مواهب مخيم برج البراجنة.. أسلحة اللاجئين في وجه الوصمة

حظيت فئة الرسم بتشجيع خاص في كامب غوت تالنت
حظيت فئة الرسم بتشجيع خاص في كامب غوت تالنت


بعيداً من الخطابات الرنانة والبيانات الرسمية التي تُصاحب اليوم العالمي للاجئين، قررت جمعية البرامج النسائية في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، بالتعاون مع مقهى "سُفرة"، تنظيم مسابقة "كامب غوت تالنت" Camp Got Talent، كحفلة فنية متواضعة ومستنسخة من البرنامج التلفزيوني العالمي الشهير الذي عُرف عربياً بإسم "آراب غوت تالنت".

النسخة المصغرة من البرنامج أتقنها المنظمون، من منصة العرض، إلى لجنة التحكيم المؤلفة من مخرجين وفنانيين ورسامين، بالإضافة إلى اللباس الموحد للمشاركين في الحفلة. فعلى مدى ساعتين عرض حوالى 15 فلسطينياً وسورياً، مواهبهم. من أصغر المشاركين، الطفل السوري محمد، الذي قدم مشهداً تمثيلياً عن عمالة الأطفال، وهو طفل مبتور اليد، مروراً بالعزف الآلي والرسم التشيكلي والغناء.

لكل تفصيل في الحفلة، حكايته الخاصة التي تُروى في "انستغرام" وسائر مواقع التواصل العائدة لمقهى "سفرة". فقد تم انشاء الأخير ليمكّن النساء الفلسطينيات إقتصادياً في مجال الطبخ. وتقول إحدى القيمات على المشروع مريم الشعار لـ"المدن" إن سُفرة "هو مكان آمن للنساء للجلوس وشرب القهوة، وفي ظل الظروف الصعبة التي يعانيها اللاجئون وغيرهم باتت سُفرة ملاذًا، ليعرضوا أفلاماً، ويخضعوا لتدريبات".

وتشدد الشعار على أنه في يوم اللاجىء، فضل القيمون على المنصة "الإبتعاد عن نقل المآسي"، وتغيير الصورة النمطية عن وصمة "الملف الأمني والمشاكل" التي تُستحضر عند الحديث عن اللاجىء. وتشير إلى أن الصدى الإيجابي للإعلان فاق توقعاتهم حيث طُلب منهم توسيع العرض ليشمل المخيمات كافة، ويكون له صداه الإعلامي والإعلاني.

وتنفيذاً للمبدأ نفسه، تتحدث حنين أبو طاقة، بدورها، عن أن الجو العام السلبي والوضع الإقتصادي "دفعنا إلى خلق جو من الفرح، أي استيلاد النور من العتمة، عبر الإضاءة على هذه المواهب".

الحفلة أتت صاخبة موسيقياً، على إيقاع فني متنوع، لا سيما بتشجيع فئة الرسم، ولم ينسَ الـ"دي جي" إضافة الموسيقى الحماسية الفلسطينية. فيما اللافت كان الجمهور الذي أتى لتشجيع المشاركين، إذ تقول حنين طوزا التي أتت لتشجيع شقيقتها: "أتيت لتشجيع شقيقتي والتسلية، وهذه النشاطات للمستقبل مهمة، ومن المهم أن يعرفنا العالم، خصوصاً في عصر السوشال ميديا، حيث يكون صدى الرسائل أكبر"، معربة عن أمنيتها أن تلقى أختها تشجيعاً ودعماً لتطوير مهاراتها في الرسم".

الفائز بالجائزة الأولى عن فئة الغناء، هو الشاب مراد شريف، ذو الصوت الجبلي والوطني، والذي يطور نفسه في مجال الغناء منذ سن العاشرة. يقول إن مشاركته في الحفلة انبثقت من رغبته في زيادة ثقته في نفسه، وإيصال صوته إلى اللاجئين في الداخل والخارج. يقول شريف: "نحن اللاجئون لدينا 3 أنواع أسلحة لإيصال صوتنا، هي الإعلام، والرسم، والغناء، لنقول أننا نُقاوم الإحتلال على طريقتنا".

أما الشابة هاجر حليم التي فازت بالمرتبة الثانية عن فئة الرسم، ووثّقت في صورتها "العودة"، فتتابع دراستها في التصميم الداخلي، وتقول: "لدي موهبة بالرسم وعائلتي دعمتني لتطويرها بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها اللاجىء في لبنان، فنحن نختار التحدي والمثابرة رغم عتمة المستقبل، أقله في إيجاد فرص عمل بعد التخرج، بالإضافة إلى التمييز العنصري الذي نواجهه بشكل عام".

وفازت الشابة هبة خليل عن فئة العزف الموسيقي على الناي، وعزفت مقطوعات موسيقية مثل "فوق إلنا خِل"، و"بكرا أنت وجاي" لفيروز. هبة التي طورت موهبتها بنفسها، عبّرت عن فرحتها بالفوز بكاءً، وكأن هذه الحفلة قدم لها الكثير معنوياً، قبل أي مردود مالي بسيط.

لجنة التحكيم، التي أعطت ملاحظات على أداء المتقدمين، تعاطت بجدية ولطف في إعطاء الملاحظات، لإثبات مصداقية أمام المشاركين، وكي يشعروا بأن مواهبهم تؤخذ على محمل الجدّ، وأنها ليست مجرد حفلة للتسلية. ويشير أحد أعضاء لجنة التحكيم، المخرج عماد البيتم، الى أن فكرة إستنستاخ البرنامج التلفزيوني إلى نسخة مُخيّم في يوم اللاجىء "هي في حد ذاتها إعلاء لصوت المشاركين ووضعهم لأنفسهم على خريطة الحدث"، بعيداً من ثقافة "المشكلجي الفلسطيني".

برأيه، تصل أكبر الرسائل عبر الفنون. ويضيف المخرج البيتم، أن لدى جميع المشاركين موهبة لكنها بحاجة لتطوير، وليس الجميع لديه قدرة على هذا التطوير بسبب الإمكانات المحدودة المتاحة للاجئين. ويأمل البيتم في أن يطور فكرة الحفلة إلى مشروع يشمل المخيمات كلها ليحقق الصدى المطلوب أسوة بفكرة البرنامج الأساسية.

تعليقات: