حاصبيا تختزن في ذاكرتها تاريخاً حافلاً ومنتزهاتها تستعدّ لاستقبال السيّاح في الصيف

حاصبيا -

مع قدوم فصل الصيف، تتوجه الأنظار الى نبع الحاصباني ومنتزهاته ومطاعمه ومنشآته السياحية، والدور الذي يمكن ان تلعبه في موسم السياحة، للتعويض عمّا لحق بها من خسائر وأضرار الصيف الماضي بسبب حرب اسرائيل على لبنان. وقد بدأت الاستعدادات في المنشآت السياحية على ضفتي النهر، كما أعيدت الحياة الى منتزه رأس النبع الذي ظلّ لعقود من الزمن يجسّد التراث الحاصباني. وحاصبيا نالت الشهرة، ودخلت التاريخ من أبواب ثلاثة: دينية - وتراثية - وسياحية. 1 - خلوات البياضة الزاهرة - المرجع الديني الأول للطائفة الدرزية 2 - القلعة الشهابية. 3 - نبع الحاصباني - أحد روافد نهر الأردن حيث تعمّد السيد المسيح. اضافة الى ذلك، هناك أسماء عالمية برزت من حاصبيا في مجال العلم والأدب والثقافة والمال والصناعة والسياسة، ويكفيها فخراً اسم الدكتور أسعد قطيط الذي تربّع لمدة ثلاثة عقود ونيّف، على رأس المنظمة الدولية للطيران المدني في العالم، ولا يزال حاليا الرئيس الفخري لهذه المنظمة تستضيفه حوالى 181 دولة لإلقاء المحاضرات، وإجراء المقابلات معه حول تجربته في حقل الطيران المدني العالمي. وما لا يعرفه البعض عن حاصبيا انها بلدة الست كنائس، والجامع التراثي، ومطرانية الروم الأرثوذكس أيام غبطة البطريرك المرحوم أبو رجيلي الذي كان مطرانا علي حاصبيا قبل تسلمه سدّة البطريركية.

موقع ومميزات

تقع حاصبيا على السفح الغربي لسلسلة جبال لبنان الشرقية - جبل الشيخ - تبلغ مساحتها حوالى 22 كلم2، ومتوسط ارتفاعها عن سطح البحر حوالى 750م، وتبعد عن بيروت 110 كلم، وعن صيدا 80 كلم، وتعتبر حاصبيا مع شقيقتها وجارتها مرجعيون ثالث ممر عالمي لمرور الطيور المهاجرة في حوض الحاصباني وسهل مرجعيون، حيث يعبر أكثر من 246 نوعا، منها ستة أنواع معرّضة للإنقراض عالميا، وخمسة أنواع طيور محصورة في منطقة الشرق الأوسط (معرّضة للخطر).

وفي حاصبيا حمى الروس المكتظ بأشجار السنديان والملول والبطم والزعرور، وتبلغ مساحته 750 ألف م2، ويضم أكثر من 50 ألف شجرة سنديان، والعديد من الحيوانات البرية والطيور.

ويكفي حاصبيا شهرة نهر الحاصباني الذي يبلغ طوله 21 كلم، ويتفجّر من الشمال الغربي للبلدة على بعد 2 كلم تحت منحدر هضبة العوجا الشهيرة التي شهدت معارك ضارية في حرب العام 1925 من القرن الماضي إبان الثورة العربية بين الثوار الدروز وقوات الانتداب الفرنسي آنذاك... ويعتبر نبع الحاصباني - اضافة الى كونه أحد روافد نهر الأردن المقدّس حيث تعمّد السيد المسيح - منطقة سياحية أساسية في حاصبيا لوجود العديد من المطاعم والمنتزهات على ضفافه.

كما انه يؤمّن مياه الشفة لحاصبيا، ويروي الأراضي والبساتين الزراعية في حوض الحاصباني.

وحاصبيا بلدة غنية بالآثار من قلاع وجسور وأبنية قديمة يعود تاريخها للحقبات الصليبية والشهابية والعثمانية، ومن بعدها العربية وغيرها. وقد تمّ إدراج حاصبيا من قبل وزارة السياحة في لائحة المناطق اللبنانية الأثرية، ويعود الفضل في ذلك للأميرة كارلا شهاب رئيسة جمعية الحفاظ على تراث السراي الشهابية في حاصبيا، والتي نظّمت زيارات لمعظم السفراء الأجانب في لبنان لزيارتها، والاطلاع على معالمها التاريخية والفن العمراني المميز فيها.

ومن ينسى اسم زيتون وزيت حاصبيا الشهير والذي يعتبر من أجود الزيوت في منطقة الشرق الأوسط، وتهافتت عدة شركات وجمعيات استثمارية لتسويق زيت حاصبيا عبر العالم، وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في حاصبيا 5،10 كلم2، أي نسبة 50% من مجمل منطقة حاصبيا العقارية.

كما تغطي أحراج السنديان والصنوبر مساحة 5،2 كلم2 تقريبا، ومساحة الأراضي المبنيّة 5،1 كلم2، أما الأراضي المزروعة بالخضار وأشجار الفاكهة فتبلغ 5،1 كلم2، ومساحة الأراضي البور 6 كلم.2

مشاكل بيئية

ومع هذا التاريخ العريق لحاصبيا،هناك مخاطر تهدّد البيئة والطبيعة والتراث، يعمل القيّمون على تحاشيها والحدّ منها، ومنها الجمعيات البيئية، وبلدية حاصبيا، وتجمع المهنيين، من هذه المخاطر:

- مشاكل تهدّد الطيور، بسبب استخدام طرق غير تقليدية في الصيد، اضافة الى الصيد العشوائي لكافة أنواع الطيور من قبل بعض الشباب الطائش...

- هناك مشاكل بارزة في قطع الأشجار، وخاصة في فصل الشتاء، ورمي النفايات، والتعديات من قبل أصحاب العقارات المجاورة للمعالم التراثية والسياحية.

وأبرز مشكلة تواجه نهر الحاصباني شتاء هي مشكلة مياه الصرف الصحي وزيبار الزيتون اللذين يؤديان الى تلوثه، بالاضافة الى رمي النفايات على ضفافه، والتعديات على مجراه، وصيد الأسماك بطرق غير شرعية.

تعليقات: