زراعـة الكيـوي تنتشـر فـي المـتن الأعلـى وعاليـه


عاليه :

وجدت زراعة الكيوي طريقها في منطقة عاليه والمتن الأعلى، في مطلع التسعينيات، بعدما تكبد مزارعو التفاح والأشجار المثمرة في المنطقة خسائر كبيرة، فآثروا التوجه نحو زراعات أخرى لم يصمد منها سوى زراعة الكستناء والـ»كيوي«، فيما لم تنجح زراعة »الفستق الحلبي« على سبيل المثال كإنتاج يمكن أن يؤمن مردوداً مالياً مهماً. هكذا، أقدم بعض المزارعين على زراعة الكيوي كتجربة ومغامرة، من دون أي توجيه أو إرشاد من وزارة الزراعة.

ويؤكد كثيرون في المتن الأعلى وعاليه أنهم كانوا السباقين إلى زراعة هذا النوع من الثمار، إلا أن الحقيقة تفترض إنصاف المهندس الراحل جورج حداد ابن بلدة حمانا الذي أحضر بضع أغراس في العام ١٩٨٩ وزرعها بالقرب من حديقة منزله. لما بدأت مرحلة الإثمار بعد ثلاث سنوات، كان الأمر بمثابة مفاجأة، فحمانا تعلو ١٢٠٠ متر عن سطح البحر. إلا انه تبين أن الـ»كيوي« اللبنانية الجبلية تؤمن إنتاجا وافراً ذا نوعية مميزة تضاهي الـ»كيوي« في الاسواق المستوردة من دول أوروبية وأفريقية.

هكذا وجدت الـ»كيوي« لجذورها أرضاً خصبة في المتن وعاليه، وتحولت زراعة أساسية بالنسبة لعدد كبير من المزارعين، وباتت تؤمن محصولا اقتصاديا بديلا ومنافسا لبعض المحاصيل والأشجار الأخرى.

وقد بدأت ثمار الـ»كيوي« تمثل في السنوات الأخيرة أهمية اقتصادية كبيرة في المنطقة، كونها تتدرج بالنضج ويمكن حفظها ستة أشهر من دون أن تفسد، مما يبقي المزارع بمنأى عن جشع التجار، فيمكن تسويق الإنتاج تباعاً وحسب حاجة السوق.

ويشير رياض عبد الخالق من بلدة صوفر إلى أن »ثمرة الكيوي صينية الأصل وأثبتت التجارب المتلاحقة نجاح زراعتها في المناطق الساحلية اللبنانية وصولاً إلى ارتفاع ألف متر عن سطح البحر«، ولفت إلى أنها »تتطلب نوعاً من التربة الغنية بالمواد العضوية«، لافتاً إلى أن »الكيوي تروى صيفا ويمكن أن تنمو بعلياً أيضاً«.

أما سمير فرج من بلدة العبادية فيقول إن »الكيوي يمكن تخزينها لفترة طويلة تتجاوز ستة أشهر وتتحمل عمليات التعبئة والنقل دون أن يتعرض التاجر لأضرار وخسائر«، مؤكدا أن »مردودها المادي جيد وإنتاجيتها عالية في وحدة المساحة كونها تنمو عموديا على (سقالات) كما زراعة العنب«.

ولفت فرج إلى أن »الكيوي تمتاز عن غيرها من الأشجار المثمرة بتدني تكلفة الأعمال الزراعية فضلاً عن أن الشجرة تبدأ مرحلة الإنتاج بعد نحو سنتين أو ثلاث وعمرها يتجاوز الأربعين عاماً«.

بدوره، يشير أنطوان فضول إلى أنه عمد إلى زراعة الكيوي ليس للتجارة والربح بل »نظراً لأهميتها الصحية لأن ثمرنها تحتوي على فيتامين سي بكميات تصل إلى عشرة أضعاف الكمية الموجودة منه في الحمضيات«، لافتا إلى أن »الكيوي لا تحتاج إلى معاملة دائمة بسبب خلوها من الآفات الزراعية«.

ويعرض المزارع سامي أبو سعيد من شويت تجربته في زراعة الكيوي، فيقول: »قبل خمس سنوات، اشتريت ثلاث غرسات إيطالية المنشأ من أحد المشاتل الزراعية في بلدة كفرعميه ـ قضاء عاليه، وسعر الغرسة الواحدة ١٢ دولاراً. وقد ارتفع السعر اليوم لأن شجرة الكيوي تحتاج، لتصل إلى مرحلة الإثمار، الى غرستين أنثيين وغرسة ذكر للتلقيح، واللافت للانتباه أن الجذوع الثلاثة تتشابك بشكل رائع لتتم عملية التلقيح وإعطاء الثمار«.

ويلفت إلى أن »شجرة الكيوي مهمة كون أزهارها تعتبر غذاء للنحل«.

ويؤكد أبو سعيد أن »نجاح التجربة قبل خمس سنوات دفعني لغرس أعداد إضافية من الأغراس وتحفيز المزارعين الآخرين على زراعتها«.

لا يمكن حتى الآن تقديم دراسة إحصائية عن حجم المساحات المزروعة وإنتاج الـ»كيوي«، ذلك أن وزارة الزراعة غائبة. وينتقد المزارع محمد سري الدين »غياب الوزارة لجهة عدم تأمين نشرات إرشادية حول زراعة الكيوي بحيث نعتمد على أنفسنا كمزارعين ونتبادل المعلومات استناداً إلى تجاربنا«، لافتا إلى أن »صعوبات واجهتنا في البداية لجهة تقليم الاشجار وتمكنا بالتجربة حل هذه المشكلة ومعرفة الاغصان المفترض إزالتها لتأمين وفرة ونوعية في الانتاج«.

أما المزارع إدغار النوار فيشير إلى أنه »رغم نجاح زراعة الكيوي في لبنان فإننا لا نزال تستورد كميات كبيرة من الكيوي من دول مجاورة كإيران وتركيا، وهذا يشجعنا على زيادة المساحات المزروعة«، متمنيا أن »نصل إلى مرحلة يصل فيها لبنان ليصبح بلدا مصدراً للكيوي«.

ويشير النوار إلى أن »أشجار الكيوي تتطلب حماية من الرياح الشديدة«، لافتا إلى أن »الأمطار الأخيرة المصحوبة برياح شديدة تسببت بإلحاق أضرار بكروم الكيوي بحيث عمدنا إلى إعادة تثبيت الأعمدة الحديدية ورفع الاشجار عن الارض«.

من جهتها، عرضت المهندسة الزراعية جنان أبو سعيد لزراعة الكيوي من منطلق علمي، فقالت إن نبات الكيوي »يدخل طور الإثمار في عامه الثالث أو الرابع من زراعته وحسب طرق تكاثره ونظم تربيته ونوعه وخصوبة التربة الحاضنة له والأفرع سريعة النمو ومنها أفرع ثمرية تتميز بكثافة البراعم الزهرية التي تحملها وأفرع خضرية وتكون سهلة الكسر عند التعرض لرياح شديدة. والافرع التي بعمر عام تحمل في طرفها السفلي براعم زهرية تتحول الى ثمار خلال العام المقبل«.

أضافت: إن نجاح زارعة الكيوي في لبنان سببه الظروف البيئية الملائمة لنمو وإنتاج الكـــيوي، وأنســب الاراضي لزراعة الكيوي هي الأراضي الغنية بالمادة العضوية والجيدة الصرف.

تعليقات: