مدارس شمسطار الرسميّة ضحية الفوضى والمحسوبيّات

ثانوية شمسطار الرسمية
ثانوية شمسطار الرسمية


انطلق العام الدراسيّ في مدرسة شمسطار الرسميّة للبنات هذا العام انطلاقةً ”تهجيريّة“ دفع بإدارة المدرسة وأساتذتها وتلاميذها إلى ”النزوح“ نحو أكثر من مكانٍ قبل أن تحطّ رحالهم في أحد مباني ”ثانوية شمسطار الرسميّة“ بعد معاناة التنقّل ومشقّاته التي استمرّت أيّامًا عدّة.


الواقع التربويّ في البلدة

يوجد في بلدة شمسطار البقاعيّة ثلاث مدارس رسميّة؛ الأولى ثانويّة والثانية متوسّطة للبنات والثالثة متوسّطة مختلطة. يعود تاريخ وجود الأولى إلى منتصف السبعينيّات من القرن الماضي. في حين أنّ تاريخ تأسيس الثانية يعود إلى بداية الثمانينيّات. أمّا الثالثة فهي الأقدم تاريخيًّا حيث جرى بناؤها في العام1936 .

بعد إنشاء ”متوسّطة البنات“ تحوّلت ”المتوسّطة المختلطة“ إلى ”متوسّطة للصبيان“ وبقيت المدرستان تستقبلان أجناس التلاميذ وفقًا لاسميْهما إلى أن جرى تعديل تسمية ”للصبيان“ فتصبح ”مختلطة“ ما أثّر في واقع مدرسة البنات، إذ راحت التلميذات يلتحقن بالمختلطة، ما أدّى إلى تراجع أعداد البنات في مدرستهنّ مع ما عكسه ذلك من تخبّط على صعيد عدد الأساتذة وكيفيّة توزيع حصص التعليم طبقًا للنصاب القانونيّ.


”تهجير“ المدرسة

في السنوات العشر الأخيرة، انطلقت مدرسة البنات بمسيرة تربويّة متعثّرة، نتيجة التراجع الكبير في أعداد تلميذاتها إذ لم يتجاوزن بضع عشرات في السنة الدراسية الماضية، مع وجود كثافة معلّمين تفوق أعدادهن. وبما أنّ مبنى المدرسة مستأجَر من أحد أبناء البلدة فقد طلب المالك هذه السّنة زيادة على القيمة التأجيريّة، فلم تستطع إدارة المدرسة دفعها، عندها طلب من إدارتها إخلاءها كحقًّ قانونيّ، إذ تقع مسؤولية إيجاد مبنى على عاتق وزارة التربية لا على ”أكتاف الأجاويد.“


أمام هذا الواقع، وفي ظلّ التنصّل من المسؤوليّات من قبل الجهات الرسميّة، أصبحت المدرسة بكلّ عناصرها في حكم المهجّرة، حتّى لجأت إدارتها إلى مبنى ”المعهد الفنّيّ“ في البلدة، فجرى تقديم طابقٍ منه ”للمهجرين“ من أساتذة وتلميذات الذين سرعان ما أخلَوْا ”مأواهم“ الجديد بطلبٍ من مديريّة التعليم المهنيّ والتقنيّ، التي علّلت الأمر بأنّ ”إيواء“ مدارس أكّاديميّةٍ رسميّة، ليس من مسؤوليّتها إنّما من مسؤوليّة وزارة التربية.

عندها استجارت إدارة مدرسة البنات ”بثانويّة شمسطار الرسميّة“، من خلال وزارة التربية، فجرى تقديم مبنى من مباني الثانويّة لها، وفق دوام عملٍ لا يتعارض مع المدرسة ”المضيفة“.


الهروب من الدمج

مع وجود متوسّطة رسميّة في مبنى تابعٍ للدولة شارف على بلوغ عامه المئة من التأسيس، لم يعد لوجود متوسّطة ثانيّة من مبرّر لا سيّما وأنّ المدرستيْن لم يكتمل نصاب التلاميذ فيهما منذ أكثر من عقديْن من الزمن، وذلك بسبب توجّه أهالي الطلّاب إلى المدارس الخاصّة.

لكن ما هو حاصل اليوم، أنّ تعيين إدارة المدرستيْن، لا يعود إلى المعايير القانونيّة والتربويّة، ولا لسلطة وزارة التربية، إنّما تتكفّل به الجهات الحزبيّة الحاكمة بأمرها، إذ يؤتى بمدير ذي انتماء سياسيٍّ، من ضمنها اختيار المعلّمين ممّن يكونون ”درعًا“ واقيًا للإدارة، في كلّ ما تقوم به لخدمة من أتى بها ردًّا ”للجميل“.

انطلاقًا من التنفيعات والمحسوبيّات التي فرضتها القوى الحزبيّة على المدرستين، فإنّ إدارتيْهما، لا تريدان الدمج في مدرسةٍ واحدةٍ، وذلك حفاظًا على إبقاء عدد المدرّسين المتعاقدين مرتفعًا

ومن ضمن الصفقات الإداريّة ”التنفيعات“ الحزبيّة والعائليّة للمدرّسين المتعاقدين الذين يحلّون مكان أساتذة الملاك، الممنوحين من الإدارة امتيازاتٍ خاصّة، منها تقليص عدد ساعات التدريس وتحويلهم إلى أعمال إداريّة ”مخترَعة“، إفساحًا في المجال أمام تأمين ساعاتٍ للمتعاقدين من جهةٍ، وتقديم أوقات فراغٍ إلى من في الملاك كي يمارسوا أعمالًا خارج وظيفتهم من جهة أخرى.

وانطلاقًا من التنفيعات والمحسوبيّات التي فرضتها القوى الحزبيّة على المدرستين، فإنّ إدارتيْهما وبطلبٍ وغطاءٍ حزبييْن، لا تريدان الدمج في مدرسةٍ واحدةٍ، وذلك حفاظًا على إبقاء عدد المدرّسين المتعاقدين مرتفعًا، واستغلالًا للأموال المتأتيّة من ذلك، والتي يجري توظيفها في البازارات السياسيّة. علمًا أنّه بالإمكان تحويل الصفوف المتوسّطة في المدرستين إلى الثانويّة والصفوف الابتدائيّة مع صفوف الروضات إلى مدرسةٍ واحدة.

تعليم السوريّين بعد الظهر

بدءًا من العام 2015 جرى اعتماد المدرستيْن في شمسطار, كمركزين لتعليم التلامذة السوريّين بدوام بعد الظهر، حيث تُرصد أموال المعلمين من قبل الأمم المتّحدة وبإشراف وزارة التربية الوطنيّة اللبنانيّة.

ومنذ ذلك الحين والمدرستان متمسّكتان بالتعليم المسائيّ (تعليم السوريّين) بحسب التسمية المعتمدة، لما يدرّ ذلك من أموالٍ على الإدارة، الحصة الأكبر، والأستاذة (ملاك ومتعاقدين) .

شكّل التعليم المسائيّ فرصة لا تعوّض للاستغلال الماليّ والسياسيّ، إذ تعود للمدير صلاحية اختيار من يشاء للتعاقد، واختيار عدد الساعات وطبيعة العمل. وهذا كلّه يحصل برضى ودعم من المنطقة التربويّة، والمسؤولين الحزبيّين، ممّن توظّف المدرسة ”خدماتها“ التربويّة لمصلحتهم الحزبيّة.

إذًا، وللحفاظ على مكتسبات المدرستين، ولإبقاء الهيمنة الحزبيّة على المراكز التربويّة، يُمنع الدمج بين المدرستين، مع ما ينتجه ذلك من هدرٍ في المال العام، سواء أكان عن طريق استئجار مبنى، أم من خلال زيادة الحشو في عدد الأساتذة مع غياب الإنتاجيّة.

ثانوية شمسطار الرسمية
ثانوية شمسطار الرسمية


تعليقات: