مؤسسات البقاع الأوسط تعوّل الكثير على زيارة الرئيس لدمشق

ساحة شتورا تنتظر عودة الحركة الناشطة (سامر الحسيني)
ساحة شتورا تنتظر عودة الحركة الناشطة (سامر الحسيني)


أملاً في عودة الازدهار إلى منطقة شلّها سوء العلاقات الثنائية..

كيفما قاربت الاسواق التجارية في البقاع الاوسط الممتدة من منطقة المصنع الحدودية وصولاً الى بلدة المريجات مرورا ببر الياس وتعنايل وشتورا، لا تجد الا عبارات التفاؤل والتعويل على زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى سوريا غداً من اجل فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية ـ السورية، الامر الذي ينعكس ارتياحا على المؤسسات الاقتصادية والمالية في هذه المنطقة التي عانت ما عانته من التأزم المستمر بين لبنان وسوريا، والذي ترجم بانخفاض كبير في حركة العبور بين البلدين التي تشكل العامل والدافع الاساس في تنشيط الحركة التجارية.

بكثير من الأمل والارتياح يأمل البقاعيون ان تتكلل هذه الزيارة التي يصفونها بالتاريخية وباب الفرج لازمتهم الاقتصادية، بالنجاح لا سيما بعد أن تكبدت منطقتهم الضرر الأكبر من جراء التجاذب السياسي بين لبنان وسوريا، علما ان الاجواء الميدانية تؤشر الى مرحلة جديدة بدأت بعيد اتفاق الدوحة ترجمت بزيادة لافتة وواضحة لحركة عبور للعائلات السورية باتجاه الاسواق البقاعية واللبنانية.

ويجمع مختلف أصحاب المؤسسات الاقتصادية والسياحية على ان مؤسساتهم كانت تعتمد على الزبون السوري بنسبة تتجاوز ٥٠٪ من حركتها التجارية.

في منطقة المصنع ومجدل عنجر، هناك انتظار لهذه الزيارة التي يؤمل منها ان تعيد المجد الاقتصادي للسوق الاقتصادية الأكبر في البقاع التي كانت تعج بالمتسوقين والتجار من لبنان وسوريا،

فاستحقت ان تشكل الشريان الأساس الذي طالما غذّى محيطه بمقومات الحياة ودورتها الاقتصادية.

مع تغيّر الخطاب السياسي باتجاه سوريا يلاحظ رئيس بلدية مجدل عنجر حسن ديب صالح اجواء جديدة ونفوساً مرتاحة نسبياً ولا ينقصها سوى خطوات ايجابية، منها زيارة الرئيس سليمان ما سيعيد تدريجياً الروح الى العلاقات الطبيعية بين الشعبين اللبناني والسوري، وهذا العامل له الأثر الكبير في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية في المصنع، علما ان اعادة النهوض بالواقع التجاري في المصنع مطلب وموضع إجماع من اصحاب المحال التجارية كافة الذين خسروا الملايين من جراء اقفال محالهم بعد ان تحولت الطريق الدولية الى طريق مقفرة، وكانها واقعة تحت تاثير حظر تجول رسمي غير معلن.

ما يتطلع اليه صالح ان تتكلل الزيارة بالنجاح وان يعاد فتح الأبواب المغلقة بين البلدين كافة، »المهم ان نستعيد مركزنا الاقتصادي الذي يقوم على الاستقرار، واولوياتنا ان نعمل جميعا على استعادة منطقة المصنع لمركزها التجاري الذي فقدته بسبب التوترات في العلاقات اللبنانية ـ السورية، ونحن متفائلون لان الامور تتجه الى المزيد من الانفتاح والهدوء«.

»هي عملية جراحية لقلب انسدت شرايينه باشراف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان«. بهذا التعبير يصف منذر العجمي (صاحب مكتب تخليص جمركي) ايجابيات زيارة الرئيس الى سوريا التي ستساهم بحل الكثير من المشاكل الاقتصادية ما بين البلدين.

وفق ما يقول العجمي فإن منطقة المصنع ومكاتب التخليص الجمركي فقدت أكثر من اربعين بالمئة من حركتها السابقة وهي تتطلع الى استرجاعها والى زيادة قيمة حجم التعامل اليومي بين المكاتب الجمركية التي تخسر يومياً أكثر من خمسمئة مليون ليرة، كما ان الضرائب الأخيرة تسببت بزيادة الخسائر المالية لاصحاب مكاتب التخليص والمستوردين والمصدرين.

بالانتقال الى شتورا، فحلم مؤسساتها السياحية والمصرفية والمالية ان تشهد العلاقات اللبنانية ـ السورية مزيداً من الاستقرار والعلاقات الطبيعية، فأغلب هذه المؤسسات وجدت كحالة طبيعية لحركة التبادل التجاري الذي كان مزدهراً بين لبنان وسوريا، فتحولت هذه البلدة السياحية التي تشكل المعبر الاساسي للطريق الدولية بيروت ـ دمشق الى المركز التجاري والاقتصادي الأكبر في البقاع، مع انتشار عشرات المصارف التجارية. ومن النادر جداً ألا تجد فرعاً لمصرف لبناني في هذه البلدة، التي تشتهر بمؤسساتها المصرفية والمالية التي استحوذت على النسبة الأكبر من التبادل التجاري بين لبنان وسوريا بشكل خاص، وبقية البلدان العربية والافريقية والاوروبية بشكل عام.

يلفت احد العاملين في القطاع المصرفي إلى اهمية الاجواء الايجابية بين لبنان وسوريا التي تتكفل بزيادة حجم الودائع المالية السورية التي انخفضت بعد الانسحاب السوري. بالمقابل يؤكد نائب رئيس بلدية شتورا قاسم شمس الذي يملك مؤسسات صيرفة في شتورا ان حجم التبادل المالي وحركة الصرافة بدأ بالازدياد والارتفاع بعد اتفاق الدوحة، وهذه الحركة الى ازدياد وترتبط مباشرة بمدى الاستقرار في العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا، متوقعاً أن تثمر زيارة الرئيس سليمان عن المزيد من الخطوات الجديدة لتحسين هذه العلاقات الاخوية.

يقدر شمس حجم التبادل التجاري اليومي بين سوريا والبقاع بمليارات الليرات، ورواد هذه الحركة العائلات السورية واللبنانية والعمال السوريين.

لا تختلف هذه الاجواء عند النقابات الزراعية والمؤسسات الصناعية والنقل والتبريد التي نالت نصيبها ايضاً من الآثار السلبية لتردي العلاقات اللبنانية ـ السورية، فدفعت كثيراً من رصيدها المالي من جراء مشكلة الضرائب المالية المفروضة من قبل الحكومة السورية التي تطال الشاحنات والبرادات المعدة للتصدير الخارجي وكل أشكال حركة التصدير البري.

ويشدد وزير الزراعة الياس سكاف »على ضرورة معالجة موضوع الرسوم الجمركية بعد أن أرخى هذا الملف بثقله على واقع التصدير بما انعكس سلباً على القطاع الزراعي بشكل عام«. وأعرب عن اعتقاده بأن هناك »أملاً كبيراً بالتجاوب من قبل الجانب السوري، خصوصاً ان الملف الزراعي سيكون من ضمن الملفات التي سيحملها معه الرئيس سليمان، وبالتالي فإنها ستكون مدار بحث مع الرئيس السوري بشار الاسد«.

ونقل رئيس نقابة اصحاب الشاحنات المبردة في لبنان موسى ابو عجوي عن وزير الأشغال والنقل غازي العريضي بأنه سلم رئيس الجمهورية ملفاً كاملاً حول موضوع الرسوم على الشاحنات اللبنانية، وهو من ضمن الملفات الأساسية التي يحملها الرئيس الى سوريا لبحثها وإيجاد الحلول اللازمة والمنصفة لأصحاب الشاحنات اللبنانية.

وكانت النقابات الزراعية والصناعية قد سلمت الوزير سكاف مذكرة حول المطالب اللبنانية التي تتمثل بتحرير حركة التصدير والاستيراد من الرسوم الجمركية التي تعيق حركة الاستيراد والتصدير، وتتسبب بضياع إمكان التصدير نظراً لما تشكله من أعباء وأكلاف جديدة تتكبدها القطاعات الإنتاجية في لبنان.

ولفت رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين المهندس فادي عبود بأن »الحلول مع الأخوة السوريين هي بالتفاهم وتطبيق اتفاقات التجارة الحرة، وبعكس ما يقوله البعض فإن الاتفاقات الموقعة مع الشقيقة سوريا هي لمصلحة الفريقين في حال تطبيقها بحذافيرها«، في حين أمل رئيس نقابة مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي ببحث مفصل للمطالب الزراعية خلال زيارة رئيس الجمهورية للمساعدة في حل المشاكل القاتلة بحق المزارع والمصدر معاً«، مؤكداً رفضه »لوضع ضرائب من قبل الجانب اللبناني على السيارات السورية«، رافضة »مطلب المعاملة بالمثل، لأن ذلك لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيداً«، داعياً الى »الحل الأفضل للمشاكل عبر الحوار والتعاون والمحبة للوصول لما فيه الخير لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري«.

بدوره اعتبر رئيس نقابة مزارعي البطاطا جورج الصقر في البقاع بان العلاقات الجيدة مع سوريا هي مدخل أساسي وإجباري لحل كل المشاكل التي تعيق حركة التصدير التي تعتمد بشكل أحادي على الطريق البرية عبر سوريا، متوقعاً نجاحاً كاملاً لزيارة الرئيس سليمان، وهذا الامر سينعكس ايجاباً على القطاعات الانتاجية في البقاع كافة.

تعليقات: