مختار العاقورة متّهم بالتّزوير والدّاخلية تكفّ يده


كفّ وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار يد مختار بلدة العاقورة في قضاء جبيل، بولس شاكر ياغي، على خلفية تحقيقات إدارية وشكاوى قضائية، ومنعه من ممارسة مهامه المختارية، إلى حين انتهاء التحقيقات وصدور النتائج النهائية. ووفقًا لمضمون القرار، فإن المختار ياغي موقوف عن أداء أي معاملة رسمية أو توقيع مستندات تتصل بالعقارات أو بالإفادات المختارية، إلى حين إثبات براءته أو تبيان مسؤوليته عن التّهم الموجّهة إليه.

وفي التفاصيل، أنّ مختار العاقورة متّهم بالاستيلاء على عقارات وأملاك خاصة بطرق غير قانونية بعد ورود شكاوى قضائية تقدّمت بها جهات عدّة، وعلى خلفية تحقيق إداري أجري مؤخراً في الوزارة. ويأتي هذا القرار في إطار متابعة الوزارة لشكاوى المواطنين وتعزيز الرقابة على أداء السلطات المحليّة، خصوصاً في ما يتعلق بحماية الملكيات الخاصّة ومنع أي تجاوز للسلطات الإدارية.

مصادر قانونية مطّلعة أكّدت لـ"المدن" أنّ التحقيقات مُستمرّة لكشف ملابسات القضية واتّخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، لأنّ "الوزارة لن تتهاون مع أي مخالفة تمسّ بحقوق المواطنين أو تسيء إلى هيبة العمل البلدي والاختياري".


شبهات استملاك متكرّرة

تُعتبر العاقورة من أكبر المناطق العقارية في قضاء جبيل، إذ تمتدّ على مساحة تفوق مئة مليون متر مربّع، أي ما يعادل نحو ربع مساحة القضاء . ولأنّ أعمال التحديد والتحرير العقاري غير منتهية في أراضيها، أي معظم هذه العقارات الشاسعة غير مسجّلة بعد في السجل العقاري في جوني، يؤدّي المختار دوراً أساسيّاً في تنظيم الإفادات العقارية وتثبيت الملكيات، خصوصًا للأهالي المقيمين والمغتربين. فتحوّل هذا الموقع لمحور نزاعات في ظلّ شبهات متكرّرة تتعلّق بعمليات استملاك أو تحويل مشاعات وأملاك عامة إلى أملاك خاصة.

وتتحدّث مصادر محلية عن ملف يتناول تحويل المختار بولس ياغي، على مدى سنوات، ما يزيد عن أربعة ملايين متر مربّع من الأملاك العامة بطرق مخالفة، ما استدعى تدخّل الجهات الإدارية والقضائية.


ادّعاء اغترابي مدعّم بالوثائق

تلاحق المختار ياغي تهم الاحتيال وتزوير الهويات وانتحال شخصيات مغتربين وتحويل أملاك عامة إلى خاصة بطرق مخالفة منذ أكثر من 9 سنوات، بحسب رئيس تجمّع العاقورة في الاغتراب بطرس كامل. ويشير إلى أن مجموعة من المغتربين المتحدّرين من بلدة العاقورة تابعت الملف مع أكثر من مسؤول على عهد الرئيس ميشال عون لكنّها لم تلق تجاوباً، وتواصلت مع نواب جبيل من دون جدوى، إلى أن وصل صدى الملف للرئيس جوزاف عون الذي أبدى اهتماماً وأرسل مذكرة لكلّ من وزارة الداخلية والدفاع والعدل للنظر بالموضوع.

ويصف كامل، في حديث لـ"المدن"، بولس ياغي على أنه مختار برتبة محتال، يستغلّ منصبه ليمرّر صفقات بيع أراضٍ مملوكة من مغتربين متوفين من خلال تزوير الهويات وانتحال الشخصيات وإلغاء السجلات.

ويشرح:" كان أبرز الاحتيالات التي قام بها المختار بيع أملاك في الأشرفية لتسعة مغتربين من عائلة بطرس خليل كامل، أصلهم من العاقورة لكنهم ولدوا وماتوا في أميركا وأضاف فرداً وهمياً للعائلة هو غابي غير موجود لا بحصر إرث ولا بالأوراق الأميركية، والتزوير تمّ بمساعدة وتواطؤ الكاتب العدل ع.شامية"، ولدينا الوثائق كلّها التي تظهر التزوير وسنبرزها كاملة أمام القضاء".

ويضيف أن ياغي ورث المخترة عن والده الذي شغل المنصب نفسه لعقود، ويتحدّر من عائلة ذات نفوذ في البلدة ما يتيح له ترهيب الناس في العاقورة، مشيراً إلى تورّط المختار بشبكة تبييض أموال وفساد مهمّتها سرقة الأراضي. "نفسنا طويل وسنتابع القضية للنهاية، لن نتراجع حتّى إحقاق الحقّ والعدل، ولنا كامل الثقة بعهد الرئيس جوزاف عون"، يؤكّد كامل.


المختار يردّ

ولأنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته، تواصلت "المدن" مع المختار بولس ياغي الذي نفى نفياً قاطعاً كل ما أثير حوله من اتهامات وصفها بالباطلة جملة وتفصيلاً، مؤكّداً أنّه لا يوجد أي إلغاء لسجلات أو بيع أراض لمغتربين أو متوفين من العاقورة.

ولفت إلى أن براءته مثبتة بأحكام وقرارات صدرت عن أكثر من قاضٍ بدءاً بالقاضية غادة عون وصولاً إلى القاضي نقولا منصور، وكان آخرها من القاضية دورا الخازن من النيابة العامة المالية. وأشار إلى أنّ مقدّم الإخبار والشكوى السيد بطرس كامل لا يملك صفة رسمية للإدّعاء، وأنّ "كلّ الإمور سوف يتمّ إبرازها خلال اليومين القادمين لدى المراجع المختصّة".


غطاء سياسي

تشكّل علاقة المختار ياغي المتينة مع النائب السابق فارس سعيد غطاءً له، تقول مصادر محلية مطّلعة لـ"المدن"، وتشير إلى أن سعيد حاول التدخّل لدى وزير الداخلية عبر زيارة قام بها مؤخراً بصحبة ياغي بهدف شرح وجهة نظر المختار وتخفيف وقع القرار.

وتؤكّد المصادر نفسها أنّ قضية بيع أملاك مغتربين متوفين لا تزال أمام قاضي التحقيق وعيّنت جلسة في 20 تشرين الثاني لإصدار حكم.

وتلفت، في السياق ذاته، إلى أنّ "بطرس كامل لديه وكالات قانونية من المغتربين المتضرّرين للإدّعاء على المختار وتحصيل حقوقهم المسروقة"، مضيفة أن "للحقيقة وجه واحد، لا يحمل تزويراً ولا لبساً، والجميع تحت القانون، لحين البتّ بالقضية وإصدار الحكم النهائي الذي نأمل أن يعيد الحقّ لأصحابه ".

في وقت عبّرت أوساط في وزارة الداخلية عن أهمية متابعة القضية بهدف حماية نزاهة التحقيق وضمان الشفافية في معالجة ملف عقاري "بالغ الحساسية".


تعليقات: