مجلس الوزراء:تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح والثنائي يقاطع

جلسة في مجلس الوزراء في القصر الجمهوري(مصطفى جمال الدين)انسحب كل من الوزير ركان ناصرالدين والوزيرة تمارا الزين من الجلسة (مصطفى جمال الدين)
جلسة في مجلس الوزراء في القصر الجمهوري(مصطفى جمال الدين)انسحب كل من الوزير ركان ناصرالدين والوزيرة تمارا الزين من الجلسة (مصطفى جمال الدين)


انتهى مجلس الوزراء إلى إيكال الجيش إعدادَ خطةٍ لسحب السلاح قبل نهاية هذا العام. وقد أثار ذلك استياء وزراء الثنائيّ داخل الحكومة، حيث سُجِّل انسحاب الوزيرين ركان ناصر الدين وتمارا الزين اعتراضًا على تحديد مهلةٍ زمنيّةٍ لحصرية السّلاح. وأكّدت مصادر وزاريّة محسوبة على الثنائيّ لـ"المدن" أنّ مشاركتها في جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة يوم الخميس المقبل "غير محسومة"، موضحةً: "لم نعلن المقاطعة، ولكننا لا نؤكّد المشاركة". وأوضحت المصادر أنّ الاعتراض يتركّز على "وضع مهلٍ زمنية لسحب السّلاح قبل تنفيذ الانسحاب الإسرائيليّ ووقف الخروقات"، معتبرةً أنّ هذا المطلب "خطير ولا يراعي الوضع الأمنيّ المتوتّر في الجنوب." وكشفت المصادر أنّ وزراء الثنائيّ "غادروا الجلسة بطريقة ودّية" احتجاجًا على القرار القاضي بتحديد مهلةٍ زمنيةٍ لحصر السلاح بيدّ الدولة، مؤكدةً أن موقفهم ينبع من "ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها وفق اتفاق وقف إطلاق النار قبل تحديد أي مواعيد نهائيّة."

من جهتها، وصفت مصادر نيابيّة محسوبة على الثنائيّ في حديثها إلى "المدن" أنّ قرار الحكومة بوضع مهلٍ زمنيّة تسرعٌ في غير محله.


سلام: تمديد النقاش للخميس

وكان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، شدد بعد انتهاء الجلسة في قصر بعبدا، على التزام الحكومة بما ورد في بيانها الوزاري لحكومة "الإصلاح والإنقاذ"، ولا سيّما ما يتعلّق بأمن البلاد ومسؤولية الدفاع عن حدودها، وتنفيذ القرار الدولي 1701 كاملًا ومن دون أي تجزئة. وبناءً على ما ورد في خطاب قسم رئيس الجمهوريّة، وبناءً على إقرار لبنان، بإجماع الحكومة السّابقة، إعلان الترتيبات الخاصّة بوقف الأعمال العدائيّة، وبعد اطّلاع مجلس الوزراء على "ورقة المقترحات" التي قدّمتها الولايات المتحدة عبر الموفد توماس باراك، وعلى التعديلات الّتي أُضيفت إليها بناءً على طلب المسؤولين اللّبنانيين، قرّر مجلس الوزراء استكمال النقاش في الورقة الأميركيةّ يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطةٍ تطبيقيّةٍ لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها.

ويأتي تصريح سلام عقب جلسة وزاريّة حامية، إذ تحدّثت مصادر وزارية عن "تكتم شديد" رافق المداولات في ما بدا محاولةً لتفادي تسريب أي اصطفافات حادّة قد تفجّر الشارع. وأفادت المعلومات بوجود أجواءٍ محتدمة داخل القاعة، وهو ما اضطَرّ رئيس الجمهورية إلى التدخّل أكثر من مرة لتهدئة النقاش.


مقرّرات الجلسة

وبعد حديث سلام، تلا وزير الإعلام بول مرقص مقرّرات الجلسة قائلًا: "الرئيس عون جدَّد التركيز على النواحي الإيجابيّة الّتي يتمتّع بها البلد، وشدَّد على أنّ وحدة اللبنانيين كفيلةٌ بحلّ المشكلات، وأشاد بإقرار مجلس النواب عددًا من القوانين". وأوضح مرقص أنّ "الوزيرَين تمارا الزين وركان ناصر الدين انسحبَا من الجلسة لعدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء الذي تلاه لاحقًا رئيس الحكومة نواف سلام"، وذكر أنّ "مجلس الوزراء وضع مهلةً حتّى آخر العام لتوحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية".

وأشار إلى أنّه "يوم الخميس ستُعقَد جلسةٌ لاستكمال بحث ما بدأناه اليوم، ولم نُقِرّ بعدُ الورقة". كما تقرّر "تبديل اسم جادّة حافظ الأسد على طريق المطار إلى جادّة زياد الرحباني"، وتمّت الموافقة على "إجراء مباراةٍ لتعيين 25 موظفًا في سلك الإطفاء في المديرية العامّة للطيران المدنيّ".


جلسة وزاريّة حاميّة

وكان مجلس الوزراء قد بحث بند حصرية السّلاح، وهو البند الأبرز والأكثر جدلًا في جلسة اليوم، وقد تخلّل البحث مشادّةٌ كلاميةٌ حامية. وانسحب الوزيران المحسوبان على الثنائي اعتراضًا على طرح هذه المسألة، فيما تابع الوزير فادي مكي الاجتماع. واستهلّ المجلس جدول أعماله المؤلَّف من عشرة بنود ببند التعيينات الأقلّ سخونة، وخلافًا لما كان متفقًا عليه أُرجئ البحث في بند استكمال بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية إلى آخر الجلسة، رغم أنه كان مُدرَجًا أوّلًا. ويرتبط هذا البند بترتيبات اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي جرى التوصّل إليه في تشرين الثاني 2024.

حضر الجلسة اثنان وعشرون وزيرًا، في حين تغيّب وزيرا المال والعمل بداعي السفر، وسبقتها خلوة بين الرئيس عون ورئيس الحكومة نواف سلام للتشاور في الآلية التي ستُعتمد لمقاربة البنود المطروحة.

وكان عون قد أدلى سابقًا بحديثٍ إلى صحيفة "نيويورك تايمز" أبدى فيه تفهّمًا جزئيًّا لموقف "حزب الله" في ما يتعلّق بمواجهة إسرائيل إذا جرى التخلّي عن وسائل الدفاع، لكنّه شدّد على أن موقف الحكومة واضح ويقضي بأن يتخلّى الحزب عن سلاحه بوصفه خطوةً أولى، مشيرًا إلى أن مخاوف الحزب "مشروعة" غير أن الجيش والدولة مسؤولان عن حماية الجميع، بمن فيهم "حزب الله."

وأكّد الوزير فادي مكي للصحافيين أنه "لا نيّة لدى وزراء الثنائي للانسحاب من الجلسة." وأعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد أنها ستصوّت دعمًا لبند سحب سلاح الحزب، في حين شددت وزيرة السياحة لورا الخازن لحود على تأييدها حصر السلاح بيد الدولة وسحبه. أمّا وزير الصحة ركان ناصر الدين فاكتفى بالقول: "سيُبنى على الشيء مقتضاه."

تعكس هذه المواقف تبايناتٍ حادّةً يُتوقَّع أن تطبع النقاشات داخل مجلس الوزراء، في ظل حساسية ملف سلاح "حزب الله" وتداعياته الداخلية والخارجية.

تعليقات: