عويدات يشترط تراجُعَ البيطار وهذا ما تبلّغه الأخير من الأمنيّين


كلُّ يوم يمرُّ تتوسّع فيه رقعةُ التوتّر في العلاقة بين المحقّق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار ومدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، أمّا المستفيدون فهُم كلّ المدّعى عليهم الذين حُدّدت لهم جلسات استماع.

حجّة هؤلاء بعدم حضور الجلسات المحدّدة ابتداءً من ٦ شباط هو عدم تبلّغهم بها وفقاً للأصول من قبل النيابة التمييزيّة التي تعاطَت مع قرارات البيطار وكأنّها غير موجودة بهدف تكبيلِه.

في حين أن المحقّق العدلي عازمٌ على المضيّ بعملِه، بدليلِ إرسالِه يوم الثلاثاء كاتباً من دائرة المباشرين لتبليغ رئيس الحكومة السّابق حسان دياب في منزلِه في تلّة الخيّاط بموعد الجلسة في ٨ شباط، إلّا أن المباشِر مُنع من تنفيذ المهمّة من قبَل حرّاس دياب.

على بعد أيامٍ من الجلسة الأولى المحدّدة للوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق الذين أبلغوا لصقاً على باب مكتب المحقّق العدلي تشتدُّ الأمور تعقيداً.

فالنائب العام التمييزي مصرٌّ على ادّعائه على البيطار ويشترط للعودة عن إجراءاته أن يتراجع المحقق العدلي عن قرارِه بالعودة إلى العمل.

لكن من يُتابع خطوات القاضي طارق البيطار منذ تسلّمه تحقيقات المرفأ يُدرك أنَّ هذا الأمر مستحيلٌ. فالرّجل ليس من النَّوع الذي يساوِم وهو مقتنعٌ بقانونية قراراته وبضرورة الوصول في ملف المرفأ إلى خواتيمه وإلّا لما كان ليفتح على نفسه أبواب جهنّم بقرار العودة إلى التّحقيق من تلقاء نفسِه وبالإدعاء على قضاة وأمنيّن وسياسيّن.

في هذا الوقت تُعقد اجتماعاتٌ مكوكيّة في أروقة قصر العدل كما في وزارة العدل في محاولةٍ لايجاد حلّ في القضية التي دخلت نفقاً مظلماً، ولم يكن آخرها لقاء وزير العدل بكلٍّ من مدّعي عام التمييز ورئيس مجلس القضاء على حدى يوم الثلاثاء الماضي في محاولةٍ لتقريب وجهات النّظر.

ولربّما هذه المحاولات هي التي تُفرمِل تسطير مذكِّرَة إحضار بحق المحقق العدلي من قبل مدّعي عام التمييز الذي "استشرس"منذ ادعاء البيطار عليه.

وهنا تقول المصادر أن التمييزيّة تنتظر الإجراءات التي سيتّخِذُها المحقق العدلي في ٦ شباط لتبنِيَ على الشيء مقتضاه وأن الأمور قد تبلغُ حدَّ الصّدام إذا أصرّ البيطار على "التحدّي".

في هذا الإطار كان لافتاً حضور المحقق العدلي إلى قصر عدل بيروت يوم الأربعاء بشكلٍ مفاجئ من دون اتّخاذ أي إجراء، وسط تكتّم شديدٍ حول هدف الزيارة. في حين أنه سبق للبيطار أن ألغى زيارته لقصر العدل يوم الإثنين الماضي تلافياً لأي صدامٍ أو احتكاكٍ أمنيٍّ.

ففي معلومات tayyar.org أنه بعد ادّعاء مدعي عام التمييز غسان عويدات على المحقّق العدلي، سؤل جهاز أمن الدولة عما إذا كان جاهزاً لاحضار القاضي البيطار اذا ما وردته استنابة من التمييزية، فأكدت قيادة الجهاز أنّها مستعدّة لذلك كون الإمتناع عن تنفيذ إشارة قضائية يشكّل مخالفةً.

بعد ذلك حَصلَ تواصلٌ بين كلِّ من اللواء طوني صليبا وقائد الجيش العماد جوزاف عون الذي أكّد أنَّ المؤسسة العسكرية تحت سقف القانون، أما حلُّ المشاكل القضائية فليتم داخل المؤسسة القضائية.

هذه الاجواء وردت إلى المحقق العدلي الذي عَلِم بوجود توجُّهٍ لتسطير مذكرة إحضارٍ بحقِّه، ونتيجة الاتصالات قرَّر البيطار عدم الذهاب إلى العدلية. علماً أن الجيش مكلفٌ بحماية أمن المحقق العدلي الشخصي بقرارٍ من مجلس الوزراء منذ تكليفه، وأي مواجهة بين الاجهزة قد تؤدي الى تصادم فيما بينها، هي بالغنى عنه.

وفيما تعلو المتاريس بين النيابة العامة التمييزية والمحقّق العدلي، لا يزال مجلسُ القضاء عاجزاً عن اتخاذ موقفٍ موحّدٍ. فرئيسه القاضي سهيل عبود داعمٌ للبيطار ولو أنّ مقرّبين منه يؤكدون أنّه يقف على مسافةٍ واحدة من الجميع، وورقة الموقوفين التي كانت تُستخدم من قبل عددٍ من أعضاء المجلس للمطالبة بتعيين محقّق رديف، سقطت. وسطَ هذا الإنقسام لن يأخذ وزير العدل هنري خوري بصدرِه قرار اقتراح إسمٍ بديلٍ عن القاضي بيطار. لا بل وأكثر فهو لن يُقدم على أي قرارٍ أو توصيةٍ أو اقتراح إلّا بناءً على قرارٍ من مجلس القضاء الأعلى.

أمام هذا الصّدام الذي بلغَ أوجَه بين النيابة العامة التمييزيّة والمحقّق العدلي، كلُّ الأنظار تنصبُّ على يوم الإثنين المقبل.

تعليقات: