
تراجع إنتاج زيتون الجنوب بشكل قياسي (المدن)
يعاني موسم الزيتون في الجنوب هذا العام مشاكل عدّة. فالتحدي الأول هو صعوبة وصول أبناء قرى الحافة الأمامية إلى حقولهم، التي جرف العدوّ مساحات واسعة منها وأحرق أخرى، فيما يتمثل التحدّي الثاني في تدن غير مسبوق في الإنتاج، سواء في المناطق الحدودية أم المناطق الساحلية.
وقد نجم عن انخفاض الإنتاج وارتفاع أجور اليد العاملة وتكاليف النقل وأعمال عصر الزيتون، ارتفاع في سعر صفيحة الزيت لتتجاوز 150 دولاراً، تزامناً مع تصدير كميّات من الزيت إلى دول الإغتراب، وخصوصاً إفريقيا، التي توجد فيها أعداد كبيرة من أبناء الجنوب.
أعمدة الزراعة والدخل
تُعد زراعة الزيتون جنوباً واحدة من أعمدة الزراعة والدخل إلى جانب الحمضيات والتبغ والخضار. وكان لهذه الزراعة نصيب وافر من الخسائر الضخمة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث اقتلعت آلاف الأشجار المعمّرة في بلدات الحافة الأمامية المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة.
بمرافقة دوريات من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وعلى مرأى من الجنود الإسرائيليين في النقاط المحتلة، استرجع أصحاب حقول الزيتون عهدهم مع زيتونهم، بعد سنوات من إبعادهم عنوة وخسارتهم مواسم متتالية. وفي فترة زمنية قياسية غير معتادة، انتقل المزارعون من قطاف مواسمهم وعصرها مباشرة، إلى تشحيل حقولهم المهملة قسراً بفعل تداعيات العدوان الإسرائيلي.
لم يجنِ محمد ناصر من حقله، في بلدة عيتا الشعب، ما كان يجنيه في المواسم السابقة، التي سبقت اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان. فبعد يوم عمل طويل، وعلى وقع تحويم الطائرات المسيّرة الإسرائيلية، تمكّن ناصر من قطاف أقلّ من 50 كيلوغراماً من الزيتون، ونقلها إلى مسكن النزوح في إحدى قرى بلدات منطقة صور.
وقال ناصر في حديثه إلى "المدن": "قبل الموسمين الفائتين، كان إنتاج الزيت من حقل الزيتون الذي أملكه، يلامس 15 صفيحة من الزيت. ولكن للأسف هذا الموسم، وبعد انقطاع موسمين، لم يبلغ الإنتاج صفيحة واحدة، معيداً ذلك إلى تدنّي المحصول، في ظل غياب الخدمة والاهتمام نتيجة الوضع الأمني، إضافة إلى العوامل الطبيعية المتنوعة. وأرجع ناصر ذلك إلى سبب آخر، يتمثل في القاعدة الزراعية الشائعة، ومفادها أن إثمار الزيتون يختلف بين سنة وأخرى.
إنتاج متدنٍ وشحيح
تفاجأ حيدر جابر بكمية إنتاج الزيتون من حقله الواسع في قرية يانوح. وقال: إن الإنتاج كان متدنياً وشحيحاً للغاية، ولم يبلغ 10 المئة من إنتاج المواسم السابقة. وتابع جابر أن اشجار الزيتون تحتاج إلى رعاية خاصة، ابتداء من التسميد والحراثة ورشّ المبيدات، وصولاً إلى التشحيل الدوري ونزع الأغصان اليابسة. وكل هذه الأعمال تترتّب عليها كلفة مرتفعة لا تعادل قيمة الإنتاج.
ويعترف المزارع عبد السيد أن تراجع إنتاج الزيت في حقله، من 5 صفائح إلى أقل من صفيحتين يعود إلى تقصيره تجاه أشجار الزيتون، التي تحتاج إلى عناية ودلال. وأكد في حديث إلى "المدن" أنه لم يسمّد أشجار الزيتون سوى مرتين خلال حوالى عشرين عاماً، فكانت هذه النتيجة.
وأشار السيد إلى أن التبكير في قطف الموسم الحالي، كان سبباً من أسباب قلة إنتاج الزيت، كون غالبية المزارعين قطفوا زيتونهم قبل إيناعه، ما جعل كل 100 كيلوغرام من الزيتون تنتج صفيحة زيت واحدة فقط.
من جانبه، يوضح المزارع علي فقيه، الذي يعمل في حراثة الأراضي بواسطة جرّار زراعي لـ"المدن" أن الموسم الحالي قد شارف على نهايته في منطقة صور الساحلية، بعدما بكّر المزارعون في قطاف محاصيلهم خوفاً من مستجدات أمنية، خصوصاً أن أبناء مناطق الجنوب تركوا بيوتهم وأرزاقهم مع بداية الموسم الماضي، ولم يستفيدوا حتى من القليل بعد عودتهم من تهجيرهم القسري.
ويخالف فقيه الكثير من المزارعين لناحية اعتمادهم على القاعدة الشائعة، التي تقول إن أشجار الزيتون تحمل محصولاً وفيراً في عام وتحمل محصولاً شحيحاً في عام آخر. فهو يرى أنّ الأشجار تحتاج إلى الرعاية كالطفل، وإذا لم تعطها حقها، فإنها لن تعطيك مردوداً أفضل.
ظاهرة طبيعية!
عن ضعف إنتاج الزيتون والزيت علمياً يشرح المهندس الزراعي حسن حمزة بعض الأسباب، ويقول لـ"المدن" إن ظاهرة المعاومة، أي أن الزيتون يختلف إثماره بين عام وآخر، هي ظاهرة طبيعية مبدئياً، وأن شجرة الزيتون تحمل على "نموّات" السنة التي سبقتها. وأكد أن الحد ّمن هذه الظاهرة يتوجب القيام بالتشحيل سنوياً، حتى لا تتراكم الغصون الميتة واليابسة ويتمّ التخلص من الفروع لتحفيز عملية التزهير .
ويلفت حمزة إلى أن التسميد يعد عنصراً أساسياً في عملية تجديد الشجرة، خصوصاً الأسمدة الكيميائية، بعد خلطها بأسمدة عضوية، لكي يكملا بعضهما البعض. وإضافة إلى ذلك فإن الأشجار في حاجة إلى رشّ، وأيضاً إلى ريّ خلال فترة الصيف، وأن يكون آخر "عدّان" قبل القطاف بشهر واحد.

زيتون الجنوب (المدن)

زيتون الجنوب (المدن)
الخيام | khiyam.com
تعليقات: