تطبيق بولت يشعل غضب السائقين العموميين... اجتماع في السرايا وطليس: التصعيد آت


منتصف تموز من العام 2020، أعلنت منصة النقل عند الطلب (Bolt) التي يبلغ عدد مستخدميها ما يقارب 30 مليوناً في أكثر من 35 بلدا، وخصوصاً في أوروبا وأفريقيا، إطلاق خدمتها في لبنان في 7 تموز المقبل، وأن مئات السائقين المتعاملين معها متأهبون للبدء بقبول طلبات الزبائن، ما اشعل غضب السائقين العموميين في بيروت وعدد من المناطق، خصوصا بعدما تبين لهم ان دراجات نارية بدأت تعمل كبديل من سيارات الأجرة بأسعار رخيصة جدا، ما يهدد لقمة عيش أصحاب "اللوحات الحمراء".


ما هي منصة "#بولت"؟

هي منصة نقل اوروبية أسّسها ماركوس فيليغ عام 2013، وهي واحدة من أسرع منصات النقل نمواً في أوروبا وأفريقيا، ومن أبرز المستثمرين فيها شركة "دايملر" و"ديدي تشوشينغ" و"كوريليا كابيتال". هذا التطبيق الالكتروني مجاني للهاتف المحمول يربط السائقين والركاب، إذ يستطيع أي شخص من خلاله أن يطلب سائقاً لنقله من أينما كان إلى حيثما يريد وبأسعار معقولة بحسب الشركة المشغلة للتطبيق، التي تؤكد ايضا انه يمكن للسائقين المسجلين على المنصة كسب المال عن طريق قبول الطلبات الواردة من خلال التطبيق الذي التزم لمدة لا تقل عن ستة أشهر، عدم فرض رسوم او اي نوع من العمولات على السائقين لاستخدام المنصة، وتقديم أسعار أقل بنسبة تصل إلى 20% عن المنافسين الآخرين في السوق، وهذا ما أجّج فعليا غضب السائقين العموميين ليس فقط في لبنان وإنما في عدد من الدول الاخرى. فالعديد من الدول الاوروبية شهدت في الفترة الماضية تظاهرات واعتصامات للسائقين العموميين الرافضين لتطبيقات النقل ومنها "اوبر" وغيرها، حتى ذهب بعض الدول الى تعليق العمل بهذه التطبيقات حماية للسائقين. يعمل تطبيق "بولت" مثل التطبيقات الاخرى، وما على الركاب الراغبين في الإنتقال من مكان إلى مكان سوى أن يفتحوا التطبيق ويضبطوا موقعهم والوجهة التي يقصدونها، ومن ثم يعطي التطبيق تقدير كلفة الرحلة سلفاً، فاذا وافق الركاب على تقدير الكلفة، ينبه التطبيق السائقين القريبين الذين يقبلون الرحلة في أسرع وقت ممكن. وبمجرد قبول السائق الرحلة، يمكن الراكب رؤية تفاصيل السائق وتتبعه مباشرة في الوقت الحقيقي على ان يتم الدفع نقداً.


#السائقون العموميون غاضبون

لماذا أشعل هذا التطبيق غضب سائقي سيارات النقل العمومي والتاكسي، ليس فقط في لبنان وإنما في عدد من الدول التي تعمل فيها هذه المنصة؟ إنتفض السائقون العموميّون في وسط بيروت في الايام الماضية وقطعوا الطرق المؤدية إلى وزارتي الداخلية والنقل بمستوعبات النفايات، مطالبين بإلغاء تطبيق "بولت" الذي تعمل عليه الدراجات كبديل من سيارات الأجرة، اضافة طبعا الى إحتجاجهم على ارتفاع سعر صفيحة البنزين والدولار، كما طالبوا بتطبيق القانون الخاص باللوحات المزوّرة والمكرّرة و"اللوحات البيضاء" التي تعمل على "الخط". وتشكل منصة "بولت" حاليا باب رزق جديدا لعددٍ كبير من اللبنانيين الذين يملكون سيارات خاصة بعدما قاموا بتسجيل سياراتهم على التطبيق وأصبحوا يعملون كسائقي تاكسي، وهو ما يعتبره السائقون العموميون مضاربة غير مشروعة على عملهم، خصوصاً أنّ لديهم لوحات عمومية ويدفعون في المقابل الضرائب المتوجّبة عليهم، في حين أنّ لا فرع لشركة "بولت" في لبنان، مما يعني أنّ الأرباح التي يكسبها سائقو "بولت" بسياراتهم تذهب كلها لهم.

يقول رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس ان من أهمّ الأسباب التي تحرّك من أجلها السائقون هي ارتفاع أسعار المحروقات، اضافة الى مضاربة شركة "بولت تاكسي" التي يؤكد انها غير شرعية حيث تقوم هذه الشركة بتشغيل سيارات خصوصية بنمر بيضاء، الى تشغيل دراجات نارية لنقل الركاب، وهنا الكارثة بحسب طليس. فالسماح لشركة "بولت" بإعطاء الصلاحية لسائقي سيارات خاصّة هي مخالفة للقانون اللبناني، خصوصاً أنّ قانون السير اللبناني يخوّل السيارات ذات اللوحات الحمراء العمل كوسائل نقل عام، وهذا الموضوع حُوّل الى كل من وزير الداخلية ووزير الاتصالات ووزير الأشغال العامة والنقل والجهات المعنية بالأمر، مشيرا الى ان الشركة المشغلة لهذا التطبيق غير قانونية وتحصل على ما وصفه بالخوّات من الركاب. السائقون يحتجون على وضع منصة "بولت" تعرفة أدنى من تعرفة السيارات العمومية لكون الشركة المشغلة لهذا التطبيق لا تتحمّل كلفة رسوم وضمان التي يدفعها السائقون العموميون ولا جميع الإجراءات المفروضة على السيارات العمومية، والاخطر في ذلك انها تتعامل مع سيارات خصوصية. ويعود طليس ليؤكد ان اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان كانت تقدمت بشكوى بحق الشركة المشغلة لتطبيق "بولت" لتتم إحالتها على مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الامن الداخلي لإجراء التحقيقات اللازمة، الا ان لا شيء تحقق حتى الساعة لناحية وقف هذا التطبيق، فيما يعترف وزير الاتصالات جوني القرم بعدم إمكان الوزارة وقف هذا التطبيق الا بإشارة قضائية لم تصدر حتى الساعة بانتظار انتهاء التحقيقات اللازمة. أما على صعيد وزارة الداخلية والبلديات فيؤكد طليس ان الوزير بسام المولوي متفهم جدا لموقف السائقين العموميين ويقوم بما يلزم على صعيد الاجراءات الامنية والادارية وبالامكانات المحدودة جدا لناحية ملاحقة السيارات الخصوصية التي تعمل على "الخط"، اضافة الى الاجراءات التي تتخذها قطعات السير لملاحقة الارقام العمومية المزورة والمكررة، كما تم الاتفاق على إعفاء السائقين العموميين من "الميكانيك" بانتظار صدور القرار متضمناً الآلية التنفيذية.

ومن المقرر ان يعقد الرئيس نجيب ميقاتي في الساعات المقبلة إجتماعا مع اتحادات النقل البري بحضور وزراء المال والداخلية والاشغال العامة والنقل للبحث في المشاكل التي يعاني منها القطاع وإعادة النظر بالاتفاق الذي جرى التوصل اليه "على الورق" بين الاتحاد ورئاسة الحكومة ولم يطبق بعد بسبب الامكانات المالية المحدودة جدا للدولة. وبحسب طليس فان النقاش مستمر مع الرئيس ميقاتي حول الاتفاق وأحد بنوده دعم قطاع النقل البري من أجل وضع تعرفة مخفضة للنقل، اذ لا تعرفة اساسا، لأن آخر تعرفة وُضعت عندما كان سعر صفيحة البنزين 40 الف ليرة لبنانية. وهناك إشكالية حول الموضوع المالي، أي موضوع الدعم، حيث يؤكد ميقاتي أن أموال الدعم غير متوافرة ما يحتم البحث عن صيغ أخرى. وفي هذا السياق، علمت "النهار" ان وزير الاتصالات قد ينضم الى الإجتماع للبحث في موضوع تطبيق "بولت" والاجراءات التي يمكن إتخاذها لحماية السائقين العموميين من المنافسة غير المشروعة والمضاربة على التعرفة التي يقوم بها هذا التطبيق. وبناء على نتائج اجتماع السرايا اليوم تحدد إتحادات ونقابات النقل البري خطواتها إما التصعيدية وإما المهادِنة خلال إجتماعها منتصف الاسبوع الجاري.

تعليقات: