كبار السن في لبنان في حالة حرجة

انهيار أنظمة الدعم والرعاية التي اعتمد عليها كبار السن في الماضي (علي علوش)
انهيار أنظمة الدعم والرعاية التي اعتمد عليها كبار السن في الماضي (علي علوش)


لا يزال لبنان من أضعف البلدان في المنطقة في تأمين الحماية الاجتماعية لكبار السن. إذ يعتمد حوالى 80 في المئة من كبار السن في لبنان على أسرهم، للحصول على الدعم المالي أو على مدخراتهم التي فقدت قيمتها، إن وجدت. كما أن معظم كبار السن لا يتلقون أي معاش تقاعدي أو دعم مالي من الدولة على الإطلاق.

يواجه الأشخاص الأكبر سناً في لبنان واقعاً صعباً، ومستقبلًا قاتماً، بسبب افتقار لبنان إلى ضمانات الحماية الاجتماعية الأساسية. وذلك، حسب تقرير جديد أعدته المؤسسة الدولية لكبار السن ومنظمة العمل الدولية ينقل صرخة كبار السن.


معاناة كبار السن

التقرير الذي يحمل عنوان "صرخة أمل وألم" يعرض نبذة عن أبرز شهادات كبار السن في لبنان ومعاناتهم، وتطلعاتهم حول موضوع ضمان الدخل من برامج الحماية الاجتماعية. كما يشارك شهاداتهم حول التحديات التي يواجهونها في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تركتهم في حالة شديدة الهشاشة، في ظل غياب أرضية للحماية الاجتماعية. فهم غالبًا ما يجدون أنفسهم غير قادرين على دفع الإيجار أو شراء الطعام والملابس والأدوية.

وحسب ممثلة المؤسسة الدولية لكبار السن في لبنان، سارة أبو طه، فقد تضرّر كبار السن بشدة بسبب الأزمة في لبنان، كما أن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في جميع أنحاء البلاد جعل من الصعب الشديد على معظم الناس تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما أثَر بشدة على صحة المتقدمين سناً ووضعهم الاجتماعي.

ومع انهيار أنظمة الدعم والرعاية التي اعتمد عليها كبار السن في الماضي -سواء من خلال البرامج الحكومية أو القطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية أو الشبكات الأسرية- وجد العديد منهم أنفسهم من دون أي مصدر للدخل، أو مجبرين على العمل حتى بعد سن التقاعد.

ويوضح اختصاصي الحماية الاجتماعية الإقليمي في منظمة العمل الدولية، لوكا بليرانو، أن المعاشات التقاعدية وأشكال الحماية الاجتماعية الأخرى مثل الحماية الصحية الاجتماعية هي حق للجميع، وتضمن العيش بأمان وكرامة لكبار السن. لكن هذا ليس هو الحال في لبنان حيث تستفيد قلة قليلة من تقديمات التأمينات الاجتماعية.


انهيار قيمة التعويضات

يواجه لبنان أزمة معقدة غير مسبوقة منذ عام 2019 -تشمل انهيار الاقتصاد وتدهور قيمة العملة، وتفشي وباء كورونا، وانفجار مرفأ بيروت في آب 2020- أوقعت الأزمة صناديق الضمان والتعاضد في خطر الانهيار، وقد شهد المتقاعدون المشمولون في هذه الصناديق انهيار قيمة تعويضاتهم والمدخرات التي عملوا على جنيها وجمعها طوال حياتهم.

الوضع أسوأ بكثير بالنسبة لغالبية كبار السن غير المشمولين في أي صندوق ضمان أو تعاضد أو بوالص تأمين خاص، والذين يعتمدون حصراً على أولادهم وأسرهم وشبكاتهم الاجتماعية لتأمين حاجاتهم الأساسية.

وحسب التقرير، يشكّل كبار السن في لبنان 11 في المئة من سكان البلاد، مع أمد أعمار يصل إلى 78 عاماً للرجال و82 عاماً للنساء. ورغم أن هذه النسبة هي الأعلى بين الدول العربية، فلا يزال لبنان من أضعف البلدان في المنطقة في تأمين الحماية الاجتماعية لكبار السن. يعتمد حوالى 80 في المئة من كبار السن في لبنان على أسرهم للحصول على الدعم المالي أو على مدخراتهم التي فقدت قيمتها، إن وجدت. ومعظم كبار السن لا يتلقون أي معاش تقاعدي أو دعم مالي من الدولة على الإطلاق.


معاش تقاعدي

وتؤكد المؤسسة الدولية لكبار السن ومنظمة العمل الدولية أن اعتماد معاش شيخوخة غير قائم على الاشتراكات يكفل حد أدنى مـن الدخل لجميع كبار السن في لبنان، ويساهم في تأمين عيش كريم للعاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين شكلوا 50% في المئة من القوة العاملة في عام 2018. كما يساعد على تأمين حياة كريمة لآلاف النساء اللواتي لم يشاركن يوماً في سوق العمل، وفي كسر حلقة عدم المساواة والتمييز الجندري التي يواجهنها طوال حياتهن، وذلك من خلال الاعتراف بمساهمتهن غير المدفوعة لأسرهن ومجتمعهن.

إن إنشاء مثل هذا النظام بات ضرورياً، ويجب أن يُعتمد بالتوازي مع إصلاح نظام تعويض نهاية الخدمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتحويله إلى نظام معاشات تقاعدية للعاملين في القطاع الخاص، يوفر مدفوعات منتظمة مفهرسة بمعدل التضخم وازدياد التكلفة المعيشية طوال فترة التقاعد.

تعليقات: