على باب الشتاء: قرى خط الزلازل قلقة من الأرض والسماء

 عائلة في شحور التجأت بعد الهزة إلى خيمة زراعة بلاستيكية
عائلة في شحور التجأت بعد الهزة إلى خيمة زراعة بلاستيكية


صور ــ

على أبواب الشتاء، ينظر أهالي القرى والمدن الجنوبية الواقعة على خط الزلازل بعين غير مطمئنة إلى السماء وإلى الأرض. فالفصل الذي ترتجف له قلوبهم، أي الشتاء، بات على الأبواب. فيما حالهم، بعد الهزات المتتالية التي ضربت منطقتهم لا تزال هشّة، وخصوصاً أن الكثيرين منهم لا يزال خارج بيته المتفسخ أو الآيل إلى السقوط، إما لأسباب تتعلق بأزمة عقارية في المنطقة، أو لضيق ذات اليد. واليوم الجمعة، تعاود لجنة الإيواء الأهلية المعنية بالاستعداد لمواجهة الهزات المحتمل تكرارها في منطقة صور، الاجتماع. هذه اللجنة المؤلفة من اتحاد بلديات قضاء صور والمجلس النرويجي للاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي و«آبيتا»، تجتمع دوريّاً منذ خمسة أشهر لوضع خطة عملية صالحة لما بعد وقوع الهزة. ولقد أعلنت اللجنة حاجتها إلى خيم إيواء مجهزة ومعدات لرفع الأنقاض وحصص غذائية مسبّقاً، بالتنسيق مع الدفاع المدني والجيش اللبناني والوحدة الإيطالية في اليونيفيل وهيئات الإغاثة المحلية والدولية في المنطقة، علماً بأن خطة اللجنة تترقّب هزة «محرزة» شبيهة بالهزتين الأوليين اللتين فاقت قوتهما 5 درجات، بخلاف الهزات الخفيفة التي تضرب المنطقة منذ ثمانية أشهر. وحتى الآن لم تثمر جهود اللجنة سوى إنشاء شبكة اتصالات لاسلكية تربط البلديات الواقعة على خط الزلازل، نفّذها اتحاد البلديات. تضمن الشبكة استمرار التواصل بين بلديات القرى «المهزوزة» والمؤسسات المعنية أثناء وقوع الهزة حين تتعطّل شبكات الهاتف.

ويظهر من تراخي أعضاء اللجنة وشركائهم عن المشاركة في اجتماعاتها، أنهم غير مؤمنين بجدواها. ومسوِّغ ذلك في رأيهم، أن «القاطنين على خط الزلازل بحاجة إلى حمايتهم منها قبل وقوعها لا بعده»!! وهذا «منوط بالحكومة والجيش اللبناني» حسب قولهم. في المقابل، علّقت اللجنة الرسمية التي تألفت لهذه الغاية من الجيش اللبناني ومحافظ الجنوب والبلديات والهيئة العليا للإغاثة، اجتماعاتها منذ 3 أشهر من دون إعلان خطواتها المقبلة أو إجراءاتها الاحتياطية قبل الشتاء.

■ مسلسل الهزات

بعد الهزة الثانية، التي ضربت منطقة صور في 15 شباط الفائت، أكد المجلس الوطني للبحوث أن «ارتدادتها ستستمر 15 يوماً فقط ولا داعي إلى الخوف». ومذّاك وحتى نهاية آب المنصرم، فاقت حلقات مسلسل الهزات 850 هزّة، لم يوازِها في خطورتها فوق الأرض سوى تأكيد لجان الكشف الفني خطورة المباني المتضررة على ساكنيها والقاطنين بجوارها.

قبل سبعة أشهر، طالبت بلدية صور سكان مبنيي شاهين وأمين بضرورة إخلائهما لأنهما أصبحا غير صالحين للسكن بعد تصدّعهما الشديد إثر الهزة. وبعد مرور سبعة أشهر، تحول المبنيان ومحيطهما المكتظ، مربعاً خطراً مهدداً بالانهيار بشهادة مهندسين من البلدية ولجنة الكشف الرسمية. وبالرغم من ذلك، فإن التحذير لم يؤثر سوى في ثلاث عائلات من أصل 24 تقطن في مبنى شاهين المؤلف من 12 طابقاً. ويوضح عماد سويدان الذي يملك شقة ومتجراً في المبنى أنه لم يُخلِ المكان «بسبب عدم تأمين سكن بديل في المدينة التي تشهد أزمة عقارات». ويؤكد جاره مصطفى غريب أن ترميم المبنى والشقق المتصدعة «يفوق طاقة السكان في الظروف الاقتصادية الراهنة».

وتتحضّر عائلتا بحسون والزين في شحور لضربات الشتاء بعد هزات الأرض و«البدن» المتواصلة بسبب عدم إيجاد بديل للخيمتين اللتين يسكنانهما. فقد هدّمت هزات شباط منزليهما إلى جانب ستة منازل أخرى، إضافةً إلى تصدّع معظم منازل البلدة. ولا يتوقع السكان المتضررون ورئيس البلدية علي الزين أن تصرف الهيئة العليا للإغاثة تعويضات لمتضرري الهزة عمّا قريب. فالبلدة لم تحصل بعد على كامل تعويضاتها أصلاً.. من عدوان تموز، رغم أن «المبالغ المرصودة والشيكات المحررة جاهزة للدفع»، بحسب الزين، الذي يستبعد «تغيير سياسة الحكومة بسبب هزة». ويشير الزين إلى أنّ المساعدات الوحيدة التي تلقتها البلدة كانت من الوحدة الإيطالية في اليونيفيل، التي أنشأت مخيم إيواء مجهّزاً بعدما شرّدت الهزات الأهالي. فيما لفت رئيس بلدية صريفا علي عيد إلى أن الهيئات الدولية «تتريث في تقديم مساعدات إلى الأهالي قبل الشتاء بشكل منفرد، بانتظار ما تقوم به الحكومة لتنسيق الجهود». من جهته، رفض رئيس اتحاد بلديات قضاء صور عبد المحسن الحسيني تحميل البلديات التي لا تملك «الإمكانات والصلاحيات مسؤولية التأخير والإهمال». وأكد أن «إنهاء معاناة الأهالي بيد الجيش اللبناني والحكومة وذلك لدرء المآسي التي يرتّبها الشتاء على البيوت المتصدعة».

علماً بأن اللجنة المؤلفة من ضباط في الجيش ومهندسين من الهيئة العليا للإغاثة، قد أنهت منذ أكثر من ثلاثة أشهر الكشف على الأضرار في البلدات المتضررة. وبخصوص التأخير في بتّ التعويضات، أعلنت مصادر في اللجنة أنها «أنهت مهمتها برفع تقاريرها إلى الهيئة». أما الهيئة، فهي بحسب رئيسها اللواء يحيى رعد، بانتظار «موافقة رئيس الحكومة على مباشرة التدقيق في الأضرار، إما لصرف التعويضات للمتضررين أو الترميم مباشرةً».

تعليقات: