بعد الأمطار يسرح البزّاق في موعده

محمد عثمان يحصي بزاقاته
محمد عثمان يحصي بزاقاته


شرق صيدا ــ

أمطرت السماء ووصلت مياه الشتاء الى مخابئ البزاق فأخرجته منها، وسرح خلفه صيادوه في البساتين لملء أكياسهم من حصاد موسمي لا يكلفهم غير التفتيش عن هذا الحيوان الصغير، متتبعين آثاره الفضية التي تلمع أكثر حين تشرق الشمس بعد يوم ماطر كان قد أخرجه الى ظاهر الأرض. ومع انطلاقة موسم البزّاق، يبدو أن جامعيه راضون من خلال «التحويشة» الأولى التي انطلقت بعد اليومين الممطرين الماضيين. هكذا كنت ترى أمس السارحين في الحقول خلف الحلزون الصغير، وقد انحنوا متفحصين الارض تحت أقدامهم لئلا يدوسوا على واحدة من القواقع التي يبحثون عنها.

على الطريق العام في بلدة لبعا شرقي صيدا، بدت أكياس البزاق المتدلية من بسطة خشبية أقامها السوري محمد عثمان شبيهة بعناقيد العنب. أما داخل الأكياس، فقد راحت بزاقة «أسيرة» تمد جسدها لتخرجه من مخبئها الصدفي، ثم تنكفئ باتجاه الداخل خوفاً، في حركة مد وجزر بطيئة. كميات كبيرة وبأحجام مختلفة عرضت للبيع أمس على متذوقي النوع والمتحمسين لهذا الطبق «اللي بيجنن» على حد وصف منى الخوري. لا تساوم خوري البائع في السعر. فـ«اسم الله الحبة كبيرة وحرزانة، وهذه هي الأكلة الأولى في الموسم». وتشرح خوري أن البزاق يكون بعد طهوه بالغلي بالمياه، زينة موائد هذه الأيام.

ويشير البائع عثمان الى أنه يبيع كيلو البزاق بخمسة أو ستة آلاف ليرة حسب الحجم. وعثمان يعمل في البزاق كمهنة موسمية تتوقف بعد الشتوة الأولى ليعود الى مهنته الأساسية عاملاً في الأراضي الزراعية وورش البناء.

العديد من أبناء المنطقة، نسوة وفتية، سرحوا بدورهم في الحقول لجمع ما تيسّر من الموسم. ويقول إيلي واكيم بينما بزاقة تحاول الخروج زحفاً من دلوه البلاستيكي «نستبدل اللحم هذه الأيام بقواقع البزاق وهو غذاء صحي وجيد. وهناك طريقة للتمتع بهذه الأكلة: حيث نعمد الى سجن البزاق في قفص خشبي لكي تتحول البزاقة الى ما يسمّى حبة صائمة، تتقوقع داخل صدفتها. وعندما تصوم البزاقة، لأيام قليلة، تزداد قيمة مذاقها، تماماً كما يحصل للنبيذ عندما يُعتَّق. أما قمة السعادة، حسب واكيم طبعاً، فهي رائحة التراب بعد الشتوة الاولى. التراب الرطب الذي يسرح البزاق فوقه تاركاً آثاره الفضية المتلألئة.

تعليقات: