تيار كهربا ما في بس «تيار مستقبل» في


«ماذا تريدين من زيارة سعد الحريري»؟ ترد «بدنا مصاري». جواب واضح وشفاف وصريح، أجابت به ليلى التي كانت تلتقي صديقة لها بمقهى قرب فندق «بارك أوتيل شتورة» حيث ستكون إقامة النائب سعد الحريري الليلة (أمس) رئيس «تيار المستقبل» ليومين. هنا، ستكون على يساره فيلا المرحوم غازي كنعان، وعلى يمينه فيلا رستم غزالي. بدأت الإقامة في شتورة تقلق أصحاب المحال والمؤسسات التجارية و«بائعي» سندويشات اللبنة. إذ ستتسبب الإجراءات الأمنية بعرقلة الحركة في المدينة التي افتقدت «زحمة» الزعماء اللبنانيين التي عرفتها خلال زمن الوصاية السورية. «المشهد يا بني سيتكرر ليومين فقط»، يقول الخواجة يوسف الذي كان يسأل عن سعر تنكة البنزين وما إذا كانت قد «نزلت شي ألف ليرة» حسب جدول الأسعار الاسبوعي.

الدخول إلى فندق «بارك أوتيل»، مقر إقامة الحريري في البقاع أمس، كان ميسّراً إلى أبعد الحدود، ولا سيما لمراسلي المؤسسات الإعلامية المحسوبة على «المعارضة». لا إجراءات أمنية تذكر، ورفع الصور والأعلام على شرفات الفندق لم يتوقف منذ الصباح. حالة الطوارئ التنظيمية في صفوف «تيار المستقبل» قائمة بقوة. ماذا تطلب من زيارة الحريري إلى البقاع؟ نعاود السؤال. «لا شيء. المهم أن الشيخ سعد سيكون بيننا، لم يعد عندنا زعيم يستطيع أن يحمينا سواه». قال أحمد الذي لم يكن يستطيع قص شعر زبون في صالونه بسبب انقطاع التيار الكهربائي على الخطين. «كهربا الشركة بتظل مقطوعة، والموتور صار يقنّن كمان. يعني يا صاحبي لا كهربا درك (دولة) ولا كهربا ميليشيات (مولد)، ونحن كرمال الشيخ سعد مستعدين نبقى على العتم ... واضح كلامي!».

كرمى النائب الحريري، بقاعيون مستعدون للتضحية بكل شيء. فاللافتات التي رفعت على طرق بعض بلدات البقاع الأوسط تؤكد التزام أنصاره به و«يا سعد لا تهتم عندك شباب بتشرب دم». المغالون في دعمهم للحريري يعتبرون زيارته الى سهلهم الممتنع «رسالة للجميع، ونحن خلف الشيخ سعد لتحقيق المصالحة، وعلى الآخرين أن يفهموا أننا لسنا متروكين هنا لوحدنا في السهل» يقول أبو عمر، الذي كان منهمكاً في رفع صور الحريري في تعلبايا وقد كدّه العرق تحت شمس أيلول الحارقة. «أنا اليوم ما نزلت على السهل. بكرا نلتقي الشيخ سعد ونحكي معه عن همومنا: من البطاطا إلى الكهرباء والمدارس. على كل حال هو يعرف أوجاع أهله ويشعر معنا... نحن مع بناء الدولة. بس غيرنا ما بدو» ومن ثم يهمّ بتسلق عمود كهرباء وتعليق صورة الحريري، فإذا بها تحبك معكه فيقول مازحاً «ما في تيار كهربائي.. بس في تيار مستقبل هون».

زيارة الحريري الى البقاع لم تخلُ من تنافس في نقل خبريات عن مساعدات إنمائية قد يقدمها: مدارس، فرص عمل، معامل تصنيع زراعي، تكفل أيتام و«تبرعات مالية للطلبة الجامعيين». تكاد وأنت تسمعهم أن تصاب بحزن عميق. إنهم باختصار يريدون كل شيء محرومين منه، والمحرومين منه كثيراً بشكل محزن.

تعليقات: