صبحي القاعوري: لبيك يا حسين


نشأت في بيت متحفظ ، علمنا حب الوطن الواسع وحب الناس ولا تعصب في الدين حيث قال سبحانه وتعالى لا اكراه في الدين ، وفي بيئة لا تخرج عن بيئة البيت ، وكنت منذ الصغر اذهب مع والدي الى المجالس الحسينية سواءً كان ذلك في مبنى الحسينية او في البيوت حيث كانت تقام خلال الاسبوع في بيوت بعض افراد الحارة وكان يقيم هذه المجالس خطيب كان يطلق عليه لقب ديني " ريزخون " وكنت اسمع في كل مجلس عبارة يرددها الخطيب " يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما " .

واستمريت على متابعة الحضور للمجالس الحسينية الى ان بلغت عنفوان الشباب وانا اسمع العبارة في كل مجلس ، واتاحت لي الفرصة الهجرة الى الكويت ، واستمريت باداء الواجب الذي نشأت عليه ، ولكن هذه المرة فقط في ايام عاشوراء ، وكنت اسمع نفس العبارة " ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما " .

وهنا لا اتكلم عن قيام الامام الحسين بثورته على الظلم والفجور والفسق ، لأن ما يدور في خلدي بعد نضوجي الفكري ، ماذا كنت فاعلاً لو كنت معاصراً الثورة الحسينية المباركة وكنت موجوداً مع الامام الحسين في ارض كربلاء عندما وقف خطيباً بين اهله واصحابه وقال :

أما بعد: فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني خيرا، ألا وإني لأظن أنه آخر (1) يوم لنا من هؤلاء، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا.

انا هنا لا اتكلم عن بواعث الثورة الحسينية ، لقد تكلم وكتب عنها ادباء ومفكري الشرق والغرب ، ولماذا خرج الامام الحسين من مكة الى كربلاء واستشهد هنا بقوله : « إِنّى لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا ، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا ، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي ، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب ».

واستشهاد الامام الحسين جدد احياء الدعوة الاسلامية الذي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

حيث قال جورج جرداق : عجيب هذا الرجل ؟؟؟!!! يموت بجسده فتحيا امة كاملة ، ومن ثم يقول : كذب الموت فالحسين مخلد .. كلما مر الزمان ذكره يتجدد..

اود ان اقول هنا بأنني في صراعٍ مع نفسي منذ اكثر من 40 سنة وقد بلغت الآن ال 84 سنة ورجعت الى بعض اصحاب الامام الحسين حبيب بن ابي مظاهر وهو رئيس عشيرة ولما سمع بوجود الحسين في ارض الطف ، ترك الليل حتى اظلم وانطلق من البصرة والتحق بالحسين وكذلك جون المسيحي ذو البشرة السوداء التحق بالحسين وقال للامام :

والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. وهو من الشهداء الذين وقف عليهم الإمام الحسين عليه السلام وبالرغم من اقتناعي بالعقيدة الحسينية وفي داخلي بأن لا اترك الحسين وان اجاهد بين يديه فبقيت في حيرة من امري لأن فارق الزمن يلعب دوراً كبيراً ولأنني لست امام الامر الواقع كما فكرت وحسمت امري عندما " داعش " احتلت اكثر من ‎%‎80 من ارض سوريا وكذلك من ارض العراق وسمعنا وشاهدنا مقاطع فيديو يذبحون كل من كان يحب علياً (ع) او لم يتبرأ منه ،قررت فيما لو وقعت بين ايديهم ان استشهد فيما لو طلب مني سب الامام علي ، مع ان الامام علي (ع) قال اذا طلب منك مسبتي وتغنيك عن الاذى فافعل ، ولكن البراءة مني لا تفعلها ، وانا فعلا قررت الاستشهاد لو طلب مني المسبة ، لأن " الدواعش "لم يكتفوا بهذا وسيطلبون منك البراءة من علي (ع) وهذا ما لا افعله قط .

في قرارة نفسي كنت سأبقى مع الحسين (ع) بالرغم من يقيني بأنني هالك وبأن الحياة وقفة عز وبأن الوقفة ترضي سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام .

لبيك يا حسين روحي فداك ، وياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما .

السلام عليك وعلى آل بيتك وعلى اصحابك وشهداء الطف عليكم مني السلام ما بقيت وبقي الليل والنهار .


* الحاج صبحي القاعوري - الكويت

تعليقات: