مسيحيّو بنت جبيل يراقبون الهلال ويشتهون المناقيش

حسينية بنت جبيل القديمة في الساحة
حسينية بنت جبيل القديمة في الساحة


بنت جبيل ــ

من شرفة منزلها القديم، تنظر أم جورج إلى كنيسة بلدتها الوحيدة (سيدة الانتقال) وهي تبنى من جديد، بعدما دمّرت في حرب تموز 2006.

كنيسة «سيدة الانتقال» التي دمّرت مع حسينية البلدة المجاورة، تقع بين عدد كبير من المنازل التي يسكنها أهالي بلدة بنت جبيل من المسلمين الشيعة والمسيحيين الكاثوليك.

تمتنع أم جورج عن إشعال سيجارتها خارج الدار، فهي تراعي مشاعر جيرانها الشيعة في شهر الصوم. «نحن نتأثر بشهر رمضان، ونراقب طلوع الهلال، ونبدأ بعدّ الأيام مثل المسلمين، حتى بتنا ننتظر عيد الفطر أيضاً» تقول أم جورج.

أما أبو وليم توما، فيرى «أن بلدات برعشيت وصفد البطيخ وتبنين في قضاء بنت جبيل هي بلدات نموذجية يعيش فيها الشيعة والكاثوليك معاً منذ مئات السنين، وشهر رمضان هو شهرنا أيضاً، لا نقبل الضيافة خلال أيامه نهاراً ونمتنع عن أكل الطعام في الخارج، ونُدعى كغيرنا الى حفلات الإفطار في المنطقة».

ويقول أبو جورج حداد: «ننتظر شهر رمضان مثل المسلمين ونعشق لياليه الجميلة، وخاصة السهرات الرمضانية التي تجمع الكل، ونعتبر أنفسنا صائمين خلال ساعات العمل وخارج المنزل، فلا نأكل إلّا في مكان خفي، احتراماً لمشاعر جيراننا، ونكون من أول المدعوين على الإفطار، ونشتري «العصمليّة» و«القطايف» ونفضّل أكل الشوربة والفتوش». ويظهر حداد أنه وبعض زملائه يحضرون إفطاراً سنوياً ويدعون إخوانهم الشيعة إلى الإفطار. أمّا زوجته هدى، فتعترف بأنها تنزعج أحياناً من أصوات المسحراتي أو المؤذّن، لأنها لا تريد النهوض ليلاً، وتعدّ نفسها من الصائمين أيضاً لأنها «تشتهي أكل المناقيش صباحاً ولا تستطيع الحصول عليها لأن الأفران تقفل في رمضان صباحاً، فتضطر أحياناً إلى إشباع نزوتها هذه في المساء». ويشكو بعض المسيحيين من ارتفاع أسعار الخُضر في شهر رمضان.

ويعاني بعض الشبان إقفال المطاعم نهاراً تماشياً مع تقاليد الصيام، بيد أنهم يقرّون بحلاوة الأمسيات الرمضانية، فيقول جورج الذي يقطن في تبنين «سهرات الليل في المطاعم تعوّض عن ساعات النهار المملّة».

ويقول أبو وليم: «لا نرتاد المطاعم نهاراً ولا نقبل أن تقدّم إلينا الضيافة، نحن نحب الشيعة هنا، وقد دمرت كنيستنا التاريخية التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1890 لأننا نحب التعايش مع بعضنا بعضاً ونؤمن بوطننا وأرضنا».

تجدر الإشارة إلى أن دولة قطر تعمل على إعادة بناء كنيسة سيدة الانتقال، بحجارتها القديمة نفسها، وستنظم في 5 تشرين الأول رحلة من بيروت إلى صفد البطيخ، حيث سيسير الوافدون على أقدامهم من مدخل البلدة إلى الكنيسة التي يعاد بناؤها، لإعادة لصق صورة سيدة الانتقال، كما يؤكد أبو وليم.

تعليقات: