في كل مرحلة مصيرية مرّ بها لبنان، شكّل الجنوب عنوانًا للصمود والثبات، حيث وقف أبناؤه في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، دفاعًا عن الأرض والكرامة والسيادة. لم يكن العدوان على الجنوب مجرد حدث عابر، بل كان محاولة مكشوفة لاستهداف وحدة الوطن وتماسكه. لكن أهل الجنوب، بإرادتهم الصلبة وانتمائهم العميق، جسّدوا أرقى معاني الصبر الوطني، وأثبتوا أن التمسّك بالثوابت لا يُقاس بميزان القوة، بل بإرادة الشعوب.
لقد قدّم الجنوب اللبناني، برجاله ونسائه وشبابه، تضحيات جسامًا في سبيل الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله. والشهداء الذين ارتقوا في سبيل هذه الأرض، هم شهداء الدولة والوطن لا فئة ولا منطقة. ومن الوفاء لهم أن نُعيد التأكيد على أنّ وحدة لبنان ليست خيارًا سياسيًا ظرفيًا، بل هي قاعدة أساسية لأي مشروع إنقاذ وطني. فبدون هذه الوحدة، لا قيام لدولة عادلة، ولا بناء متين لمستقبلٍ يُنصف الشباب، ويحفظ الاستقرار، ويصون التعدد ضمن دولة المؤسسات.
اليوم، وبعد كل ما شهده الجنوب من دمار ومعاناة، نتيجة الاعتداء الإسرائيلي، فإنّ التحدي الأكبر لا يكمن فقط في إعادة الإعمار، بل في ترسيخ مناخ وطني جامع، يعيد الثقة بين المواطن ودولته. الجنوب لا يطلب امتيازًا، بل إنصافًا. وشبابه، كما شباب لبنان كله، ينتظر دولة قادرة على احتضانه، وتأمين حقّه في التعليم والعمل والكرامة. هذه مسؤولية وطنية لا تُؤجَّل، لأنّ الحفاظ على صمود الأمس يبدأ بإرساء عدالة اليوم، لضمان وحدة الغد.
راشد شاتيلا
تعليقات: