يوسف غزاوي: الرابع من آب.. وجع الوطن

لوحة 4 آب اكريليك على قماش
لوحة 4 آب اكريليك على قماش


الرابع من آب، هو عنوان هذا العمل. تاريخ مؤلم، نتذكّره بأنين وحشرجة. تحوّلت بيروت بفعل التفجير الإجراميّ إلى خراب مادّيّ ونفسيّ. بيروت التاريخ والشرائع، وملاذ المقهورين الباحثين عن الحرّيّة والسلام والأمن والطمأنينة، مستهدفة. يريدون تحويل عاصمة العرب إلى كومة ألم. تجعلنا الذكرى نتحسّس وجعَنا، فيزداد حبّنا لهذه المدينة الضحيّة العنقاء التي خرجت من حرب أهليّة قاتلة إلى احتلال إسرائيليّ وتفجيرات هنا وهناك... وصولاً إلى مجزرة الرابع من آب المشؤومة.

ad

بيروت حارسة الأزرق، تسبح في دمائها الزكيّة فتختلط ألوانها وعتمتها بضجيج اللهب، فتتحوّل ألوانها إلى فوضى، وخطوطها مفكّكة، مسافرة هنا وهناك.

انفجار الرابع من آب، كغيره من انفجارات، نضعه في خانة سلسلة القتل والإهمال، إهمال للوطن والمواطن، هدفه التهجير ليفرغ هذا الوطن من محبّيه وقدّيسيه وملائكته وحرّاسة ليتشتّتوا في بلاد الغربة، فلا يبقى إلّا المتسوّل القابض على فقره وجهله وأمّيّته وقطيعه. يريدوننا مهاجرين في أصقاع الأرض، نلملم العملة الخضراء من تعبنا وجهدنا لنسوقها إلى من بقي على فقره وقهره من أهل وأحبّاء، لتمتلئ بها جيوب القابعين على وجع الناس وضعفهم. والتوطين لن يقتصر على الجهل والتسلّط، بل إسكان من لا ينتمي إلى هذه الأرض.. هكذا يريد عدوّ هذا الوطن القادم من غياهب الكرة الأرضيّة.

الرابع من آب، هيروشيما العصر، يقول لنا إرحلوا. لكنّا لن نرحل. لن نخاف؛ سنبقى نبض بيروت وأملها وروحها وقلبها ولونها الأجمل. ستبقى بيروت في دمائنا وهوائنا وغذائنا وتراثنا ومستقبلنا حبًّا أبديًّا لا يموت، وليرحلوا هم؛ ليرحل القاتل المتاجر بوجعنا ووجع الوطن والفتن والمحن.. سنبقى حيث نحن. سنبقى حيث وُلدنا وترعرعنا وأنتجنا قصائد ولوحات وأغانيَ. سنبقى حيث التربة ستُنبتنا فرحاً وحياة واخضراراً دائماً. سنبقى حيث يصدح صوت فيروز ووديع وصباح ونصري. سيكبر الوطن بنا وبأبنائنا وأحفادنا..

أيّها الرابع من آب، لن نبكي. لن نيأس. لن نرضخ. لن نخاف. قدّمنا شهداءنا قرابين للوطن.

ليكن الرابع من آب مناسبة للتضامن والوحدة ليبقى الوطن وتبقى بيروت، وإلّا سنذرف الدّمع مدراراً على وطن لم نحفظه أمانة من الرب..

الفنان التشكيلي د. يوسف غزاوي

تعليقات: