وداعاً «أمّ صلاح»

رغم أنها كانت تعاني من مرض عضال منذ أكثر من عام، ورغم أن الموت حقّ لا يستطيع إنسان تجاوزه، غير أن وقع خبر وفاة السيدة المناضلة سمر شلق الحاج كان قاسياً على كلّ من عرفها وواكب مسيرتها منذ أن كانت إعلامية بارزة إلى أن أصبحت زوجة الضابط الوطني اللواء علي الحاج، المعتقَل ظلماً وتزويراً مع رفاقه الضباط لسنوات أربع، والحاضرة في كل نشاط وطني وقومي، ولا سيّما المتعلق بالدفاع عن المقاومة وسوريا العروبة في وجه مخطّط تدميرها.

في آخر مرة شاهدتها في برنامج تلفزيوني، تألّقت سمر شلق الحاج كعادتها. كانت عفوية في حضورها، تلقائية في إجاباتها، صادقة في مواقفها، فكأنما كانت تودّع محبّيها، منتزعة من عيونهم دمعة تأثّر ومحبة وتقدير لهذه المرأة والزوجة والأمّ والمناضلة التي حملت قضية وطن خلال السجن الجائر لزوجها، وحملت قضية أمّة يوم لم تغب عن فعالية قومية كانت تُدعى إليها.

«أمّ صلاح» سيدة من الصعب أن تتكرر. نموذج لما يمكن أن تعطيه المرأة اللبنانية والعربية من أجل عائلتها ووطنها وأمّتها.

رحلت أمس الإعلامية والناشطة سمر شلق الحاج (1963 - 2022) بعد صراع مع المرض. عرفها اللبنانيون صحافية ومحاورة في تلفزيون لبنان، ومن ثم رأس حربة الدفاع عن قضية الضباط الأربعة الذين اتُّهموا زوراً باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وبينهم زوجها المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج. كما كانت من المنظّمين لرحلة سفينة «مريم» اللبنانية إلى غزة، عام 2010، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. وكان لها حضور دائم في نشاطات كثيرة دعماً للمقاومة. مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان نعت أمس الحاج «التي رهنت وقتها وفكرها وجهدها لنصرة سوريا ولبنان ضد كل الطامعين والمتواطئين». كما نعاها الرئيس السابق إميل لحود أمس واصفاً إياها بأنها «إعلامية لم تكتف بنقل الخبر بل أصرّت على كشف الحقيقة، وقامت بمجهود ظل علامة فارقة في دعم نهج المقاومة، وكانت رمزاً للنضال، في مواقفها المندّدة بالحرب على سوريا، ودفاعها عن القضية الفلسطينية». ونعى النائب جميل السيد «الزوجة المناضلة المُقاوِمة التي لم تهدأ لها حركة ولم يخفت لها صوت يوم كان زوجها في الاعتقال الظالم. أنهكها المرض، غادرَتْنا إلى حيث سيلحق بها يوماً الظالمون. وهناك سيكون حساب هؤلاء عسيراً».

شُيعت الحاج إلى مثواها الأخير أمس في بلدتها برجا (إقليم الخروب).

تعليقات: