الضاحية الجنوبية: وعد يسابق الزمن في البناء وبتعويضات الحد الأدنى

الضاحية الآن (بلال قبلان)
الضاحية الآن (بلال قبلان)


يروي أحد المشرفين على مشروع »وعد« لاعمار الضاحية الجنوبية، أنه جرى الحديث في إحدى الجلسات مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن الجــهد الكبير الذي يرتبه العمل في المشروع، بوصفه يطال ما يزيــد على مئتي مبنى، يجب بناؤها في أقصر وقت ممكن، فكان جواب نصرالله حازما: »من يشعر بالتعب يستطع التــوقف عن العمل وترك المجال لغيره، هؤلاء النـاس وقفوا معــنا في الحرب وضحوا بمنازلهم، أقل ما يمكن فعله اتجاههم هو إعادة بنائها«.

يعمل المشرفون على المشروع والمهندسون والعمال، ساعات إضافية، من أجل تسريع إنجاز المباني، ضمن التاريخ الذي وضعوه في نهاية العام .٢٠٠٩

وأنجز حتى الآن مبنى واحد بشكل نهائي، هو مبنى كزما، وهناك سبعة مباني انتهت فيها عمليات البناء، ويلزمها تركيب الأدوات الصحية والتبليط والدهان، قبل تسليـمها إلى أصحابها خلال الشهرين المقبلين. بينما ارتفع ستة وخمــسون مبنى فوق الارض، بعد بناء الأساسات والطوابق الاولى فيها، وجرى حفر أساسات ثلاثة وعشرين مبنى، بعد رفع الانقاض منها.

واستنادا إلى الاحصاءات النهائية بلغ عدد المباني المهدمة في الضاحية مئتان وأربعة عشر مبنى، أخذ أصحاب ثلاثين مبنى على عاتقهم تولي عملية البناء، وتقرر عدم إعادة بناء اثني عشر مبنى غير سكني، مثل مبنى العازارية القديم ومعمل جبر وغيرهما، والباقي تتولاه إدارة »وعد«.

يوضح مدير »وعد« حسن الجشي أن أصحاب الشقق المهدمة الذين كانوا مترددين في تلزيم شققهم لادارة المشروع، تراجعوا عن ترددهم، بعد تأخر الحكومة في دفع التعويضات.

لكن الاستمرار في عملية البناء وتسـريعها، لا يعنيان أنه يمكن التمهل في تقديم التعويضات، إذ يشــير الجـشي إلى أن المباني المهدمة تتضمن ٥٢٨٨ آلاف شقة، لا يزال أصحاب ١٥٥٣ شقة من بينها، ينتظرون الدفعة الاولى، ولم يظهر أن هناك من بين المتضررين من تقاضى الدفعة الثـانية، مع العلم بأن المسؤولين في إدارة التدقيق في شركة الخــطيب وعلمي يقولون إنهم يعملون على تجهيز الوثائق الخاصة بالدفعة الثانية.

وردا على ما تردد عن تأخر المعنيين بمشروع إعمار الضاحية في حزب الله وبلديات الضاحية، في تقديم الوثائق اللازمة الخاصة بالأضرار، لنيل التعويضات، يوضح رئيس اتحاد بلديات الضاحية أبو سعيد الخنسا أن البلديات قدمت جميع الأوراق والمستندات المطلوبة إلى وزارة المهجرين منذ عام تقريبا، من بين المستندات قاعدة معلومات بيانية أعدتها مؤسسة جهاد البناء، تتضمن إحصاءات شاملة، بالمنازل المتضررة والمهدمة، وذلك بهدف التسريع في دفع التعويضات، وعقد الخنسا لهذه الغاية اجتماعات مع كل من وزير المهجرين نعمة طعمة بحضور المدير العام للوزارة أحمد محمود والمدير العام لصندوق المهجرين فادي عرموني، كما جرت متابعة الموضوع عبر اتصالات ولقاءت عدة عقدت في الوزارة.

ومن المعروف أنه بموجب بيانات الهيئة العليا للاغاثة يوجد ١٥٧٥ عقارا في الضاحية غير متبناة من أي جهة مانحة، وهي من أصل ١٦٢٣ عقارا مهدما. من بين العقارات المتبناة تولت السعودية ستة وثلاثين عقارا والكويت تسعة عقارات وعمان ثلاثة عقارات.

بالاضافة إلى مشكلة التعويضــات ساهـمت عمليات تدعيم المباني المجــاورة لتلك التي تهدمــت خــلال الحـرب، في تأخــير الـبدء بعمــليات البناء، لفترة تراوحت ما بين خمســة وستة أشهر، وبلغ عدد المباني التي كانت تحتاج إلى تدعيم، سـبعة وعشــرين مبنى، بكــلفة تــقارب الســتة ملايــين دولار، تكـفلت بهـا إدارة مشـروع »وعــد«.

قدرت الادارة الكلفة الاجمالية للمشروع بما يقارب الثلاثمئة وسبعين مليون دولار. لكن ارتفاع أسعار مواد البناء والنقل وكلفة اليد العاملة، أدى إلى رفع الكلفة، ويشير الجشي هنا إلى أن أجرة عامل البناء، ارتفعت من عشرة الى ثلاثة عشر دولارا في اليوم، والمهني من عشرين إلى ثلاثين دولارا.

ويوضح أنه تمت تغطية الكلفة المرتفعة بالهبات التي ترد الى الضاحية، وهي عبارة عن مواد بناء تتبرع بها جمعيات ومؤسسات عربية وإسلامية.

ويسلك القيمون على المشروع طريقة تبدو فريدة في مشاريع إعادة الاعمار في لبنان، فقد جرى التعامل مع فريق خاص يتولى متابعة المراجعات التي يقوم بها المواطنون لتحديد هندسة منازلهم واختيار ألوان البلاط والطلاء الداخلي للجدران، ضمن لائحة تتضمن عشرين نوعا من البلاط والطلاء، كل نوع يتضمن ألوانا متعددة.

أما الجدران الخارجية للمباني فهي متروكة للهيئة الاستشارية الخاصة بالمشروع، وتتألف الهيئة من فريق يضم أساتذة جامعات في الهندسة المعمارية، اختارت الألوان منذ وضع التصاميم الأولى للمشروع، وهي ألوان تنسجم مع البيئة الساحلية، ترابية وزهرية فاتحة ورملية.

ومن أجل تلافي زحمة السير قدر الامكان، يتولى عناصر الانضباط التابعون للمشروع تنظيم خطوط سير الشاحنات التي تنقل مواد البناء والجبالات، بالاضافة إلى مراقبة إجراءات السلامة خلال الحمولة، ووضع إعلانات لمنع المرور في الطرقات التي يجري فيها البناء. يستمر العمل اليومي حتى الثامنة ليلا، وهناك بعض الورش التي تعمل حتى ساعة متقدمة، في حال لم يبد سكان المباني المجاورة انزعاجهم من الجلبة التي تثيرها الورش.

أما الشركات التي تولت إعداد التصاميم والدراسات للمشروع فقد بلغ عددها ٤٨ شركة، وشركات المقاولات تسع عشرة شركة، وشركات مراقبة البناء والاشراف ست شركات.

يوضح الجشي ما يقال عن إعطــاء القيـمين على »وعد« عددا كبيرا من المباني لمسؤول العــلاقات الســياسية في التـيار الوطني الحر جبران باسيل، ويقول إن شــركة المقـاولات التي تولت العدد الكبير من عمليات البناء هي شركة زيروك وصاحبها المهــندس شربل حبيب وليس جبران باسيل، وقد جرى التعامل معها اســنادا إلى المواصفــات التي وضعتها إدارة المشروع للتــعاقد مع الشــركات، وتبين أن لديها مواصفات الحد الأعلى للمــقاولات في لبنان، فهي تملك أكبر مجابل الباطون، ووضــعت رأسمالا تراوح ما بين ثلاثة وبين أربعة ملايين دولار في العمل، لذلك جرى التعاقد معها على بناء ثلاثة وأربعين مبنى، وتولت شركات أخرى إمكانياتها أقل بناء المباني الباقية.

تعليقات: