ياطر بمنازلها الثمانمئة المتضررة تتـطلع إلـى مـن يتبناهـا

في الانتظار ..
في الانتظار ..


بنت جبيل :

دخلت مشكلة تأخر أو تأخير دفع تعويضات أضرار عدوان تموز ٢٠٠٦ في لعبة التجاذبات السياسية أو أنها أدخلت في اللعبة منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم.

فمرة تدب الحماسة وتشتعل أروقة الهيئة العليا للإغاثة بإعداد الشيكات التي يتم توزيعها على مستحقيها، وفي مرات أخرى كثيرة يبرد الموضوع حتى يكاد يتجمد في أدراج الهيئة، على الرغم من التأكيدات المستمرة بتوافر الأموال اللازمة.

وكانت حجج التأخر في التسديد في البداية تتوزع بين العمل على إنهاء الكشوفات وإعادة المسح والتأكد من هوية المستحقين بعد حصول عمليات تزوير. إلا أن جبهات التراشق الكلامي عادت للبروز مؤخرا بين متهم بإصدار شيكات بلا رصيد وبين كلام مضاد يعتبر الأمر مجرد تأخير في تحويل لوائح الأسماء إلى مصرف لبنان.

وبين الحالين، يجد أصحاب الحقوق أنفسهم بين المطرقة والسندان، وان كانوا مطمئنين إلى أنهم في نهاية المطاف سيحصلون على مستحقاتهم، بما أن الجميع يؤكد توافر الأموال من الدول المانحة.

إلا أن هناك العشرات من القرى التي نالت نصيبا وافرا من الاعتداءات ما زالت كاليتيمة لا تجد من يتبنى إعادة إعمارها.

وتعتبر بلدة ياطر، في قضاء بنت جبيل، من أكبر هذه القرى وأكثرها تضررا حيث لم يسلم بيت من بيوتها الثمانمئة من الضرر وان اختلفت الأضرار بين بيت وآخر.

وربما تساعد معرفة الموقع الجغرافي للبلدة في فهم الأمر: فياطر تقع على تل مرتفع يكشف الرؤية تماما امتدادا من مارون الراس جنوبا مرورا بالبحر غربا والداخل اللبناني من الاتجاهات الأخرى. وتقع على سفوحها سلسلة من الممرات الطبيعية والأودية والأحراج التي طالما شكلت ممرا للمقاومة قبل التحرير ومنطلقا للصواريخ خلال العدوان الأخير بحسب الرواية الإسرائيلية.

كما أن البلدة تطل على وادي مريمين الشهير حيث تمكنت المقاومة من إسقاط طائرة مروحية خلال حرب العام .٢٠٠٦ ولذلك كله، شهدت البلدة مئات الغارات طوال ٣٣ يوما وتعرضت للقصف منذ اليوم الأول للحرب حين نفذت مجزرة في أحد منازل البلدة. ولم يتوقف القصف عليها إلا في اليوم الأخير، وهي التي كان اسمها يتردد يوميا في نشرات الأخبار قبل التحرير نتيجة تعرضها المستمر للقصف والغارات الاسرائيلية.

وقد أدت الحرب الأخيرة إلى »تدمير ٢٥٤ منزلا كلياً«، بحسب نائب رئيس البلدية حسين سويدان، مضيفا أن »بعضها مؤلف من أكثر من طبقة، كما تضرر ٢٦٨ منزلا آخر جزئيا، فيما بقية منازل البلدة تضررت بنسب خفيفة«.

يقول سويدان »ما زلنا حتى اليوم كالأيتام على باب الله، لم تمن علينا أي دولة بنعمة الاحتضان والتبني«، معتبرا أن »دولتنا هي أكثر فقرا منا«.

وهو يرى أن »لا أمل لدينا في المدى المنظور بالحصول على الدفعة الثانية من تعويضات الهدم الكلي، فيما تعويضات الترميم لم تدفع كاملة بعد«، ثم يتساءل »اذا كانت حال القرى التي تبنتها دول غنية غير مرضية، فكيف تكون حالنا نحن؟«.

ويشير ابراهيم جعفر، وهو احد المتابعين لأمور التعويضات، إلى أن الدفعة الأخيرة من التعويضات سلمت في آذار العام ،٢٠٠٧ فيما الدفعة الثانية من تعويضات الهدم وباقي مبالغ الترميم التي تزيد عن ١٢ مليونا لم تصل بعد، مشيرا إلى وجود من استطاعوا إنهاء ترميم منازلهم على نفقتهم الخاصة أو بالدين، فيما هناك عدد من الذين ما زالوا في منازل مستأجرة، وآخرون تمكنوا بالكاد من إنهاء ترميم غرفة وتوابعها ليبقوا فيها.

ويلفت سويدان الى أن البلدية تتلقى يوميا عشرات المراجعات والشكاوى عن المشكلات التي تقع بين المقاولين وتجار مواد البناء من جهة، وأصحاب المنازل من جهة أخرى، نتيجة تأخر المتضررين عن تسديد كلفة البناء والترميم.

ويشير جعفر إلى أن قسما من أموال التعويضات قد فقد قيمته الشرائية »بعد الارتفاع الجنوني الذي ضرب مواد البناء« موضحا أنه حصل على مبلغ خمسة عشر مليون ليرة كدفعة أولى لترميم منزله الذي قدرت قيمة ترميم أضراره بثلاثين مليون ليرة، وهو ما زال ينتظر النصف الباقي كي »أصب السقف، وأطلي المنزل وأنجز أعمال الصحية والنجارة. ولكن، على أرض الواقع، فإن الخمسة عشر مليونا بالكاد تكفي حاليا لصب السقف«.

أما رسميا، فيقول سويدان ان »نوابنا لا حول لهم ولا قوة«.

يقول إنه ليس لعائلات ياطر »إلا رحمة الله«، فالتهديد بتحرك تصعيدي »مؤجل حاليا كي لا يتم استغلاله سياسيا على أبواب الانتخابات النيابية«.

تعليقات: