أهالي عكار يهربون بحثاً عن حياة كريمة، فهل الهجرة غير الشرعية هي الحلّ؟

عدد من المهاجرين غير الشرعيين إلى الخارج
عدد من المهاجرين غير الشرعيين إلى الخارج


7 أيام متواصلة عاشها أبناء العديد من البلدات ال#عكارية التي كانت قد ودّعت نحو 60 من أبنائها، رجالاً ونساءً وأطفالاً، ومنهم صيادو أسماك وعمّال ومزارعون وموظفون وعدد من العسكريين، غادروا منازلهم مع أطفالهم بما حملت أيديهم ورحلوا بصمت على متن مركب معدّ للصيد وتحت جنح الظلام من شاطئ العبدة – عكار، وجهتهم الأساسية إيطاليا، هرباً من الحال المعيشية الصعبة وتخوّفاً من الأيام الأصعب الآتية في بلدهم الذي تخلى عنهم وألزمهم سياسيوه بسوء إدارتهم لمقدّرات البلد، بمغادرته قسراً بسبب ضيق الحال وبحثاً عن حياة كريمة في بلاد يُحترم فيها الإنسان .

الى أن وصلت رحلتهم بعد أيام صعبة عاشوها يحاربون الأمواج العاتية الى المياه الإقليمية الإيطالية، وتولّى عدد من ركاب المركب إرسال صوتيات ومقاطع فيديو وصور الى ذويهم وأصدقائهم يحيطونهم علماً بمجريات رحلتهم ساعة يتوفر لهم ذلك، ويطمئنونهم بأن جميع ركّاب المركب بخير رغم الصعوبات الكبيرة وخطر غر ق المركب وساعات الخوف ونفاد مياه الشرب والمؤونة التي كانت لديهم.

ولفتوا الى أن خفر سواحل الاتحاد الاوروبي الذين واكبوهم فور دخولهم المياه الإقليمية الإيطالية رفضوا نقلهم على متن مركبهم بل أصعدوهم من مركبهم المتهالك، الى متن إحدى السفن على أنها تتّجه الى إيطاليا، ليتضح لاحقاً أنها ستقلّهم الى السواحل اليونانية وهذا ما رفضه جميع المهاجرين تخوّفاً من المعاملة اليونانية السيّئة للمهاجرين، حسب وصفهم، ونفذوا اعتصاماً على متن الباخرة رافضين التوجّه الى الشواطئ اليونانية ومصرّين على الذهاب الى الشواطئ الإيطالية.

وأشار بعض أقارب المغادرين الى أن الباخرة التي تقلهم باتت الآن في المياه الإقليمية اليونانية وركاب المركب لديهم خوف كبير يتعاظم مع كل ساعة تمرّ من أن يلجأ خفر سواحل الاتحاد الأوروبي الى إرسالهم الى السواحل التركية، ما يعني إعادتهم الى لبنان، وهذا ما يعتبرونه الموت المحتّم لهم بعد كلّ هذه الأيام المتعبة، حيث إنهم جميعاً لم يعد لهم ما يملكونه في لبنان، بحيث باعوا ممتلكاتهم قبل الرحيل.

وعُلم أن هذا المركب ليس الوحيد الذي غادر الشواطئ اللبنانية خلال هذا الشهر، دون معرفة مصير الركّاب وهل وصلوا الى وجهتم أم لا.

وثمة اقتناع لدى كثيرين بأن هذه الرحلات غير الشرعية لن تتوقف ما دام الوضع القائم على هذا السوء، وهم يفضّلون المغامرة ولو المحفوفة بخطر الموت على المكوث والعيش في بلد كله على كفّ عفريت.

ورأى رئيس بلدية "ببنين-العبدة" الدكتور كفاح الكسّار في تعليق له على هجرة عدد من الشبّان من ببنين وبلدات مجاورة عبر البحر إلى أوروبا، أنهم "أبطال حقيقيون، آثروا العيش بكرامة وعنفوان على مرارة الذل والاضطهاد التي أوصلتهم إليها سياسات دولتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكننا في نفس الوقت كنا نتمنّى أن لا يُضطرّوا إلى الهجرة وترك بلدهم الذي يحتاج إلى كل أبنائه".

من جهته مختار بلدة ببنين زاهر الكسار قال: "منذ أيام وأهالي بلدتنا ببنين العبدة يعيشون على أعصابهم ينتظرون خبراً ساراً من هنا أو هناك عن العائلات التي قرّرت الهروب من جحيم لبنان الى نعيم أوروبا، وبعد متابعة علمنا أن معظم العائلات التي هاجرت في رحلة الكرامة هذه المحفوفة بالخطر، لم يعودوا يملكون أيّ شيء، حيث باعوا الملابس والبيوت وكل ما يملكونه، واحتضنوا أطفالهم مجازفين بحياتهم للهجرة عبر البحر، وما أدراك ما الرحلة عبر البحار، في كل لحظة تنتظر الموت وتشاهد الموت أمامك، كيف لا وهناك حوالي أسبوع تعيش العائلات في البحار بعيداً عن كل مستلزمات الحياة".

ويتابع الكسار: أعتقد أنه في الأيام المقبلة، إذا أتيح المجال، فلن يبقى أحد في لبنان الوطن الذي أصبح آخر أولويات حكّامه كرامة الإنسان، والشعب يموت ويذلّ على أبواب المستشفيات ومحطات الوقود وأبواب الأفران والصيدليات وحتى على أبواب المدارس .

وسأل: من يعيش اليوم بكرامة؟ هل الموظف أو الفاعل أو العامل أو المزارع أو البحري؟ الناس يبحثون عن أمل وحياة كريمة في الدول البعيدة وكل أنحاء العالم وخصوصاً أوروبا.

وناشد الكسّار الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن تستقبل باسم الإنسانية العائلات التي لا حول لها ولا قوة وأن تجري معاملتها كعائلات هربت من الظلم والجحيم.



تعليقات: