
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية في منطقة البويضة في مرجعيون، بالقرب من الحدود مع الأراضي المحتلة، 30 أكتوبر 2025 (أ ف ب)
إذا خسر لبنان قوة الفعل والفرصة فإن الرهان على "قوة الخطر" هو ورقة وهمية يتصور المسؤولون أنها تدفع العرب والغرب إلى الاهتمام بلبنان خوفاً من انهياره
ملخص
ليس من المعقول أن يبقى لبنان، بالاضطرار أو بالخيار والتردد عن خوف، في محطة انتظار يتجاوزها قطار السلام والازدهار في المنطقة، ولا من المقبول أن يرفض لبنان التفاوض بواسطة أميركا على "اتفاق أمني" مع إسرائيل يحرر الأرض ويعيد الأسرى ويفتح الطريق إلى إعادة الإعمار، تاركاً نفسه في عزلة مع سلاح انتهى زمنه وخراب يتزايد وأرض محروقة واحتلال إسرائيلي لما هو أبعد من "منطقة عازلة" داخل الحدود اللبنانية مع العدو.
هامش الفعل محدود أمام لجنة الإشراف على "وقف الأعمال العدائية" برئاسة جنرال أميركي من خلال اجتماعات ما سمي "الميكانيزم"، ولا فرق بين ما يسمعه المسؤولون في لبنان من الموفدين الأميركيين والمصريين وسواهم بصورة تحذير وإنذار أو بصيغة نصائح، فالأساس واحد: الوضع خطر جداً.
والأفق الذي فتحه اتفاق وقف الحرب في غزة بين "حماس" وإسرائيل برعاية الرئيس دونالد ترمب وقادة مصر وتركيا وقطر محكوم بإزالة الانسداد في لبنان، لأن سوريا ولبنان هما "القطعتان الباقيتان في سلام الشرق الأوسط"، أي الناقصتان بحسب تعبير الموفد الأميركي السفير لدى تركيا توم براك.
وما عاد وقف النار كما هو، يبدو كأنه كافٍ بالنسبة إلى إسرائيل و"حزب الله"، إسرائيل تمارس في إطاره منذ نحو عام كل ما يمكنها من اغتيالات لكوادر "حزب الله" وما بقي من بنيته العسكرية، و"الحزب" يمتنع عن الرد ويكتفي بالحديث عن "ترميم" نفسه وقوته ويصر على الاحتفاظ بسلاحه رافضاً قرار مجلس الوزراء بسحبه ومطمئناً إلى أن السلطة لن تقدم على صدام معه.
لا بل إن أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يقول: "لسنا جاهزين لشن معركة، ولا يوجد لدينا قرار لشن معركة ولا قرار بمبادرة قتال" مع العدو، لكنه يهدد الدولة بـ"مواجهة كربلائية" دفاعاً عن السلاح، ذلك أن حرب غزة كانت أكبر منها، لذا فإن سلام غزة أكبر منها، ولا مهرب أمام "حماس" من تسليم السلاح بالاتفاق أو بالقوة، كما يقول ترمب قبل نتنياهو والوسطاء العرب.
ومن الصعب استمرار وقف النار في لبنان وسط حربين، واحدة تهدد بها وتستعد لها إسرائيل للتخلص من أي خطر عليها يشكله "حزب الله" وسلاحه وارتباطه الإيراني، وهي حرب تحتاج إلى ضوء أخضر من أميركا التي تبدو كأنها يئست من تنفيذ ما التزم به الوضع الجديد في لبنان حيال "حصرية السلاح" في يد الدولة، وإن كانت لا تزال تشجعه على سحب السلاح غير الشرعي بحلول نهاية العام الحالي.
والحرب الأخرى هي التي لا معنى لسلاح "حزب الله" إن لم يكن يستعد لها عبر التمسك به والسعي إلى تعويض ما خسره من قيادات وأسلحة. وهي عملياً "حرب السلاح"، حرب الدفاع عن السلاح في الداخل ضد أي خطوة رسمية لسحبه، والتسلح من أجل الحرب الدائمة مع العدو الإسرائيلي وإخراج النفوذ الأميركي من لبنان وكل غرب آسيا ضمن أهداف المشروع الإقليمي الإيراني، كأن التحولات الهائلة لم تحصل.
الخيام | khiyam.com
تعليقات: