ستيفاني صليبا: الجميلة الأكثر استفزازاً للبنانيين.. من هي فعلاً؟


ليست ستيفاني صليبا وحدها التي حوّلت الفن الى صورة تعكس مظهر الحياة الفاحشة المليئة بالسيارات الفارهة، والماركات العالمية والاحتفالات الصاخبة، والتنقل من بلد الى آخر، من دون أن تمن على أبناء بلدها بشعور التعاطف والتكاتف.. لكنها قد تكون من القلة التي تجرأت على محاولة إيهام اللبنانيين "بأن الوضع بخير والليرة بخير"، تأكيداً للحملة الاعلانية التي نفذتها لصالح المصرف المركزي، وإيهامها اللبنانيين، تالياً، بأن العالم الذي جالت في بلدانه، أقل حظوة من لبنان... وطبعاً كانت محاولة فاشلة لشدة ما هي مكشوفة ومفتعلة.

لطالما عاشت صليبا في هالة افتراضية، دفعت كثيرين لوصفها بالـ"مستفزّة". ليس لاختيارها نمط حياة يشبه كل الفنانين ونجوم "انستغرام"، بل لارتباط اسمها بحملة الاوهام الدعائية حول الليرة أولاً، وبارتباط اسمها بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضمن ملفات قضائية، وهو الشخص الأكثر كراهية في نظر اللبنانيين، ويحمّلونه جزءاً أساسياً من مسؤولية انهيار البلاد، ولو أنه، في المبدأ، هو الحاكم الفعلي لبلد يعتاش مواطنوه من الوقوف على الصرافات الآلية لكسب مئة دولار، جراء عملية "صيرفة"، بايحاء منه لاحتواء الغضب.

بهذا الوقع، لم تعد ستيفاني مجرد ممثلة حسناء، سرقت أضواء مسلسلات وجوائز لا تعني لجمهورها الكثير. باتت جزءاً من سيستم، ومن أزمة، ومن اتهام. تنوعت الاتهامات لها بين المشاركة في تبييض أموال المودعين، أو تحويلات مالية، حسبما يقول خصومها العونيون، وبين شبهات حول تلقيها هدايا من مجوهرات وسيارات، حسبما سُرب عن القضاء اللبناني. وفي عز هذه الحملة، تباهت برفاهيتها، وقفزت فوق الاتهامات، حتى باتت شخصية جدلية. جميلة، لكن مستفزّة.

والانشغال بأخبارها "الفنية" كممثلة ومقدمة برامج، لم يتصدر لائحة الاهتمام بقدر الانجذاب الى رفاهيتها. استخدمت قنواتها في وسائل التواصل الاجتماعي كنافذة للولوج الى حياتها اليومية، كما معظم الممثلين/ات، وانكسر كل شيء عند توقيفها اليوم بطلب قضائي، والافراج عنها بأمر قضائي، للاستجواب في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

نجحت ستيفاني في العديد من المرات باستمالة عاطفة الجمهور من خلال تصريحاتها بدعم الأطفال المحتاجين من خلال مبادرة "فوكسي"، كلبها، الذي استحدثت باسمه صفحة لبيع الثياب المحلية للكلاب، وأوضحت ستيفاني أنّ كلبها الخاص يرتدي ثيابا ًعادية بعكس ما يروج آخرون. غير أنّ الصور التي تنشرها في صفحاتها تشير عكس ذلك، فالكلب غالبًا ما يظهر وهو يرتدي ماركات عالمية مثل "موسكينو" و"فيندي" وغيرها.

وكانت الحلقة التلفزيونية التي عبّرت فيها صليبا عن دعمها للطفل الذي يعاني من السرطان قد أثارت انتقادات واسعة، لجهة الربط بين أزمات اللبنانيين والسؤال عن مصدر الثروة التي تملكها الممثلة والدعم الذي تتلقاه، خصوصاً أنّها دخلت الى عالم التمثيل منذ سنوات قليلة.

لم تخلُ إطلالة ستيفاني من تشكيك في موقفها الانساني. وفي السنوات التي تلت العام 2019، غيبت نفسها عن كل القضايا الوطنية، فتحفظت على إعلان أي موقف قد يعرضها لهجمة أخرى لن تكون في الحسبان. وقدمت نفسها في قالب المرأة التي تواكب آخر صيحات الموضة، وتنتقل من بلد لآخر لتحتفل بآخر "إنجازاتها" وإطلالاتها، وعمدت دائماً الى التركيز على نجاحها التي عزتها في أغلب مقابلاتها الاعلاميّة الى "إصرارها ومثابرتها" (فعلاً يبدو عليها التعب!) وعدم اكتراثها لانتقادات الغير.

يظهر مدى بُعد ستيفاني عن الواقع اللبناني، الذي يعاني أزمة اقتصادية أدت الى ارتفاع سعر صرف الدولار الى 42 ألف ليرة لبنانية، وزيادة القيود على أموال المودعين، وأدت الى افقار أكثر من 80% من الشعب اللبناني. لو أنها مجرد ممثلة لبنانية حلوة، لكان الأمر عادياً. لكنها تبنّت مقولة سلامة "الليرة بخير"، وروّجت لها، وهي مقربة منه. يعني أنها ارتضت دوراً، الدور الذي يخدم الضفة الأخرى، ضفة المافيا والسلطة والمتنفذين الماليين.

في إحدى المقابلات، قالت صليبا: "يلي بدو يعرف قيمة لبنان يسافر لبرا"، في وقت ينشغل اللبنانيون بلقمة العيش، وأكبر أحلامهم التحرر من زنزانة هذا الوطن والنفاذ للعيش بكرامة خارج قضبانه. لطالما صوّرت لبنان على مقاسها الخيالي. لبنان الذي تتجول فيه بسيارة فارهة تقودها للمرة الأولى لمناسبة عيد ميلادها، وفنادق تستضيف مناسبات اجتماعية يلتقي فيها من يستعرضون أحدث مقتنياتهم من المجوهرات وماركات الملابس.

في هذا العام تحديداً، أجرت إحدى المجلات مقابلة صليبا في منزلها، ونشرت صوراً عن موقع المنزل والأثاث والحدائق الموجودة فيه، والغرفة المخصصة لكلبها "فوكسي"، ما طرح علامات تساؤل عن هذا الثراء الفاحش... كله من التمثيل و"الجد والاجتهاد"؟ وفيما اعتبر البعض أن صليبا لم تسرق أموال اللبنانيين مباشرةً، رأى معظمهم أنها مُشاركة في تضييع وتبذير أموالهم المسروقة التي حرموا من الحصول عليها.

والحال إن صليبا، تكرس تنميط المرأة اللبنانية التي تتسلح بجمالها فقط، رغم الإنجازات الكثيرة التي حققتها لبنانيات حول العالم. هذه الاستعارة التي غالباً ما تُعمم في مجتمعاتنا العربية، تعيد إنتاج الصورة النمطية التي هيمنت لسنوات، ومفادها أن المرأة اللبنانية هي شخصية بلا عمق، لا تكترث سوى لمظهرها الخارجي، بغرض التباهي والوجاهة.

تعليقات: