هفوات وخطايا نواب التغيير: الطلاق أحياناً أبغض الحلال

الأسابيع المقبلة ستثبت أن من النواب الـ13 لن يبقى إلا نحو خمسة يمثلون الخط التغييري (مجلس النواب)
الأسابيع المقبلة ستثبت أن من النواب الـ13 لن يبقى إلا نحو خمسة يمثلون الخط التغييري (مجلس النواب)


منذ انتخابهم كانت فكرة تجميع نواب القوى التغييرية في كتلة نيابية صعبة التحقق. الخلفيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية لكل نائب منهم، تحول دون نشوء هكذا كتلة. لكن حتى قناعة توحدهم في تكتل منفتح بقي افتراضياً ونابعاً من تصورات وطموحات من انتخبهم. أما هم فمنقسمون على مختلف القضايا، ما يحول دون تأسيس تكتل قائم على أسس متينة في كيفية اتخاذ القرار.


زيارة قائد الجيش

وآخر الخطوات التي أحدثت جدلاً بينهم ومع المجموعات التي تدعمهم، الزيارة التي قام بها بعض النواب (ملحم خلف، نجاة عون صليبا، ياسين ياسين، وضاح الصادق، رامي فنج وفراس حمدان) إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون، والتي لم تكن منسقة فيما بين النواب الثلاثة عشر. ورغم أن الزيارة أتت في سياق عرض موقفهم إزاء الخط البحري 29، الذي طالبوا الحكومة بتنبيه. إلا أن هذه الخطوة التي جرهم إليها أحد النواب، أدت إلى حرج البعض منهم لأنها أتت من دون أي حساب أن البلد مقبل على انتخابات رئاسة الجمهورية.


دار الفتوى وسوريا

وكانت الأيام الفائتة حافلة بمواقف وخطوات أقدم عليها بعض أولئك النواب، وأدت إلى حرج بينهم، وخلافات قد تكون تداعياتها كبيرة، كما تقول مصادر مطلعة لـ"المدن". فقد سبق زيارة قائد الجيش وقوف النائبين رامي فنج وياسين ياسين إلى جانب دار الفتوى ضد حرية التجمع والتعبير وحقوق الانسان، بما يتعلق بالمسيرة التي كانت بعض المجموعات تنوي تنظيمها، دعماً لحقوق مجتمع الميم. وسبقها أيضاً ذهاب الطبيب الياس جرادة إلى سوريا لحضور مؤتمر طبي. ورغم أن جرادة برر موقفه بأنه يواظب على حضور المؤتمر الذي تعقده الجمعية السورية لأطباء العين سنوياً، وأنه يشارك في مؤتمرات مماثلة في الإمارات والسعودية وأميركا وغيرها من الدول، إلا أن هذه الخطوة أدت إلى امتعاض كبير من بعض زملائه النواب في تكتلهم "التغييري" المفترض، الذين لاموه عليها بشدة. فجرادة لم يفاتح أي نائب منهم بهذه الزيارة. ليس هذا فحسب، بل أنه غرّد على حسابه بتويتر للإفصاح عن الزيارة بعد تسريب أحد أفراد الأمن العام خبر اجتيازه الحدود وتوجهه إلى سوريا.


التباعد أكثر

وتشرح المصادر مدى التباعد في الخيارات بين النواب بالقول: "في قضية حقوقية يفترض أن تكون في صلب التغيير، ترى نائبين من هؤلاء النواب يهبّان للدفاع عن المقامات الدينية ضد مجتمع الميم. وفي القضايا السياسية، هناك نائب منهم تجرّهم كل خطوة يخطوها إلى تبني مواقف تصب كلها في محور 14 آذار، فيما هناك نائبة تتماهى مع خطاب 8 آذار في مواقف عدة، ونائبة ثانية يصعب توقع موقفها الذي يتبدل بين ليلة وضحاها. وفي القضايا التي تهم المجتمع اللبناني ترى نائباً بيروتياً يدافع عن المصارف ويجاهر بأن استرداد أموال المودعين لا يتم إلا من خلال الصندوق السيادي. والأسوأ أنه يريد دولرة الاقتصاد كما لو أن كل اللبنانيين يتلقون رواتبهم بالدولار، وحتى أنه فاتح الرئيس نجيب ميقاتي، خلال لقاء نواب التغيير معه منذ أسبوعين، بفكرة اللجوء إلى هذه الخطوة الجريئة. وفي القضايا المصيرية ترى طبيباً لا يفصل بين عمله الطبي وموقعه السياسي بعدما بات نائباً، ولا يتحسس من أن زيارة سوريا خطوة سياسية داعمة للدكتاتوريات، حتى لو كانت الدواعي هي المشاركة في مؤتمر طبي.


نواب الخط التغييري

وأكدت المصادر أن هذه المسائل لن تمر من دون نقاش جدي داخل التكتل، عندما يجتمع النواب لتقييم المرحلة الفائتة. ليس هذا فحسب، بل أن الأسابيع المقبلة ستثبت أن من النواب الـ13 لن يبقى إلا نحو خمسة أو سبعة نواب يمثلون الخط التغييري، سيشكلون كتلة نيابية متجانسة، في حال استمر البعض بـ"زحطاته" التي تؤدي إلى المزيد من الحرج أمام الرأي العام.

ورغم ذلك، لا يستعجل النواب خطوات شق الصفوف، خصوصاً أن الاستحقاق الوحيد المطروح أمامهم كتكتل في المرحلة المقبلة هو انتخاب رئيس الجمهورية. لكن في حال عدم التوافق على رئيس للبلاد محلياً وخارجياً، قد يتحول المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة ويحصل فراغ تشريعي كما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان. أي بمعنى آخر، لا يوجد ملفات أو مشاريع قوانين يختلفون عليها طالما أن المجلس النيابي سيكون معطلاً.

لكن تناسل التباينات والخلافات والاختلافات في وجهات النظر، وخصوصاً خلال نقاشات تسمية رئيس الحكومة وما تلاها من مواقف وخطوات ولقاءات قام بها بعض النواب، باتت تحرج العديد منهم.

قد تكون التباينات ظاهرة صحية، طالما أن الانتخابات أفرزت أفضل الممكن لبنانياً. وهذا ما دفع بعض المجموعات السياسية التي كانت وراء فوزهم في الانتخابات إلى التلاقي، لوضع تصورات لتشكيل تجمع سياسي مشترك يضع سقفاً سياسياً يلزم النواب به. لكن تلاقي المجموعات على رؤية سياسية موحدة قد يستغرق أشهراً وسنوات، كما تدل التجارب منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين.

تعليقات: