة الى أرض الميعاد هي أهم اشارات "الأبوكاليبس"، أي نهاية العالم في معتقدهم.

اذا كانت النبوءات الدينية تختلف كل منها عن الأخرى بحسب طريقة ومنهج التعامل مع النبؤة، لكنها تتفق كلها في الخطاب الرجعي الماضوي الذي يرى المستقبل كتاريخ محدّد الوقائع أو يراه في أفضل الأحوال في صورة تاريخية وليس فعلاً بشرياً وانما حالة محسوبة سلفاً.

لذا نجد أن الديانات كلها تلمح الى ارتباط الخلاص بالكارثة، وهي لذلك تستعمل تسميات مخيفة مثل: يوم القيامة، يوم الفصل، يوم الحسرة، يوم الحساب، يوم الحشر، يوم الدين، يوم الجمع، يوم الخروج، يوم الطامة، يوم الوعيد، يوم الفرار، يوم العرض، يوم الجزع،...

ويذكر الدين الاسلامي في آياته: "واذا السماء انفطرت، واذا الكواكب انتثرت، واذا البحار فجّرت، واذا القبور بُعثرت، علمت نفسٌ ما قدّمت وأخرّت"، ويذكر أيضاً:" اذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الانسان ما لها، يومئذ تحدّثُ أخبارها".

وفي الدين المسيحي يقول الرب: "واجعل علواً أعاجيب في السماء، وسفلاً آيات في الأرض، فتتبدل الشمس بنورها ظلاماً والقمر دماً قبل أن يأتي اليوم العظيم، يوم الربّ".

وأيضاً نقرأ في أسفار الرسل: "اذهبوا فأريقوا على الأرض أكواب غضب الله"، و"ستظهر علامات في الشمس والقمر والنجوم، وينال الأمم كرب في الأرض وقلق من عجيج البحر وجيَشانه، وتزهق نفوس الناس من الخوف ومن توقع ما ينزل بالعالم، لأن أجرام السماء تتزعزع، فتنتحب جميع قبائل الأرض، وحينئذ يرى الناس ابن الانسان آتياً في الغمام وله العزة والجلال".

وهكذا قد تختلف نظرة الدين ونظرة العلم في تحديد نهاية مطابقة للعالم، الا أنهما يتفقان أن ثمة نهاية له.

• • •

في اختصار، يجد الانسان نفسه محاصراً بساعات توقيت ملغومة تميته خوفاً، هو الذي اخترع الزمن وجعله اصطلاحاً لينظم شؤون حياته مستنداً الى ظواهر الطبيعة وتعاقب الليل والنهار والفصول، فاذا بهذا الاختراع يسيطر عليه، يأسره، يهجس به، ويحاول تطويعه ووقف تدفقه لعله يوقف بذلك اندفاعه نحو نقطة النهاية.

فالانسان الذي اخترع السيارات، يستعد الآن للسفر الى المريخ. وقد انتهى منذ أيام فقط من إقامة أول محطة دائمة في الفضاء. وعليه، ما بين اللاشيء وحافة الأرض، نحن نعيش على كوكب الأشياء المفزعة والجميلة معاً.

نعم، سقطت تنبوءات نوستراداموس السوداوية وسقطت مقولة "تؤلف ولا تؤلفان"، فهل ستسقط المقولات الأخرى فيحتفل الأحفاد بعد ألف سنة ببداية الألف الرابع في عالم قد يكون تخلص من الأمراض والجوع والبؤس... وربما من الموت؟؟

تعليقات: