صبحي القاعوري: حسين مني وانا من حسين


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًاحُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ ) والحديث حسنه الترمذي والألباني .

الحديث المذكور رواه الترمذي (3775) وابن ماجه (144) وأحمد (17111)


قد يستغرب البعض ويلتبس عليه الأمر ويتساءل ً، انا من حسين ! حيث حسين مني ، اي من صلبي وهو السبط اي الحفيد لجهة البنت ، اذاً كيف انا منه ؟

هذا القول هو حديث وخارطة طريق الى ما بعد الرسول (ص) حنى ولو اشار في القول حسين سبط من الاسباط وقد ربط الرسول هذا القول ب احب الله من احب حسيناً لما للحسين (ع) من مكانة عند الله لا تقل عن مكانة والدته ووالده واخوه الحسن كما جاء في الآية الكريمة : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْتَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِعَلَى الْكَاذِبِينَ (61آل عمرا) ، وقد اجمع المسيحيون والمسلمون على ان من جاء للمباهلة السدة فاطمة الزهراء والحسن الحسين والرسول وعلي ، ونكتفي في هذه الآية للدلالة على مكانة الحسين (ع) عندالله كما جاء في قول الرسول (ص) احب الله من احب حسيناً، وهذا يعني ما ينتظر الحسين مندور في احياء الرسالة بعد وفاة النبي(ص) ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتطرق الى الامام الحسن بتكليفه بالدور وهو لا يقل محبة عند الله من الحسين ، ولكن الظرف الذي سيكون فيه الحسن يختلف كلياً عن الظرف الذي سيكون فيه الحسين ، واذا رجعنا بالتاريخ الى تلك الحقبة نرى ان الدور الذي سيقوم به الحسن في عهد معاوية لا يقلاهمية عن دور الحسين ، حيث دور الحسن كان التهدئة والتهيئة لدور الحسين.

كان دور الحسن الاتفاق مع معاوية بأن الخلافة له في حالة بقائه على قيد الحياة واذا ما انتقلالى جوار ربه تكون الخلافة الى اخيه الحسين وبعد التوقيع على الاتفاقية اعلنها معاويةللعامة ومن ثم نقضها ، وقد نتساءل لماذا لم يثور الحسن اذاً ضد معاوية ، ولو قام الحسن بذلكلأخذ معاوية الحجة علي الحسن بأنه لم يف بالعهد والميثاق ولم يلتزم بما تم الاتفاق عليه ،وهذا دليل على ان لا رسالة نزلت وان بني هاشم يريدون الحكم والسلطة وليس نشر الرسالة كما يدعون وبثورة الحسن ضد معاوية يكونوا قد نقضوا كلام الله كما يدعون حيث جاءوا بأية : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚولو كانت الرسالة صحيحة فإن الحسن لا يثور ويلتزم بالعهد.

لمًا تقدم دليل على ان اية المباهلة تعظم منزلة الحسين عند الله ، وقول انا من حسين اي نحنجزئين مكملين لما اراده الله ويريده ، والقصد ليس النسب .

كان الرسول (ص) في بيت ام سلمة عندما دخل عليه الحسين ، وقد لحقت به قال الرسول : يا أمّسلمة ، إن هذا جبرئيل يخبرني أنّ ابني هذا مقتول ، وهذه التربة التي يقتل عليها ، فضعيهاعندك فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ... »

ثورة الامام الحسين ضد يزيد كانت تجديداً للرسالة التي جاء بها نبي البشرية جمعاء ، حيث اخاط بها الخطر من تولي يزيد السلطة واصبح لزاماً على بيت النبوة الدفاع عن شرعة الله واعادة النصاب الى الطريق الصحيح ، لذلك قام الإمام الحسين بثورته بعد رفضه جميع الاغراءات التي قدمت له ليثبت للعالم بأن بيت النبوة ليسوا اصحاب مصالح او اصحاب سلطة وعندما عزم الدفاع عن دين محمد قال قولته المشهورة التي ما زال رنينها في اذان المسلمين المدافعين عن الحق : الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق،وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرجأشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآلهأريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي.

وما زالت كلمة الحق يدوي صداها منذ ذلك التاريخ ، وهذه الثورة كانت نبراساً لطالبي الحق والحرية ومنهم غاندي عندما قال : علمني الحسين كيف انتصر ، وما زالت بعبع تقضي مضاجع المتكبرين ومنهم الدولة العظمى التي تحكم العالم.

هذا هو انا من حسين ، مجدد دعوة جده رسول الله ، السلام على الحسين,


* الحاج صبحي القاعوري

تعليقات: