رابطة أساتذة اللبنانية معيّنة.. الهيمنة الحزبية تعود


لم تحدث معركة ديموقراطية حقيقية في عملية انتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في #الجامعة اللبنانية لما لها من انعكاسات على الواقع الجامعي والأساتذة معاً، فعاد المنطق الحزبيّ المهيمن على النتائج فالقرارات، وفق البيانات الأخيرة للانتخابات.

تُظهر النتائج التي صدرت عن انتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية أن الأحزاب التقليدية حَسَمت سيطرتها مجدّداً مع بعض المرشّحين غير المنتمين لأيّ طرف، ونجحت اللائحة "التوافقية" المبنية على محاصصة طائفية بضمّ أعضاء توزّعوا على المقاعد الـ15، بينما أخفق المرشّحون المستقلّون الأربعة في خرق القوى الحزبية المتصادمة.

وبالرغم من فوز أساتذة أكفاء ببعض المقاعد، لكن ما عكسه هذا الواقع يُعتبر مؤشراً على تراجع حظوظ فوز من يكون "خارج الأحزاب التقليدية"، وتراجعاً في الأداء والحيويّة التي تمثلّها هذه الأداة التمثيليّة التي لطالما شكّلت حصناً ديموقراطياً ساهم في تطوير الجامعة وتعزيز دور أساتذتها نقابياً وأكاديمياً.

وصلت نسبة الاقتراع في العملية الانتخابية إلى ما يقارب 84 في المئة، مع حضور أكثر من 120 استاذاً من أصل 143. ولم تكن هذه النسبة متوقّعة خاصةً بعد الفتور الذي ساد انتخاب مندوبي الكليّات في الشهر الفائت، إذ علمت "النهار" أنّ "العديد من الأساتذة "ما تعذّبوا يروحوا" لانتخابات مجلس مندوبين سيفوز بالتزكية".

فوز "الهيئة المعيّنة وليس التنفيذية"

تقسّمت المقاعد على الأحزاب التقليدية، وكان تيار "المستقبل" قد حاز الحصّة السُنيّة، بعد أن صدر عن قطاع التعليم العالي في "تيار المستقبل" البيان الآتي: "اللائحة المدعومة من التيار حققت في انتخابات الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية الفوز بكامل أعضائها في الاستحقاق الذي جرى في أجواء ديموقراطية وودية".

واللافت كان عزوف كلّ من "التيار الوطني الحرّ" و"القوات اللبنانية" عن خوض المعركة للفوز بالمقاعد الخمسة المكرّسة للمسيحين، بحسب مصادر "النهار".

وتُقسّم مقاعد الهيئة وفق الآتي: خمسة مقاعد من حصّة السنّة، مقعد للطائفة الدرزيّة، أربعة مقاعد للطائفة الشيعيّة، وخمسة مقاعد للمسيحيّين.

سيتولى هذا العام رئاسة الهيئة عضو مسيحيّ، بحسب العرف الطائفي السائد، إذ يتوجّب في كلّ دورة التبديل، فيكون رئيس الهيئة تارةً مسيحياً، ورئيس مجلس المندوبين مسلماً، وتارة أخرى يجري العكس. وفي هذا العام، تولّى منصب رئاسة المجلس الدكتور علي رحال، إلى أن يُنتخب رئيس للهيئة ويتم توزيع المهامّ غداً.

وبات معلوماً أنّه تمّ تداول لائحة أسماء الفائزين عشية انتخابات أعضاء الهيئة، ونُشرت أسماء اللائحة الحزبية الفائزة "المطعّمة" ببعض المستقلّين، في حين اعتبر البعض أنّ هذه الهيئة فازت "بالتزكية"، على غرار ما جرى في عملية انتخاب مجلس المندوبين، "في حين أن العديد من الأساتذة ما عذبوا حالن حتى ليعرفوا مين عم ينتخبوا"، وفق ما أفاد مصدر جامعي "النهار".

وربما هذه الحالة دلالة على عدم اكتراث الكادر التعليمي بخوض عملية انتخابية "حقيقية".

يشدّد المرشح المستقلّ كامل صالح في حديث لـ"النهار" على أنّ هذه الهيئة هي "هيئة معيّنة"، ولو كان يعلم بواقع الأمر لكان انسحب قبل خوض المعركة، مضيفاً: "ما جعلني أترشّح، بالرغم من الهاجس لدى بعض المقرّبين، هو أملي بالتغيير، لكن ما علّمتني هذه الانتخابات هو أنّ واقعنا مؤلم وحزين، ولن يتغير. فالج ما تعالج".

وأضاف صالح: "كمرشّحين مستقلّين قدّمنا برنامجاً انتخابياً، بعيداً عن الشعارات المستهلكة التي أصبحت معروفة لدى الأحزاب، لكن للأسف حين يأتي وقت التنفيذ تعود كلّ جهة إلى أحزابها وقيادتها، وكأن جميع الوعود "حبر على ورق".

وعن سبب عدم إقبال الأساتذة على انتخاب مجلس مندوبين الشهر الفائت، لفت صالح إلى أنّ السبب قد يكون "الشرخ الكبير بين الرابطة والأساتذة، خاصةً بُعيد القرارات غير المكتملة التي اتّخذتها الرابطة السّابقة، ومنها مسألة الإضراب"، مضيفاً: "أن شريحة واسعة من الأساتذة فقدت الثقة بالتغيير خاصةً في ظلّ استمرار سيطرة المكاتب التربوية الحزبية على الهيئة التنفيذية، بل على مجلس المندوبين أيضاً، كما أنّه طوال الفترة السّابقة، لم نعرف رأي العديد من الأعضاء حيال مسائل عدّة، وعادةً ما تكرّرت الأسماء نفسها".

واستطرد بالحديث قائلاً: "فوجئنا بالعدد الكبير الذي حضر للانتخاب، ولم نكن نتوقّعه، خاصةً أنّ بعض الأساتذة حضروا من أماكن بعيدة".

قد يبدو الإقبال الواسع لانتخاب الهيئة التنفيذية مؤشّراً إيجابياً لاندفاع الأساتذة بغية إعادة الثقة بالرابطة أو حتى لاستكمال عمل الهيئة، لكنّه فعلياً مخطّط سياسيّ توافقيّ لاستكمال مسار المحاصصة الطائفية في جميع المؤسّسات العامة، ومنها الجامعة اللبنانية. بالتالي، أقدم العديد من المندوبين على انتخاب أعضاء بناءً على طلب أحزابهم السياسيّة، لتتّخذ الانتخابات طابعاً "ديموقراطيّاً" في الواجهة.


مهام الهيئة التنفيذية

تُقسّم هيكلية الجامعة اللبنانية إلى أربعة أقسام: الهيئة العامة في الجامعة اللبنانية، الجمعيات العامة في كلّ فرع، مجلس المندوبين، والهيئة التنفيذية.

يختلف عدد المندوبين بحسب عدد الأساتذة الموجود في كلّ فرع. مثلاً: إذا كان الفرع يضم من 6 إلى 15 أستاذاً، يحقّ له انتخاب مندوبَيْن للانضمام إلى مجلس المندوبين، استناداً إلى المادة 12 من المرسوم رقم 7288 تاريخ 1/3/1974.

ضمّ المجلس هذا العام 143 عضواً بعد أن كان العدد قد وصل إلى 159 منذ عامين. وحين يكتمل المجلس يتمّ انتخاب رئيس، وهؤلاء سيَنتخبون بدورهم أعضاء الهيئة التنفيذية للرابطة الذين يصل عددهم إلى 15.

وبحسب القانون في القطاع العام، يُمنع إنشاء نقابات، وتُستبدل بروابط، ولا يُمكن للرابطة اتّخاذ أيّ قرار من دون موافقة مجلس المندوبين.

الهيئة التنفيذية للرابطة هيئة مركزية مسؤولة عن تنفيذ السياسة العامة للرابطة وعن إدارة شؤونها، وهي مكلّفة من مجلس المندوبين من أجل تنفيذ توصياتها.

واليوم، تُركت الجامعة اللبنانية كجميع مؤسّسات الدولة تصارع وحيدة بلا موازنة ولا دعم، في ظلّ اللعبة السياسية التي أنهكت البلد وجعلت المؤسسات العامة رهينة لـ"المحاصصات الطائفية".

من هنا، نستعين بمقولة للرئيس السابق سليم الحصّ، اذ قال مرّة "بتنا نحسد الغاب على شريعته... فلا يلتهم الأسد أسداً ولا النمر نمراً... ومكمن الداء بداية وانتهاء الطائفية".

تعليقات: