جند الشام تختفي من مخيم عين الحلوة والقوة الأمنية لم و لن تنتشر

هدوء محور التعمير ـ الطوارئ لم يمنع النزوح النهائي عن المنطقةز

اختفى أمس، عناصر جند الشام من الطرقات ومن أزقة التعمير قرب مخيم عين الحلوة في صيدا وحتى من داخل مخيم الطوارئ الملاصق. غابت المظاهر المسلحة تماما، وبدت المنطقة خالية من هذه العناصر كأنها لم تكن بالأصل موجودة فيها.. هذا ما تعهدت به ونفذته عصبة الأنصار التي أخذت على عاتقها مهمة ضبط الوضع الميداني والأمني في المنطقة المحسوبة عليها امنيا والتي تشكل فيها رأس حربة قويا.

وكان من المفروض أن تنتشر القوة الأمنية الإسلامية المؤلفة من عصبة الأنصار وأنصار الله والحركة الإسلامية المجاهدة بقيادة الشيخ جمال خطاب في أحياء الطوارئ والتعمير والسكة أي في المناطق التي شهدت اشتباكات بين الجيش وجند الشام، إلا أن هذا الانتشار لم يحصل، ويبدو انه لن يحصل في القريب العاجل.

وعُلم أن عصبة الأنصار طلبت إمهالها بعض الوقت قبل عملية الانتشار لترسيخ الهدوء وريثما يتم الاتفاق على نقاط التموضع وآلية الانتشار وغيرها... إلا انه فهم من هذا الطلب ان عصبة الأنصار لا ترغب بان يشاركها أي فصيل أو طرف النفوذ الذي تتمتع فيه في مخيم الطوارئ. في المقابل، تعهدت العصبة بقمع أي انتشار أو أي ظهور علني لجند الشام في أحياء التعمير والطوارئ وبمنع أي احتكاك مستقبلا مع الجيش اللبناني. لذلك جاءت عملية اختفاء عناصر جند الشام من الطرقات أمس في هذا الإطار، أي بطلب من العصبة نفسها.

إلا أن المسؤول العسكري لتنظيم أنصار الله في المخيم ماهر عويد أكد أن تنظيمه جهز خمسين عنصراً للانتشار في إطار القوة الأمنية الإسلامية و«ان هذه القوة تموضعت في احد مراكز التنظيم وسط المخيم استعدادا للانتشار في المحاور التي شهدت اشتباكات مع الجيش اللبناني لمنع أي احتكاك مستقبلا ولسد الفراغ الأمني فيها، إلا أن طلب العصبة تأجيل الانتشار جعلنا نتريث ونحن بانتظار اجتماع لجنة المتابعة الفلسطينية لنطّلع على الأسباب الحقيقية التي استدعت التأجيل».

بدوره، أكد المشرف العام على ميليشيا فتح في لبنان منير المقدح «أن الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة لن يتطور نحو الأسوأ بأي شكل من الأشكال، وأن مجموعة جند الشام مقدور عليها وبإمكان عصبة الأنصار «ضبضبطتهم» في أي لحظة وممنوع عليهم دخول المخيم، ولا سيما المناطق التي تسيطر عليها فتح». ورأى المقدح «أن حدة القصف الذي تعرضت له المنطقة من قبل الجيش اللبناني كانت رسالة واضحة للجميع وتجعل أي طرف يقدم على خطوة كهذه يتحمل المسؤولية الكاملة، خاصة أن هذه المناطق باتت «مصفرة» تحت مرمى مدفعية الجيش اللبناني».

وكان اللافت أمس الحركة الاحتجاجية التي وصفت بـ«الجريئة» حيث اعتصمت مجموعة من الشبان في حي الطوارئ استنكاراً لما تعرضت له بيوتهم ومحلاتهم من دمار وحرائق. وطالب محمد حسنين، أحد المعتصمين، بـ«الأمن والطمأنينة حتى نعيد عيالنا إلى هذا الحي». وقال: نحن دفعنا ثمناً لأمر لم نرتكبه ولا علاقة لنا به. لذلك نطالب بدفع التعويضات لنا». وأشار حسنين إلى وجود نحو 35 منزلا إما مدمرا أو محروقا في حي الطوارئ متسائلا «عمن يعوض علينا».

وعُلم أن مسؤول عصبة الأنصار الشيخ أبو طارق السعدي استوعب حركة الأهالي الاحتجاجية وعقد معهم لقاء للتخفيف من حدة غضبهم.

النزوح النهائي

ويمكن وصف يوم أمس بيوم الرحيل النهائي من المناطق التي شهدت اشتباكات في التعمير والطوارئ والسكة خاصة بين السكان الصيداويين واللبنانيين عامة لان معظمهم يعتبر أن هذا الهدوء مجرد هدنة وليس أكثر وان الاشتباكات سوف تتجدد لاحقا عاجلا أم آجلاً. وشوهدت في هذا الإطار آليات «بيك اب» تعمل على نقل أثاث المنازل والأمتعة لمواطنين قرروا ترك بيوتهم نهائيا والانتقال للسكن في صيدا أو في محيطها، وفق ما أكدته أكثر من عائلة مغادرة. كذلك عمد عدد من أصحاب المحال التجارية إلى إفراغ محتويات محلاتهم ونقلها إلى صيدا.

لجنة المتابعة

في المقابل، عقدت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية اجتماعا موسعا مع رئيس بلدية صيدا د. عبد الرحمن البزري في دارته في المدينة شارك فيه العميد أبو علي طانيوس (قائد الكفاح المسلح الفلسطيني) وأبو بسام المقدح (اللجان الشعبية الفلسطينية) والعقيد خالد الشايب (حركة فتح) وأبو أحمد فضل (حركة حماس) وأبو وائل كليب (جبهة التحرير الفلسطينية) وحسين كردية (جبهة النضال) وفؤاد عثمان (الجبهة الديموقراطية) وإبراهيم طحيبش(أنصار الله) ورائف موعد (فتح الانتفاضة) وأبو وسيم (الجبهة الشعبية).

وقد اطّلع البزري من أعضاء اللجنة على آخر المستجدات في منطقة مخيم عين الحلوة والتعمير والاتصالات الجارية لتشكيل القوة الأمنية الفلسطينية.

وأعلن أبو بسام المقدح باسم لجنة المتابعة «أن معارك نهر البارد لا تخدم سوى العدو الصهيوني، فالجيش اللبناني هو جيشنا وهو ضمانة للشعب الفلسطيني قبل الشعب اللبناني، ونحن نأمل من الأخوة اللبنانيين في الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني العمل على وقف إطلاق النار».

وعن الوضع في منطقة التعمير وعين الحلوة أعلن المقدح عن تشكيل لجنة لضبط الوضع الأمني ليلا ونهارا في مخيم عين الحلوة والتعمير، و«قد أكدنا حرصنا للدكتور البزري على ضبط الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة ونحن الآن مطمئنون لهذا الأمر، وعقدنا اجتماعين مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العقيد عباس إبراهيم ومدير مكتب مخابرات الجيش في صيدا المقدم مجدي الحجار واتفقنا على ضبط الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة».

وبالنسبة لانتشار القوة الأمنية في مخيم عين الحلوة ومخيم الطوارئ، لفت المقدح إلى انه تم الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية مصغرة تتبع لجنة المتابعة للقوى كلها، وهذه اللجنة مهمتها حفظ الأمن في المخيم. أما بالنسبة لمخيم الطوارئ فأشار المقدح إلى عدم وجود إشكالية لانتشار اللجنة الأمنية في مخيم الطوارئ حيث تم الاتفاق على أن تتولى عصبة الأنصار وأنصار الله والحركة الإسلامية المجاهدة بالتنسيق مع الشيخ جمال خطاب الانتشار في هذا المحور، من خط السكة وصولا إلى الطوارئ، و«نحن شاكرون لعصبة الأنصار أخذ هذا المحور على عاتقها ونحن نعمل جاهدين لعودة كافة النازحين إلى المخيم».

من جهته، أعلن البزري «أن أي ضرر على مخيم عين الحلوة ومنطقة التعمير هو ضرر على مدينة صيدا، والعكس صحيح، وأن القوى الفلسطينية كافة أكدت حرصها على السلم الأهلي في لبنان وحرصها على الجيش اللبناني واحترامها له». ورد البزري «الظروف الدقيقة التي نعيشها إلى عوامل عدة أهمها تغاضي قوى السلطة اللبنانيه في الماضي عن بعض المنظمات التي تم دعمها من أجل استخدامها في ملفات أخرى، فارتد السحر على الساحر، وأكبر دليل ما حدث في طرابلس وما حدث مع مجموعات معينة في مخيم عين الحلوة».

إلى ذلك حذرت الجماعة الإسلامية في الجنوب على لسان مسؤولها السياسي بسام حمود من خطورة انتقال عدوى الاشتباكات إلى منطقة صيدا ومخيماتها. وقال حمود لـ«السفير» «على ضوء ما حصل فإننا نؤكد أننا لن نسمح بالتعاون والتفاهم مع جميع القوى اللبنانية والفلسطينية الوطنية والإسلامية بالاستمرار بهذا الوضع الشاذ، ونحن طالبنا الجميع بتحمل مسؤولياتهم والعمل على المساعدة في ضبط الوضع وتأمين الاستقرار في المنطقة كونه على سلم الاولويات ولندع التحليلات السياسية جانبا لأن أمن أهلنا واستقرارهم مقدم على ما سواهما».

ودعا حمود هيئة الإغاثة إلى المبادرة السريعة للتعويض عن المواطنين المتضررين الذين لا علاقة لهم بما حصل.

تعليقات: